المغرب يوثّق علاقاته بدول الخليج ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» لكن يهمل تهديد الجهاديين

الاثنين 17 نوفمبر 2014 11:11 ص

في الأسبوع الأول من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي أعلن المغرب أنه سيزيد من الدعم الاستخباراتي والعسكري الذي يقدمه لدولة الإمارات العربية المتحدة، مما يكثف من مشاركته في التحالف ضد ما يُسمى بـ تنظيم «الدولة الإسلامية». ولا ينبغي أن يكون ذلك مفاجئاً، إذ كان المغرب يشكل هدفاً لتهديدات «الدولة الإسلامية»، وهو يحرص أيضاً على الحفاظ على مكانته كشريك عربي موثوق به وكمتلقي للتمويل من القوى الاقتصادية التي تضم الولايات المتحدة ودول الخليج لمواجهة الإرهاب. ومن الناحية التقنية، يشكل المغرب جزءاً من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» والذي يضم 60 دولة، إلا أنه مدرج، تماماً كما تونس والبرتغال والمكسيك وغيرها، على أنه دولة ذات التزام غير محدد.

أما في ما يتعدى العلاقات مع الولايات المتحدة، التي من المؤكد أنها أعطت الضوء الأخضر لاتفاق المغرب والإمارات العربية المتحدة بسبب تعاون الرباط مع دول الخليج في مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية»، فإن الاتفاق يبدو خطوة طبيعية نظراً إلى الاتفاقات الاقتصادية والعسكرية السابقة التي عُقدت بين المغرب ودول الخليج. وبالإضافة إلى الروابط المالية، تربط المغرب علاقات أيديولوجية لا تقل أهمية مع الأنظمة الملكية في الخليج العربي. 

ويأتي الاتفاق العسكري والاستخباراتي بعد دعوة "مجلس التعاون الخليجي" الملكيات العربية الشقيقة له، المغرب والأردن، للدخول في تحالف عسكري في نيسان/أبريل الماضي. وغالباً ما دعمت هذه الدول، أي المغرب والأردن ودول "مجلس التعاون الخليجي" - بالإستثناء الملحوظ لقطر -  بعضها البعض بهدوء لانتزاع عناصر جماعة «الإخوان المسلمين» على المستوى المحلي. ويبدو أن دول "مجلس التعاون الخليجي" تريد أن تتطور لتنتقل من كونها كتلة سياسية واقتصادية بحتة لمحور ملكي سني. وفي العام الماضي حاولت دول "مجلس التعاون الخليجي" حث المغرب والأردن إلى الانضمام إليها، في محاولة منها لتعزيز العلاقات بين الأنظمة الملكية العربية الوحيدة المتبقية. وفي عام 2012، قدم "مجلس التعاون الخليجي" حزم مساعدات لكلا البلدين بمبلغ 5 مليار دولار، وذلك بعد أن كان "المجلس" قد خفف من المساعدات الاقتصادية في عام 2011 في أعقاب الثورات العربية. وفي حين يُعتبر التقارب بين السنّة والحفاظ على الأنظمة الملكية الصديقة محركيْن للدعم المتبادل، إلى جانب بروز إيران ومواجهة النفوذ الشيعي في المنطقة، إلا أن الاعتبارات الاقتصادية تبدو ذات أهمية متزايدة. 

يُذكر أن العاهل المغربي الملك محمد السادس قام بجولة في دول "مجلس التعاون الخليجي" في أواخر 2012 بغية حشد الدعم للاقتصاد المغربي المتعثر. وبينما يُعتقد عادة أن مساعدات دول "مجلس التعاون الخليجي" ليست ذات شروط صريحة مشابهة للمساعدات التي تقدمها الدول الغربية، يمكن النظر إلى الدور المتنامي الذي يلعبه المغرب في الحملة الخليجية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» على أنه عبارة عن استجابة لشروط ضمنية. فقد استثمرت دولة "الإمارات" وقطر، على وجه الخصوص،  بكثافة في المغرب، وخاصة في قطاعي العقارات والسياحة، على الرغم من أن الرباط تجد أرضية مشتركة تربطها بأبوظبي في مجال الأمن والقضايا السياسية على صعيد الجذب المحلي لـ جماعة «الإخوان المسلمين»، أكبر من تلك التي تربطها بالدوحة، والتي جمعتها بها علاقة مضطربة تتعلق بدعم الأحزاب الإسلامية والخلافات حول تغطية قناة "الجزيرة" للصحراء الغربية. 

ومن جهتها، تربط المملكة العربية السعودية علاقات مع الرباط تمزج ما بين التعاون والتوتر. ففي حين يُنظر إلى الرياض على أنها تساعد على ظهور السلفية الوهابية في المغرب وشمال أفريقيا، إلا أن السعودية دعمت بهدوء محاولات النظام الملكي المغربي لإضعاف "حزب العدالة والتنمية" - الحزب السياسي الإسلامي الرئيسي في البلاد - الذي يترأس البرلمان المغربي منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2011. كما أن السعودية لطالما وفرت للمغرب النفط والاستثمارات وفرص العمل، الأمر الذي ساعد الرباط على الحد من اعتمادها على الاتحاد الأوروبي، وخاصة فرنسا. وبدوره، أتى رد المغرب على المساعدات السعودية بشكل مماثل، وكان في معظم الأحيان بصورة دعم إيديولوجي وعسكري، كما حدث في عام 1992، على سبيل المثال، عندما أرسلت الرباط قواتها إلى المملكة العربية السعودية خلال عملية "عاصفة الصحراء". 

