«جيروزاليم بوست»: «السيسي» غامر بمصداقية بلاده إرضاء لـ«ترامب»

الاثنين 26 ديسمبر 2016 09:12 ص

أرادت مصر إظهار أنها تستخدم عضويتها في مجلس الأمن لصالح الفلسطينيين بشأن قرار مجلس الأمن الدولي الذي يدين النشاط الاستيطاني الإسرائيلي. لكن القاهرة دخلت من وراء ذلك في اختبار لعلاقتها مع إدارة «ترامب»، وقد تضررت جاء ذلك مصداقيتها على المدى القصير.

حيث قدمت مصر القرار يوم الأربعاء، وانسحبت منه الخميس بعد تعرضها لضغوط من قبل «ترامب» و(إسرائيل)، وصوتت لصالحه يوم الجمعة عندما أعيد تقديمه من نيوزيلندا والسنغال وفنزويلا وماليزيا.

وقد قالت الوثيقة أن المستوطنات «ليس لها شرعية قانونية». وعندما تم تقديمها كانت فرصة لنظام الرئيس «عبد الفتاح السيسي» لإظهار التفاني تجاه القضية الفلسطينية التي يتردد صداها في جميع أنحاء العالم العربي، وهي أولوية بالنسبة لكثير من المصريين.

وقال «مخيمرأبو سعدة» أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في مدينة غزة: «معظم القادة العرب يحاولون دعم القضية الفلسطينية لمواصلة إضفاء الشرعية على أنظمتهم في نظر شعبهم، لأن مثل هذا القرار سيكون شيئا جيدا في عيون الناس».

وكان هذا القرار أيضا فرصة للنظام لإظهار فاعليته، وسط السخط الاقتصادي الواسع والإرهاب، بما في ذلك الهجوم قبل أسبوعين على كاتدرائية القديس مرقص القبطية في القاهرة والتي قتل فيها 25 شخصا.

ولكن كل شيء تغير عندما أعلن «ترامب» يوم الخميس أن الولايات المتحدة يجب أن تستخدم حق النقض ضد القرار. ويعول «السيسي» على دعم «ترامب» لنظامه الذي يترنح  وهو ببساطة هو لا يستطيع أن يعارض إرادة الرئيس المنتخب.

لفهم هذا فإنه يجدر الأخذ في الاعتبار مدى ضعف موقف «السيسي» حتى قبل الهجوم على الكنيسة. فقد واجه تحديات لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك: تدهور العلاقات مع الراعي الاقتصادي الرئيسي المملكة العربية السعودية، التي علقت إمدادات الوقود المدعوم إلى القاهرة بسبب زيادة ميل مصر تجاه نظام «الأسد» وروسيا في الحرب الأهلية السورية، إضافة إلى المواجهة مع جماعة الإخوان المسلمين والتمرد في سيناء. ومشاكل الشباب المصري، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة.

وقالت «ميرا تزوريف» المتخصصة في الشؤون المصرية من جامعة تل أبيب أن «السيسي صار أكثر ضعفا من أي وقت مضى منذ أن أصبح رئيسا».

وقد كانت النقطة المضيئة الوحيدة للسيسي هي انتخاب «ترامب» بدلا من «كلينتون»، التي اتهمها «السيسي» بدعم الإخوان. وقد كان «السيسي» يشعر بالقلق بسبب عملها مع الأخذ بعين الاعتبار سجل حقوق الإنسان في مصر. ولا توجد مثل هذه المشاكل مع «ترامب»، الذي دعا خلال الحملة الانتخابية إلى استهداف أسر الإرهابيين.

وقد التقى «السيسي» و«ترامب» في نيويورك في سبتمبر/ أيلول وأشاد كل منهما بالآخر وقال  «ترامب» أن «السيسي رجل رائع».

وقال «ترامب» لفوكس بيزنس نيوز: «أعتقد أنه كان اجتماعا كبيرا». وأضاف: «التقينا لفترة طويلة، في الواقع كان هناك كيمياء جيدة بيننا. أنت تعرف عندما يكون لديك كيمياء جيدة مع الناس لقد  كان هناك شعور جيد بيننا».

وقال «السيسي» في تصريحات لوكالة الأنباء البرتغالية لوسا في 19 تشرين الثاني إنه لا يشعر بالقلق حول دعوة «ترامب» لفرض حظر على المهاجرين المسلمين. «علينا أن نميز بين الخطاب الذي يقام ضمن الحملات الانتخابية الرئاسية والإدارة الحقيقية والفعلية للبلد بعد التنصيب».

وأضاف أن «ترامب» قد أظهر «فهما عميقا وكبيرا» لما يجري في المنطقة وفي مصر، وأنه يتطلع إلى تعزيز العلاقات المصرية الأمريكية في ظل إدارته.

ويضع «السيسي» نصب عينيه المساعدات الاقتصادية التي هو في أمس الحاجة إليها والدعم الدبلوماسي، في حين يتطلع «ترامب» إلى مصر كحليف رئيسي في العالم العربي.

وبالتأكيد فإن «السيسي» لن يدمر كل هذا من أجل قرار الأمم المتحدة. لذلك سحبت مصر مشروع القرار للحفاظ على رضا «ترامب».

ولكن مصر قد صوتت لصالح القرار، حيث تعلم أن (إسرائيل) ستقبل تفسيرها أنها بذلت قصارى جهده عن طريق سحب القرار، ولكن باعتبار مصر دولة عربية فلم يكن لديها خيار سوى دعم ذلك عندما جاء التصويت.

ولكن بقيت هناك مشكلة واحدة فقط: وهي كيف يشرح ذلك للجمهور المصري. لهذا، قالت وزارة الخارجية أن «الانسحاب لم يكن سوى تأخير تكتيكي مؤقت».

وقالت وسائل الإعلام المصرية نقلا عن «أحمد أبو زيد» المتحدث باسم الوزارة قوله: «مصر تريد مزيدا من الوقت للتأكد من أنه لا يوجد بلد سوف تستخدم حق الفيتو لمنع القرار، خاصة بعد أن دعا الرئيس المنتخب الإدارة الحالية لاستخدام حق النقض ضد القرار».

كما قدم «أبو زيد» تفسيرا آخر في تصريحات نشرتها المصري اليوم «أن مصر ستكون الشريك الرئيسي في أي مفاوضات مستقبلية بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية الجديدة وقد وجدت أنه من المهم للحفاظ على التوازن للتأكد من أنه يمكن أن تؤثر على الأطراف في أي مفاوضات مستقبلية، بحيث يمكن استعادة كافة الحقوق الفلسطينية».

ولكن بغض النظر عن التفسيرات الرسمية، هناك شيء واحد واضح فقط: بالنسبة لمصر، فإن الأساس هو التوافق مع «ترامب»، وأن كل الاعتبارات الأخرى ملفقة.

  كلمات مفتاحية

مجلس الأمن السيسي نتنياهو ترامب وقف الاستيطان

«ترامب» يتطلع لزيارة «السيسي» لواشنطن ويقدر حرب مصر ضد «الإرهاب»