الوقت لا يلعب في صالح «الأسد».. كيف يصبح النظام السوري أكثر هشاشة؟

الاثنين 3 أكتوبر 2016 09:10 ص

يرى رئيس النظام السوري «بشار الأسد» الوقت يلعب لصالحه في الحرب الأهلية السورية، ويتضح هذا من عدم احترامه لوقف إطلاق النار الذي جرى بوساطة دولية. وصحيح أنه في الساحة الدولية، يظهر أن وضعه النسبي يشهد تحسنا مطردا، كما أنه يتعامل مع المعارضة المعتدلة كما أنها غير موجودة. ومع ذلك، وفي الوقت نفسه، تتدهور قدرة «نظام الأسد» و تحكمه بشكل مطرد جراء الحرب الأهلية الطاحنة والتشققات النامية في قواعد دعمه. لذلك، على الرغم من تعهده بمواصلة القتال واستعادة كل شبر من سوريا، من غير المرجح أن يوسع «نظام الأسد» بشكل كبير سيطرته على الأراضي السورية في المستقبل القريب.

وقد شكلت صورة «تطرف» الثوار عاملا مهما في تحسين صورة «الأسد» باعتباره الخيار الوحيد المعقول في سوريا. منذ عسكرة الثورة، كان هناك اتجاه عام واضح نحو التشدد من القوى المناهضة للأسد، مثله الانشقاق واسع النطاق في الجيش السوري الحر وانضمامه إلى الجماعات الجهادية مثل تنظيم الدولة وجبهة النصرة وذلك لمجموعة متنوعة من الأسباب، بما في ذلك النجاح النسبي لهذه الجماعات، وارتفاع الأجور وغلبة الأيديولوجيات. وقد عزز هذا فكرة أن «المعارضة المعتدلة» في سوريا ليست أكثر من مجرد أسطورة، ورسخ الخوف من أن أي جهود للغرب في تسليح المجموعات المعارضة سف يصب لدى الجهاديين و يتم تحويله في وجه الغرب. تظهر لقطات أخيرة القوات المتمردة المدعومة من الولايات المتحدة وهم يرددون شعارات مناهضة للولايات المتحدة، وهذا وحده كاف لتبديد أي فكرة تولد حسن النية من الغرب.  المتمردون منقسمون على نحو ميؤوس منه، وقد تم تعزيز الاقتتال الداخلي في ظل الفراغ الذي نشأ بعد الغارة الجوية الروسية التي قتلت «زهران علوش» قائد جيش الإسلام (مما سمح للأسد بشق طريقه في المناطق المحيطة بدمشق).

في المقابل، فإن وضع «نظام الأسد» يتغير نحو الأفضل على الساحة الدولية. في أغسطس/آب عام 2016، استغرق المسؤولون الصينيون في خطوة جريئة من خلال الإعلان أنه سيتم توفير التدريب لأفراد الجيش السوري فضلا عن تقديم المساعدة الإنسانية لـ«نظام الأسد». وبالمثل، هناك دلائل تشير إلى أن أنقرة مستعدة للتخلي عن موقفها والتوصل إلى تفاهم مع «الأسد» في دمشق من أجل التعاون ضد الأكراد. على سبيل المثال، في شهر آب/ أغسطس من عام 2016، قام الأتراك، ربما بالتنسيق مع السوريين والروس والإيرانيين، بقطع خط إمداد كبير في بلدة جرابلس الحدودية من أجل منع السيطرة الكردية الكاملة على المنطقة التي يسميها الأكراد «روج آفا». في الصيف الماضي، لم يكن هناك شك في أن الاتفاق النووي حسن موقع «نظام الأسد» من عدة أوجه: من ناحية فقد أسهم في تحسين للوضع الاقتصادي لمؤيدي «الأسد» في طهران، وقد أجبر الإدارة الأمريكية على المضي قدما بحذر في سوريا لتجنب إفشال الصفقة ما سمح لإيران بتحديث الطائرات المستخدمة في توريد الأسلحة إلى دمشق. أيضا، الإجماع على أن تغيير النظام فشل في ليبيا والعراق أسفر عن معارضة واسعة النطاق للتدخل، وإعلان معارضي إسقاط «الأسد» بالقول: «إن سوريا لن تصبح ليبيا أخرى».

