ارتفاع الدولار في السوق الموازية المصرية إلى 13.75 جنيها مع اقتراب التعويم

الاثنين 3 أكتوبر 2016 02:10 ص

قال متعاملون في سوق الصرف الأجنبية المصرية، اليوم الإثنين، إن سعر الدولار قفز في السوق الموازية (السوداء) إلى 13.75 جنيهاً، للمرة الأولى في تاريخ البلاد.

وثبت البنك المركزي المصري سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في العطاءات الدولارية الدورية التي يطرحها كل يوم ثلاثاء أسبوعياً، عند 8.78 جنيهات للبنوك ومحال الصرافة و 8.88 للمستهلك، منذ يوم 16 مارس/آذار الماضي، بعد يومين من خفض العملة المحلية بنحو 14.5%.

وأرجع المتعاملون، القفزة في سعر الدولار، إلى ارتفاع وتيرة التوقعات على مدى الأيام الأخيرة بقرب تعويم الجنيه، ليخضع لآليات العرض والطلب، أو خفضه من قيمته الحالية.

وقال بنك الاستثمار «بلتون» في مصر، الأسبوع الماضي، إن تعويم الجنيه أصبح متوقعاً بعد الإشارات التي وردت في خطاب الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، أثناء افتتاحه مشروع محلي في الإسكندرية (شمال).

وأوضح «السيسي» أن الحكومة تستعد لتعويم الجنيه، في الوقت الذي شدد فيه على أن الحكومة ستعمل على التأكد من توافر السلع الغذائية الأساسية، بأسعار مناسبة بغض النظر عن سعر العملة المحلية.

وتسود حالة من الترقب في مصر، إزاء القرار المرتقب من جانب المركزي المصري بشأن سعر صرف العملة المحلية، سواء الخفض أو التعويم، خاصة قبل انطلاق اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي المقررة يومي 7-9 أكتوبر/تشرين ثان من الشهر الجاري.

وتوصلت مصر في أغسطس/ آب 2016، لاتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي، على مستوى الخبراء، للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار خلال 3 سنوات، مقابل تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي يتضمن الالتزام بمرونة سعر صرف العملة المحلية.

وكان تقرير أمريكي حذر الحكومة المصرية من مخاطر تعويم الجنيه، وسط ترقب كبير يسود الأوساط المالية والمصرفية في البلاد للسعر الرسمي المرتقب إعلانه للجنيه أمام الدولار.

وقال موقع «أتلانتك كاونسل» للدراسات الاستراتيجية في واشنطن، إنه توجد ثلاثة خيارات أمام الحكومة المصرية في هذا الشأن، فيمكنها خفض سعر الجنيه قليلا، أو خفضه بدرجة كبيرة، أو تعويمه تماما وترك القرار للسوق، وكل خيار له مخاطره.

كان بنك الاستثمار «بلتون فاينانشال»، أكد في مذكرة بحثية تحت عنوان «التنبيه الأخير: التعويم خلال ساعات»، أن سعر الدولار بعد التعويم سيصل إلى 11.5 أو 12.5 جنيه رسميا.

وقال «بلتون» أمس الأحد، إن البنك المركزي سيقدم على تعويم الجنيه خلال ساعات، معتبرا لقاء الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» مع محافظ البنك المركزي «طارق عامر» أمس الأول السبت بمثابة «تأييد سياسي نهائي لقرار التعويم».

الخطوة المصرية تأتي مع اقتراب اجتماع مجلس إدارة صندوق النقد الدولي في النصف الأول من الشهر الجاري، ورغبة القاهرة في الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار خلال 3 سنوات، مقابل اشتراطات دولية أبرزها تحرير سعر صرف الجنيه. 

وعن الخيارات الثلاثة أمام الحكومة المصرية، يقول «أتلانتك كاونسل» إن خفض السعر إلى 10.5 جنيه للدولار مثلا قد يحقق بعض الاستقرار في السوق ويسمح بزيادة الثقة والاستثمار.

