خسائر مصر تتفاقم جراء قطع العلاقات مع قطر.. والدوحة تمتلك أوراق ضغط

الخميس 8 يونيو 2017 02:06 ص

على الرغم من قرار القاهرة، بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، والتصعيد الإعلامي المصري ضد الدوحة، فإن الورقة الاقتصادية ستظل حاضرة بقوة بين الجانبين، وسط مخاوف من خسائر كبيرة للجانب المصري حال فقدان تحويلات العمالة المصرية في قطر، واستثمارات قطرية تصل إلى نحو 5 مليارات دولار.

وفي ظل هجوم إعلامي غير مسبوق على الدولة الخليجية، ومطالبات البعض بإنهاء أي علاقات اقتصادية بين البلدين، قالت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي المصرية «سحر نصر»، أمس الأربعاء، إن الاستثمارات القطرية في مصر محمية وفقاً للقانون.

كان التصريح لافتاً للنظر في ظل ما يوجه إلى قطر من اتهامات وخطوات للعزلة على أكثر من صعيد. واتبعت مصر عدة إجراءات مماثلة لقرار السعودية والإمارات والبحرين التي قطعت العلاقات، وتستهدف حصاراً اقتصادياً على قطر، ومن بينها حظر الطيران إلى قطر.

وجاءت تصريحات «نصر» بعد اجتماع للمجموعة الاقتصادية في الحكومة لمناقشة تداعيات قرار مصر القاضي بقطع العلاقات مع قطر، ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه اقتصاديا.

وتأتي الاستثمارات القطرية في المركز التاسع بين دول العالم المستثمرة في مصر، وتقول تقارير إنها تصل إلى نحو خمسة مليارات دولار موزعة على أنشطة استثمارية متنوعة من بينها البترول والحديد والمقاولات، بحسب «DW عربية».

معادلة خاسرة

بيد أن هذه هي المرة الأولى التي يتخذ الخلاف بعداً اقتصاديا رغم أن الميزان التجاري بين البلدين يميل لصالح مصر. فحسب أرقام وزارة التجارة والصناعة المصرية، بلغ إجمالي حجم التجارة الخارجية لمصر مع قطر خلال 2016 حوالي 325 مليون دولار، منها 282 مليون دولار صادرات مصرية و43 مليون دولار واردات قطرية، كما بلغ إجمالي حجم التجارة بين البلدين خلال الربع الأول من العام الجاري نحو 118 مليون دولار، منها 108 ملايين صادرات مصرية إلى قطر و10 ملايين واردات مصرية من قطر.

ويصف خبير الاقتصاد وأستاذ التمويل الدكتور «مدحت نافع» الأزمة بأنها معادلة صفرية يخسر فيها الجميع، مشيراً إلى أن الأزمة كانت دبلوماسية لكنها اتخذت طريق العقوبات الاقتصادية عندما دخلت الدول الخليجية على خط الأزمة مع قطر.

ويقول «نافع» إن الميزان التجاري في صالح مصر وهو أمر نادر فضلاً عن تحويلات العاملين المصريين في قطر بالعملة الصعبة ونحن في حاجة لها. كان يجب أن نُبقي على أن المشكلة بين الحكومات ومتعلقة بالسياسة القطرية ودعم الجماعات الإرهابية ونفصل تماماً بين الأزمة الدبلوماسية والحصار الاقتصادي.

ويرى الخبير الاقتصادي المصري أن العقوبات الاقتصادية ليس لها أي معنى لأن مصر ليس لها يد عليا ولا حتى تأثير كبير ولا حتى تتحمل عودة 350 ألف مصري يعملون في قطر، وكان من الأفضل أن نقصر الإجراء على المقاطعة السياسية، إذا كان ضرورياً أن نسير مع الموجة.

لكن على النقيض يرى الدكتور «أيمن عبد الوهاب»، أستاذ السياسة بجامعة القاهرة، بأنها خطوة صائبة رغم أنها جاءت متأخرة.

