روسيا تحتاج إلى رفع أسعار النفط إلى 68 دولارا على الأقل للتغلب على مشاكلها الاقتصادية

السبت 17 ديسمبر 2016 03:12 ص

كنا قد نشرنا توقّعاتنا لعام 2017 في وقت سابق من هذا الأسبوع، وأشارت إحدى تلك التوقّعات إلى أنّ روسيا ستعاني من عام صعب اقتصاديًا. وهذا لأنّ الاقتصاد الروسي يعتمد بشدة على النفط. وتراوح متوسّط سعر النفط في عام 2016 حول 43 دولارًا للبرميل، وهو سعر بعيد جدًا عمّا كان قبل عامين، عندما كانت أسعار النفط تتخطّى ضعف ذلك الرقم. ووفقًا لدائرة الجمارك الفيدرالية الروسية، تمثّل عائدات النفط 26% من إجمالي عائدات التصدير الروسي. وبالنسبة لاقتصاد يعتمد في 30% من الناتج المحلي الإجمالي على التصدير، فهذه النسبة كبيرة إلى حدٍ ما.

ولقد رأت روسيا هذه المشكلة بالفعل واضحة في عجز ميزانيتها المتضخم عام 2016. وكان عجز الموازنة في روسيا قد بلغ 25 مليار دولار أو 2.6% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2015، وفقًا لوزارة المالية الروسية. لكنّ وزير المالية الروسي قد صرّح في سبتمبر/ أيلول الماضي أنّ عجز الموازنة في عام 2016قد تصاعد، ومن المحتمل بلوغه نسبة 3.7% من الناتج المحلي الإجمالي الروسي بنهاية العام. وهذا هو السبب في لجوء روسيا للاحتياطي النقدي وخفض الخدمات الاجتماعية والمعاشات التقاعدية في جميع المجالات.

وتمّت كتابة العديد من الكلمات حول ارتفاع أسعار النفط منذ اتفاق منظمة أوبك على خفض الإنتاج في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني. وإذا تركنا جانبًا حقيقة أنّ سعر النفط لم يرتفع بالقدر المؤثر، حيث أغلق سعر خام برنت يوم 14 ديسمبر/ كانون الأول مرتفعًا بنسبة 11% أعلى مما كان عليه يوم 28 نوفمبر/ تشرين الثاني، فبدلًا من المضاربة على تقلبات السوق، فالأكثر إثارة للاهتمام معرفة السعر المحدد للنفط الذي يمثل أهمية جيوسياسية من وجهة نظر روسيا.

وقال وزير المالية الروسي يناير/ كانون الثاني الماضي أنّ روسيا قد توازن ميزانيتها إذا وصل سعر النفط إلى 82 دولارًا للبرميل، ولكن لعدم ثقتنا دائمًا في بيانات السياسيين، أردنا أن نرى إذا كنّا نستطيع اكتشاف رقم مشابه أو أكثر دقّة بأنفسنا.

وتصدر تقارير عائدات تصدير النفط الروسي بالطن المتري وبالدولار. ووفقًا لدائرة الجمارك الفيدرالية الروسية، منذ يناير/ كانون الثاني إلى أكتوبر/ تشرين الأول عام 2016، صدّرت روسيا بما يساوي قيمته 59.6 مليار دولار من النفط، أو ما يقارب 213 مليون طن متري من النفط الخام. وتحويل الطن المتري إلى براميل نفط خام ليست عملية سهلة حسابيًا، حيث يختلف كل نوع من النفط الخام من حيث الكثافة؛ ومعدّل التحويل المتعارف عليه للطن المتري هو 7.33 برميل (بحسب شركة بريتش بتروليوم للطاقة العالمية). وبحساب إحصائيات تصدير روسيا بهذه الطريقة، من الممكن أن نخرج بملاحظتين. الأولى أنّ روسيا قد أنتجت في الـ 10 أشهر الأولى من عام 2016 نفطًا أعلى بـ 5% مما أنتجته عام 2015 كله، وهو ما يعني أنّها احتاجت لبيع المزيد هذا العام عن العام الماضي. والأخرى أنّنا يمكننا التقدير تقريبًا أنّ روسيا قد صدّرت حتّى الآن هذا العام ما يقرب من 5.13 مليون برميل نفط يوميًا.