ومن المؤكد أن أي تغيير في هذا الاتجاه سيكون موضع ترحاب بعدما هوت معدلات الاستثمار في مصر. لكن في نفس الوقت قد يحدث هلع إذ سيظل المستثمرون يعرفون أن الجنيه مقوم بأكثر من قيمته.

وربما يواصل السعر في السوق السوداء الارتفاع ليستعيد الفارق الحالي مع السعر الرسمي البالغ حوالي 40%، ويعني ذلك الدخول في نفس الدائرة مجددا. وفي النهاية قد يشبه الأمر إزالة شريط طبي لاصق من على جرح، فهل يكون من الأفضل نزعه مرة واحدة، أم إزالته ببطء مع غياب الشفافية بخصوص الموعد النهائي لإزالته.

ويقول التقرير الأمريكي إن رفع سعر الجنيه أمام الدولار من المحتمل أن يفقد السوق السوداء كثيرا من مبررات وجودها، إذ لن يكون هناك دافع يذكر لدى الناس للبيع في السوق السوداء إذا كان السعر مماثلا للسعر في البنوك، وهو ما يبدو أن القاهرة قبلته ضمنيا، لكن فقط على المدى الطويل.

وأشار محافظ البنك المركزي إلى أنه لن ينظر في هذه الخطوة قبل تجاوز احتياطي النقد الأجنبي مستوى 25 مليار دولار. ويريد صندوق النقد ذلك لكن ربما يعرف أنه لن يحصل عليه.

واعتبر «اتلانتك كاونسل» أن العقدة تكمن في أن الاقتصاد المصري ليس في حالة سليمة، وتعويم الجنيه تماما أو خفضه أكثر مما ينبغي ستكون له عواقب لا يمكن التحكم فيها، ويبدو أن أكثر ما يقلق القاهرة هو حدوث تضخم وارتفاع في الأسعار وبالتالي اضطرابات أهلية في شكل أعمال عنف، وهذه ليست مخاوف بدون مبرر.

والمشكلة أن هذه المخاوف ستبقى قائمة إذا لم تخفض الحكومة الجنيه بشكل كاف، فالأسعار ترتفع بالفعل، ورغم أنه لم يحدث انهيار للاقتصاد، يوجد تخوف مشروع من امكانية حدوث اضطراب أهلي في المستقبل القريب إذا تراجع مستوى المعيشة أو ارتفعت تكاليف الحياة أو حدث كلا الأمرين. 

ووفق التحليل الأمريكي ربما يحدث التخفيض في أفضل وقت في السنة، مع دخول الشتاء وليس الصيف حين تكون الضغوط على الاقتصاد أعلى ما يمكن بسبب الانفاق الاستهلاكي وشهر رمضان، لكن ذلك لا يعني أن الاقتصاد سيمتص التغييرات بدون أي نوع من رد الفعل.

ويقول «اتلانتك كاونسل» إنه في الواقع كان يجب أن يحدث تعويم العملة قبل سنوات ربما بعد انتفاضة يناير2011 مباشرة حين كان الحس بالمسؤولية الاجتماعية والمدنية في أعلى مستوياته، وربما كان يمكن استغلال دعم المجتمع الدولي لمصر في مرحلة الانتقال. لكن لم يحدث التعويم ولا أي من الاصلاحات الاقتصادية التي تشتد الحاجة إليها، ولا حتى أي من الاصلاحات المهمة الأخرى في قطاعات الأمن والقضاء والسياسة.

ويقصد بمصطلح «تعويم سعر صرف الجنيه» تركه يتحدد وفقاً لقوى العرض والطلب في السوق النقدية. وهناك نوعان من التعويم «حر»، والمقصود به ترك سعر الصرف يتغير ويتحدد بحرية مع الزمن حسب السوق ويقتصر تدخل البنك المركزي على التأثير في سرعة تغير سعر الصرف، وهناك تعويم «مُدار» وبه يلجأ المركزي إلى التدخل كلما دعت الحاجة.

المصدر | الخليج الجديد+ الأناضول

  كلمات مفتاحية

أزمة الدولار مصر تعويم الجنيه