‏فرنسا تحذر من تفكك ليبيا و«السراج» يدعو إلى الاجتماع لإنهاء الصراع

الأربعاء 14 سبتمبر 2016 03:09 ص

حذر متحدث باسم الحكومة الفرنسية الأربعاء، من وجود خطر حقيقي لتفكك ليبيا وقال إن الأمر يتطلب التحرك لمنع ذلك.

ولم يقدم «ستيفان لو فول»المتحدث باسم الحكومة المزيد من التفاصيل، بحسب رويترز.

من جانبه، دعا رئيس حكومة الوفاق الوطني في ليبيا «فائز السراج» جميع الأطراف المعنية بالأزمات في هذا البلد إلى الاجتماع لمناقشة آلية لإنهاء الصراع، وذلك غداة استيلاء قوات اللواء المتقاعد «خليفة حفتر» على أكبر موانئ تصدير النفط.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية قوله في بيان نشرته صفحة مكتبه الإعلامي على موقع «فيسبوك» «أدعو جميع الأطراف إلى إنهاء الأعمال الاستفزازية، والاجتماع بشكل عاجل على طاولة واحدة لمناقشة آلية الخروج من الأزمة وإنهاء الصراع».

يأتي ذلك بعد تأكيد مصدر عسكري سيطرة قوات «حفتر» المدعومة عسكريا من مصر والإمارات على كامل موانئ تصدير النفط في الشرق الليبي المعروفة بمنطقة الهلال النفطي الثلاثاء.

وانتزعت هذه القوات المناوئة لحكومة «السراج» موانئ رأس لانوف والسدرة والبريقة والزويتينة من حرس المنشآت النفطية.

وتحظى هذه العملية العسكرية بدعم ما تسمى بالحكومة الموازية غير المعترف بها دوليا (التابعة لحفتر) والتي تتخذ من مدينة البيضاء بالشرق مقرا، وكذلك من البرلمان المنتخب الذي يتخذ من مدينة طبرق بالشرق أيضا مقرا.

ويخشى أن تؤدي سيطرة القوات المناهضة لحكومة الوفاق على موانئ التصدير بالهلال النفطي إلى نزاع عسكري جديد بين هذه القوات وتلك الموالية لحكومة السراج التي تقاتل تنظيم «الدولة الإسلامية في سرت منذ منتصف مايو/أيار الماضي.

ودفع الهجوم المباغت الولايات المتحدة و5 من كبار حلفائها الأوروبيين الداعمين لحكومة الوفاق إلى دعوة كل القوات المسلحة الموجودة بالهلال النفطي بين مدينتي بنغازي (ألف كلم شرق طرابلس) وسرت (450 كلم شرق طرابلس) للانسحاب الفوري وغير المشروط.

وتعتبر الدول الكبرى حكومة الوفاق الوطني الجهة السياسية الشرعية الوحيدة في ليبيا، ولا تعترف بسلطة الحكومة الموازية وترفض تسليم السلطة لها.

وكان «مارتن كوبلر» قد حمل الثلاثاء، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «يونسميل»، قوات «خليفة حفتر» مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية في منطقة الموانئ النفطية بمنطقة «الهلال النفطي»، شمال شرقي ليبيا.

وقال «كوبلر» خلال تقديم إحاطته لمجلس الأمن حول آخر التطورات إن هذه الخطوة ستزيد الانقسام وتؤثر على صادرات النفط وتحرم ليبيا من مصدر إيراداتها الوحيد إنه حاول التواصل مع «حفتر ولكن جهوده ذهبت سدى.

استئناف تصدير النفط

على صعيد متصل، قال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط (الموحدة) في ليبيا «مصطفى صنع الله»، للأناضول، اليوم الأربعاء، إن المؤسسة استلمت رسمياً الموانئ النفطية التي سيطرت عليها قوات حفتر»، وأعطى تعليماته لبدء عمليات الإنتاج.

وأضاف «صنع الله» أنه «اليوم سيتم رفع القوة القاهرة عن الموانئ النفطية الثلاثة (ميناء السدرة وراس لانوف والزويتينة) بعدما تأكدت شخصياً من أن الأمور جيدة»، فيما لم يشر إلى وضع ميناء البريقة.

وأكد رئيس المؤسسة أن ميناء الزويتينة الذي يقوم بزيارة له تعرض لبعض أعمال التخريب من قبل المجموعات المسلحة التي كانت تسيطر عليه ولكن هذه الأضرار لاتوثر على سير العمل بالميناء».

ووصل «صنع الله»، وعدد من أعضاء مجلس إدارة المؤسسة، في وقت سابق اليوم الأربعاء، ميناء الزويتينة.

وعبر رئيس مؤسسة النفط في بيان سابق عن أمله في بداية مرحلة جديدة، وقال إن الإنتاج قد يزيد إلى 600  ألف برميل يوميا من نحو 290 ألفا يوميا في غضون شهر.

ورحب البيان بتعهدات جيش حفتر ورئيس برلمان شرق ليبيا الموالي له بوضع الموانئ تحت سيطرة المؤسسة الوطنية للنفط.

وتضم منطقة الهلال النفطي عدة مدن بين بنغازي وسرت، كما أنها تتوسط المسافة بين بنغازي وطرابلس، وتحوي المخزون الأكبر من النفط، إضافة إلى مرافئ السدرة، رأس لانوف، البريقة.

