علاقة «ترامب» بالشرق الأوسط تعتمد على ما سيحدث في سوريا

الأحد 27 نوفمبر 2016 02:11 ص

ليس من الواضح بعد كيف ستتعامل إدارة «ترامب» مع الأزمة السورية. وتقول مصادرنا أنّ التوقعات الشائعة التي ظهرت بعد النتائج ينبغي أن تستبعد، وأن استراتيجية الإدارة الجديدة تجاه سوريا لم تتشكل بعد. ولا يجب اعتبار التوقعات المبنية على تصريحات «ترامب» خلال الحملة الانتخابية مؤشرًا نهائيًا على توجه الإدارة الجديدة تجاه سوريا.

ولكن ما ينبغي أن يكون واضحًا للإدارة الجديدة أنّ سوريا قد أصبحت، في الـ 5 سنوات الأخيرة، مركزًا للتواطؤ الإقليمي والعالمي. وبعبارة أخرى، سيقوض موقف الولايات المتحدة من سوريا علاقاتها مع دول الشرق الأوسط.

وفي هذا المنحى، عندما تبدأ الإدارة الجديدة مناقشة استراتيجيتها في سوريا، ستكون تناقش في الواقع طبيعة علاقاتها بالقوى الكبرى في المنطقة. وربما يكون من المهم للإدارة الجديدة تقدير حجم الغضب وخيبة الأمل في المنطقة تجاه نهج إدارة «أوباما» في سوريا وتجاه التآكل المستمر في الهيكل الأمني للمنطقة.

وفي شهر أغسطس/آب من العام 2011، قال الرئيس «أوباما» أنّ «الوقت قد حان للرئيس الأسد للتنحي جانبًا». ولم يكن من الصعب حيتها فهم هذه الكلمات. ولكن خلال الـ 5 سنوات التي تلت هذا التصريح، أصبحت تلك لحظة غير مفهومة أن يمارس رئيس الدولة الأقوى في العالم إذلالًا وإهانةً واضحة لنفسه ويساعد في تشجيع الناس المطالبين بحريتهم على القتال، ثم يتركهم فريسة لآلات الحرب الوحشية القاتلة للأسد وإيران وروسيا.

توجد العديد من الخطط التي تحوم في الأفق وجميعها تزعم أنّها الخيار «الأفضل» لحل الأزمة الدامية في سوريا. ومع ذلك، فإنّ أي نهج ذا معنى ينبغي أن يستند إلى نقطتين تنظيميتين: ما هو الهدف في نهاية المطاف، وكيف يتم تحقيقه. وعلى أساس الإجابة على هاذين السؤالين، ستتشكل علاقات الولايات المتحدة الإقليمية.

السعودية وإيران

وفي حالة السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى في العموم، فالتصور يقول أنّ إيران تقتطع أجزاء من العالم العربي لإنشاء إمبراطورية فارسية جديدة. فبحد الحصول على العراق، بفضل الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، تحركت طهران نحو سوريا مع خطة واضحة لبناء جسور أرضية تصل بها إلى السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط. وبالتوازي مع ذلك، تسلل الحرس الثوري الإيراني إلى اليمن، وبذلك حاصر شبه الجزيرة العربية من الشمال والجنوب والشرق.

وفي حالة إيران، فإنّها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بشعار الحرب على الإرهاب. ومع ذلك، يكفي القول أنّ تواجدها بالعراق سبق ظهور القاعدة، وتواجدها في سوريا سبق ظهور تنظيم الدولة والقاعدة كذلك. وإذا لم تنتبه الإدارة الجديدة للمخاوف العربية إزاء التدخلات الإيرانية في المنطقة، لن يتم مواجهة مشكلة الإرهاب بحزم من كل اللاعبين الإقليميين.

النهج الذي تم اتباعه في هذه القضية بإطلاق مسمى «الإرهاب السني» من جهة، والتدخلات الإيرانية في العراق وسوريا من جهة أخرى، ساعد الإرهابيين وتسبب في ضرر بالغ لنهج الولايات المتحدة في المنطقة خلال الـ 10 سنوات الأخيرة.

ويواجه نهج الإدارة الجديدة في الشرق الأوسط تحديات مسبقة حول كيفية دمج هدف محاربة الإرهاب مع إعادة بناء ما تضرر من علاقات بدول المنطقة. إذا تمّ حل هذه المسألة بشكل صحيح، فإنّ الجانبين، الولايات المتحدة ودول المنطقة، سيتمكنان من فتح صفحة جديدة في ملف تعاونهما طويل الأجل.

