«بلومبيرغ»: السعودية تسعى لاجتذاب الاستثمارات الأمريكية خلال زيارة «ترامب»

السبت 20 مايو 2017 09:05 ص

قبل بضعة أعوام فقط، كانت العلاقة التجارية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بسيطة للغاية:يشترى الأمريكيون النفط، وينفق السعوديون الكثير مما كسبوه على المعدات العسكرية للحفاظ على تدفق النفط الخام وللحصول على الطائرات والدبابات والصواريخ لحماية حدودها.

ومع انخفاض أسعار النفط الخام إلى النصف خلال الأعوام الثلاثة الماضية، تطور إنتاج النفط المحلي في الولايات المتحدة بشكلٍ كبير، وشرعت المملكة في إصلاحاتٍ اقتصادية لم يسبق لها مثيل، بما في ذلك بيع حصة في شركة النفط العملاقة المملوكة للدولة. لذلك، تتحول الكفة لصالح الأميركيين شيئًا فشيئًا، وتظهر الولايات المتحدة كمنافسٍ في مجال الطاقة. وستبقى العلاقة المتغيرة موضع تركيزٍ شديد خلال الأسبوع، حيث يزور جبابرة الشركات الأمريكية الرياض في قمة استثمارية من المقرر أن تتزامن مع أول رحلة خارجية يقوم بها «دونالد ترامب» كرئيس للولايات المتحدة.

وقال «فيليب دوبا-بانتاناسي»، الاستراتيجي الجيوسياسي العالمي في «ستاندرد تشارترد» في المملكة المتحدة: «في هذه المرحلة، يحتاج السعوديون إلى الولايات المتحدة أكثر مما تحتاج إليهم الولايات المتحدة. وهم بحاجة إلى استثمارٍ أجنبيٍ مباشر لتحويل الاقتصاد، ولا تحتاج الولايات المتحدة النفط بعد الآن».

وبالنسبة لـ«ترامب»، يمكن أن توفر الزيارة راحة من الاضطرابات الداخلية في واشنطن، والتي نتجت عن إقالته لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالية «جيمس كومي»، الذي كان يقود التحقيق في التدخل الروسي فى الانتخابات الرئاسية. ويأمل العاهل السعودي «سلمان بن عبد العزيز» في دعم خطة لتخفيض دور الدولة وفك ارتباط الاقتصاد بالنفط دون إثارة السخط الشعبي.

ويرغب المديرون التنفيذيون الأميركيون في إبرام الصفقات. وبعضهم، مثل «جيمي ديمون»، الرئيس التنفيذي لشركة جي بي مورغان تشيس وشركاه، ورئيس شركة مورغان ستانلي «جيمس جورمان»، لديهم بالفعل اتفاقاتٍ لتقديم المشورة لشركة أرامكو السعودية العملاقة للنفط في طرحها العام الأولي، والذي قد يكون الأكبر في التاريخ. وساعدت شركة جي بي مورجان وشركة سيتي جروب في ترتيب مبيعات بقيمة 17.5 مليار دولار للسندات السعودية العام الماضي، وكذلك إصدار سندات إسلامية بقيمة 9 مليارات دولار في أبريل/نيسان. وفي نهاية هذا الأسبوع، تستهدف البنوك المزيد من العقود مع استعداد السعوديين لبيع أصول أخرى تملكها الدولة.

مبيعات الأسلحة

ويبحث الرئيس التنفيذي لشركة بوينج «دنيس مويلينبورغ» ورئيس شركة لوكهيد مارتن «مارلين هيوسون» تعزيز مبيعات الدفاع. ويمكن لشركة أرامكو توقيع ما لا يقل عن 10 صفقات مع شركات منها شركة جنرال إلكتريك وشركة شلمبرجير المحدودة للخدمات النفطية وشركة هاليبرتون، وذلك لإنشاء مصانع لها في المملكة.

ومن المتوقع أن يجتمع المديرون التنفيذيون الأمريكيون مع وزراء المالية والطاقة والتجارة السعوديين ورئيس صندوق الثروة السيادية بالمملكة، وفقًا لجدول أعمال المؤتمر الذي تم ترتيبه على عجل بعد إعلان زيارة «ترامب» قبل أسبوعين فقط. وسوف يناقشون الخصخصة وفرص الاستثمار ودور صندوق الثروة السيادية السعودي، ومن ثم ينتقلون إلى الديوان الملكي لتوقيع اتفاقاتٍ تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، وفق ما يتطلع إليه «ترامب» والملك «سلمان».

