تعهدات مصر لصندوق النقد الدولي تهدد 30 مليون فقير

الاثنين 3 أكتوبر 2016 11:10 ص

أفادت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية بأن الإصلاحات التي يسعى الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» إلى تحقيقها ستؤدي لارتفاع معدلات زيادة الأسعار وتآكل الدخول المحلية، وسيتحملها 30 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر.

وقال كاتب المقال في الصحيفة «ماكس راي»، المحلل في شركة ألاكو العالمية لاستشارات الأعمال إن الاحتياج الشديد إلى محفز للاقتصاد دفع «السيسي» إلى اللجوء لصندوق النقد الدولي (لعنة رؤساء مصر منذ زمن)، كما يطلق عليه. 

ورأى «راي» أن اللجوء للمؤسسة الدولية يوفر لمصر استقرارا ماليا مطلوبا بشدة، ولكنه يطرح تساؤلا حول ما إذا كان «السيسي» يستطيع تطبيق إصلاحات مدعومة من الصندوق بدون أن يشعل التوترات الاجتماعية.

في السنوات التالية للربيع العربي في 2011، وجدت مصر نفسها في مأزق اقتصادي حقيقي، بسبب مشاكل لم تكن كلها من صنعها، كما يقول المقال، فتصاعُد الإرهاب في سيناء خلال السنة الماضية ضرب صناعة السياحة، كما تضاءلت التجارة الإقليمية مع وصول عدم الاستقرار السياسي في المنطقة إلى مستويات غير مسبوقة.

الحذر الذي أصبح عليه المستثمرون الأجانب تجاه مصر صعب من مهمة «السيسي» في توفير فرص عمل للشباب، الذين تبلغ نسبة البطالة بينهم نحو 40%، مما يرفع من مستويات الإحباط، كما يرى «راي».

ويتجه الكثيرون للمخدرات، أو ينضمون لجحافل المهاجرين المتجهين لأوروبا، كما ظهر في حادث انقلاب مركب المهاجرين شمال ميناء رشيد الأسبوع قبل الماضي.

وتزايدت الأوجاع الاقتصادية لمصر مع الحفاظ بشكل مصطنع على قيمة مرتفعة للجنيه المصري، وتحمل تكلفة مرتفعة للديون الحكومية، مما أدى إلى تآكل احتياطي العملات الأجنبية المتراجع من الأصل.

فلجأ «السيسي» إلى صندوق النقد الدولي رغم أنها خطوة خلافية، بالنظر إلى الاتفاقات السابقة لمصر مع المؤسسة الدولية، وما أدت إليه وصفتها النيوليبرالية لعلاج الأمراض المزمنة للدولة من خروج انتفاضة الخبز الشهيرة في أواخر السبعينيات، كما يقول المقال.

ورغم أن الاقتراب من صندوق النقد يعد مثيرا للقلق بالنسبة لـ«السيسي» كما كان لسابقيه، فإن الخيارات أمامه محدودة، بحسب «راي»

وأعلن الصندوق الشهر الماضي عن موافقته المبدئية على توفير تسهيل مالي لمصر بقيمة 12 مليار دولار، على مدار 3 سنوات.

ويهدف القرض لإعادة الثقة في الاقتصاد المصري، ومواجهة أزمة العملة الصعبة التي يعانيها. ومن المنتظر أن تصدر موافقة المجلس التنفيذي للصندوق على هذا القرض قريبا.

وفي مقابل هذا الإنقاذ المالي سيكون على مصر أن تتبع نهجا تقشفيا لتقليص عجز الموازنة، الذي بلغ 11% من الناتج المحلي الإجمالي.

واقترحت الحكومة المصرية عددا من الإصلاحات، التي تبدو كما لو كانت مستقاة مباشرة من كتاب القواعد الخاص بالصندوق كما يقول المقال.

30 مليون مصري

ويسعى «السيسي» إلى تخفيض كبير في الديون بحلول عام 2019 من خلال عدد من الإجراءات الصارمة، منها إلغاء دعم الوقود والكهرباء، وتوسيع القاعدة الضريبية من خلال تطبيق ضريبة القيمة المضافة.

كما إنه من المتوقع أن يتم تخفيض سعر صرف الجنيه المصري مجددا، بعد التخفيض السابق الذي شهده في مارس/آذار.

وسيترتب على تلك الإصلاحات ارتفاع في معدلات زيادة الأسعار (التضخم) وتآكل للدخول المحلية، بينما سيتحمل تلك الآلام المالية 30 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر.

وفي اعتراف بالصعاب المتوقعة تحدثت اتفاقية صندوق النقد المبدئية مع مصر، بشكل غير محدد، عن تقوية شبكات الأمان الاجتماعي لحماية الأكثر تعرضا للتضرر خلال عملية التكيف.

ويقترح الصندوق ترشيد الإنفاق بما يسمح بإتاحة المزيد من التمويل للبنية التحتية، والصحة والتعليم، والحماية الاجتماعية،  أما ما إذا كان الصندوق يرى حقا أن المجمع الصناعي العسكري في مصر سيتخلى عن امتيازات يتمتع بها لصالح الفئات الأكثر فقرا، فهذا شيء آخر.

واختتم المقال بأن «السيسي» قد يحصل على بعض الوصفات من صندوق النقد، ولكن ليس لفترة طويلة على الأرجح.

وتعاني مصر حاليا من أزمة في الدولار ما أدى إلى ارتفاع سعره في السوق الموازية (السوداء) إلى نحو 13.25 جنيها، بينما يبلغ سعره في السوق الرسمية 8.78 جنيها.

وهبطت الاحتياطيات الأجنبية إلى أقل من النصف لتسجل 16.564 مليار دولار في أغسطس/آب من نحو 36 مليار دولار قبل ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

وتتفاوض مصر على مساعدات بمليارات الدولارات من عدة مقرضين للمساهمة في إنعاش اقتصادها الذي تضرر من القلاقل السياسية التي أعقبت انتفاضة 2011 وفي تخفيف حدة نقص الدولار الذي عرقل أنشطة الاستيراد وأعاق عملية التعافي.

وتعول مصر على القرض الذي توصلت إليه  مؤخرا مع «صندوق النقد الدولي» لإنعاش الاقتصاد الذي يواجه جملة من الأزمات تشمل معدلات بطالة وفقر عالية عند 40%، وعجزا في الميزانية، وتراجعا حادا لرصيد البلاد من العملة الأجنبية.

ويشمل برنامج الإصلاح الاقتصادي -الذي يفترض أن تنفذه الحكومة المصرية في مقابل قروض صندوق النقد- خفض عجز الموازنة، وخفض سعر الجنيه المصري، وفرض ضريبة جديدة للقيمة المضافة.

وتثير الإصلاحات المرتقبة مخاوف من أن تؤدي إلى مزيد من الإضرار بالفئات الاجتماعية الضعيفة عبر رفع الدعم وفرض مزيد من الضرائب.

ويتوقع الخبراء أن يؤدي برنامج الإصلاح الاقتصادي الجديد إلى ارتفاع في الأسعار وفي نسبة التضخم، ما سيؤثر خصوصا على أكثر من 40% من 90 مليون مصري يعيشون حول خط الفقر.

 

المصدر | الخليج الجديد + أصوات مصرية

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي قرض صندوق النقد