«التقاعد» السعودية تخسر احتياطاتها وتؤكد: ارتفاع رواتب الموظفين السبب

الثلاثاء 9 مايو 2017 05:05 ص

فوجئ أعضاء مجلس الشورى السعودي من تبريرات المؤسسة العامة للتقاعد التي أشارت في تقريرها إلى نفاذ الاحتياطات التقاعدية للنظامين المدني والعسكري، إذ عزت المؤسسة أسباب عجزها والبدء في تسييل أصولها إلى رفع الحكومة رواتب الموظفين، التي حدثت مرة واحدة خلال فترة الـ30 سنة الماضية.

وكانت مطالبة المؤسسة باستقطاعات جديدة من رواتب الموظفين بنسبة خمسة في المئة لمعالجة عجزها سبباً في توجيه انتقادات شديدة إليها لفشلها في الاستثمارات، وخصوصاً في تعثر مدينة الملك عبدالله المالية، التي استثمرت فيها بـ30 مليارا وكذلك في الأسهم، مشيدين بموقف لجنة الموارد البشرية بالمجلس بعدم التوصية باستقطاعات جديدة قد تخسرها المؤسسة مرة أخرى في استثمارات ضعيفة وفاشلة.

زيادة رواتب التقاعد ليست السبب

وفي الانتقادات قال عضو المجلس الدكتور «أحمد الغامدي»: «إن المؤسسة العامة للتقاعد أشارت إلى أن أحد أهم الأسباب في زيادة متوسط المعاش التقاعدي يعود إلى الزيادة التي تمت على رواتب موظفي الدولة منذ سنوات عدة، ما انعكس إيجاباً على حقوقهم التقاعدية، وسلبياً على موارد المؤسسة والتزاماتها، فالزيادة في رواتب موظفي الدولة حدثت منذ سنوات ولمرة واحدة علماً بأنها كانت الزيادة الوحيدة خلال فترة الـ30 عاماً الماضية، وفي المقابل هذه الزيادة في الرواتب يقابلها زيادة في المبالغ المقتطعة من الموظف لاشتراكات التقاعد، إذ كلما ارتفع الراتب ارتفع مبلغ النسبة المقتطعة منه لذا فإن هذه الزيادة في الرواتب لم تكن السبب الأهم في ارتفاع التزامات المؤسسة تجاه المتقاعدين».

وأضاف: «في ما يتعلق باحتمال تضاعف أعداد المتقاعدين والمستفيدين خلال فترة السنوات الـ10 المقبلة، وعدم قدرة المؤسسة على الالتزام بالأعباء المستقبلية، فإنه من المهم أن تقوم المؤسسة بمراجعة استراتيجيات الاستثمار المعمول بها حالياً لمعرفة مدى إمكان تحويلها إلى مشاريع جديدة واستثمارات ذات عائد استثماري أعلى، فإذا نظرنا إلى حجم استثمارات المؤسسة المقدرة بحوالى 742.3 مليار ريال في نهاية عام 2015، فإنه على رغم توزيع هذا المبلغ الكبير في استثمارات محلية وخارجية، فإن عائدها الاستثماري يبدو منخفضاً جداً مقارنة باستثمارات الشركات والمؤسسات التقاعدية الأخرى المشابهة».

العجز الاكتواري

وفيما يخص العجز الاكتواري لأنظمة التقاعد وعدم القدرة على الاستدامة المالية للحساب على المدى الطويل، وربما استهلاك كامل الأصول الخاصة للحساب العسكري خلال عام 1442هـ فإن الدولة لن تسمح بذلك.

وقال: «نصت المادة الـ30 من نظام التقاعد العسكري على (إذا تبين وجود عجز في صندوق التقاعد فتتم تسويته وفق الطرق التي يحددها مجلس الإدارة ويوافق عليها مجلس الوزراء) وهذا أيضاً ينطبق على صندوق التقاعد المدني بموجب المادة التاسعة في النظام. وأود الإشارة هنا إلى أن ما يقتطع من راتب الموظف كنسبة مشاركة في تقاعده يعادل تقريباً ضعف ما يدفعه موظفو الدولة في بعض الدول المجاورة».

الشروط الميسرة للتقاعد المبكر

وفيما يخص الشروط الميسرة للتقاعد المبكر وارتفاع معدلاته واستنزاف هذا النوع من التقاعد موارد المؤسسة المالية بشكل مضطرد مقارنة بتقاعد السن النظامية، كفل نظام المؤسسة العامة للتقاعد حقها في مراجعة نظامها، واقتراح ما تراه مناسباً للحد من تدهور عوائدها وإيراداتها التقاعدية كالنظر في رفع سن التقاعد المبكر ورفع السن النظامية للتقاعد الإلزامي والرفع بذلك للجهات المعنية في الدولة لإقرار ما تراه في هذه المقترحات.