ومن هنا علينا أن نقفز قليلًا. تظهر الإحصائيات الروسية أنّ روسيا قد صدّرت نفطًا بقيمة 76.7 مليار دولار عام 2015، عندما كان متوسط سعر النفط 41.85 دولار للبرميل. ومن بيانات الـ 10 أشهر الأولى من 2016 فقط، سيكون علينا إعمال التخمين قليلًا. ولكن دعونا نفترض أن تصدير روسيا لشهري نوفمبر/ تشرين الثاني، وديسمبر/ كانون الأول هذا العام هو نفس متوسط تصديرها في الـ 10 أشهر الأولى من العام (في الواقع من الممكن أن يرتفع الرقم قليلًا)، الأمر الذي يعني أنّ صادرات روسيا من النفط في عام 2016 ستكون بقيمة 71.52 مليار دولار. ويجب أن نضع في الاعتبار أيضًا تصريحات وزير الطاقة الروسي الذي أشار إلى موافقة روسيا على المشاركة في اتفاق أوبك وتخفيض إنتاجها بمقدار 300 ألف برميل يوميًا بدءً من عام 2017. وسنترك التفاصيل إلى حين يتم تنفيذ ذلك لوقت آخر. والآن، إذا افترضنا أنّ كل هذا الإنتاج تمّ استبعاده من متوسط إنتاج روسيا العام المقبل، نستنتج أنّ روسيا ستصدر نحو 4.8 مليون برميل يوميًا العام القادم.

وكما ذكر أعلاه، تتوقع روسيا عجزًا في الميزانية يبلغ 48.1 مليار دولار في عام 2016. وإذا بلغت قيمة صادرات النفط الروسي 71.52 مليار دولار في 2016، يعني هذا حاجة روسيا لتصدير نفط إضافي بقيمة 48.1 مليار دولار لسد عجز ميزانيتها فقط. وعندما تقوم بالعمل الحسابي، تكون النتيجة هي الحاجة لوصول السعر إلى 68 دولارا للبرميل، مع افتراض إنتاج يومي للتصدير يبلغ 4.8 مليون برميل. وهذا أقل بقليل مما اقترحه وزير المالية الروسي في وقت سابق من هذا العام، لكن لا يثير هذا الكثير من الاستغراب. وقد وافق مجلس الدوما في روسيا مؤخرًا على موازنة العام القادم، وتمّ حجب أجزاء منها عن النشر العلني، ومن بينها أنواع محددة من الإنفاق الدفاعي. وربما يعلم وزير المالية التكاليف الأخرى التي يجب أن توضع في الاعتبار ولم نعرفها، أو ربما أراد فقط خفض سقف التوقّعات.

وهذا يعني أنّ روسيا تحتاج ارتفاع أسعار النفط بنحو 30% من وضعه الحالي فقط لتسد عجز ميزانيتها. وحتّى هذا القدر من الارتفاع لن يحل مشاكل روسيا الاقتصادية. وهو يعني فقط أنّ روسيا يمكنها الاستمرار على الوضع الحالي من الإنفاق، والذي يشمل بالفعل خفضًا لعدد من الخدمات الاجتماعية، دون الحاجة للجوء لصناديق الاحتياطي النقدي المختلفة. وقد أشارت وزارة المالية بالفعل أنّها تتوقع أنّ واحدًا من هذه الصناديق سيتم إنفاقه بالفعل لتغطية عجز الميزانية في عام 2017، والذي تتوقع روسيا انخفاضه ليصل إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي.

وليس من المرجّح حدوث زيادات كبيرة في أسعار النفط عام 2017 في هذه المرحلة. فالأسواق لديها وفرة من المعروض، وتوقّعات النمو للاقتصاديات الكبرى في العالم تشير إلى ركود في أحسن الأحوال، وكلّما ارتفع السعر كلّما زادت الولايات المتّحدة في إنتاجها. ويمكن لأوبك ومصدري النفط الآخرين المشتركين في اتفاق أوبك لخفض الإنتاج أن يحدثوا تأثيرًا مؤقتًا على التضخم في السوق، لكنّهم لن يكونوا قادرين على حلّ المشكلة تمامًا أو منع باقي الدول من زيادة الإنتاج. ويظهر المنطق أعلاه لماذا يجب الإبقاء على أسعار النفط على الأقل فوق 68 دولار للبرميل لفترة طويلة قبل أن نبالغ في التفاؤل.

المصدر | جيوبوليتيكال فيوتشرز

  كلمات مفتاحية

روسيا أوبك السعودية أسعار النفط