ونشب منذ أكثر من شهرين توتر كبير بين قوات الجيش المنبثقة عن مجلس النواب بقيادة «حفتر»، وبين قوات حرس المنشآت النفطية بقيادة «إبراهيم الجضران»، التي كانت تتبع المجلس، وانشقت عنه لصالح حكومة الوفاق.

ولدى ليبيا أكبر مخزون للنفط في أفريقيا، وتعتمد على إيراداته في تمويل أكثر من 95% من خزانة الدولة، وتمول منها بشكل رئيسي رواتب الموظفين الحكوميين، ونفقات دعم السلع الأساسية والوقود، وكذلك عدد من الخدمات الرئيسية مثل العلاج المجاني في المستشفيات.

جدية الغرب

وعن مدى جدية موقف القوى الغربية المنددة بسيطرة قوات «حفتر» على تلك الموانئ، اعتبر رئيس معهد الاستشراف والأمن في أوروبا «إيمانويل دوبوي» في تصريحات لفضائية الجزيرة أن البيان الغربي ليس متأخرا، وأن ما قام به «حفتر»تصعيد غير مبرر.

وأشار «دوبوي» إلى أن «المجتمع الدولي دعا إلى حل وسط بين قوات حفتر وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة فايز السراج والمجلس الرئاسي للحكومة من أجل إنشاء جيش ليبي موحد.

وعن احتمالات نشوب مواجهة بين قوات «حفتر والقوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني، قال إن «المجتمع الدولي يسعى لتجنب ذلك عن طريق إيجاد نوع من التوافق والحلول الوسط بين حفتر وحكومة الوفاق».

من جهته، اعتبر المحلل السياسي الليبي «صلاح الشلوي» للمصدر ذاته أن البيان الغربي المندد بسيطرة قوات «حفتر» على الموانئ النفطية لم يكن متأخرا، مشيرا إلى أن قوات «حفتر» لا تستطيع تشغيل تلك الموانئ في ظرف 48 ساعة وستحتاج إلى وقت لاستغلالها بشكل مخالف للاتفاق السياسي.

وأوضح أن مضامين البيان الغربي ليست شديدة اللهجة، لكنه لوح للقرار 2259 لمجلس الأمن والذي يفرض عقوبات دولية على من يعتدي على النفط خارج إطار حكومة الوفاق الوطني.

وقال إن المجتمع الدولي لن يتدخل في ليبيا إلا بطلب من حكومة الوفاق الوطني، مشيرا إلى أن المجلس الرئاسي يريد عدم التصعيد ويدعو إلى العقلانية والتهدئة وعدم جعل منطقة الهلال النفطي منطقة مواجهات.

لا شرعية لحفتر

واعتبر «الشلوي أن الكرة الآن في ملعب المجلس الرئاسي وبرلمان طبرق والقوات على الأرض وهي قوات «حفتر»، مؤكدا أن حل الأزمة يعتمد بالأساس على الليبيين وليس على المجتمع الدولي.

وأكد أن رسالة الغرب والولايات المتحدة الواضحة لـ«حفتر هي أنه ما لم يدخل تحت السلطة الشرعية الوحيدة في ليبيا، وهي المجلس الرئاسي الذي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، فلن يتلقى أي دعم.

وشدد على أن الشرط الوحيد ليكون «حفتر» جزءا من المشهد السياسي الليبي هو الانضواء تحت المجلس الرئاسي، وليس لـ«حفتر أي دور مقبول محليا أو غربيا خارج إطار شرعية المجلس الرئاسي الذي لا ينتظر شرعية من برلمان طبرق وإنما جاءت شرعيته من الاتفاق السياسي بـالصخيرات.

وعقب سقوط نظام «معمر القذافي» عام 2011، إثر ثورة شعبية، دخلت ليبيا في مرحلة من الانقسام السياسي تمخض عنها وجود حكومتين وبرلمانيين وجيشين متنافسين في طرابلس غربا، ومدينتي طبرق والبيضاء شرقاً.

ورغم مساعٍ أممية لإنهاء هذا الانقسام، عبر حوار ليبي، جرى في مدينة الصخيرات المغربية وتمخض عنه توقيع اتفاق في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، انبثقت عنه حكومة وحدة وطنية (حكومة الوفاق الوطني) باشرت مهامها من العاصمة طرابلس أواخر مارس/آذار الماضي، إلا أنها لا تزال تواجه رفضاً من الحكومة والبرلمان اللذين يعملان شرقي البلاد.

وإلى جانب الصراع على الحكم، تشهد ليبيا منذ الإطاحة بنظام القذافي، فوضى أمنية بسبب احتفاظ جماعات مسلحة قاتلت النظام السابق بأسلحتها.

  كلمات مفتاحية

ليبيا قوات حفتر فرنسا حكومة الوفاق

«كوبلر» لمجلس الأمن: سيطرة «حفتر» على الهلال النفطي يعمّق الانقسام في ليبيا

قوات «حفتر» تسيطر على كامل منطقة الهلال النفطي

الولايات المتحدة ودول أوروبية تطالب «حفتر» بالانسحاب من منطقة الهلال النفطي

الجامعة العربية ترفض التدخل العسكري في ليبيا وتدعم «حكومة الوفاق»

«الناتو» يبدي استعداده للتدخل في ليبيا بناء على طلب من حكومة «السراج»