قواعد لعبة «بوتين» في سوريا لاستعادة مجد السوفييت في الشرق الأوسط

الثلاثاء 4 أكتوبر 2016 06:10 ص

لماذا تضع روسيا نفسها في الجانب الخاطئ من التاريخ؟ لا أحد يشك أن التاريخ سيذكر «الأسد» كطاغية متوحش وروسيا على أنها حليفته الشريرة.

غطت أخبار القتال العنيف وتدمير حلب، ولاسيما الأحياء الشرقية، على أخبار الانتخابات الرئاسية الأمريكية. يوجد القليل من المراسلين والمصورين الباسلين الذين يغطون أحداث سوريا، لكن الكاميرات تظل دائمًا في أماكن آمنة، لذا فإن ما نراه من دمار هو مجرد ومضات ودخان متصاعد لما بعد انفجار القنابل وسقوطها على المدن. وفي بعض الأحيان، تصل مقاطع الفيديو من الهواتف الذكية لتظهر أناس ضعفاء ومنهكين مصابين، يصرخون من الألم، ولا يجدون من يساعدهم.

هناك إجماع غربي أن الروس يساعدون حلفاءهم السوريين، قوات «بشار الأسد»، في قصف المدينة. ومع بعض التحفظات الدبلوماسية وخاصة من الأمم المتحدة، فمن المرجح أنهم قصفوا قافلة المساعدات الأسبوع الماضي. واستمع مجلس الأمن بالأمم المتحدة الأسبوع الماضي لعاصفة من الانتقادات لروسيا من القوى الغربية. وقال  ت المندوبة الأمريكية «سامانثا باور» أنّه «بدلًا من السعي للسلام، تشعل روسيا والأسد الحرب، ويقصفون القوافل الإنسانية والمستشفيات وكل من يحاولون إبقاء الناس على قيد الحياة». وذهب مندوب المملكة المتحدة، «ماثيو رايكفورت» إلى أبعد من ذلك، قائلًا: «لقد أشعلت روسيا والأسد جحيمًا جديدًا في حلب. وتتحمل روسيا مع نظام الأسد القيام بجرائم حرب في سوريا».

وحين تم استدعاء المندوب السوري للحديث، انسحب «رايكفورت» بصحبة «باور» والمندوب الفرنسي، «فرانسوا ديلاتر». بينما نفى المندوب الروسي تورط روسيا.

لماذا تضع روسيا نفسها في الجانب الخاطئ من التاريخ؟ لا أحد يشك أن التاريخ سيذكر «الأسد» كطاغية متوحش وروسيا حليفته الشريرة. في الحقيقة، لا تشك روسيا في ذلك، لكنها تغطي أسبابها بأصغر ورقة توت من الإنكار.

ويسعى «فلاديمير بوتين»، شيئًا فشيئًا، أن يعيد لروسيا المجد والقوة اللذان كانت تتمتع بهما في عهد الاتحاد السوفييتي. واليوم، لا يتبقى من هذا الإرث الذي استمر لسنوات إلا ميناء طرطوس على الساحل الشمالي لسوريا على صغر حجمه وعدم مناسبته لاستقبال السفن الحربية الكبيرة، إلا أنه يمثل أهمية للإمدادات الروسية. وهذا هو المتبقي بعد القواعد السوفييتية في الإسكندرية ومرسى مطروح في مصر والتي أخلتها في نهاية السبعينات.

الحسابات السياسية والاستراتيجية للكرملين أكثر أهمية. ويرى «بوتين» أن التدخلات الغربية في الدول الأخرى تحت مسمى الإجراءات الإنسانية، هي قناع لأجندة خفية تمثل الإمبريالية الجديدة. وفي خطاب حاسم للجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي، انتقد «بوتين» الغرب على عدم دعم «الأسد» في الحرب الأهلية السورية، واستخدم نفس المنطق في الحديث عن التدخل الغربي في أوكرانيا، حيث أشار إلى تدخل الأغراب الذين أعدّوا لانقلاب عسكري أدى إلى حرب أهلية.

ورغم رؤية «بوتين» للولايات المتحدة كمنافس عنيد ذو قوة عسكرية كبيرة لا بد من مراعاته في كل خطوة، لا يزال الرئيس الروسي مصرًا على دعم «الأسد»، مستندًا إلى تجربته السابقة في الشيشان في منطقة القوقاز.

وتعرضت الشيشان البالغ عدد مواطنيها أكثر من مليون شخص إلى مظلومية شديدة خلال كلًا من الحقبتين القيصرية والسوفييتية. وأعلنت الشيشان استقلالها عن الاتحاد السوفييتي بينما كان يتفكك في عام 1991. ولكن معارضة روسيا لصعود القوميين أشعل حرب الشيشان الأولى (1994-1996). وفي أواخر 1999، اشتعلت الحرب مرة أخرى في الشيشان، وكان وقتها «بوتين» رئيسًا للوزراء واتخذ كل القرارات بدلا من الرئيس «يلتسين» الذي كان مريضًا ذلك الوقت.

وخاض الجيش السوري المستعد جيدًا حربًا وحشية على كلا الجانبين، وحول معظم «غروزني» إلى ركام. وفي عام 2000، كانت روسيا قد قضت على غالبية المقاومة، واستمرت حرب العصابات حتى عام 2007، حينما تولى «رمضان قديروف» نجل الرئيس الشيشاني السابق والمدعوم من روسيا لرئاسة الشيشان، والذي مارس ديكتاتورية وحشية وفسادًا كبيرًا داخل الشيشان. وتم قمع الانفصاليين، وأعيد بناء «غروزني»، وظلت الشيشان على ولائها لموسكو.

ويعدّ ما حدث في الشيشان نموذجًا للحرب في سوريا، وغروزني مثالا لحلب. أي حديث للرئيس الروسي عن هدنة أو مفاوضات هو محض نفاق وتغطية دبلوماسية لما يفعله في سوريا، لكنه لا ينوي اتخاذ أي خيار سوى الحرب التي لا هوادة فيها ضد خصومه.

وكانت الحرب الشيشانية الثانية قد جعلت من «بوتين»، غير المعروف نسبيًا، بطلًا، ورفعت من شعبيته. وكانت مقدمة لتقديم الزعيم الروسي وسياسته التي اعتمد فيها على الحرب والقوة للحصول على شعبيته في الداخل. وكان الطريق معروفًا في القرم في أوكرانيا، والآن في سوريا. استخدام القسوة في الوصول إلى السلطة، وصناعة لاعب رئيسي في بلد تم تخريبها. حلب هي تمثيل لواقع السياسة الروسية.

  كلمات مفتاحية

سوريا روسيا بوتين حلب غروزني بشار الأسد

روسيا ترسل منظومة إس-300 الصاروخية إلى سوريا