بسبب تراجع أسعار النفط وزيادة مشتريات الأسلحة.. السعودية ترفع مستوى التقشف

الثلاثاء 27 سبتمبر 2016 09:09 ص

اعتبارًا من العام المقبل، يدخل موظفو الدولة في السعودية في مرمى التقشف الذي أعلن عن تفاصيله مجلس الوزراء، خلال جلسته المنعقدة أمس الاثنين.

وخفض مجلس الوزراء السعودي من مزايا موظفيّ الدولة البالغ عددهم مليون و 250 ألف موظف من إجمالي عدد الموظفين السعوديين البالغ 5 ملايين و600 ألف موظف، وقرر إلغاء بعض العلاوات والبدلات والمكافآت، وخفض رواتب الوزراء والذين يتقاضون مثل رواتبهم بنسبة 20%، كما خفض مكافآت أعضاء مجلس الشورى بنسبة 15%.

وتوقعت الحكومة السعودية أن تسجل عجزاً مالياً للعام الجاري، قيمته 87 مليار دولار، مقارنة مع العجز الفعلي بلغ 98 مليار دولار، مع هبوط النفط واستمرار تمويل البلاد للحرب الدائرة في اليمن.

ويعد تراجع ذهب السعوديين الأسود (النفط)، سبب الإجراءات والتحركات التي بدأت المملكة في اتخاذها منذ نهاية العام الماضي، حيث وصل سعر البرميل الواحد انخفاضه بنسبة 61% مقارنة بأعلى سعر مسجل منتصف 2014، الذي هبط من 120 دولاراً للبرميل إلى حدود 48 دولاراً في الوقت الحالي.

وتعتمد السعودية، أكبر منتج للنفط بالعالم، وتنتج قرابة 10.6 مليون برميل يومياً، وفق أرقام منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، تغطي نسبة تزيد عن 85% من إيراداتها المالية، معتمدة على  مبيعات الخام إلى السوق العالمية.

وينظر رئيس وكبير الخبراء في مجموعة خبراء المخاطر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا غير الحكومية  السعودي «عبد الرحمن بن محمد الزومان» ، إلى قرارات التقشف السعودية، على أنها استمرار لمرحلة التغيير التي أعلنت عنها الرياض في إبريل/نيسان الماضي، في إشارة لرؤية 2030، التي تهدف إلى خفض الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للدخل.

تحدث الأخير إلى وكالة «الأناضول» عبر الهاتف، موضحًا أن : «إجراءات مجلس الوزراء تأتي مع دخول المملكة مرحلة التغيير الاقتصادي والهيكلي من جهة، ومواجهة التحديات الخارجية من إقليمية ودولية من جهة أخرى».

وأعلنت السعودية، في 25 إبريل/نيسان الماضي، عن رؤية اقتصادية لعام 2030، تهدف إلى خفض اعتمادها على النفط، الذي يشكل المصدر الرئيس للدخل حالياً.

وأضاف، أن قرار إلغاء العلاوات والمزايا وخفض الرواتب، سببه ارتفاع كبير في فاتورة الرواتب التي تشكل نسبتها 60% – 70% من نفقات الحكومة السنوية، «وهذا من أكبر الأرقام عالمياً» ويقصد فاتورة الرواتب إلى إجمالي نفقات الحكومة.

ويرى «الزومان» أن «الحرب الدائرة باليمن، والمخاطر الإقليمية متمثلة بإيران والعراق وسوريا، تدفع السعودية إلى التحوط أكثر في نفقاتها الداخلية.. وربما استثناء عناصر الجيش السعودي من خفض الرواتب وإلغاء العلاوات المعلنة أمس، دليل على ما أقول»”.

وبدأت السعودية بمشاركة دول حليفة نهاية مارس/أذار الماضي، عملية «عاصفة الحزم» في اليمن ضد الحوثيين وقوات الرئيس السابق «علي عبد الله صالح»، واستمرت نحو شهر، تبعها عملية «إعادة الأمل»، إلا أن التوترات على الحدود الجنوبية للمملكة ما تزال حاضر حتى اليوم.

