«الغارديان»: آن الأوان أن يفتح المجتمع الدولي حوارا مع حركة حماس

الجمعة 5 مايو 2017 01:05 ص

كشف رئيس المكتب السياسي لحماس «خالد مشعل»، مساء الاثنين، عن «وثيقة المبادئ والسياسات العامة» التي طال انتظارها خلال مؤتمر صحفي في الدوحة. ونفى قادة حماس أن تكون هذه الوثيقة بديلًا عن الميثاق المؤسس للحركة. ومع ذلك، كان نشر الوثيقة تحركًا طال انتظاره ولا يمكن تجاهله.

ويعد ميثاق حماس وثيقةً جدلية «معادية للسامية» تدعو إلى إنشاء دولة إسلامية على كامل أرض فلسطين التاريخية. ومنذ بزوغ فجرها عام 1988، نأى العديد من قادة حماس بأنفسهم عنها. ومع ذلك، من أجل الحفاظ على صورة النقاء الأيديولوجي لصالح الدائرة الأوسع نطاقًا، ولتجنب الانقسامات داخل الحركة، فشلت الدعوات السابقة لمراجعة الميثاق.

ومقارنةً بالميثاق التأسيسي للحركة، تعد هذه الوثيقة الجديدة دقيقة نسبيًا وذات طابعٍ سياسي. وعلى الرغم من أنّه لا يرقى إلى كثيرٍ من الآمال التي أُعرب عنها بشكلٍ خاص فيما يتعلق بالإصلاحات المتوقعة داخل حماس، إلا أنّه يقدم تمثيلًا أنسب لتطور حماس كحركة وكيان حاكم في غزة بعد قرابة 30 عامًا من تأسيسها.

وعلى الجانب السياسي، تقدم الوثيقة القليل من المفاجآت. حيث تؤيد حماس بشكلٍ قاطع إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة على أساس حدود عام 1967، وعاصمتها القدس. وهي لا تعترف بدولة (إسرائيل) ولا تتخلى عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين. ويتم تقديم التمسك بدولة حدود 67، مع الحفاظ على الالتزام بتحرير فلسطين في نهاية المطاف، كـ «صيغة توافق وطني». وتؤكد هذه العبارة طبيعة هذه الوثيقة كحل توافقي بين مختلف دوائر الرأي داخل حماس، فضلًا عن إمكانية توفيرها نافذةً تؤدي إلى المصالحة مع فتح.

وخلافًا للميثاق الأساسي لحماس، لا تبرر هذه الوثيقة السعي إلى تحرير الأرض باستخدام لغة معادية للسامية. وبدلًا من ذلك، فإنّها تعبر عن أيديولوجية معادية للصهيونية، حيث يُنظر إلى الصهيونية باعتبارها مشروعًا «عنصريًا وعدوانيًا واستعماريًا» يجب التراجع عنه في عالم ما بعد الاستعمار. وتفرق الوثيقة صراحةً بين اليهود واليهودية من جهة، والصهيونية السياسية من جهةٍ أخرى، وتشير إلى أنّ جهاد حركة حماس يقتصر على الصهيونية. وتؤكد أنّ معاناة الشعب اليهودي مع معاداة السامية لم يكن مرتبطًا بالعرب أو المسلمين، بل يرجع إلى تاريخ وأحداث الماضي في أوروبا. ولمواجهة «المشروع الصهيوني»، تعتبر حماس المقاومة المسلحة ضد الاحتلال حقا دينيا وشرعيًا في إطار القانون الدولي أيضًا.

وتناقض هذه الوثيقة الادعاءات بأنّ حماس هي جماعة غير عقلانية، متعصبة ومتعطشة للدماء، تهدف إلى قتل جميع اليهود. ومع ذلك، فإنّ الفكرة القائلة بأنّها علامة على الاعتدال المطلق لحماس غير صحيحة كذلك. وينبغي أن يُفهم إطلاق الوثيقة على أنّه عملٌ للموازنة، وهو جهدٌ يسمح بمراعاة الواقع داخل حماس علنًا، ​​دون تقويض القاعدة الأيديولوجية للحركة. وهي أداة دبلوماسية تفتح المجال أمام القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية والمجتمع الدولي، على السواء، للتواصل مع حماس.

وبالنظر إلى المأزق السياسي الحالي، لا ينبغي رفض هذا الجهد، حتى إذا استمرت المخاوف. وتستند حماس إلى القانون الدولي للتأكيد على شرعية كفاحها المسلح، وهي وإن كانت تنتهك هذا القانون باستهداف «المدنيين»، فقد انتهكت (إسرائيل) القانون الدولي بشكلٍ ممنهج على مدى عقود، الأمر الذي أدى إلى مقتل آلاف المدنيين الفلسطينيين عبر سنوات الاحتلال وفي الحروب التي جرت في مناطق مكتظة بالسكان.

وقد يقال الشيء نفسه عن رفض حماس الاعتراف بـ (إسرائيل). فالوثيقة السياسية لحماس تعد أقرب إلى إطار حل الدولتين من بيان حزب الليكود، الحزب السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو». ولا يشير برنامج الليكود إلى حدود عام 1967، وكما رفضت حماس الاعتراف بشرعية الصهيونية، فإنّ الليكود يرفض الاعتراف بحق الفلسطينيين في تقرير المصير. وقد حظيت الآراء العنصرية للمؤسسة السياسية الإسرائيلية بالدعم من خلال العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، في حين لا تزال حماس تواجه التهميش.

وعلى الرغم من أوجه القصور، توضح وثيقة حماس الجديدة المطالب السياسية التي كانت منذ زمنٍ بعيد محور النضال الفلسطيني، وهي ثابتة في العديد من قرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك حق العودة. ولا يعد انتقاد الصهيونية ومظاهرها السياسية في (إسرائيل) اليوم مقتصرًا على حماس أو حتى على الفلسطينيين. وقد اختارت (إسرائيل)، تاريخيًا، التهرب من هذه المطالب السياسية، وفضلت بدلًا من ذلك إدارة الصراع. وقد أدى ذلك إلى العديد من التوترات في غزة، وقد نكون في الطريق إلى حربٍ جديدة هناك. في النهاية، ينبغي الاعتراف بوثيقة حماس الجديدة كفرصة للتعامل مع محاورٍ حاسمٍ لا يزال يتمتع ببعض الشرعية بين قواعده.

  كلمات مفتاحية

«الجهاد» رافضة وثيقة «حماس»: القبول بدولة على حدود 67 يمس الثوابت