تهاوي أسعار النفط .. الآمال والمخاطر

الأحد 7 ديسمبر 2014 07:12 ص

إن تراجع أسعار النفط بنسبة 40% مما كانت عليه في يونيو/حزيران الماضي من شأنه أن يعمل على تخفيض ما في خزائن الدول المنتجة للنفط والشركات النفطية من أرصدة، لكنه في الوقت ذاته سيعزز من موازين الربح والخسارة لدى دول وشركات أخرى. يبدو هذا جليًا بشكل عام؛ لكن هذه الدول الشركات ليست هي الوحيدة التي قد تجني أو تخسر شيئًا في سوق النفط.

دعونا نستعرض بإيجاز تأثير التغييرات على ثلاثة أطراف.

نشطاء الطاقة الخضراء .. الرياح في وجوههم

الرغبة في تقليل الاعتماد على النفط الأجنبي – ولا سيما من البلدان التي عجلت بالتدخلات العسكرية المكلفة - كانت نقطة بيع رئيسية لأنصار الطاقة البديلة. وتضع الثورة في تقنيات إنتاج الطاقة في الولايات المتحدة والتي تسير جنبًا إلى جنب مع توسيع مصادر الطاقة في كندا قارة أمريكا الشمالية على طريق الاستقلال في مجال الطاقة، كما تضع حدًا لمسألة بدائل الطاقة.

وتُعدُّ أسعار الطاقة العالية أمرًا مفيدًا بشكل عام نظرًا لما تسببه من تغيير الوجهة نحو مصادر صديقة للبيئة أقل تكلفة. ويعني انخفاض أسعار النفط أن العديد من مصادر الطاقة النظيفة بحاجة إلى مزيد من الدعم لإعطائها قُبلة حياة تجعلها جذابة من الناحية الاقتصادية. ويأتي هذا في الوقت الذي سيصبح فيه الحفاظ على دعم المبادرات الخضراء أكثر صعوبة بشكل متزايد، ليس فقط لأن الحاجة إلى الاستقلال في مجال الطاقة تتضاءل، ولكن بسبب القيود على الميزانية التي تواجهها العديد من الحكومات، والاتجاه المضاد المتنامي من قبل بعض الجمهوريين ضد جهود الرئيس «أوباما» في هذا السياق.

ولا يعني هذا أن نشطاء الطاقة الخضراء لن يجدوا دعمًا، أو أنهم قللوا من مجهوداتهم، أو أن قضيتهم قد تغيّرت، لكنهم فقط يواجهون حاليًا وقتًا صعبًا لتحقيق ما يسعون إليه من نتائج.

وسوف تستمر الشركات الحكيمة التي تتحرك بحذر في البحث عن كل فرصة تضمن لها تحقيق الاستدامة وتوصلها إلى نقطة التمايز. ولكن في خضم القيام بذلك؛ فإن انخفاض أسعار الطاقة قد يتطلب منها إعادة تقييم الجهود الحالية أو ربما مضاعفتها.

نشطاء الديمقراطية .. الرياح في ظهورهم

معظم الدول التي ستواجه النقص في الإيرادات جرّاء هبوط أسعار الطاقة هي الأنظمة الاستبدادية. ولا ترتكز مصداقية هؤلاء القادة مع شعوبهم على أساس متين من رضا العامة، وإنما من خلال مزيج من التقدم الاقتصادي أو الخوف أو المشاعر القومية. وفي الوقت الذي تمتلك فيه بلدان جيوبًا عميقة - مثل المملكة العربية السعودية – تضم موارد تمكنها من الحفاظ على مصالح مواطنيها، إلا إن ذلك لن يجدي نفعًا مع روسيا وإيران اللذين تقيدهما العقوبات، وستعاني قدراتهما تراجعًا.