ويوضح «عبد الوهاب»: «ليس هناك إجراء إلا بتكلفة، وفي النهاية مصر تحسبها، والحسابات الاقتصادية أقل في الاعتبار وهي تأخذ مثل هذا الإجراء لأنها تريد مكاسب أهم مثل الضغط على قطر لرفع يدها عن ليبيا. سعت مصر إلى ذلك منذ وقت طويل، وعندما تتهيأ الظروف ولا تتخذ مثل هذه الخطوات فستكون مخطئة».

وأبز الإعلام مطالبة رجل الأعمال  الملياردير القبططي «نجيب ساويرس» رجال الأعمال المصريين بسحب الاستثمارات المصرية من قطر، حيث قال في تغريدة على حسابه على موقع التدوينات، تويتر، «يجب أن نكون أول من يقطع علاقته مع مركز تصدير الإرهاب هذا كموقف أساسي مصري».

لكن خبير الاقتصاد «مدحت نافع» يصف حديث «ساويرس» بـ«غير المسؤول، وربما تكمن وراءه ثمة مصالح».

ورقة ضغط

يشكل العمال الأجانب نحو 1.6 مليون من سكان قطر البالغ تعدادهم 2.5 مليون، منهم نحو 350 ألفا من هؤلاء مصريون، مما يجعلهم واحدة من أكبر التجمعات الأجنبية في البلاد. ويصف «نافع» موقف العمالة المصرية في الأزمة بـ«خطير جداً».

ويوضح«نافع» بالقول: «إذا تعاملت معهم قطر وأحسنت إليهم وأكرمتهم فهذه أزمة أمن قومي وبالتأكيد فإن غالبيتهم غير مسيسين»، مضيفاً أن إعادة العمالة المصرية ستكون بمثابة «مصيبة على الاقتصاد المصري»، خاصة وان كل الدول الخليجية الأخرى حالياً طاردة للعمالة، وقطر هي الدولة الوحيدة التي لا يزال قطاع الخدمات فيها يستقبل عمالة وافدة. 

لكن «أيمن عبد الوهاب» يستبعد أن تقدم قطر على خطوة إرجاع العمالة المصرية، قائلاً: «القطريون لا يستطيعوا أن يقطعوا شعرة معاوية، لأنهم لو فعلوا ذلك فهذا سيكون بمثابة إعلان حرب». 

وكان وزير القوى العاملة المصري محمد سعفان قال إن الوزارة تستعد لاستقبال العمالة المصرية العائدة من قطر حال صدور قرار بتسريحهم من قبل أصحاب العمل لتوفير فرص عمل بديلة لهم وتسكينهم فيها، وهو التصريح الذي قوبل برد فعل ساخر من المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي في بلد يعاني فيه نحو 12 % من البطالة حسب الأرقام الرسمية.

ويخشى «نافع» من استبعاد مصر من أي تفاهمات وأن تبقى مصر على الهامش بعد حل الصراع الخليجي مع قطر التي قالت بعد قطع العلاقات إنها تأسف لتحرك الدول الثلاث السعودية والإمارات والبحرين ولم تذكر مصر.

ودعا «نافع» إلى أن تتخذ مصر خطوات استباقية قبل أن تحل الأزمة وتجد نفسها مستبعدة من أي اتفاق، وكذلك لإصلاح سمعتها من أنها كانت تابعة للسعودية والإمارات في الأزمة، قائلا: «لا تزال هناك فرصة لأن تلعب مصر دوراً في قيادة الأمور نحو التهدئة ووضع شروط واضحة وصريحة».

وتتشعب الخلافات بين مصر وقطر، إذ تعود في بداياتها إلى عهد الرئيس المصري الأسبق «حسني مبارك»، ووصلت ذروتها بعد عزل الرئيس «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب من قبل الجيش في الثالث من يوليو/ تموز 2013، لكن رغم كل الملفات الساخنة بين القاهرة والدوحة فقد حافظت الاستثمارات على وجودها حتى في أعلى حالات التوتر السياسي والدبلوماسي والإعلامي بين الجانبين.

المصدر | الخليج الجديد + الإذاعة الألمانية

  كلمات مفتاحية

مصر قطر سحر نصر العمالة المصرية الأزمة في الخليج نجيب ساويرس