ولكن من أجل تحقيق كلا الهدفين، يتعين على الفريق الجديد في واشنطن أن يستكشف بصبر التدخلات الإيرانية في المنطقة. فهذا هو أصل الاستقطاب الإقليمي الحالي والسبب الأساسي لتكاثر الإرهاب. فور أن شعر السنة أنّهم معرضون لهجوم الشيعة، مثلما هو الحال الآن، التفوا حول راية طائفية متشددة.

إذا كان القاسم المشترك بين هذين الهدفين، الحرب ضد الإرهاب وإعادة بناء تحالفات الولايات المتحدة في المنطقة، هو مواجهة التوسع الإيراني، ستكون هذه التوليفة عاملًا مساعدًا على تقليم أجنحة المتشددين الإيرانيين والعرب، والتغير المحتمل لتوازن القوى في طهران.

دعونا نرى إذًا كيف يتم تطبيق ذلك في حالة سوريا.

إذا لاحظت، فإنّنا لم نذكر بالأعلى الرئيس «الأسد» ووزنه في المعادلة المذكورة. والسبب بسيط: فـ«الأسد» ليس له وزن إذا كان بمفرده. لم يكن ليبقى بدون حزب الله والحرس الثوري الإيراني والميليشيات الشيعية من العراق وأفغانستان وبدون الروس.

ولا يمثل «الأسد» أي قوة تذكر ليتم وضعه في الحسبة. ومن المهم عقد صفقة مع روسيا تعالج مخاوف كلًا من الولايات المتحدة وروسيا حول الإرهاب. ومع ذلك، لا يمكن لهذه الصفقة أن تحقق أهدافها طويلة المدة بدون استثناء العرب والأتراك. ولا يمكن بالطبع حل المشكلة في روسيا كما تم حلّها في العراق. في عام 2006، قامت الولايات المتحدة بعملية جراحة عسكرية واستأصلت القاعدة. وبعد 4 سنوات عادت القاعدة في ثوب تنظيم الدولة. والسبب هو بالتأكيد ما ذكرناه بالأعلى: التدخلات الإيرانية والمحاولات الشيعية لإخضاع السنة المركزيين في العراق.

إذا تمّ الوصول لاتفاق مع روسيا والعرب والأتراك حول مستقبل سوريا، ستكون خطوة كبيرة نحو محاربة الإرهاب قد تمّ إنجازها. وعلى الإدارة الجديدة استخدام زخم صعودها للمكتب بتقديم مبادرة تطالب الأطراف الأربعة بالتعاون في حملة جادة ضد الإرهاب في سوريا على أساس الإجماع على فكرة أنّ إيران ليس لديها ما تفعله داخل تلك الدولة التي تتمتع بأغلبية سنية ساحقة.

وسيستند الاتفاق أيضًا على الحفاظ على هيكل الدولة، مع دستور متوازن يحافظ على حقوق الأقليات من العلويين والأكراد والتركمان والمسيحيين. وأن كل من تورط من هؤلاء في الإرهاب أو التعذيب أو القتل المتعمد للمدنيين أو أي من الانتهاكات العنيفة لحقوق الإنسان الأساسية سيواجه العدالة.

إذا نجحت الإدارة الجديدة في الوصول لهذه الأهداف، ستستعيد بالتأكيد ثقة حلفائها الإقليميين، مع إعطاء الروس ما يقولون أنّهم قد أتوا لأجله وهو محاربة الإرهاب، وستحصل على الإشادة من جانب الشعب السوري الذي يرغب في رؤية بلاده خالية من الإرهاب والقمع والخوف، وستكون قد نجحت في تعبئة العرب والروس والأتراك والسوريون لإطلاق النار في نفس الاتجاه.

توجد بالطبع العديد من التفاصيل التي يتعين العمل عليها: مطالبة الأكراد بالشمال، وما ستفعله الإدارة مع الحرس الثوري الإيراني وميليشياتها بما في ذلك حزب الله، الذي ينشط حاليًا في سرويا، ومستقبل الدمية في القصر الرئاسي في دمشق، والعفو الوطني، وإعادة بناء القوات المسلحة وقوات الأمن السورية، وإعادة إعمار البلاد.

وسيكون العمل جنبًا إلى جنب مع العرب والصينيين والاتحاد الأوروبي وروسيا لإعادة إعمار البلاد، هي المساحة التي ستستعيد فيها الإدارة الجديدة صورتها وتأثيرها.

  كلمات مفتاحية

ترامب سوريا بشار الأسد السعودية إيران الأزمة السورية أميركا

علاقة «ترامب» بالشرق الأوسط تعتمد على ما سيحدث في سوريا

علاقة «ترامب» بالشرق الأوسط تعتمد على ما سيحدث في سوريا