وقد نرى روسيا تتصرف كالوحش المجروح الذي يهاجم بكل ضراوة لينقذ نفسه قبل فوات الأوان. وربما يأمل المتفائلون خروج لهجة أكثر رغبة في التصالح من طهران بشأن المفاوضات النووية يكون دافعها الضرورة الاقتصادية الملحة. ومع ذلك لا يوجد أدنى شك في أن أسعار الطاقة المتهاوية تسلب أوراق اللعبة من أيدي الطغاة وتجبرهم على اللعب بما تبقى أمامهم على الطاولة من خيارات. وتجعل هذه التحركات المواطنين العاديين أكثر انفتاحًا على التغيير السياسي، وسوف يسعى نشطاء الديمقراطية لتسريع وتيرة هذا الاحتمال.

وتحتاج المنظمات التي وضعت الجزء الأكبر من رهانها على تلك الدول المعتمدة غالبًا على الدعم المستمر من الحكومة إلى تحديث تحليل المخاطر لديها، وتلميع خططها للعمل في حالة تغيير النظام أو أن القوى الحالية باتت منبوذة على نحو متزايد بسبب تحركات السياسة الخارجية العدائية.

صقور الدفاع .. السعي وراء أكبر قطعة من الكعكة

تم خفض الإنفاق الدفاعي في الولايات المتحدة مع تخفيف الرئيس «أوباما» الحروب الأمريكية في العراق وأفغانستان. ومع عودة الولايات المتحدة إلى العراق، والدخول بحذر في الصراع السوري لمواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية»، والاعتراف بالحاجة إلى توسيع المشاركة في أفغانستان، فإن الحاجة إلى مواجهة هذا الخفض قد بدأت عملية البناء بالفعل. ويُتوقع مع سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ الأمريكي أن تكون هناك دفعة جديدة لمزيد من الإنفاق على الدفاع.

ومع ذلك؛ فإن الانخفاض في أسعار الطاقة من شأنه أن يوسّع دائرة الكعكة المتاحة للإنفاق، ويعطي للدفاع مبررات الحصول على أكبر شريحة من تلك الكعكة. وسيكون انخفاض أسعار الطاقة بمثابة دفعة اقتصادية لتلك البلدان التي تحتاج إلى مواجهة الأعمال العدائية الروسية، بينما في نفس الوقت سيجعل المبررات لوجود دفاع قوي أكثر إلحاحًا.

وفي مؤتمر عُقد بـ«نادي واشنطن الاقتصادي» قالت «جيني روميتي» - رئيسة مجلس إدارة شركة «آي بي إم» ورئيستها التنفيذية - إن النجاح في بيئة عالم اليوم - والتي تتغير بوتيرة أسرع من أي وقت - يتطلب خفة في الحركة والسرعة. فالبيئة التشغيلية للمنظمات تتغير باستمرار، ولن ينجح إلا من يدرك هذه التغيرات، ويتكيف معها بسرعة، ولا ينتظر أن تصبح أخبار الأمس.

ويُنظر إلى التغير في أسعار الطاقة على أنه مجرد تغيير وحيد، لكنه في الوقت ذاته كبير بالنظر إلى ما يترتب عليه من نتائج. وينبغي على الشركات الحكيمة التي لا تٌقدم على خطوة إلا بعد دراستها أن تُقيّم مدى التأثير الواقع عليها جرّاء هذا الانخفاض المستمر، ومن ثمّ تتعامل فورًا بما يتناسب مع المرحلة.

المصدر | مارك كيندي ، فورين بوليسي

  كلمات مفتاحية

انخفاض أسعار النفط مكافحة التغير المناخي النفط

توقعات بتأثر النواتج المحلية لدول مجلس التعاون بعد انخفاض أسعار النفط

انخفاض أسعار النفط قد يعرقل خطط الإنفاق الخليجية

«وول ستريت جورنال»: مسؤولو السعودية منقسمون بشدة حول انخفاض أسعار النفط

الفايننشال تايمز: السعودية تستفيد من انخفاض أسعار النفط

«أوبك» تتوقع انخفاض إنتاجها في 2015 ليصل إلى 29.5 مليون برميل يوميا

سوق النفط «يفقد إيمانه» بالاستراتيجية السعودية