ومع ذلك، فإن هذا لا يترجم إلى فرصة فعلية لـ«نظام الأسد» لتوسيع سيطرته المباشرة على الأراضي السورية بشكل كبير، لأن ذلك لا ينفي القضايا الداخلية مثل انحسار القدرة على الحفاظ على قوة قتالية مركزية ومتماسكة، إضافة إلى سوء الإدارة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.

منذ عام 2013 كانت هناك تقديرات بأن «قاسم سليماني» قدر أن «الجيش العربي السوري لا طائل منه!». أصبح الوضع أكثر تعقيدا في السنوات الأخيرة بسبب الإصابات ومعدلات الفرار العالية. الجيش منهك ومستنفذد، والقوات الأجنبية والميليشيات تلعب دورا ضخما في الحرب الأهلية. وازدادت حدة مركزية السيطرة العسكرية في جميع أنحاء البلاد مع المصالح المتضاربة بين مختلف الجماعات الموالية للنظام، التي حصل بينها اشتباكات في ساحة المعركة في مايو/أيار، ويونيو/حزيران 2016. بينما كان للقوات الأجنبية دور فعال في عكس اتجاه الحرب في عام 2015. وقد سبق أن شرحنا أن التدخلات العسكرية الروسية والإيرانية قد توفر استقرارا لنظام «الأسد» إلا أن الوجود العسكري الأجنبي هو قضية خلافية بين كبار مسؤولي الأمن القومي السوري، وأشهرهم، «رستم غزالة»، رئيس فرع الأمن السياسي في سوريا، الذي يقال أنه قتل في إبريل/نيسان 2015 بسبب معارضته واسعة النطاق للتورط الإيراني في سوريا.

أما بالنسبة للتحكم في السكان المدنيين، هناك استياء متزايد حتى بين صفوف العمود الفقري العلوي للنظام، ونظمت احتجاجات ضد الفساد والثغرات الأمنية، فضلا عن أن العلويين تتنصلون من المؤسسة الدينية لـ«نظام الأسد». منذ اندلاع الحرب، وتم الإبلاغ عن حالات فساد متزايدة بين مسؤولي الحكومة السورية.

إضافة إلى ذلك، أسهم الانخفاض الحاد في قيمة العملة السورية، في دفع موظفي الدولة إلى تكملة الأجور بالرشاوى. (دراسة لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2015 أوضحت أن الفساد وضع سوريا في المرتبة 154 من أصل 168 بلدا.). وفي الوقت الذي يستمد فيه الأسد شرعيته من دعاوى الاستقرار، فإنه لم يكن لديه خيار سوى جعل الحياة في الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون جحيما عبر القنابل والبراميل التي تمطرها قواته هناك. ولكن على ما يبدو، فإن جعل الحياة لا تطاق على الجانب الآخر من خطوط العدو ليس حلا سحريا لشكاوى المواطنين.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن تجمعات السكان أصبحت أكثر عدائية في النظر إلى العديد من المشاكل التي يعاني منها النظام، بما يعني أن قدرة «نظام الأسد» على استعادة الأرض والسيطرة صارت محدودة للغاية. ويلاحظ الخبير في الشؤون السورية «آرون لوند» أن السيطرة على شعب معاد ستكون مهمة شبه مستحيلة، بالنظر إلى أن العديد من الشبكات المحلية لسيطرة النظام قد دمرت. لذلك، على الرغم من أن «الأسد» يتصور أن الوقت يعمل لصالحه كلما استمرت الحرب الأهلية السورية وأن ذلك مهم في تأهيل صورته في جميع أنحاء العالم، يبدو أنه بحاجة إلى «الاستيقاظ» من خيالاته، حيث لن يمكن للنظام المجزأ والفاسد إعادة احتلال أكثر من هذا القدر من سوريا.

  كلمات مفتاحية

سوريا الأسد إيران النظام السوري روسيا حلب

«الجزيرة» تكشف بالوثائق عن تغلغل روسيا داخل النظام السوري وإداراتها لألوية الجيش

«الجبير»: النظام السوري وروسيا يمارسان تطهيرا عرقيا في حلب