وفي هذا الإطار، من المتوقع أن تدعم المرجعيات السياسية المغربية المبادرة الأمنية الخليجية الأخيرة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية». وفي حين كانت الأحزاب الإسلامية تاريخياً تنتقد مشاركة المغرب في الحملات التي يقودها الغرب أو دول الخليج ضد الإرهاب، معتبرة أنها تندرج في سياق الهيمنة الأجنبية، فمن غير المرجح أن يثير "حزب العدالة والتنمية" أي مشاعر مماثلة، خشية أن يتم اعتباره مؤيداً صامتاً لـ تنظيم «الدولة الإسلامية». فقد وقف هذا الحزب في صف النظام الملكي في مواقفه حول السياسة الخارجية منذ أن بدأ بمحاولته للحصول على الشرعية في أوائل التسعينيات، ومن المؤكد أن يحث أتباعه وأنصاره بالحذو حذوه.

وعلى المدى القصير، لا يهدد تنظيم «الدولة الإسلامية» بالتوسع في المغرب. بيد، تكمن المشكلة الحقيقية في المغرب في العدد الهائل من المغاربة الذين ذهبوا للقتال في صفوف الجماعة في سوريا والعراق. وبالتالي من المرجح أن يعود تبادل المعلومات الاستخباراتية بفائدة أكبر من الدعم المقدم على مستوى العمليات أو نشر القوات في دولة "الإمارات" والخليج. ووفقاً لوزارة الخارجية المغربية، فإن الاتفاقية الأمنية مع "الإمارات" ليست في الواقع مبادرة جديدة، بل تندرج تحت راية استراتيجية الحكومة لمكافحة الإرهاب القائمة من قبل والمعروفة باسم عملية "حذر"، التي تنطوي على نشر قوات الدرك والشرطة والجيش في مختلف أنحاء البلاد لمراقبة النشاط الإرهابي المحلي المحتمل والإبلاغ عنه ومنعه في النهاية.

لكن عملية "حذر" تدفع بالعديد من المغاربة إلى الإعراب عن قلقهم إزاء عودة ما هو شبيه بدولة المراقبة التي كانت سائدة خلال فترة الحكم الطويلة لوالد محمد السادس، العاهل المغربي السابق الملك الحسن الثاني. وعلى الرغم من أن الحكومة المغربية لا تتفق بشكل كبير مع الحملة التي يقودها الغرب ودول الخليج ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، يرى العديد من المغاربة أن بلادهم انصاعت إلى المصالح الأجنبية ويشعرون بقلق من الظهور المفاجئ والعلني لضباط مسلحين في شوارع المدينة أكثر من قلقهم من المفهوم الأبعد حول عودة المجندين المغربيين الذي انخرطوا في تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى وطنهم. فبالنسبة إليهم، يمكن للسياسة الدينية التي تقودها الدولة والتي تشجع "الإسلام المغربي المعتدل" وسياسات عدم التسامح أن تحد من الهجمات الداخلية، إلا أنها تفشل في معالجة المناخ الاقتصادي والاجتماعي المتطرف الذي دفع بالآلاف من الشبان بالتوجه إلى العراق وسوريا للمشاركة في القتال. 

وفي حين أن التغطية الإخبارية المغربية لهذه الظاهرة غالباً ما تسلط الضوء على نجاح الدولة في اختراق الخلايا في أماكن مثل سبتة وفاس وطنجة، إلا أن الحكومة تفتقر إلى فهم أساسي وشامل لدوافع تجنيد الجهاديين. وفي هذا السياق، يعتقد العديد من المراقبين أن الأيديولوجية هي ليست الوحيدة التي تدفع بالمغاربة إلى الالتحاق بـ تنظيم «الدولة الإسلامية»، بل أن الرواتب وغيرها مما يُسمّى بغنائم الحرب المعروضة هي أيضاً عوامل هامة في ذلك، نظراً إلى الفقر وحالة اليأس المنتشرة على نطاق واسع. بيد، تعاني البلاد من نقص في البيانات العملية الصعبة حول المحفزات التي تدفع إلى هذا النوع من الهجرة.

إن عملية ملء تلك الفجوة من المعرفة حول جذب الإسلام المتشدد للمغاربة يجب أن تشكل أولوية بالنسبة إلى حكومة مستعدة جيداً لمحاربة الإرهاب بقوة داخل البلاد وخارجها. إن فهم أسباب هذا السخط، بما في ذلك المناخ الاقتصادي الذي يؤدي إلى مثل هذه الهجرة العالية، هو الأساس الرئيسي لأي استراتيجية مستمرة لمكافحة الإرهاب. وحتى مع إرسال الرباط وفوداً إلى الخارج لحشد الدعم لبرامج الأمن في البلاد وعرض المغرب كدولة في مأمن من الإرهاب، يبقى السؤال: لماذا يشكل المغرب أكبر مصدر لمقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» في العالم العربي بعد المملكة العربية السعودية وتونس؟ ولا يزال المسؤولون المغاربة غير قادرين حتى الآن على إعطاء إجابة كاملة عن هذا السؤال.

* ڤيش سكثيفيل زميلة مساعدة بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الذراع البحثي للوبي الإسرائيلي بالعاصمة الأمريكية، وتكتب حالياً أطروحتها لنيل الدكتوراة من جامعة أكسفورد حول "الإسلاموية في المغرب المعاصر". 

المصدر | «ورلد پوليتيكس ريفيو»

  كلمات مفتاحية

المغرب المقاتلون العائدون تنظيم دولة ذات التزام غير محدد

توقيف خلية شمال شرق المغرب أعلنت مبايعتها لتنظيم «الدولة الإسلامية»

المغرب: أحكام بالسجن على 10 أشخاص بتهمة تجنيد جهاديين للقتال في سوريا والعراق