مصر تفتتح مسجدا بتكلفة 1.7 مليون دولار.. ونشطاء: بذخ وسوء إدارة للمال العام

السبت 25 مارس 2017 06:03 ص

افتتحت السلطات المصرية، أمس مسجدا «الصحابة» الكبير في مدينة شرم الشيخ السياحية، على الطراز العثماني، بتكلفة وصلت إلى 30 مليون جنيه (1.7 مليون دولار)، وسط انتقادات حادة من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، لما أسموه البذخ المبالغ فيه في بلد يتجاوز معدل الفقر فيه الحد الأقصى عالميا.

وعلى مساحة 3000 متر، وبمئذنتين طولهما 76 مترا، افتتح وزير الأوقاف المصري «محمد مختار جمعة»، ومفتي الجمهورية «شوقي علام»، مسجد الصحابة في مدينة شرم الشيخ السياحية (شرقي البلاد).

وبحسب موقع «مصراوي»، فإن المسجد، شيد في منطقة السوق القديم على الطراز العثماني على يد المعماري المصري «فؤاد توفيق حافظ» الذي لم يتلق أموالًا عن مجهوداته، ليكون ثاني أكبر المساجد في شرم الشيخ، ويضم محطة للطاقة الشمسية للمسجد ومنطقة لاند سكيب، حيث بني على مكان الهناجر التي بناها الإسرائيلين قبل تحرير سيناء ومقرات تابعة للمعونة الأمريكية.

نشطاء صفحة «الموقف المصري»، على «فيسبوك»، رووا قصة المسجد، نقلا عن رئيس «جمعية أحباب المصطفى» الخيرية، وقالوا إن «الجمعية قررت تبني المسجد سنة 2010، وجمعوا تبرعات حتى 2015، بلغت 10 مليون جنيه».

وأضافوا: «بعدها الرئيس (عبد الفتاح) السيسي لما كان حاضر مؤتمر شرم الشيخ (عقد في 2015) سمع عن القصة، وقالوله إن التشطيبات تتكلف 15 مليون جنيه، فأرسل فوراً رئيس الوزراء وقتها إبراهيم محلب، ومعاه اللواء كامل الوزيري، وزاروا أعمال الإنشاء، وقرروا الدولة تدفع باقي التكاليف».

وتابعت الصحفة: «محلب منح المسجد 10 مليون جنيه من الحكومة، واللواء الوزيري قرر تحمل الهيئة الهندسية الباقي».

وانتقد نشطاء الصفحة هذا البذخ بالقول: «احنا مش هنتكلم عن أولوية التبرع لمسجد فخم في بلد فيها ملايين مش لاقيين ياكلوا، ولا هنتكلم حتى بالمعايير الإسلامية البحتة إن مسجد رسول الله كان مبني بالطوب اللبن وسقفه الجريد وفرشه الرمل، وبعد سنوات فرشه عمر بن الخطاب بالحصى.. في النهاية كل واحد حر في فلوسه الخاصة يعمل بيها اللي عايزه».

وأضافوا: «لكن احنا بنتكلم عن اللي يخص كل مواطن، عن المال العام»، متسائلين: «ليه الدولة تنفق 15 مليون جنيه على مسجد؟، طيب بلاش نقول الـ15 مليون جنيه الحكومي دول كانوا يبنوا كام مدرسة أو مستشفى أو فرص عمل؟، خلينا نقول دول كانوا يبنوا كام مسجد بالمستوى المعتاد يخدموا عدد أكبر من المواطنين بتوزيع جغرافي أوسع؟».

وتابع نشطاء الصفحة: «محدش ضد إن المواطنين في منطقة السوق القديم في شرم الشيخ يكون متوفر لهم مسجد يصلوا فيه، لكن مين قال إنه لازم يكون بكل هذه الكلفة المبالغ فيها جدا جدا؟».

وأشاروا إلى أن «الحكومة اللي تمويلها من الضرائب اللي بيدفعها كل مصري، أو من الموارد اللي ملك كل مصري زي قناة السويس، مفروض دايما تسعى في الإنفاق العام لتحقيق عناصر: أقل تكلفة، وأكبر كفاءة، وأهم أولوية، وأوسع نطاق استفادة للمواطنين».

