زواج القاصرات بالسعودية.. ظاهرة تهدف لجمع المال وتدخلات حكومية لوقفها

الأحد 8 يناير 2017 01:01 ص

نجح خط «مساندة الطفل» التابع لبرنامج «الأمان الأسري» خلال العام الماضي، في الوقوف ضد عدد من حالات زواج القاصرات، كانت رغبة ولي الأمر في المال القاسم المشترك بينها.

ولفتت صحيفة «مكة» إن إحدى هذه الزيجات، كانت العروس طفلة ذات 8 سنوات أريد تزويجها من ثلاثيني، كما زوجت شقيقتها في نفس العمر العام الذي سبقه، ولم يوقف الزواج لعدم إبلاغ أحد عنه.

كما كان عمر الخاطب في حالة أخرى أكبر من عمر العروس بـ50 عاما.

فيما لفتت صحيفة «عكاظ» إلى أن محكمة أبو عريش في منطقة جازان، تدخلت لفسخ عقد زواج رجل في الثمانين من العمر بفتاة قاصر.

وأضافت: «لم تكتف المحكمة بالفسخ، بل وجهت تحذيرا لعائلة الفتاة القاصر بعدم تكرار مثل هذا الزواج مستقبلا لها أو لغيرها».

وفي منطقة تبوك، وجه الأمير «فهد بن سلطان» الأسبوع الماضي، بإحالة واقعة زواج مسن سبعيني من فتاة عمرها 16 ربيعا إلى المحكمة، للبت في الزواج شرعا، وإيقاف أي إجراءات لحين صدور الحكم، وفق أنظمة الحماية ولائحته التنفيذية.

أما محكمة سكاكا العامة، فبحسب الصحيفة، فقد رفضت قبل نحو عام دعوى قضائية لإبطال زواج رجل خمسيني من صبية تبلغ من العمر 13 عاما، إذ أيدت المحكمة الزواج واعتمدت صحته لتوافر كامل شروطه.

ورسم قرار محكمة سكاكا أكثر من تساؤل حول تفاوت الأحكام بين محكمة وأخرى ومن منطقة لأخرى جهات كثيرة لم تقف مكتوفة الأيدي أمام خروقات زواج القاصرات.

أسباب

وبحسب معلومات برنامج «الأمان الأسري»، فإن أعمار حالات زواج القاصرات التي تعامل معها خط «مساندة الطفل» تراوحت بين 8 سنوات حتى 17 عاما، وجميع الحالات كانت الفتاة إما مجبرة على الزواج أو لا تعي ما معنى الزواج والارتباط، وليست مؤهلة لاتخاذ قرار.

ولفت البرنامج أما السبب الرئيس للتزويج في جميع الحالات التي تعامل معها الخط فكان لأجل المال، أي رغبة ولي أمر الفتاة في الاستحواذ على مهرها والذي يقبضه مقدما قبل عقد القران، ولا يمنح منه الفتاة شيئا.

وأوضحت أن مستوى تعليم ذوي القاصرات لم يكن في جميع الحالات ضعيفا، ففي بعض الحالات كان الوالدان حاصلين على الثانوية العامة، كما توزعت الحالات الواردة بين مختلف المناطق، ولكنها غالبا كانت من خارج المدن الكبرى.

ونوهت إلى تعاون جميع الجهات ذات العلاقة كونها جميعا عضوا في مجلس إدارة خط مساندة الطفل، وشددت على أن حل مشكلة تزويج القاصرات بحاجة لقوانين صارمة تحدد العمر الأدنى للزواج والشروط الواجبة لإتمامه.

كما لفتت إلى أن الخدمات التي يقدمها الخط تخص التعامل مع جميع المشاكل التي يمر بها الطفل من قبل أخصائيين في مختلف التخصصات، فمثلا قبل فترة قصيرة اكتشف أن فتاة تعاني من سكري النوع الأول لم تدخل المدرسة رغم بلوغها 12 عاما وتم إدخالها للمدرسة خلال أسبوع واحد.

