أزمة اقتصادية تتسع .. وشعوب تحتج

الأحد 12 مارس 2017 07:03 ص

لم تكن الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008 مؤقتة، ولم تكن كذلك كما سموها أزمة مالية تتعلق بحركة الأموال، وإن كان الاستثمار المالي المتزايد مقارنة بالاستثمار الإنتاجي الحقيقي المتراجع يشكل عمق المشكلة. 

ورغم مرور ثمانية أعوام على الأزمة، إلا أن الاقتصاد العالمي لم يتعافَ، لأنه مازال يدار بنفس الطرق التي خلقت الأزمة، لاسيما التوسع في الاستثمارات المالية وإهمال الإنتاج، وهذا ما كشفته وعبّرت عنه تقارير "الأمم المتحدة للتجارة والتنمية". 

وانتقدت التقارير في جانب منها، السياسات الاقتصادية التي تفرضها منظمات الإقراض على الدول ذات الاقتصاد المأزوم، وتشمل الإجراءات التقشفية، بهدف تقليل النفقات الموجهة إلى خدمات الرعاية الاجتماعية أو بنود الأجور، وكذلك نسب الإنفاق العام الموجهة بعضها إلى الاستثمارات. 

في نهاية العام المنقضي، خفّضت منظمة التجارة العالمية توقعاتها بشأن نسب النمو إلى 1.7%، وتراجعت عن تقديرها المتفائل بنسب نمو تصل إلى 2.8% خلال 2016، وهي أدنى نسبة نمو منذ 15 عاماً، الأمر الذي يعنى أن الأزمة الاقتصادية خلال عام 2017 سوف تستمر. 

والمتتبع لنسبة نمو حركة التجارة عالمياً يجد أنها أخذت في التراجع منذ عام 2010، متأثرة بعدة عوامل، منها تراجع النشاط الاقتصادي في عدد من الدول كالصين وروسيا والبرازيل ومنطقة الشرق الأوسط، وازدياد الاعتماد على الأنشطة الخدمية. 

وانعكست الأزمة الاقتصادية على الدول العربية، نظراً لهشاشة البني الاقتصادية فيها، واعتماد أغلبها على مصادر اقتصادية متذبذبة كالسياحة والنفط، مما دفع هذه البلاد إلى ضغط نفقاتها. 

ولم تسلم حتى دول الخليج من التقشف، بل دفعت أزمة انخفاض أسعار النفط إلى تطبيق تلك السياسات، كما ساهم دخول المنطقة في صراعات مسلحة، لعبت بعض دول الخليج أدواراً فيها، إلى الضغط على معدلات الإنفاق الاجتماعي الموجهة للتعليم والصحة والخدمات. 

ورغم أن بلدان الثورات العربية انتفضت شعوبها على ثنائية الاستبداد والأزمة الاقتصادية، إلا أن الأزمة استمرت في الاتساع مع تولّي قوى طبقت ذات البرامج التي خلفت الأزمة الاقتصادية وعمقت مظاهرها، من ارتفاع في نسب الفقر والبطالة وتراجع معدلات النمو. 

وفى محاولة للنفاد من الأزمة أقدمت مصر وتونس على الاستدانة من المؤسسات الدولية وتوسعتا في ذلك خلال 2016، كما تدهورت الأحوال المعيشية بشكل أكبر في كل من اليمن وسورية والعراق بعد اتساع دائرة الصراع المسلح.

* عصام شعبان كاتب اقتصادي مصري.

المصدر | عصام شعبان | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

الثورات العربية الاستبداد الفساد النهب الأزمة الاقتصادية التقشف