ولم تعلن المملكة عن حجم النفقات التي كلفتها عملياتها في اليمن، لكن بحسب تقرير صادر عن منظمة «أي إتش إس جينس»‎ للمراقبة والتحليل الاقتصادي ومقرها لندن، جاءت السعودية المستورد الأكبر للأسلحة في العالم لعام 2015، بقيمة واردات بلغت 9.3 مليارات دولار.

ولم تكن إجراءات التقشف المعلنة، أمس، تزامناً مع دخول تراجع أسعار النفط الخام عامه الثالث على التوالي، الأولى، بل سبقها إعلان المملكة خفضاً في موازنة العام الجاري إلى 224 مليار دولار، مقارنة مع 229 ملياراً في 2015، تبعها مطلع العام الجاري رفع أسعار المحروقات بأنواعها وزيادة في تعرفة المياه والكهرباء.

واعتبر الكاتب الاقتصادي السعودي «غسان بادكوك»، أن الإجراءات المقرة، يوم أمس، كانت متوقعة منذ شهور، ولاحقاً يتوقع مزيد من قرارات خفض الدعم للخدمات الأساسية في المملكة، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة مطلع 2018.

وأضاف: «كل ما سبق من إجراءات سيضع تطبيق رؤية 2030 في سياقها الطبيعي، وخطتها الزمنية للتنفيذ»، نافياً أن يكون الإجراء الأخير مرتبط بأي فشل محتمل في اجتماع البلدان المصدرة للنفط (أوبك) الذي يعقد في الجزائر.

ويلتئم أعضاء منظمة «أوبك»، في الجزائر، في اجتماع «غير رسمي» مرتقب، لبحث استقرار أسعار النفط المتراجعة دون 50 دولاراً للبرميل.

ولم يغفل رئيس وكبير الخبراء في مجموعة خبراء المخاطر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حاجة حلفاء السعودية للدعم المالي، وقال: «لدى المملكة دول حليفة مثل مصر والأردن تحتاجان إلى مساعدات، وهذا يضيف أعباء على الخزينة السعودية».

بينما قال «بادكوك» «على الرغم من إجراءات المملكة لخفض النفقات، والتي كانت برأيي ضرورية في الوقت الحالي، إلا أن السعودية ستواصل دعمها للدول الحليفة العربية والإسلامية».

وأشار في تصريح، «إن السعودية احتلت المرتبة الثالثة عالمياً خلال العقود الأربعة الماضية من حيث المساعدات المالية المقدمة للمجتمعات الفقيرة، وهذا ما أعلن عنه قبل أيام الأمير محمد بن نايف ولي العهد».

وأكد «الزومان»: «وفي الوقت الذي ترتفع فيها النفقات الجارية عن الإيرادات، فإن المملكة غير قادرة في الوقت الحالي على الاستدانة محلياً، لوصول حجم القروض إلى الودائع للسقف الأعلى المسموح به» (90% من إجمالي قيمة الودائع في المملكة مقدمة على شكل قروض)، بحسب تقرير صدر مطلع الأسبوع الجاري عن مؤسسة النقد السعودية.

ولفت «الزومان»: «لن تتوقف تبعات إلغاء علاوات لموظفي الدولة وخفض أجور الوزراء، على أوضاعهم فقط «بل ستنتقل إلى أسواق التجزئة.. حيث يتوقع أن تتراجع القوة الشرائية في السوق المحلية.. اليوم على سبيل المثال تراجعت أسواق التجزئة بنسبة 4% في السوق المالية».

  كلمات مفتاحية

السعودية الأمن النفط تقشف

وساطة عراقية بين السعودية وإيران لدعم أسعار النفط

«فجائية» التقشف وميدان التوقعات!

البورصة السعودية تتراجع لأدنى مستوياتها منذ أعوام مع مخاوف من التقشف