«فورين بوليسي»: الصراع الروسي التركي حول سوريا مستمر خلف الأبواب المغلقة

الخميس 18 أغسطس 2016 11:08 ص

قال تقرير لمجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، أنه بالرغم من المصالحة التركية الروسية التي تجسدت في لقاء «بوتين» و«أردوغان» 9 أغسطس/آب الجاري، إلا أن الصراع حول الملف السوري مستمر بينهما خلف الأبواب المغلقة في الأمم المتحدة.

وقال التقرير الذي كتبه «كولام لينتش» المراسل الدبلوماسي لمجلة «فورين بوليسي» في الأمم المتحدة، أن الخلافات بين روسيا وتركيا أو ما أسماه «الحرب البادرة» حول الملف السوري لا تزال قائمة ولكنها تدور بعيدا عن الأضواء.

وأكدت المجلة أن عودة الأجواء الطبيعية في العلاقات بين البلدين، بعد فترة من التوتر سادت بسبب إسقاط الطيران التركي مقاتلة روسية دخلت لفترة قصيرة إلى الأجواء التركية في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، لا يعني طي صفحة من الخلافات القائمة بين البلدين.

وأشارت إلى أن زيارة الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» إلى سانت بطرسبرغ الأسبوع الماضي واجتماعه مع الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» والتحول في مسار العلاقات الذي جاء على خلفية الانقلاب العسكري الفاشل في 15 يوليو/تموز، وما نتج عن اللقاء من مبادرات جديدة وتوجه نحو بناء العلاقات من جديد، لم يمنع صراعهما في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي حول سوريا.

وأشارت في هذا الصدد إلى انتهاز السفير الروسي في الأمم المتحدة «فيتالي تشيركن» لقاء مغلقا في الأسبوع الماضي لينتقد فيه تركيا لسماحها بتدفق «الأسلحة والإرهابيين» عبر الحدود التركية إلى سوريا.

وقال الكاتب إن معظم النقد الروسي الخاص لتركيا لم يتم التطرق إليه إعلاميا، ولكنه «يؤكد التوتر المستمر والذي طبع علاقات البلدين منذ العام الماضي، كما تعكس التصريحات الخلاف العميق بين البلدين حول مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد الذي تدعمه روسيا مباشرة في مواجهته مع المعارضة السورية التي تدعمها تركيا»، بحسب قوله.

موسكو تريد تغيير المعارضة السورية

ونقل مراسل «فورين بوليسي» عن «دبلوماسي بارز» قوله: «لقد تحدث الروس في اللقاء بلهجة قاسية عن تركيا، وقال دبلوماسي آخر إن تصريحات تشيركن عكست النظرة الروسية القديمة ومفادها أن تركيا هي المساعد الرئيسي للقوى الإرهابية التي ترغب في نقل المقاتلين والسلاح إلى داخل سوريا».

وقال إن «تشيركن كان يتحدث عن كل هذه الأشياء التي تأتي عبر الحدود التركية»، في إشارة لدعم تركيا المقاومة السورية عبر الحدود.

ودعا المندوب الروسي داعمي المعارضة السورية بمن فيهم الولايات المتحدة وتركيا إلى «قطع علاقاتهم مع بعض الجماعات المعادية للأسد»، وقال دبلوماسي أخر ساخرا إن ما كان «تشيركن» يقوله ببساطة هو: «نحن لا نحب المعارضة فهل يمكن تغييرها؟».

وبعد اللقاء المغلق، حث السفير الروسي في مجلس الأمن أنقرة على إعادة النظر في موقفها المعارض لأي دور للأكراد السوريين في مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية». ودعاها للسماح لهم بالمشاركة في محادثات جنيف للسلام التي ترعاها الأمم المتحدة.

روسيا تتعامل مع أعداء تركيا

ويقول تقرير «فورين بوليسي» أن روسيا تتعامل مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي تدعمه تصنفه تركيا باعتباره «جماعة إرهابية»، مرتبطة بحزب العمال الكردستاني (بي كي كي). وانتقدت أنقرة سماح الخارجية الروسية له في فبراير/شباط بفتح مكتب تمثيلي له في العاصمة موسكو.

كما تنتقد تركا أيضا إقامة الولايات المتحدة الأمريكية علاقات مع حزب الاتحاد الديمقراطي وفرعه العسكري المسمى «قوات حماية الشعب»، لمواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية».

وكان «تشيركن» قد تحدث في 9 أغسطس/آب الحالي للصحفيين مطالبا تركيا بضرورة ضم الأكراد لمحادثات السلام بدعوي أن هذا «يخدم السيادة ووحدة الأراضي السورية». وقال إنه رغم وجود عوامل معقدة في تفكير تركيا إلا أنه يرى حاجة ملحة لحل المشكلة بشكل سريع، أي السماح للأكراد بالمشاركة بالمفاوضات.

