القضاء بعد الإعلام.. «السيسي» يحكم السيطرة قبل انتخابات الرئاسة

الثلاثاء 2 مايو 2017 09:05 ص

«السيطرة على القضاء والإعلام في عام من المفترض أنه يشهد الاستعداد لانتخابات رئاسية يؤشر لمستقبل ما سنذهب له».. هكذا يرى «خالد البلشي» عضو مجلس نقابة الصحفيين السابق، عن عصف النظام المصري بـ«استقلال القضاء» بعد «كرامة الصحفيين».

«البلشي» يرى، أن أزمتي القضاة والصحفيين، امتداد لأزمات متوالية سابقة مع رأس البلاد طالت الأطباء ورؤساء الجامعات والهيئات الرقابية، في إطار ما يعتبره «خطة سيطرة متوالية وشاملة ينفذها النظام»، معربا عن قلقه أن يستمر ذلك في عام الاستعدادات للانتخابات الرئاسية التي تجرى في 2018.

وهي تحركات يراها «سعد الدين إبراهيم» الأكاديمي والحقوقي المصري، «إنذارا لمن سيخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة»، بعد أن أعلن الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» اعتزامه خوضها واستعداده للقبول بالهزيمة فيها، إذا رفض المصريون استمراره.

معركة القضاء

ويوم الجمعة المقبل، كان من المفترض أن يناقش نادي قضاة مصر (رابطة غير حكومية تهتم بشؤون القضاة) في جمعية عمومية غير عادية قضية استقلال القضاء، وهو ما يتزامن مع مرور عام على يوم «كرامة الصحفيين» للدفاع عن مطالب صحفية رفعت وقتها في هذا الإطار.

غير أن أعلي هيئة تنفيذية بنادي قضاة مصر، قررت مساء الاثنين اتخاذ إجراءات الطعن بعدم دستورية القانون أمام المحكمة الدستورية العليا (أعلى محكمة بالبلاد)، وتأجيل الجمعية العمومية التي كان عنوانها الأبرز «استقلال القضاء»، حتى إشعار آخر لعرض نسخة معدلة من قانون السلطة القضائية مثار الجدل تنال ثقة الجمعية.

ويحق للجمعية العمومية التقدم بهذه النسخة المعدلة إلي البرلمان للنظر فيها تمهيدا لاحتمال التصويت عليها بالقبول أو الرفض.

التعديلات، التي اعتبرها نادي قضاة مصر في بيان سابق «تهدد استقلال القضاة»، صادق عليها «السيسي»، الخميس الماضي، بما يتضمن منحه حق تعيين رؤساء الهيئات القضائية من بين 3 نواب ترشحهم الأخيرة خلال 60 يوماً على الأقل، تسبق خلو المنصب.

ويأتي ذلك على خلاف ما كان معمولاً به من اختيار أقدم نواب الهيئة، رئيساً لها، وحصر دور رئيس البلاد في التصديق على الاسم.

ويمتد شغل القاضي للمنصب لمدة 4 سنوات أو المدة الباقية له حتى بلوغه سن التقاعد (70 عاما) أيهما أقرب، ولمرة واحدة طوال مدة عمله.

والهيئات هي: النيابة الإدارية (تختص في التحقيق في المخالفات الإدارية)، وهيئة قضايا الدولة (هيئة قضائية تنوب قانونياً عن الدولة في الداخل والخارج)، ومجلس الدولة (يفصل في المنازعات والمخالفات الإدارية)، ومجلس القضاء الأعلى (أعلى سلطة معبرة عن القضاة).

سيطرة إعلامية

وفي صمت سبق هذا التشريع بنحو أسبوعين، شكل «السيسي» 3 هيئات بالبلاد معنية بالصحافة والإعلام، بشخصيات أغلبها مؤيدون بارزون لنظامه، تطبيقا لتشريع برلماني صادق عليه في ديسمبر/ كانون أول الماضي، يعيد تنظيم عمل تلك المهنتين البارزتين بمصر، وسط رفض نقابي وقتها لصدور تشريع إنشاء الهيئات منفردا، دون آخر مختص بالقوانين المنظمة لعمل الصحافة والإعلام.

وجاء التشريع الأخير وسط عام مليء بالتجاذبات بين السلطة التنفيذية والصحفيين وقرارات قضائية سمحت في مطلع مايو/آيار 2016 بدخول الشرطة في سابقة تاريخية، لمقر نقابة الصحفيين وسط القاهرة للقبض على صحفيين اثنين كانا يواجهان تهما متعلقة بالتحريض على التظاهر دون ترخيص، وصعدت النقابة مواقفها في يوم أطلق عليه «يوم الكرامة»،

مطالبة باعتذار الرئاسة وإقالة وزير الداخلية مجدي عبد الغفار، وهو مالم يحدث حتى الآن.

