القطاع النفطي الكويتي يتطلع للاستقرار بعد تعيين وزير جديد من داخل البيت

الأربعاء 14 ديسمبر 2016 03:12 ص

الكويت - يتطلع القطاع النفطي الكويتي الذي يشكل المورد الأساسي للدولة الخليجية عضو منظمة أوبك لتحقيق قدر من الاستقرار المنشود منذ أعوام مع قدوم وزير جديد يعرف جيدا ما يعتمل داخل القطاع من تفاعلات وما يواجهه من تحديات محلية وخارجية.

عصام المرزوق الذي أدى اليمين الدستورية أمام أمير الكويت السبت الماضي وزيرا للنفط ووزيرا للكهرباء والماء هو واحد من وزراء النفط القلائل الذين أتوا من داخل القطاع وليس من خارجه حيث عمل لسنوات كعضو في مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية كما قاد شركات نفطية خاصة لعملها علاقة بالنفط.

وعانى القطاع النفطي منذ نحو عام من غياب وزير أساسي له حيث تم إسناد حقيبة النفط للوزير أنس الصالح "بالوكالة" إلى جانب كونه نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للمالية.

وخلال فترة الوزير الأسبق علي العمير الذي عمل وزيرا للنفط على مدى أكثر من عامين قبل الصالح، كان القطاع النفطي يعاني من تنازع الاختصاصات وعدم الاتفاق بين الوزير وقيادة مؤسسة البترول الكويتية وهو الأمر الذي أدى في النهاية إلى إعفائه من حقيبة النفط وإسناد حقيبة الأشغال العامة إليه.

وذكرت وسائل إعلام محلية في حينها أن العمير عجز عن إحداث تغييرات كان يرغب في تنفيذها في قيادات بعض الشركات النفطية المملوكة للدولة.

ولا يرسم وزير النفط السياسة النفطية للكويت حيث يضطلع بهذه المهمة المجلس الأعلى للبترول الذي يعتبر المرجع الأخير للقرارات الاستراتيجية النفطية ويرأسه رئيس الوزراء ويضم إلى جانب وزير النفط عددا من الوزراء الآخرين منهم الخارجية والمالية والتجارة والصناعة إلى جانب محافظ البنك المركزي.

لكن وزير النفط هو المعني بشكل أساسي بتنفيذ السياسة النفطية للدولة وهو الذي يمثلها في الخارج فيما يتعلق بالشأن النفطي لاسيما في اجتماعات أوبك. وبحكم منصبه يكون وزير النفط رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية الذراع التنفيذية للحكومة في القطاع النفطي والمظلة التي تعمل تحتها كل شركات النفط الحكومية.

شغل عصام المرزوق قبل إسناد حقيبة النفط إليه موقع رئيس مجلس إدارة شركة بورصة الكويت منذ ابريل نيسان الماضي وهو من عائلة معروفة بنفوذها الاقتصادي في الكويت وشقيق حمد المرزوق رئيس مجلس إدارة بيت التمويل الكويتي.

وطبقا لموقع شركة البورصة فإن المرزوق حاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من جامعة ساوث كاليفورنيا في الولايات المتحدة.

ولدى المرزوق "خبرة تزيد عن 35 سنة في قطاع المال والاقتصاد وتحديدا في مجالات التداول والقطاع النفطي والصناعات الثقيلة حيث تصب خبرته في الحوكمة والرقابة الداخلية والتخطيط المالي وإدارة الأعمال."

وشغل المرزوق منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي في شركة الخليج لتعميق الممرات المائية خلال الفترة من 1999 إلى 2007 وموقع المدير العام والشريك في شركة المرزوق للاستيراد والتصدير من عام 2007 وحتى الآن.

واعتبر عبدالمجيد الشطي الاقتصادي الكويتي والرئيس السابق لاتحاد البنوك أن المرزوق سيكون من "أفضل" الوزراء الذين حملوا هذه الحقيبة لأن "لديه خبرة ممتازة بالقطاع النفطي ويعرف القطاع من الداخل والخارج."

وعمل الشطي مع المرزوق في القطاع النفطي لفترة طويلة ووصفه بأنه "إنسان متزن ومستمع جيد وجاد ودائما لديه حلول ابتكارية." وتوقع أن يضيف الوزير الجديد "مزيدا من الاستقرار للقطاع النفطي."

وتوقع الشطي أن يعمل الوزير الجديد على إكمال المشاريع النفطية العملاقة التي تضطلع بها الدولة ومنها مصفاة الزور ومشروع الوقود البيئي إضافة للمضي قدما في تنفيذ الاستراتيجية النفطية للدولة الرامية للوصول بالقدرة الانتاجية إلى أربعة ملايين برميل يوميا بحلول 2020.

 

وزير محـظوظ

كثيرون سيعتبرون أن المرزوق "وزير محظوظ" حيث شهدت ساعات الصباح الأولى لأول يوم يتجه فيه لمكتبه المطل على الخليج في المجمع النفطي الكويتي الفخم قفزة غير معهودة لأسعار النفط أعادتها لأعلى مستوى منذ منتصف 2015.

