خطة تعويم الجنيه المصري يوما بيوم

الأحد 2 أكتوبر 2016 03:10 ص

توقع بنك الاستثمار «بلتون» أن يقوم البنك المركزي المصري غداً أو بعد غد على أقصى تقدير، بتخفيض للجنيه إلى ما يتراوح بين 11.5 و12.5 للدولار وهو ما يمثل 30 إلى 40% من قيمته الحالية بالسعر الرسمي الذي يبلغ 8.88، وذلك في مذكرة بحثية أصدرها صباح اليوم الأحد.

وتجيء المذكرة البحثية الثالثة من نوعها خلال أسبوع، والتي أعدها رئيس قطاع البحوث بالبنك، على خلفية لقاء الرئيس «عبد الفتاح السيسي» مع «طارق عامر» محافظ البنك المركزي الجمعة، فيما اعتبره البيان تفويضا سياسيا أخيرا لتعويم العملة المحلية.

ويقدم «بلتون» ما تقول المذكرة إنه الخطة الزمنية المتوقعة لتعويم الجنيه، والخطوة الأولى فيها أن ينظم البنك المركزي عطاءً استثنائيًا خلال الأسبوع الجاري (في يوم الإثنين أو الثلاثاء)، يُخفّض فيه سعر الجنيه في مواجهة الدولار، ليصل السعر الرسمي للأخير بين 11.5 و12.5 جنيه، في خطوة أولى للتعويم المدار تسبق التعويم الكامل، الذي قد يحدث خلال أسبوعين أو ثلاثة على الأكثر.

وتتوقع المذكرة، التي جاءت تحت عنوان: التنبيه الأخير: التعويم خلال ساعات، أن يكون العطاء، والذي سيتم تمويله من احتياطي النقد الأجنبي، مصحوبا ببيان من البنك المركزي يشير إلى تحول مصر نحو سياسات أكثر مرونة في تحديد سعر صرف العملات الأجنبية، مضيفةً أن قيمة احتياطي النقد الأجنبي في نهاية شهر أكتوبر/تشرين أول لن يتم الإعلان عنها قبل الأسبوع الأول من شهر نوفمبر/تشرين ثان، مما سيعطي درجة أعلى من الحرية للبنك المركزي لاستخدام احتياطي الدولار خلال الفترة الانتقالية المقبلة دون الحاجة لإعلان أرقام.

ثم بين 4 و9 أكتوبر/تشرين أول يُعلن صندوق النقد الدولي، في الأسبوع الذي يعقب بدء تغيير سياسات تحديد سعر الصرف، موافقته على إقراض مصر 12 مليار دولار، فيما سيمثل أول صدمة للمضاربين في العملات الأجنبية في مصر.

وحدد «بلتون» يوم الأربعاء 5 أكتوبر/تشرين أول لكي ينشر البنك المركزي الأرقام الخاصة باحتياطي النقد الأجنبي خلال شهر سبتمبر/أيلول، متوقعاً أن يصل الاحتياطي إلى 18.5 مليارا دولار بالمقارنة بـ 16.6 مليار دولار في نهاية أغسطس/آب.

وتأتي تلك الزيادة مدعومة بأقساط قروض من الإمارات العربية المتحدة والبنك الدولي.

وسيأتي ذلك الإعلان ليكون بمثابة الصدمة الثانية للمضاربين في العملة الأجنبية، خاصة مع تزايد شراء الدولارات خلال الأسابيع المقبلة، كما تقول المذكرة البحثية.

وفي الفترة بين الأحد 9 أكتوبر/تشرين أول والخميس 17 نوفمبر/تشرين ثان، تأتي الضربة الثانية للسوق الموازية للعملة الأجنبية، بحسب بلتون، عن طريق التنسيق مع بنكي مصر والأهلي لرفع الفائدة على شهادات الادخار بالجنيه، ثم عقد اجتماع طارئ للجنة السياسات النقدية لاتخاذ قرار برفع الفائدة على شهادات الاستثمار بالجنيه الخميس 17، وهي الخطوة التي قد تهدف لرفع جاذبية العملة المحلية ومحاصرة التضخم.

بالتوازي مع ذلك، وبين منتصف أكتوبر/تشرين أول والأسبوع الأول من نوفمبر/تشرين ثان، ستؤّمن مصر من 3 إلى 5 مليارات دولار من سوق السندات الدولية، بالإضافة إلى مليارين من المملكة العربية السعودية. ومن المحتمل أن توفر مصر مليارًا أو اثنين عن طريق تبادل العملات مع الصين.

ومن المتوقع إذا ما مضت مصر سريعًا في اتجاه تعويم الجنيه بشكل كامل، أن يسرع صندوق النقد الدولي في صرف الدفعة الأولى من القرض والتي تبلغ 4 مليارات دولار.

وبحلول يوم 6 نوفمبر/تشرين ثان، يعلن البنك المركزي عن قيمة الاحتياطي من العملة الأمريكية في نهاية شهر أكتوبر/تشرين أول.