فيما خضع نقيب الصحفيين وقتها «يحيي قلاش»، ورئيس لجنة حريات النقابة «خالد البلشي» (اللذان خسرا منصبيهما النقابي في انتخابات مارس/آذار الماضي)، وعضوها مجلسها الحالي «جمال عبد الرحيم»، لمحاكمة بتهمة إيواء المتهمين الاثنين، وصدر بحقهم حكم غير نهائي بالحبس مع وقف التنفيذ، وأثناء ذلك تم اختيار مجلس جديد للصحفيين أغلبه غير مناوئ للنظام.

خطوات متشابهة

وعلى نحو ما كان الصحفيون منقسمين في أزمتهم قبل عام بين من مؤيد للتصعيد ضد النظام أم لا، حيث تصدر الصحفي المصري المخضرم، «مكرم محمد أحمد» الرافضين (صار فيما بعد مسؤولا عن إحدى الهيئات المنظمة لعمل الصحافة)، فالموقف الآن يتكرر مع القضاة فهناك تيار مع القبول بالتشريع وآخر يرفضه من حيث المبدأ.

فبعد مجلس لنقابة الصحفيين يميل معظمه إلى "التمرد"، جاء آخر مؤخرا أغلبه "غير مناوئ" للسلطات. ومرر البرلمان تشريعا لتشكيل الهيئات المنظمة للصحافة رغم اعتراض عليه من حملة الأقلام. وأفرز التشريع هيئات صحفية وإعلامية مستحدثة يغلب عليها المؤيدون للسلطات.

وزير العدل الأسبق بمصر «أحمد سليمان»، يرى أن «التصديق الرئاسي وتمرير تشريع رؤساء الهيئات القضائية هو نيل من استقلال القضاء بتدخل سلطة تنفيذية في تعيين سلطة أخرى».

ويضيف «سليمان»، وهو قاض أيضا أحيل للتقاعد لموقفه من النظام الحالي: «القضاة أكلوا يوم أكل كثيرون، منهم الصحفيون وغيرهم».

ويؤكد أن «القانون جاء ليطيح بصاحب الأقدمية في التعيين في رئاسة مجلس الدولة ومحكمة النقض وهما على الترتيب القاضي يحيي الدكروري، صاحب حكم بطلان اتفاقية تيران وصنافير(الموقعتين بين مصر والسعودية)، وبعده القاضي أنس عمارة الذي أشيع أنه مع قضاة الاستقلال».

كما يرى النقابي المصري البارز الصحفي «خالد البلشي»، أن «القضية ليست في أن أكل القضاة أو غيرهم، الحقيقة نحن جميعا نؤكل (..)، وبالطبع لو كان هناك رد فعل حقيقي وقوي مع الصحفيين، لكان قد صعب المهمة في القادم».

ويؤكد «البلشي» وهو رئيس سابق للجنة الحريات بنقابة الصحفيين أن «ما حدث للقضاة حدث في مشروع الهيئات الإعلامية والصحفية ومن قبلهم طال المجتمع المدني والنقابات المهنية لاسيما الأطباء (بعد أن قاموا بتظاهرات غاضبة ضد اعتداء أمني في فبراير/ شباط 2015)، وقانون عزل الهيئات الرقابية (صدر في يوليو/ تموز 2015 بقرار رئاسي مهد للإطاحة بمسؤول رقابي بارز هو هشام جنينه)، وتعيين رؤساء الجامعات (قرار رئاسي في 2014 ألغى انتخاب قادة الجامعات)».

ويعتبر «البلشي» أن «الاستقلال فقد في أكثر من مكان في مقابل مزيد من السيطرة المتوالية والشاملة من رئيس السلطة التنفيذية».

تجميع سلطات

وهو ما يتفق معه «سعد الدين إبراهيم»، أستاذ علم الاجتماع السياسي، معتبرا ما يحدث «إجراءات لتجميع كل السلطة في يد الرئيس السيسي ومن يؤيده».

عن التطورات المنتظرة، يوضح وزير العدل الأسبق «أحمد سليمان» أنه «في كل الأحوال ليس أمام القضاة إلا القبول بالقانون ثم التعامل معه».

وكان المجلس الأعلى للقضاء أعلن الأحد، موافقته على القانون المثار بعد يوم من موافقة هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة ومن ثم محكمة النقض.

وبعد إعلان نادي قضاة مصر الطعن أمام المحكمة الدستورية، توقع «سليمان» أن تقضي المحكمة بعدم دستورية التعديل.

أما النظام، فيتوقع «البلشي»، أن يتلزم بسينارو واحد وهو «استكمال نفس الخطوات سعيا لاستمرار السيطرة على كل شيء».

وأوضح أن «السيطرة على القضاء والإعلام في عام من المفترض أنه يشهد الاستعداد لانتخابات رئاسية يؤشر لمستقبل ما سنذهب له وهو ما يحتاج لتحرك الآن».

وتلك السيطرة خطوة يراها «إبراهيم» بمثابة «إنذارا لمن سيخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة».

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي سيطرة انتخابات رئاسية القضاة الصحفيين

الصحفي المصري «خالد البلشي» يفوز بجائزة «مانديلا» لحقوق الإنسان

رغم إشادات إنصاف المرأة.. كيف أحكم السيسي قبضته على القضاء؟