فاتورة اهتزاز قناعة الأسواق

الاثنين 13 مارس 2017 04:03 ص

القناعات الراسخة في الأذهان يصعب نزعها خاصة في الأسواق حيث أسفرت تلك القناعات عن عوائد مجزية لفترة طويلة جداً. وهذا قد يشجع على استمرار نفس النهج حتى وإن تناقض مع المؤشرات المستجدة، حتى إن تغيير النهج يحتاج إلى كم أكبر من المؤشرات والبيانات ومزيد من الوقت.

ولعل هذا التوجه الذي يطلق عليه خبراء التمويل السلوكي اسم «إلحاح الفكرة» أو تمحور المواقف، ربما يكون أحد أسباب تجاهل أسواق المال عن سبق إصرار وتصميم، تلك القائمة الطويلة من المستجدات التي يمكن خارج هذا الإطار، أن تسفر عن درجة عالية من التذبذب. وشملت تلك القائمة خلال الأسبوعين الماضيين ما يلي:

* ارتفاع مفاجئ وكبير في حجم الرهانات على رفع أسعار الفائدة الأمريكية الوشيك

* خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام الكونغرس الذي كانت لهجته بناءة بينما خلا من التفاصيل المرتقبة حول سياسته الاقتصادية

* ارتفاع منسوب المخاطر السياسية في القارة الأوروبية خاصة ما ارتبط منها بالانتخابات الفرنسية

* في الأسواق الناشئة، تخفيض سقف النمو المستهدف في الاقتصاد الصيني بعد المراجعة التي تزامنت مع مؤتمر حزب الشعب وكلمة رئيس الوزراء التي حذر فيها من تراكم المخاطر بما فيها مخاطر الأصول غير النشطة ومخاطر انهيار سوق السندات و مخاطر بنوك الظل وتمويل الإنترنت 

والقناعات الراسخة التي أتحدث عنها تتعلق بثلاثية الاقتصاد والمال والسياسة التي كانت ذات مردود كبير على المستثمرين والمتداولين خاصة في ظروف:

* استمرار النمو في الاقتصاد العالمي رغم تدني معدلاته ونقص شموليته، مع توفر درجة توازن في المخاطر المرشحة للارتفاع حاليا

* استمرار رغبة وقدرة البنوك المركزية على كبح التبذبات التي تتعرض لها الأسواق

* عجز السياسة التي ارتفع ضجيجها وقلت مصداقيتها، عن احتواء المشاكل الاقتصادية والمالية. وإذا ما كان لها من تأثير في المرحلة الحالية فإنها ستحفز الأسواق نظراً لسيطرة الجمهوريين على القرار بمجلسي الكونغرس والنواب.

وفي الوقت الذي يستمر تفاعل العناصر الثلاثة وكلها غير مستقرة ولا يمكن التنبؤ بآفاقها، في التأثير بالأسواق، فإنها حتى هذه اللحظة لم تكن كافية لبلوغ نقطة حرجة سواء مجتمعة أو منفردة. ونتيجة لذلك فإن كل مقاييس تذبذب الأسواق تبقى منخفضة ومنضبطة بالمطلق.

وفيما يتعلق بالأسابيع القليلة المقبلة لا بد أن يعكر صفو هذا الهدوء في الأسواق مجموعة غير محببة من العوامل:

* الخطوات السياسية التي تخشاها الأسواق مثل حمائية ترامب أو تحرك البنك المركزي الأوروبي أو الياباني أو الاثنين معاً نحو تشديد السياسات المالية تجاوباً مع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

* تدني احتمالات سن تشريعات محفزة للنمو بسبب التوتر الذي يسود علاقة العمل بين البيت الأبيض والحزب الجمهوري الذي يسيطر على الكونغرس.

* تحقيق الحركات المعادية للمؤسسة انتصارات انتخابية في القارة الأوروبية خاصة فرنسا وهولندا.

ويضاف إلى هلامية الموقف أن المخاطر ليست أحادية الاتجاه.

لهذا فإن ردة فعل الأسواق ستكون سريعة حيال التفاصيل التي تظهر تباعاً حول سياسة ترامب الاقتصادية سواء ما تعلق منها بخفض الضرائب أو تخفيف القيود القانونية أو الإنفاق على مشاريع البنى الأساسية مضافاً إليها تغير في لهجة القائمين على البنك المركزي الأوروبي والياباني.

وتبقى هناك قضايا الأمد البعيد التي تحمل في طياتها بذور تقلبات لا حصر لها في الأسواق.

وعندما تنخفض مستويات تذبذب الأسواق تزيد فرص تعرضها لعراقيل تفرضها المكاسب التي تحققها العملات والتي تتسبب قوتها في خفض وتيرة النمو الاقتصادي وكبح أرباح الشركات وتأجيج نار الحمائية.

وتحت تأثير العوامل الخارجية قد تواجه الأسواق صعوبة في تجنب الآثار السلبية التراكمية لانخفاض النمو وعدم شموليته على الاقتصاد والسياسة والمؤسسة عموماً.

* د. محمد العريان كبير الاقتصاديين بشركة «أليانز».

المصدر | د. محمد العريان | ترجمة الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

الأسواق العالمية العملات النمو الاقتصادي أرباح الشركات