استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

لماذا لا نعيد «التاكسي الأصفر»؟

الثلاثاء 23 أغسطس 2016 08:08 ص

يجب أن نعترف بأن وزارة النقل في السعودية لم تتمكن منذ نشأتها من تقديم مشروع نقل يمكّنها أن تفتخر بإنجازاتها سوى بعض الطرقات التي أنشأتها بشق الأنفس، وتركت مسألة النقل موضوعاً هامشياً وكأنه ليس من اهتماماتها واختصاصاتها، ويكفي لتعرف حقيقة قطاع النقل في السعودية أن تقف في الشارع لترى بأم عينك نوع المركبات التي تتجول في مشاريع النقل.

وللأسف الشديد طوال هذه العقود كانت وزارة النقل بعيدة جداً عن أعين الجهات الرقابية والمحاسبية، ولم تتعرض للمساءلة أو انتقاد أعمالها، رغم تعدد الجهات الرقابية الموجودة لدينا من هيئة الرقابة، ومكافحة الفساد، ومجلس الشورى، ومجالس المناطق، ومجالس البلديات، وإمارات المناطق.

وبعد مضي أربعة عقود لا يزال مشروع النقل العام يراوح مكانه، وكأن المسؤولين فيها لم يسافروا إلى الخارج، ولم يروا مشاريع النقل العام والضوابط والأنظمة التي تضعها تلك الدول، وتضع خيارات متعددة أمام الناس لاختيار وسيلة النقل التي يريدونها، وليس احتكارها لشركة واحدة، أو غياب الأنظمة والقوانين، ومتابعة ما هو موجود. ففتحت أبواب النقل العشوائي والفوضوي من أوسع أبوابه من دون ضوابط أو رقيب، في غياب مشروع وطني واضح.

قبل أسبوعين أضافت وزارة النقل فوضى أخرى من ضمن أعمالها المتسرعة وغير المدروسة، حينما فتحت باب العمل للمواطنين بمركباتهم الخاصة في نشاط نقل الركاب، إذا كانت سيارات الأجرة وهي تتبع شركات كبرى وتملك أساطيل من السيارات وهي بوضعها الحالي شيء مؤسف ومحرج، ونحن بلد يستقبل سنوياً نحو 10 ملايين من الحجاج والمعتمرين.

سيارات مهترئة وقذرة، وسائقون بملابس نتنة، لا تتوفر فيها ذرة معايير سلامة سواء للركاب أو المنظر العام، والعاملون فيها أقلّ ما يمكن أن نقول عليهم إنها وظيفة لكل من هبَّ ودبَّ، لا شروط أو قوانين أو مراقبة أو متابعة، فكيف لأصحاب السيارات الخاصة أن تتم الموافقة لهم لنقل الركاب، من دون وضع معايير أو ضوابط تضمن حقوق الراكب وسلامته؟

تقول وزارة النقل إنها أهَّلت 14 مكتباً لتوجيه المواطنين للعمل بمركباتهم، لا تعرف كيف تم تأهيل هذه الشركات، ولماذا أوكلت الوزارة المهمة لهذه الشركات لتوجيه المواطنين، ولم تتولَّ بنفسها منح التراخيص لهؤلاء وفق ضوابطها وأنظمتها وقوانينها، بدلاً من اعتماد هذه الشركات، ليجلس كل من أصحابها واضعاً رجلاً على رجل، ويمنح هذه السيارات الموافقة في مقابل رسوم أو مبالغ، وكأنها الوزارة فتحت لهم باب رزق جديداً يتكسبون منه.

وهذه التجربة ليست جديدة فقبل عقدين طرحت وزارة النقل مثل هذا المشروع حينما سمحت للسعوديين بقيادة سيارات الأجرة، فكان السعودي يحصل على سيارة بالتقسيط، ويستخرج تصريحاً من وزارة النقل، وبعدها يطلب منه ضمها تحت ترخيص إحدى شركات الأجرة، فالذي حدث أن هذه الشركات كان همها جمع مبالغ من أصحاب السيارات لأنها تحمل اسم شركته، وتعمل تحت مظلتها، من دون النظر إلى النظافة وسلامة الركاب، وزادت الطين بلة بهذا القرار.