وتابعوا: «الحقيقة إنه لو طبقنا المعايير دي علمياً هيظهر إن الصور الجميلة اللي قدامنا هي صور إهدار مال عام بامتياز.

ونصخح النشطاء، الحكومة والمواطنين بإعادة التفكير في عناصر كفاءة إدارة الإنفاق العام، وتحكيم المعايير العلمية على أي قرار، مشيري إلى أن «عصر مغازلة المشاعر الدينية من الجهات الحكومية بأمور زي مسجد الصحابة، أو زي إعلان السيسي سابقاً عن أكبر كنيسة ومسجد في مصر في العاصمة الإدارية الجديدة، مفروض ينتهي تماماً».

وتابعوا: «بناء المساجد والكنائس الفخمة مش هيقلل نسب البطالة والفقر والمرض، ولا حتى هيقرب حد من ربنا أكتر من اللي بيبني على أده».

وردا على بعض التعليقات التي تحدثت أن هذا الانفاق يهدف إلى جذب السياحة إلى شرم الشيخ، تساءل نشطاء الصفحة: «هل اتعملت دراسة جدوى قالت ان السياح ممكن عددهم يزيد بنسبة كذا بسبب المسجد ده؟، ايه التصميم المعماري الأفضل لجذب السياح؟، احنا عندنا سياحة الآثار والشواطيء هل فيه خطة جديدة لجذب السياحة للمباني الحديثة؟، وهل المكان الأمثل ليها هو شرم الشيخ الشهيرة بالشواطيء؟ إيه جدولها وتكاليفها وأرباحها؟».

يشار إلى أن تقرير رسمي في مصر، قال إن نسبة الفقراء في البلاد صعدت من 25.2% في العام 2011، إلى 26.3% في 2013، وواصل الارتفاع إلى 27.8% في 2015.

ويعرف البنك الدولي الفقر حول العالم، بأنه الوضعية التي يقل فيها دخل الفرد الواحد عن 600 دولار أميركي سنوياً.

وأوضح الجهاز أن متوسط قيمة خط الفقر المدقع للفرد شهرياً، يبلغ 322 جنيهاً (36.2 دولاراً) في 2015.

وبدأت مصر تطبيق سياسات تقشفية، عبر تخفيض دعم المواد البترولية في يوليو/تموز 2014، ورفع أسعار الكهرباء والمياه، وقانون الضريبة على القيمة المضافة، وقانون الخدمة المدنية.

وتزامنت الإجراءات التقشفية، مع تراجع متواصل في سعر الجنيه مقابل الدولار، وزيادة عجز الميزان التجاري المصري بعشرات المليارات من الدولارات.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قررت مصر تحرير سعر صرف عملتها المحلية، لتصعد قيمة الدولار من 8.88 جنيهات إلى 19 جنيها الشهر الجاري.

وتعتزم الحكومة المصرية، زيادة نسبة ضريبة القيمة المضافة أيضا إلى 14% خلال العام المالي المقبل، كما قررت رفع أسعار الوقود 40% في يوليو/ تموز المقبل.

وتعاني مصر تردياً اقتصادياً، بينما لم تنجح المساعدات السخية، التي حصلت عليها من الدول الخليجية والقروض غير المسبوقة من الداخل والخارج في تحسين معيشة المصريين، الذين تشير بيانات رسمية إلى مداهمة الفقر نحو ثلثهم، في حين تؤكد جهات غير حكومية أن الفقر بات يلاحق نحو نصف سكان البلاد.

  كلمات مفتاحية

مصر بذخ شرم الشيخ طراز عثماني فقر

دخل الفرد بالدوحة يعادل 37 مرة نظيره بالقاهرة.. وخبير مصري مهاجما قطر: لا يجدون ما يأكلونه

بين دعوات التقشف وممارسات البذخ.. الشعب يعاني و«السيسي» يتمتع

خبير اقتصادي: فقراء مصر سيدفعون فاتورة سياسة الحكومة للاقتراض