جدير بالذكر أن تركيا لا تعترف بالأكراد كجزء من المعارضة السورية الرسمية.

العقبات مستمرة

فتح اللقاء بين الرئيسين الطريق أمام عودة العلاقات رغم الخلاف في الملف السوري. وقد أكد سفير تركيا في الأمم المتحدة «يسار خليل شفيق» للمجلة أنهم تجاوزوا عقبة كبيرة في المرحلة الأخيرة من العلاقات مع روسيا، وأن البلدين يسعيان لتعاون مشترك حتى في ظل خلافها حول ملفات أخرى، إلا أن خبراء يرون ذلك مؤشرا على استمرار العقبات.

يؤكد «أندرو تابلر» خبير الشئون السورية بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إن «تصريحات تشيركن تعكس عدم رأب الخلافات بين بوتين وأردوغان حول الكيفية التي يجب التوصل فيها لحل الأزمة السورية».

وبالمقابل تشير تقارير إلى تعاون أمريكي روسي في مواجهة «الجماعات الإرهابية» بما فيها جبهة النصرة (غيرت اسمها إلى جبهة فتح الشام)، والتنسيق بشكل أفضل في مجال المعلومات الأمنية. ولكن بحسب دبلوماسيين في مجلس الأمن فإن «المحادثات بين البلدين لم تثمر بعد».

وكان ثاني أبرز دبلوماسي روسي في الأمم المتحدة، «فلاديمير صفرنوكوف»، قد هاجم الولايات المتحدة في جلسة غير رسمية عقدت الإثنين الماضي، واتهمها بأنها لم تف بوعودها بتحديد الجماعات السورية المعتدلة التي يجب استثناؤها من الهجمات الجوية.

وقال في 8 أغسطس/آب: «لا تقدم حدث، ولا زلنا لا نعرف أين هي المعارضة المعتدلة». وفي المقابل يخشى الأمريكيون من استخدام الطيران الروسي هذه المعلومات لضرب المعارضة الشرعية.

وبعيداً عن الخلافات الأمريكية الروسية، يرى مراقبون أن لتركيا وروسيا نفوذا في المسألة السورية، وأنه يمكن لأنقرة الحد من تدفق السلاح والمقاتلين للمعارضة من جهة، كما يمكن لروسيا الحد من قدرة أكراد سوريا على توسيع نفوذهم وقوتهم في سوريا من جهة أخرى، ولكنهم يرون أن «هذه مقايضة صعبة وحتى تتحقق يجب على الروس وقف دعمهم للأكراد السوريين الذين ترى فيهم واشنطن القوة الأكثر فعالية في الحرب ضد تنظيم الدولة».

ويقول تقرير «فورين بوليسي» أن على «أردوغان» القبول ضمن هذه الصيغة ببقاء «الأسد» أو شخص آخر من النظام تقبله روسيا، مؤكدا: «هي حبة دواء من الصعب على أردوغان بلعها في ضوء دعواته المستمرة لخروج الأسد من السلطة».

وينقل التقرير عن «ريتشارد غوان»، الخبير في شؤون الأمم المتحدة بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية قوله إن «بعض النقد الروسي لتركيا صحيح خاصة أن الأخيرة لم تظهر أي رغبة بشأن ضبط حدودها خلال السنوات الماضية».

وعقب رسالة «الأسف» من الرئيس التركي إلى «بوتين» عن إسقاط الطائرة الروسية العام الماضي، ردت روسيا بتخفيف الهجمات ضد تركيا في الملفات غير سوريا، أبرزها قبرص التركية.

ففي يناير/كانون الثاني الماضي وفي ذروة الأزمة بين البلدين، انتهز الروس فرصة تجديد مهمة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في قبرص ليشجبوا في مجلس الأمن ما قالوا أنه «انتهاك تركيا للمجال الجوي للجزيرة»، ولكن بعد خطاب «أردوغان»، فقد صمتوا علي تجديد مهمة هذه القوات في يوليو/تموز الماضي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا روسيا أردوغان بوتين بشار الأسد

«أردوغان»: تركيا وروسيا مصممتان على إعادة العلاقات إلى سابق عهدها

«حرييت ديلي نيوز»: تفاصيل الدبلوماسية السرية التي أنهت الأزمة بين تركيا وروسيا

تركيا وروسيا ومستقبل الشرق الإسلامي

صراع الإمبراطوريات: لماذا تتقاتل روسيا وتركيا؟

منع الحرب العالمية الثالثة في سوريا بين روسيا وتركيا

‏«يلدريم»: سيكون لنا دور فعال بسوريا خلال الأشهر الستة المقبلة ولا مكان لـ«الأسد»

كيف يمكن للتقارب الروسي التركي أن يؤثر على الأزمة في سوريا؟

روسيا وتركيا وتبدل التحالفات