وقال «جون سفاكياناكيس»، مدير مركز الخليج للأبحاث في الرياض: «على الرغم من أنّ العلاقات تاريخيًا كانت قوية للغاية، إلا أنّ هذا الحجم والعمق لم يحدث من قبل». وأضاف: «"تدخل العلاقة مع الولايات المتحدة مرحلةً جديدة».

جولة آسيا

وفي مارس/آذار، عاد الملك «سلمان» من جولة في آسيا باتفاقاتٍ قد تصل قيمتها إلى عشرات المليارات من الدولارات، منها 65 مليار دولار مع الصين، و13 مليار دولار مع ماليزيا وإندونيسيا، و43 مشروعًا محتملًا مع شركات يابانية. وقال «سفاكياناكيس» أنّ العقود التي كشفت نهاية الأسبوع قد تتجاوز تلك الصفقات.

وكان السعوديون متحمسين لـ«ترامب» بعد العلاقة الفاترة مع «باراك أوباما». وأعلنت السعودية أنّ العلاقات بين البلدين وصلت إلى «نقطة تحول تاريخية»، في مارس/آذار الماضي، حينما التقى «ترامب» مع ولي ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان» في البيت الأبيض. وعقب الاجتماع، قدم «ترامب» دعمه لبرنامج أمريكي سعودي جديد في مجالات الطاقة والصناعة والبنية التحتية والتكنولوجيا، والتي قد تؤدي إلى أكثر من 200 مليار دولار من الاستثمارات على مدى الأعوام الأربعة المقبلة.

ولا يعني هذا أنّ السعوديين الذين لديهم احتياطيات نقدية تتجاوز 500 مليار دولار، ما عادوا يبحثون عن فرصٍ استثمارية جديدة. ومن المتوقع أن يعلن صندوق الاستثمارات العامة في البلاد عن خططٍ لضخ 40 مليار دولار أمريكي كاستثمارات في البنية التحتية الأمريكية، وأنه يسعى لشركاء جدد في مجال صناعات الدفاع للمساعدة فى تطوير الإنتاج المحلي للأسلحة.

والهدف من ذلك هو خلق فرص عمل. وقال صندوق النقد الدولي أنّ خطة الإصلاح الحكومية ركزت حتى الآن بشكلٍ كبير على خفض الدعم السخي للوقود والطاقة، وتخفيض مشروعات البنية التحتية الهائلة، وهي العوامل التي ساعدت على تباطؤ النمو الاقتصادي من 10% عام 2011 إلى 0.4% فقط هذا العام.

لا يدور الأمر كله حول التقشف

وتقول «مونيكا مالك»، كبير الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري: «جزء كبير من رسالة السعودية هو أنّ برنامج الإصلاح لا يتمحور فقط حول التقشف. وسيحرصون على الحصول على بعض الالتزامات الجدية من الشركات الأمريكية، وعرض هذا البرنامج كطريق ذو اتجاهين».

ويحذر بعض المحللين من أنّه في حين أنّ المديرين التنفيذيين قد يعلنون عن اتفاقياتٍ بقيمة مليارات الدولارات، فإنّ الكثير من هذه الاتفاقيات قد تستغرق فترات طويلة للتنفيذ. وقال «بيتر ساليسبري»، زميل في مجموعة أبحاث الشؤون الدولية في لندن، أنّ بعض الصفقات الجديدة التي تم الإعلان عنها مع ضجة كبيرة ستكون مجرد اتفاقيات لاستكشاف الفرص الاستثمارية التي يمكن ألا يكون لها أثر كبير على المدى البعيد.

وقال «ساليسبري»: «أتوقع أن نرى موجةً من الصفقات المثيرة مع بعض الشخصيات الكبيرة الموجودة. لكن حين نبحث وراءها، سنكتشف أنّها مجرد اتفاقاتٍ موجودة مسبقًا أو اتفاقاتٍ أولية قد تترجم أو قد لا تترجم فعليًا».

المصدر | بلومبيرغ

  كلمات مفتاحية

السعودية ترامب العلاقات السعودية الأمريكية