الحرب العالمية الأولى في عيون العرب

الأربعاء 3 ديسمبر 2014 09:12 ص

بثت قناة «الجزيرة» الإعلامية في النصف الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني سلسلة وثائقية تاريخية من إنتاجها تقع في ثلاث حلقات تحت عنوان«الحرب العالمية الأولى في عيون العرب»، بمناسبة الذكرى المئوية للحرب التي تورط فيها العرب مع العثمانيين بعد نداء مفتي السلطنة العثمانية بالجهاد ضد قوات الحلفاء في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1914.

وقدم «مالك التريكي» في هذه السلسلة التي تعتمد على أرشيف مرئي ومرويات تاريخية غربية وتركية وعربية قراءة سياسية واجتماعية وثقافية للحرب العالمية الأولى من منظور عربي وإسلامي رغم أن الحرب كانت بالأساس حرباً أهلية أوروبية خالصة على أثر التمدد والتنافس الاستعماري لكن دخول العثمانيين فيها غير خارطة المنطقة لقرابة المائة عام بعدها.

الحلقة الأولى:

تشرح الحلقة كيف أدّت الحرب العالمية الأولى إلى تصفية 4 قرون من الوجود العثماني وإلى ولادة عالمٍ جديد في المشرق العربي فرغم أن العرب لم يكونوا طرفاً أساسياً فاعلاً في الحرب ولم يخرجوا منتصرين ولا منهزمين فقد دفعوا ثمناً غالياً من الأرواح بعد أن جند مئات الآلاف منهم قسراً مع كلا الجانبين المتصارعين على السواء ، ورغم ذلك لم تحظى مشاركتهم بالتقدير والتكريم ولا حتى التأريخ الجاد؛ وبينما جندت فرنسا أبناء المغرب العربي في الجبهة الغربية ،اعتمدت بريطانيا على مستعمراتها الهندية والمصرية.

جندت فرنسا -في المغرب العربي لوحده- أكثر من 170 ألفا من الجزائريين وأكثر من 80 ألفا من التونسيين، إضافة إلى عشرات الآلاف من المغاربة الذين عرفوا بالشجاعة مما دفع بالقادة الفرنسيين إلى دفعهم للجبهة الأمامية فتضاعفت خسائرهم بشدة ،إضافة لإعدام الضباط الفرنسيين عشرات الجنود الجزائريين والتونسيين بطريقة مهينة وبربرية ليكونوا عبرة لمن يفكر في الفرار من القتال.

وذكرت الحلقة أن التجنيد الإجباري بدأ في تونس قبل الحرب بثلاث سنوات ولم يعرف المجندون من سيحاربون حتى إن بعضهم أصيب بالصدمة حينما وجدوا أنفسهم يقاتلون مع الجزائريين في الحملة الفرنسية لاحتلال المغرب، وهو ما تكرر حين تم دقعهم ليقاتلوا الأتراك والشوام والعراقيين المسلمين.

وهكذا قُدّر على العرب أن يقاتلوا على الجانبين، المغاربة في صفوف الجيش الفرنسي، والمشارقة في صفوف الجيش العثماني، وأبلى المجندون من المشرق العربي في الجيش العثماني بلاءً حسناً وبسالة نادرة مع مصطفى كمال عام 1915 في معركة «غاليبولي» على مضيق الدردنيل ضد الحلفاء المهاجمين.

الحلقة الثانية :

بدخول الدولة العثمانية الحرب إلى جانب ألمانيا بعد تردد وحياد وجد الحلفاء فرصة لفرض الحل النهائي لتركة «رجل أوروبا المريض» ليتحقق عكس مراد السلطنة العثمانية بمنع أوروبا من استعمار أراضي السلطنة.

ضم الجيش العثماني قرابة الـ300 ألف جندي عربي أغلبهم من الشام والعراق عانوا أشد المعاناة سواءً على جبهات القتال أو من أثر المجاعة والأمراض وأسراب الجراد التي اجتاحت الشام وغيرها.

ومنعت دول الحلفاء منع الحجاج المسلمين من الوصول لمكة وحاصرت البلاد العربية اقتصادياً ومنعت الاستيراد والتصدير؛ وبينما عولت ألمانيا على اندلاع انتفاضة إسلامية ضد عدوها الروسي في آسيا الوسطى وضد بريطانيا في مصر والهند وفرنسا في المغرب العربي، شجعت إسطنبول على إعلان الجهاد الذي لم يخل من أخطاء شنيعة للقيادة العسكرية العثمانية ممثلة في وزير الحربية أنور باشا الذي أرسل آلاف الجنود شرق الأناضول لقتال الروس بلا أسلحة فقتل منهم الثلثين.

وفرت هذه الأحداث الظروف لنشوء ثلاث حركات قومية في الشرق، هي الحركات العربية والتركية والصهيونية.

فبعد أربعة قرون كاملة من التاريخ العثماني في بلاد الشام لم يبق سوى ذكرى أربعة أعوام رهيبة، فكأن أربع سنين عجاف أكلت أربعة قرون سمان ، وكذلك الأمر بالنسبة للأتراك الذين نظروا إلى ثورات العرب كخيانة.

الحلقة الثالثة:

مع بداية الغزو الإيطالي لليبيا العثمانية عام 1911 اشتعل التنافس بين الدول الاستعمارية الأوروبية واندعلت الحرب الكبرى ولم تكد تمضي بضعة أعوام حتى تغير وجه الشرف الأدنى وظهر ما يسمى حالياً بالشرق الأوسط بعد ضم المشرق العربي للمجال الاستعماري المغربي وصعود ثلاث حركات قومية تنشد تقرير المصير (العربية والتركية والصهيونية).

كانت الحرب في الأساس صراعاً على الهيمنة على العالم بين بريطانيا العظمى وألمانيا الصاعدة وكان مشروع سكة حديد برلين-بغداد تعبيراً عن مساعي قيصر ألمانيا لضم المشرق العربي للنفوذ الألماني غير أن انتصار الحلفاء جعل مصير المشرق العربي بيد بريطانيا وفرنسا اللتان ربما لم تكونا قد خططتا سلفاً لتقاسم أراضي السلطنة العثمانية .

وقعت كامل المنطقة من العقبة لجبال طوروس تحت الاحتلال وبعد أن سيطرت بريطانيا على العراق وحقوق النفط في إيران صار الطريق مؤمناً لمستعمراتها في الهند عبر قناة السويس ومصر وإمارات ساحل الخليج العربي.

ورغم رفض العرب تقسيمات بريطانيا وفرنسا السرية التي اكتشفت بعد الثورة البلشفية، أصدرت الخارجية البريطانية وعد بلفور لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين الذي اعتبر وعداً من أمة لأمة ثانية بأراضي أمة ثالثة أي أن من لا يملك أعطى من لا يستحق، وبهذا يكون القرن العشرين العربي بدأ بالغزو الإيطالي لليبيا وانتهى بجدار الفصل العنصري الصهيوني.

لمشاهدة الحرب العالمية الأولى في عيون العرب (الحلقة الأولى) اضغط هنا

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحرب العاليمة الأولى قناة الجزيرة الجزائر تركيا العراق فرنسا ألمانيا إيطاليا ليبيا وعد بلفور فلسطين بريطانيا

بشير نافع: في مصير نظام ما بعد الحرب العالمية الأولى المشرقي

حركة صادقة من أجل تغيير اجتماعي

أساطير الحرب العالمية الأولى في المشرق وأهميتها