سن أمثل للزواج

الاختصاصية النفسية ومدربة التنمية البشرية «الجوهرة عبدالرحمن الغصون»، تصف زواج الصغيرات والصغار بالظاهرة الاجتماعية التي انتشرت في بعض الدول البعيدة، ويدفع ثمنها قاصرون وقاصرات نتيجة قرارات خاطئة يتخذها الكبار، ما يدل على قلة الوعي لدى الآباء والأسر على حد سواء، وقلة الوازع الديني لديهم وجهلهم بحق أبنائهم عليهم من تربية وتعليم وحماية.

وترى «الغصون»، أن الزواج المبكر عادة يكون تحت سن 18، وهي مرحلة المراهقة التي تتمثل في اكتمال النموين الجسدي والنفسي، والزواج المبكر يفقد الطرفين (الزوج والزوجة) مقومات النجاح، مثل الاستقرار النفسي والذهني وفقدان المودة والسكينة.

وتضيف: «كما أن زواج القاصرات يقضي على مئات الفتيات سنويا، ويعرضهن إلى عواقب نفسية وبدنية سيئة، إلى جانب سرقة براءتهن وحرمانهن أحياناً من حق التعليم وبناء الشخصية وتطويرها ووضعهن في موقف المسؤولية الاجتماعية قبل بلوغ مرحلة النضج». وتتابع: «الفتاة تضطر إلى الإنجاب قبل أوانها، وتعيش في دوامة من الإرهاق النفسي بسبب عدم استعدادها النفسي لاستقبال المولود، وليس من المنطق أن تكون مسؤولية طفل على عاتق طفل آخر».

وترى الاختصاصية «غصون» أن السن المناسبة نفسيا وبيولوجيا لزواج الشباب والشابات من وجهة نظر العلماء يكون من 22 فما فوق، وإن حدث زواج قبل هذا السن فهو زواج مبكر.

وطالبت بضرورة نشر الوعي والثقافة تجاه مفهوم عمر الزواج المناسب عبر المنابر والمدارس حتى لا يذهب بعض الصغار ضحايا الزواج غير المناسب.

أما الاختصاصية الاجتماعية والنفسية «منى حجازي»، فتحذر من زواج القاصرات دون سن 18، كون أن الطفلة في هذا السن غير مكتملة النضج العقلي والإدراكي، ما يجعلها تقع في دوامة المشكلات النفسية والقلق الشديد.

وترفض «حجازي» مقارنة الجيل الحالي بالجيل السابق حول نظرية الزواج المبكر، كون أن طبيعة الأجيال والالتزامات الأسرية والضغوط الحياتية تختلف حسب الأزمان والظروف البيئية المحيطة وتطور وسائل التقنية الحديثة.

وتشدد على أهمية دور الإعلام في مناقشة مثل هذه القضايا واستعراض مخاطرها للتوصل إلى حلول مناسبة وممكنة وهناك زيجات قاصرات انتهت إلى العيادات النفسية السالبة.

لا إلزام حكومي

مأذون أنكحة، كشف أنه لم يتلق حتى اللحظة أي توجيه بتحديد سن معين لزواج الفتاة، مبينا أن زواج القاصرات لم يصل إلى حد الظاهرة، وإنما عبارة عن حالات فردية في مناطق معينة.

وأضاف أن مأذوني الأنكحة لا يتدخلون إن كانت الزوجة صغيرة السن أو كبيرة، طالما توافرت شروط عقد الزواج.

وتابع: «هناك بعض الحالات العمرية تفصل فيها المحكمة العامة».

وعرج المأذون إلى بعض المواقف التي واجهها خلال عمله كمأذون أنكحة، وكشف أن بعض سكان القرى يلجأون إلى زواج القاصرات والصغيرات ثم يتم الطلاق بغرض الاستفادة من الإعانات الحكومية أو من المهور.

