الأزمة الخليجية تعكس ضعف «تيلرسون» وخلافه مع البيت الأبيض

الاثنين 3 يوليو 2017 07:07 ص

عكست الأزمة الخليجية الأخيرة انقساما عميقا في الأوساط الأمريكية، وشهدت تناقضا حادا في المواقف بين الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» من جهة، ووزير خارجيته «ريكس تيلرسون»، ووزير دفاعه «جيمس ماتيس» من جهة أخرى، وهو ما أثار حيرة المراقبين حول الاستراتيجية الأمريكية لمواجهة واحدة من أخطر الأزمات بين حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وبينما أعلن «ترامب» دعمه السعودية والإمارات والبحرين ومصر في الخطوات التي اتخذتها ضد قطر، واعتبر أن قطع العلاقات معها هو إحدى ثمار زيارته للسعودية، ناقضت وزارة الخارجية الأمريكية موقفه هذا تدريجيا، حتى وصلت إلى موقف مختلف يحاول أن يحل الأزمة بهدوء.

وأوضح تقرير صحفي أن وزير الخارجية الأمريكي «ريكس تيلرسون» يعاني ضعفا في مواجهة الأزمة الخليجية بسبب الرئيس «دونالد ترامب» والذي اتخذ موقفا علنيا لجانب أحد أطراف النزاع وربما ساعد على تأجيجه أيضا.

وقال التقرير الذي نشرته «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي)، إن «ترامب» صدر هذه الفوضى للوزير «تيلرسون»، ولكن هذا لم يمنعه من توبيخ قطر في مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض بسبب «تمويلها للإرهاب على مستوى كبير جدا»، على حد قوله.

وأوضح التقرير أن الأمر متروك للوزير «تيلرسون» لدفع القضية للأمام، غير أن المدير التنفيذي السابق لإحدى شركات النفط لم يجد بعد طريقة لتحويل خبرته في مجال الأعمال إلى نفوذ سياسي، وترجمة علاقته القوية على ما يبدو مع «ترامب» إلى دور قوى في صنع السياسات، حيث أدى غياب التواصل مع البيت الأبيض إلى إضعاف قبضته.

وكانت تقارير أفادت، بأن «تيلرسون» شعر بالغضب والتجاهل بسبب اتهام «ترامب» لقطر في المؤتمر الذي عقده في حديقة البيت الأبيض، والذي جاء بعد ساعات قليلة من دعوة وزير الخارجية إلى إنهاء المقاطعة.

وبحسب التقرير، فإن مساعدي «تيلرسون» على قناعة فيما يبدو بأن سفير الإمارات لدى واشنطن «يوسف العتيبة»، هو من صاغ خطاب «ترامب»، نظرا لأنه صديق مقرب من «جاريد كوشنر» صهر الرئيس الأمريكي، وفقا لما ذكره «مارك بيري» من المحافظين الأمريكيين.

وأضاف التقرير أنه من غير الواضح مدى رغبة الإدارة الأمريكية في استخدام نفوذها الكبير لحمل الجميع على الجلوس سويا على مائدة المفاوضات، ناهيك عن الضغط على الجميع للتوصل إلى حل.

وقد وصف البيت الأبيض العاصفة الحالية في الخليج بأنها «قضية عائلية»، لكن تأثيرها لن يقتصر على تلك الدول فقط، فمع انتشار التواجد العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط بين دول الخليج، فإنه لا يمكن تجنب التورط فيها، حيث لا يقتصر دور قاعدة العديد الأمريكية الجوية الكبيرة في قطر، على عملياتها الجوية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق، ولكنها مهمة أيضا لإبراز قوتها في المحيط الهندي.

وقد أدى هذا العداء لخرق في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وشق صف عربية موحدة كانت تهدف إلى مكافحة الإرهاب ومواجهة إيران.

يأتي هذا، بينما قال وزير الخارجية القطري «محمد بن عبدالرحمن آل ثاني» إن الاتصالات القطرية تم توجيهها بالكامل من خلال وزارة الخارجية، باستثناء التي جرت في البداية مع مسؤولين في البيت الأبيض.

وقد وجه «تيلرسون» بعض الكلمات الحادة لمنتقدي قطر الخليجيين، مشيرا إلى أن اتهامهم لها بالإرهاب يأتي على خلفية نزاع سياسي بينهم، كما تحدث عن أن بعض مطالبهم سيكون من الصعب على قطر تحقيقها.

ومؤخرا، دعا وزير الخارجية القطري الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، إلى الإصغاء لوزارتي الخارجية والدفاع «البنتاغون» ببلاده فيما يتعلق بالأزمة الخليجية، موضحا أن الولايات المتحدة جزء من القضية منذ البداية.

وكان الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» أعلن في بداية الأزمة الخليجية، دعمه الضمني لدول الحصار في تغريدات على حسابه بـ«تويتر»، وهو ما لاقى انتقادات واسعة، سارع على إثرها بالاتصال بأمير قطر الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني»، معبرا عن حرصه على رأب الصدع الخليجي، واستعداده للمشاركة في جهود الوساطة.

في المقابل، دعت وزارتا الدفاع والخارجية الأمريكية إلى حل الأزمة عبر الحوار، كما دعا وزير الخارجية «ريكس تيلرسون»، دول الحصار إلى أن تكون مطالبها من قطر منطقية.

وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر في 5 يونيو/حزيران الماضي، وفرضت الدول الخليجية الثلاث حصارا بريا وجويا على الدوحة، لاتهامها بدعم الإرهاب، وهو ما نفته قطر جملة وتفصيلا.

وقدمت دول الحصار عبر الكويت، في 22 يونيو/حزيران الماضي، إلى قطر قائمة تضم 13 مطلبا لإعادة العلاقات معها، وأمهلتها 10 أيام لتنفيذها.

بينما أكدت الدوحة أن المطالب ليست واقعية وغير متوازنة وتفتقد للمنطق، فضلا عن كونها غير قابلة للتنفيذ، وتمثل انتهاكا لسيادة قطر وتهدف لفرض وصاية عليها.

لكن دور «تيلرسون» في حل هذه الأزمة ربما يكون محدودا، ويكشف عن الخلاف الكبير داخل الإدارة الأمريكية حول الأزمة الخليجية، فبخلاف الإدارات الأمريكية السابقة، فإن وزير الخارجية الأمريكي في هذه الإدارة لا يملك نفوذا كبيرا، حيث يتم تحييده، وغالبا تجاهله من قبل البيت الأبيض الذي لا يتجاهله في الأمور الدبلوماسية فحسب، بل يرفض ترشيحاته لتعيين الموظفين الكبار بوزارة الخارجية نفسها، حيث رفضها أكثر من مرة، وعدل قائمة ترشيحاته لموظفي وزارته، وهو ما أثار غضب «تيلرسون» ويزيد من إحباطه المكبوت تجاه البيت الأبيض.

  كلمات مفتاحية

قطر أمريكا ترامب تيلرسون الأزمة الخليجية

رئيس «الاتحاد الأفريقي» يطالب بموقف موحد من الأزمة الخليجية