ارتفاع الاحتياطي

وتتوقع مذكرة بلتون البحثية أن يقفز الاحتياطي إلى ما بين 25 و32 مليار دولار.

وستتوقف القيمة النهائية للاحتياطي على حجم وتوقيت التدفقات النقدية، وكذلك عمليات احتواء تقلب سعر الصرف خلال شهر أكتوبر.

وبحسب المذكرة البحثية من المتوقع أن يتفاوت سعر صرف الدولار في السوقين الرسمي والموازي بنسبة 10٪ فقط، وأن يستقر السعر الرسمي للعملة الأمريكية عند 12 جنيهاً في الفترة بين منتصف نوفمبر/تشرين ثان ونهاية ديسمبر/كانون أول.

واعتبرت المذكرة البحثية أن الخطة الزمنية المقترحة هي الأمثل لضمان النجاح في تأمين التمويل من صندوق النقد الدولي، والسندات الدولية، وكذلك للوفاء بتعهد الرئيس المصري بتحقيق الاستقرار في سوق العملات الأجنبية بنهاية العام الحالي.

وقال المتحدث باسم الرئاسة «علاء يوسف»، في بيان صادر عقب لقاء «السيسي» بمحافظ المركزي إن «السيسي» طالب محافظ البنك المركزي بمواصلة خفض الدين العام وزيادة الاحتياطي النقدي، كما وجه بضرورة مراعاة محدودي الدخل والفئات الأولى بالرعاية، والتأكد من عدم تأثرهم بأي إجراءات إصلاحية مالية يتم اتخاذها، بحد زعمه. 

وطلب «السيسي» من محافظ البنك المركزي التأكد من توافر الموارد المالية الكافية لإتاحة السلع الأساسية للمواطنين والحفاظ على أسعارها بغض النظر عن تغير سعر الدولار في مواجهة الجنيه.

وتتفق توقعات «بلتون» مع التقرير الذي نشرته شركة الأبحاث والاستشارات الاقتصادية الدولية «كابيتال إيكونوميكس» منتصف شهر سبتمبر/أيلول الماضي والذي جاء فيه أن تخفيضا إضافيا لسعر العملة المحلية أمام الدولار سيحدث خلال الفترة المقبلة مما سيجعل السعر الرسمي للدولار يصل إلى 12 جنيهًا بنهاية عام 2017. 

تباطؤ الاقتصاد

وتوقعت «كابيتال إيكونوميكس» أن يستمر تباطؤ الاقتصاد المصري ليصل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2% فقط خلال العام المقبل، مع توقعات بحدوث تحسن طفيف في عام 2018 ليصل إلى 3% خاصة مع بدء تدفق الغاز الطبيعي من حقل ظهر بالبحر المتوسط.

كما توقع التقرير أن تستمر معدلات التضخم ونسب الفائدة في الارتفاع خلال الفترة المقبلة.

وتعاني مصر حاليا من أزمة في الدولار ما أدى إلى ارتفاع سعره في السوق الموازية (السوداء) إلى نحو 13.25 جنيها، بينما يبلغ سعره في السوق الرسمية 8.78 جنيها.

وهبطت الاحتياطيات الأجنبية إلى أقل من النصف لتسجل 16.564 مليار دولار في أغسطس/آب من نحو 36 مليار دولار قبل ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

وتتفاوض مصر على مساعدات بمليارات الدولارات من عدة مقرضين للمساهمة في إنعاش اقتصادها الذي تضرر من القلاقل السياسية التي أعقبت انتفاضة 2011 وفي تخفيف حدة نقص الدولار الذي عرقل أنشطة الاستيراد وأعاق عملية التعافي.

وتعول مصر على القرض الذي توصلت إليه  مؤخرا مع «صندوق النقد الدولي» لإنعاش الاقتصاد الذي يواجه جملة من الأزمات تشمل معدلات بطالة وفقر عالية عند 40%، وعجزا في الميزانية، وتراجعا حادا لرصيد البلاد من العملة الأجنبية.

ويشمل برنامج الإصلاح الاقتصادي -الذي يفترض أن تنفذه الحكومة المصرية في مقابل قروض صندوق النقد- خفض عجز الموازنة، وخفض سعر الجنيه المصري، وفرض ضريبة جديدة للقيمة المضافة.

وتثير الإصلاحات المرتقبة مخاوف من أن تؤدي إلى مزيد من الإضرار بالفئات الاجتماعية الضعيفة عبر رفع الدعم وفرض مزيد من الضرائب.

ويتوقع الخبراء أن يؤدي برنامج الإصلاح الاقتصادي الجديد إلى ارتفاع في الأسعار وفي نسبة التضخم، ما سيؤثر خصوصا على أكثر من 40% من 90 مليون مصري يعيشون حول خط الفقر.

 

المصدر | مدى مصر + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر تعويم الجنيه الدولار السيسي