وتعيش السعودية، وهي من الدول الموقعة على الاتفاقية العالمية لحقوق الطفل التي تعتبر كل من يقل عمره عن 18 عاما طفلا، حالة من الجدل الاجتماعي والشرعي والحقوقي حول زواج القاصرات.

ويبدو أن الجدل لقي صداه حيث رصدت ورقة بحثية حديثة، أن نسبة التزويج المبكر في السعودية انخفضت إلى 13%، وهي قابلة للانخفاض أكثر بعد التنظيمات الجديدة.

نسب حكومية

يشار إلى أنه في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، كشفت الهيئة العامة للإحصاء بالمملكة، أن نسبة المواطنات اللاتي تزوجن للمرة الأولى وهن في أعمار تقل عن 20 عاماً بلغت 35%، بمعدل 35 لكل 100 سيدة سبق لهن الزواج، وذلك وفقاً لتقرير «المسح الديموغرافي 2016».

وقدرت الهيئة متوسط عمر السعوديين الذكور عند الزواج الأول بـ26.3 عام، وبلغ متوسط العمر لدى السعوديات الإناث عند الزواج لأول مرة بـ 21.8 عام.

وقالت الهيئة في سياق التقرير إن متوسط العمر عند الزواج الأول للسعوديين يختلف حسب فئات العمر، متوقعة وجود علاقة عكسية بينهما، بتناقص متوسط العمر عند الزواج الأول للسعوديين في فئات العمر الكبيرة عنه في فئات العمر الشابة، لافتة إلى وجود علاقة طردية بين نسبة الإناث السعوديات اللاتي سبق لهن الزواج وتزوجن للمرة الأولى قبل عمر 20 عاماً وفئات العمر بشكل عام، حيث ترتفع هذه النسبة إلى 26.1% بين من هن في الفئة العمرية 25-29 عاماً، فيما تبلغ بين من هن في فئة 30-34 عاماً نحو 23.8%.

والشهر الماضي، سجلت الهيئة العامة للإحصاء السعودية 61.4 ألف حالة زواج لقاصرات بالمملكة تتراوح أعمارهن ما بين 15 إلى 17 عاما، في الفترة الممتدة من 2007 و2016.

هذا، وأوضحت دراسة مسحية أجراها مركز الحوار الوطني أن منطقتي الجوف وجازان تصدرتا حالات زواج القاصرات في الفترة ما بين عامي 2015 و2016، وفقا لصحيفة «مكة».

وسبق أن اعتبر مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ «عبدالعزيز آل الشيخ» زواج القاصرات دون سن الـ 15 عاما جائزا ولا شيء فيه، مؤكدا أنه لا توجد حتى الآن أي نية في بحث الموضوع.

وكانت وزارة العدل رفعت منذ فترة، مشروع كامل متضمنا مسببات نفسية واجتماعية وصحية حول ضرر زواج الفتيات دون سن الـ15 عاما للرئاسة العامة للبحوث والإفتاء، مطالبة فيها بإصدار فتوى تقنن زواج القاصرات، والمشروع بكامل تفاصيله معروض على هيئة كبار العلماء للنظر فيه، بعد تشكيل الوزارة لجنة من عدة جهات حكومية ذات صلة بهذا الموضوع لوضع الرؤية الشرعية والنظامية لهذه الوقائع والتي انتهت من محضرها الشمولي المتضمن للرؤية الشرعية والاجتماعية والطبية ووضع توصياتها.

  كلمات مفتاحية

زواج زواج قاصرات السعودية تطليق ظاهرة الأمان الأسري

مأذون يضرب بقرار المحكمة الشرعية عرض الحائط ويزوج قاصر لسبعيني بالسعودية

سعوديون يطالبون بمراعاة الظروف الاقتصادية وتخفيض مهر الزواج عبر «تويتر»

صحف السعودية تبرز تخصيص النقل ورفض زواج القاصرات واستثمارات السياحة