يأتي هذا التطور بعد أن هبطت أسعار النفط بشكل ملحوظ خلال السنتين الماضيتين ووصل سعر برميل النفط الكويتي إلى أقل من 20 دولارا للبرميل وهو ما أثر سلبا على الميزانية العامة التي يشكل النفط نحو 90 في المئة من إيراداتها.

ومن شأن أسعار النفط المرتفعة أن تساعد الوزير الجديد على استكمال المشاريع النفطية العملاقة ومنها مشروع الوقود البيئي.

ويهدف هذا المشروع لتطوير مصفاتي ميناء عبدالله والأحمدي وتأهيلهما لإنتاج منتجات عالية القيمة مثل وقود الديزل والكيروسين لتصديرها وبكلفة إجمالية تصل إلى 4.680 مليار دينار (15.33 مليار دولار).

كما تقوم الكويت حاليا بالاستعداد لإنشاء شركة جديدة ستكون بمثابة مجمع نفطي متكامل لمشاريع تبلغ كلفتها 12 مليار دينار ويضم مصفاة الزور الجديدة التي تبنيها الكويت حاليا ومجمع البتروكيماويات.

وقال كامل الحرمي المحلل النفطي الكويتي إن القطاع النفطي ورغم إضطلاعه بتنفيذ مشاريع جديدة عملاقة إلا أنه يفتقر "للرؤية المشتركة" وعلى الوزير الجديد إيجاد هذه الرؤية.

وأضاف الحرمي أن ميزة المرزوق أنه يأتي من داخل القطاع "ولن يحتاج إلى تدريب" ولا إلى من يعرفه طبيعة العمل النفطي ومهامه ومشاريعه لكنه مُطالب بأن يجعل هذا القطاع "يعمل كفريق واحد وأن يحقق الإجماع" المفقود داخله منذ سنوات.

وأضاف الحرمي أنه يجب ألا تكون هناك عملية "قص ولصق" لأرقام الاستراتيجية النفطية الكويتية وأن يتم تحديثها وفقا للمستجدات العالمية والإقليمية.

 

تحـدي أوبك

توصل منتجو النفط من داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وخارجها السبت الماضي إلى أول اتفاق مشترك منذ عام 2001 لخفض إنتاج الخام وتخفيف تخمة المعروض في الأسواق بعد استمرار تدني الأسعار على مدى أكثر من عامين ليتحول تركيز السوق الآن إلى الالتزام بالاتفاق.

واتفقت أوبك الشهر الماضي على تقليص الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يوميا اعتبارا من يناير كانون الثاني وبلغ حجم إسهام السعودية في ذلك التخفيض 486 ألف برميل يوميا في حين بلغ إسهام الكويت 131 ألف برميل يوميا.

وسيكون على الوزير الكويتي الجديد مهمة قيادة اللجنة الوزارية المكلفة بمراقبة التزام الدول الأعضاء في أوبك بقرارها الأخير.

ورغم الخبرة التي يتمتع بها المرزوق في القطاع النفطي الكويتي إلا أنه من غير الواضح حتى الآن مدى الخبرة التي يتمتع بها على الساحة الدولية ومدى قدرته على قيادة فريق بلاده في أكبر منظمة نفط عالمية.

 

* مطالب عمال النفط

في ابريل نيسان الماضي نظم اتحاد عمال البترول وصناعة البتروكيماويات في الكويت إضرابا شامل استمر ثلاثة أيام وأثر بشكل كبير على القطاع النفطي الكويتي.

وانتهى الإضراب دون التوصل لحلول جذرية مع الحكومة حول مشروع البديل الاستراتيجي الذي اعتبروه يمثل مساسا بحقوقهم.

ومشروع البديل الاستراتيجي هو هيكل جديد للرواتب والمستحقات المالية والمزايا الوظيفية تريد الحكومة تطبيقه على العاملين بالدولة وترفضه النقابات النفطية وتطالب باستثناء العاملين بالقطاع النفطي منه.

ويقول المحللون إن الوزير الجديد سيكون على عاتقه مهمة صياغة علاقة ودية مع نقابات عمال النفط بدلا من العلاقة التي غلب عليها طابع التحدي مع الوزير أنس الصالح.

وقال نواف الشايع الخبير الاقتصادي الكويتي إنه لم يتم التوصل حتى الآن لحلول جذرية مع نقابات عمال النفط حول القضايا الخلافية بما يضمن عدم حدوث إضرابات مستقبلية.

لكن الشايع الذي يعمل أيضا في شركة نفطية قال إن العلاقة بين المرزوق ونقابات عمال النفط "ستكون جيدة لأن الوزير سيكون راغبا في إثبات ذاته" وهو يحتاج لتحقيق ذلك إلى التعاون مع مؤسسة البترول ونقابات العمال في آن واحد.

المصدر | أحمد حجاجي | رويترز

  كلمات مفتاحية

القطاع النفطي الكويتي وزير النفط الكويتي تحديات محلية وخارجية عصام المرزوق علي العمير مؤسسة البترول الكويتية أنس الصالح إضراب عمال النفط تنازع الاختصاصات