علماء قم والنجف يطالبون بتحسين علاقات بلادهم بالسعودية

الأحد 21 ديسمبر 2014 02:12 ص

يؤدي رجال الدين والمؤسّسات الدينيّة في الشرق الأوسط دوراً ثنائيّاً من حيث أنّهم قد يوقدون الزيت أو يصبون الماء على نیران الصراعات والأزمات.

فقد بادرت مراجع دينيّة كبيرة في كلّ من قمّ والنّجف، في شكل متزامن، بإرسال دعوات إلى القيادات السياسيّة في بلادها للتوجّه نحو تحسين العلاقات مع السعوديّة، لأنّه سيصبّ في مصلحة المسلمين ويخفّف من الصراع القائم ويوحّد جبهة الكفاح ضدّ الإرهاب والتطرّف الدينيّ. وقد جاء الطلب في سياق التطوّرات الأخيرة في المنطقة، الّتي أدّت بالسعوديّة إلى اتّخاذ موقف صارم تجاه السلفيّة الجهاديّة والعمل بإجراءات إصلاحيّة في سياستها الداخليّة والخارجيّة.

في الثالث من ديسمبر الجاري نشرت رسالة شفهيّة من الشيخ وحيد خراساني، وهو من المراجع الكبيرة في قمّ حول ضرورة تحسين العلاقات بين إيران والسعوديّة. وقد وجهت الرسالة إلى رئيس مجمع تشخيص مصلحة النّظام في إيران علي أكبر هاشمي رفسنجاني، حملها إليه أحد المقرّبين إليه، وهو السيّد طه هاشمي.

وذكر المرجع الشيعيّ أنّه على رفسنجاني الذهاب إلى السعودية لتحسين العلاقات معها والوصول إلى اتّفاقات مشتركة، وهذا لا يصبّ في مصلحة حلحلة الملف النوويّ الإيرانيّ فقط، بل يتضمّن مصلحة شاملة للعالم الإسلاميّ بأكمله أيضاً. وأشار المرجع إلى أنّ رفسنجاني هو الرّجل الوحيد الذي يمكنه القيام بهذا الدور في الوقت الحاليّ.

وعُلِم من مصدر ديني مقرّب منه أنّ السيستاني في النّجف يحمل أيضاً رؤية مشابهة حول ضرورة التقارب مع السعوديّة، لأنّ كلا البلدین يواجهان خطراً وتهديداً مشتركاً من قبل السلفيّة الجهاديّة متمثلاً بتنظيم الدولة الإسلاميّة في الوقت الحاضر.

وزار رئيس جمهوريّة العراق فؤاد معصوم النّجف للقاء السيستاني في 11 من نوفمبر، قبل توجّهه نحو السعوديّة في زيارة رسميّة له. وأشاد السيستاني بالتوجّه الأخير إلى الحكومة العراقيّة لتحسين العلاقات مع المحيط الإقليميّ، ودعا إلى تعزيز العلاقة مع كلّ دول الجوار. ومن جهته، أثنى العاهل السعوديّ أيضاً على المواقف الرّشيدة للسيّد السيستاني، متمنيّاً المزيد من الوحدة والتماسك بين العراقيّين بمختلف مكوّناتهم.

ولقد انتقد رفسنجاني خلال السنوات الأخيرة الجليد الذي ظهر في العلاقات بين إيران والسعوديّة، بحيث أنّ البلدين يمثّلان أكبر القوى الإقتصاديّة والدينيّة والسياسيّة في المنطقة. وبناء عليه، عليهما الاجتماع وفق المصالح المشتركة وليس العداء الذي سوف لا ينتج، إلا الخسارة للبلدين أوّلاً وللدول الأخرى في المنطقة ثانياً.

وأبدى استعداده للذهاب إلى السعوديّة للقاء الملك والبحث عن صفقة كبرى بين البلدين حول الملفّات الإقليميّة المختلفة، ولكنّه اشترط أن يكلّفه رسميّاً قائد الثورة الإسلاميّة في إيران لتكون هناك ضمانة لتحقيق ما يتوصّل إليه من توافقات. وأدّى رفسنجاني هذا الدور سابقاً في شكل ناجح خلال رئاسته للجمهوريّة وكذلك فعل خلفه السيد محمد خاتمي. كما حاول أن يؤدّي الدور نفسه في عهد رئاسة أحمدي نجاد، ولكن الفريق الحاكم في البلاد آنذاك أفشل الجهود عبر نشر أخبار كاذبة حول إساءة الحكومة السعوديّة لمسؤولين إيرانيّين في المطار، ممّا أوقف عمليّة التّقريب بين البلدين.

ويُعدّ تحسين العلاقات مع السعوديّة مطلباً واسعاً في الأوساط الحوزيّة الشيعيّة في كلّ من قم والنّجف، هذا رغم ما سبّب الحكم بالإعدام على الدّاعية الشيعيّ الشيخ باقر النمر في أكتوبر الماضي من حال غضب سائدة في الأوساط الشيعيّة.

رأى رجال الدين أنّ إثارة الخلافات بين البلدين، ليس فقط لا يساعد في منع تنفيذ حكم الإعدام أو تحسين وضع الأقليّة الشيعيّة في المملكة، بل حتّى من شأنه أن يترك آثاراً إيجابيّة في الحدّ من خفض أسعار النفط عبر ترغيب السعوديّة بالتّقليل من صادراته النفطيّة وأيضاً رفع أحد الموانع في التسوية النوويّة بين إيران والغرب، بحسب تصريح آية الله فاضل ميبدي، وهو أحد رجال الدّين البارزين في قمّ.

وفي بادرة أخرى للتّعبير عن رغبة الحوزات الشيعيّة في التّعاون مع المؤسّسات السعوديّة في مكافحة الإرهاب والتطرّف، شارك النّجف في تمثيل بارز في اللقاء الدوليّ لمناهضة العنف باسم الدين في مركز الملك عبد الله العالميّ للحوار بين أتباع الأديان، الّذي أقيم في فيينا في 18- 19 نوفمبر الماضي.

وحضر المؤتمر الأمين العام لمؤسسّة دارالعلم والعضو المؤسّس في المجلس العراقيّ لحوار الأديان في النجف السيّد جواد الخوئي، الذي أبدى سعادته بالمشاركة في اللقاء، ودعا إلى الاجتماع على أسس "المشتركات الإنسانيّة والأخلاقيّة والدينيّة الّتي تجمعنا، والإشارة إلى نقاط الخلل التي سمحت للتطرف ِوالغلو والتناحر بأن تـدسّ رؤوسها بين صفوفنا وتحاول التحدّث باسمنا".

وما يبرزه هذا كلّه أنّ المؤسّسة الدينيّة الشيعيّة في قمّ والنجف ليست فقط، لا تمنع من تحسين العلاقات مع السعوديّة، بل هي داعية إلى ذلك. وهذا يفتح إمكانيّة واسعة للتسريع في عمليّة التقريب عبر الاستعانة برجال دين معتدلين وموثوقين من قبل الطرفين. 

 

المصدر | المونيتور

  كلمات مفتاحية

إيران وحيد خراساني رفسنجاني العراق قم النجف العلاقات السعودية الإيرانية الشيعة

«الصدر» يستنكر زيارة السفير الأمريكي لمرقد الإمام «علي» ويهدد بالرد حال تكرارها