وأشار «الغامدي» إلى أن الأرقام المشار إليها في تقرير المؤسسة عن نفاذ الاحتياطات التقاعدية للنظامين المدني والعسكري مبنية على افتراض عدم وجود تعديلات في السن النظامية للتقاعد والمعاشات والاشتراكات، إذ إن رفع إحداهما أو جميعهما سيحسن الوقع وفقاً لمقدار الزيادة كما أن تركيبة المجتمع السعودي اليوم تختلف عن الماضي، فهناك توجه لتحديد أعداد أفراد الأسرة واحتمال بلوغهم السن النظامية التي تحرمهم مستحقاتهم التقاعدية بعد وفاة والدهم، وهناك أيضاً المزيد من الأمهات العاملات ما يعني عدم استفادتها من راتب زوجها المتقاعد، وفي الوقت نفسه لا يحق لأبنائها أحياناً الاستفادة من راتبها التقاعدي بعد وفاتها عند وجود والدهم على نظام التقاعد وهذا يكشف عدم دقة حسابات المؤسسة لمستقبلها المالي.

غياب القوائم المالية

فيما أوضح عضو المجلس «عبدالرحمن الراشد» أنه لا يمكن مناقشة تقرير المؤسسة في ظل غياب القوائم المالية، وخصوصاً أنها عنصر أساسي وجزء لا يتجزأ من عمل الصندوق التكافلي الاستثماري، مشيراً إلى أنه يصعب على المجلس ممارسة دوره الرقابي في ظل الأرقام المقتضبة المرسلة للمجلس.

وقال: «من الواضح أن هناك تدنياً في العوائد الاستثمارية مقارنة بالتأمينات الاجتماعية، والتي حققت المؤسسة 1.5 في المئة فقط بينما حصلت التأمينات 3.5 في المئة ولذلك من الواجب مراجعة قراراتها الاستثمارية».

وأشار إلى أن الإيرادات المحصلة عام 2015 بلغت 52 مليارا، والإيرادات الفعلية 28.800 مليار ريال، وفي 2016 كانت إيراداتها 56 مليار ريال والإيراد الفعلي 31، وتساءل الراشد هنا عن الإيرادات الفعلية المتعارف عليها هو الإيراد المتحصل النقدي الذي تم تسلمه، ويضع ذلك الاستفسار عن القوائم المالية من هم الدائنين والخسائر والأرباح، وأن تقدم للشورى.

وأضاف: «إن المصروفات لرواتب المتقاعدين عام 2015 للمؤسسة بلغ 55.230 مليار ريال ما أحدث لديها عجزاً بـ3 مليارات ريال، والمصروفات عام 2016 بلغت 66.200 مليار ريال، والعجز لديها أصبح 10.40 مليار ريال، بينما حجم الاستثمار لديها عام 1015 بلغت 472 مليار ريال، وانخفض عام 2016 إلى 456 مليار ريال».

وذكرت مؤسسة التقاعد في تقريرها أنها لم تتسلم من المالية مبالغ بحجم 25 مليار ريال، ما أدى إلى تسييل أصولها لدفع رواتب المتقاعدين، وهنا يعزز طلب الشورى بالاطلاع على القوائم المالية لكي تدرس تقاريرها بشافية، وألا تكتب كوارث أعمالها بأسلوب إنشائي ضعيف.

تعثر مشروع أبراج الملك «عبدالله»

وانتقد عضو المجلس «خليفة الدوسري» أداء المؤسسة العامة للتقاعد الاستثماري الذي مايزال ضعيفاً، مشيراً إلى عدم تحقيقهم أي أرباح من الأسهم. وقال: «إن مشروع أبراج الملك عبدالله المالية تعثرت، والذي ساهمت فيه المؤسسة بـ30 مليار ريال، ولو ترك المشروع سيكلف عند تشغيله أكثر لأنه ستتأثر الكهرباء والزجاج من جراء الحرارة وتعطيل التشغيل، مطالباً بإدخال شركاء له لتفادي الخسائر وتشغيله بأقرب وقت». لافتاً إلى أن المبالغ المسرفة على المشروع مبالغ فيها بحسب تصريحات الاقتصاديين.

وأيد «الدوسري» اللجنة في عدم وضع توصية جديدة بفرض استقطاعات جديدة بنسبة خمسة في المئة لأن أدائها الاستثماري ضعيف وقد تخسرها مرة أخرى.

ضم مؤسستي التقاعد والتأمينات في هيئة واحدة

في حين اقترح عضو المجلس الدكتور فهد بن جمعة ضم مؤسستي التقاعد والتأمينات في هيئة واحدة، مطالباً باحتساب سن التقاعد بناء على مواعيد صرف الرواتب حالياً.

بدوره، طالب عضو المجلس الدكتور «مساعد الفريان» بتعيين وزير المالية رئيساً لصندوق التقاعد بدلاً من وزير الخدمة المدنية الذي لم يستطع تجاوز العقبات المالية في الصندوق حتى بدأ في استهلاك الأصول والتركيز في استثماراتها على التقاعد من خلال استثمار 44 في المئة في الأسهم و54 في المئة في خارج المملكة ووضعها في استثمار متدهور، لافتاً إلى أهمية زيادة استثمارات المؤسسة في الداخل لوجود فرص استثمارية واعدة ولفتح فرص عمل للمواطنين والمواطنات.

المصدر | الحياة+ الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مؤسسة التقاعد السعودية