إنصاف حيدر، أمنيستي إنترناشيونال، 17 يونيو/حزيران 2014

تمهيد: كتبت هذه الكلمة «إنصاف حيدر»، زوجة الناشط السعودي «رائف بدوي»، الذي لا زال حبيس السجن منذ عامين. ويقضي «رائف» حاليا حكما بالسجن عشر سنوات، وحُكم عليه أيضا بألف جلدة، ودفع غرامة باهظة على خلفية إنشائه منتدى فكريا إلكترونيا عبر الإنترنت للنقاش العام واتهامه بالإساءة إلى الإسلام.

لا زلت أمضي خلف ذلك السراب.. مرت سنتان وأنا أواجه الفراغ الحارق وسلسلة من الأسئلة المؤرقة.

متى سيعود وكيف وبأي حالٍ سيعود. ماذا سألبس كيف ستكون ردة فعلي؟ هل أضمه؟ هل أقبله؟ هل سأبكي …؟

أفيق على عذابات تلك الأسئلة. ماما .. هل سنغادر غداً بيروت أيضاً إلى كندا كيبك دون أبي. هل سأضطرُ للقلق من الطائرة؟ لقد كان أبي يخفف عني كل الخوف بل كان يبدده.

مع تزايد إلحاح أطفالي الثلاثة عن سر غياب والدهم الطويل والغريب، خضعت لهم ودون أن أدري قلت أنه ممنوع من السفر لوجود مشكلة بينه وبين النظام السعودي. زادت أسئلتهم وتمنيت أني لم أجبهم من الأساس.

كنت أستعد لبدء يومي، عندما تلقيت اتصالا هاتفيا من أحد اصدقاء رائف الذي حضر محاكمته يوم 7 مايو/أيار الماضي. بدون مقدمات قال بصوت حزين خشن تم زيادة الحكم على رائف! أقفلت السماعة دون أن أشعر ودخلت في حالة من التوتر انتهت بالبكاء! تمالكت نفسي وتذكرت أن رائف وعدني بأنه سيعود، متى؟ لا أعرف، لكنه وعدني.

دائماً أردد رسائلي للحكومة السعودية في كل محفل ولقاء. إنهم يعرفون جيدا أن رائف بدوي ليس مجرما بل معتقل رأي، وعليهم الالتزام بكل المعاهدات الدولية الخاصة بحرية التعبير؛ ولا أدريإن كانوا سيسمعون كلامي يوما.

وصلت إلى كندا بعد رحلة تنقل أشبه بالهروب من السعودية مرورا بالقاهرة وبيروت حتى استقر بنا المقام هنا لنبدأ ممارسة حياتنا الطبيعية في انتظار عودة غائبنا الغالي.

كل ما أريد قوله إنني عاجزة عن شكر كل إنسان في هذا العالم ساندني وساند رائف وتحديدا "منظمة العفو الدولية" التي لم تدخر جهدا عبر فروعها في مختلف أنحاء العالم، ضاربة بذلك أروع وأكبر ملحمة حقوقية عرفناها. فشكرا لهم وشكرا لرائف الذي علمني كيف أصمد وكيف أكون قوية وكيف أحارب كي أستعيده؛ ربما ليس قريبا لكن سأستعيده يوما ما. 

فلقد وعدني .. نعم وعدني أن يعود من أي باب لا يهم المهم أن يكون هنا بالجوار يملأُ الدنيا فرحا وحبا ونضالا. وحينها فقط يصبح السراب حقيقة.