والحقيقة أن وزارة النقل كان عليها أن تعيد النظر في سيارات الأجرة الصفراء التي كانت موجودة حتى قبل 3 عقود، فأبعدتها من السوق وحلّت مكانها سيارات الأجرة البيضاء، وللأسف كانت جيدة في بدايتها، إلا أنها بعد أن أصبح الجشع والانفلات الرقابي وغياب الضوابط صارت إلى ما هي عليه الآن.. عربة نفايات تحمل الناس في داخلها. وتتفاخر الوزارة بأنها ضمن منتجات النقل.

تجربة وزارة النقل الجديدة بالسماح للمواطنين باستخدام مركباتهم للنقل لن تحل مشكلة سوى زيادة الفوضى في الشارع، ولن تحقق نسبة فرص عمل للسعوديين بقدر ما تساعد في ظهور مشكلات في الشارع، كان عليها أن تعيد السيارات الصفراء، وهو مشروع النقل الذي كان موجوداً في السابق قبل ظهور شركات «الليموزين»، مشروع التاكسي الأصفر كان يسمح للمتقاعدين والموظفين من أصحاب الدخل المحدود بالعمل فيه، إلا أن ما كان يعيب تلك السيارات المجاملة.

عدم تطبيق القوانين عليها من تحسين مظهرها وإلزامها، وتحديد مسار لها أخرجها من السوق، اليوم الفرصة متاحة لعودة هذه السيارات والاستفادة من المتقاعدين وتحديد مسارها، وتحديد نطاق تحركها داخل المدينة نفسها وليس الخطوط الطويلة، وفي أماكن محددة، بحيث تتقاسم مناطق العمل، وتوضع لها قوانين من حيث نظافة المركبة وأحدث الموديلات، وأيضاً تطبق الأنظمة على السائقين من حيث اللبس والمظهر، ويتم استخراج ترخيص عملها من الوزارة وليس تحت مظلة شركات الأجرة.

وليت وزارة النقل تتبع طريقة السماح لشركات الأجرة باستخدام ألوان لسياراتها تميز بين شركة وأخرى، وهذا يسمح للمواطنين بتمييز الشركة الجيدة من الشركة السيئة من خلال ألوان سياراتها، ففي الوضع الحالي لا يمكن أن تفرق بينها، وعودة سيارات الأجرة الصفراء لو أن الوزارة خططت لها بشكل جيد، ووضعت لها لوائح وأنظمة وقوانين يمكن أن تعود بقوة وتستقطب العديد من السعوديين، خصوصاً من المتقاعدين وأصحاب الرواتب الضعيفة، وتولد منافسة في قطاع النقل.

وزارة النقل بوضعها الحالي من الصعوبة أن تواجه مشروع التحول الوطني 2020، ولا رؤية السعودية 2030، التي ستعتمد على قطاع النقل بشكل رئيس ومهم، وهي تستعد لاستقبال 30 مليون معتمر، ومليوني حاج، وتنشيط السياحة الداخلية بوضعها الحالي لن تقوم لها قائمة، ولا يمكن أن تنافس.

الوزارة بحاجة إلى انتفاضة هيكلية شاملة من مديرين ومسؤولين وقياديين، وتحتاج إلى جهات عليا تحاسب وتراقب أعمالها، الدول المجاورة لديها خيارات متعددة في النقل، وهي دول قامت بعد عقود من تأسيس السعودية لا أريد أن اسميها، بالتأكيد هم على علم بها، يحتاج فقط رغبة أكيدة للعمل من أجل الوطن، وليس من أجل المنصب وإرضاء الأحبة والأصحاب.

* جمال بنون صحافي وكاتب اقتصادي

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

السعودية التاكسي الأصفر النقل السعودية الرقابة مكافحة الفساد النقل العشوائي الفوضي

«النقل» و«العمل» و«الداخلية» ينشئون شركة لتنظيم عمل سيارات الأجرة في السعودية

«النقل» السعودية: «أوبر» لم تحصل بعد على ترخيص بتقديم خدمات توجيه المركبات

السعودية: «نزاهة» تحقق مع مسؤول بـ«النقل» استولى على 14 مليون ريال

النقل السعودية تتيح خيارين للعمل في نشاط الأجرة الخاصة

«النقل» تدرس السماح للسعوديين باستخدام سياراتهم الخاصة في «الأجرة»