تحديد معالم «الدولة الإسلامية»: النشأة وعوامل القوة

الخميس 25 ديسمبر 2014 08:12 ص

في ورقة تحليلية جديدة صادرة عن مركز بروكنجز الدوحة، [ طالع هنا: «الخليج الجديد» يناقش ورقة مركز «بروكنجز» حول مستقبل تنظيم «الدولة الإسلامية» (1-3)يعود «تشارلز ليستر» بجذور «الدولة الإسلامية» من الأردن إلى أفغانستان، فالعراق ووصولاً إلى سوريا. يصف «ليستر» تطورها من مجرد مجموعة عسكرية صغيرة إلى تنظيم بيروقراطي يسيطر حالياً على آلاف الأميال المربعة يحاول أن يحكم الملايين من الناس. يقدّم «ليستر» تقييماً لقدرات المجموعة ويوضّح تكتيكاتها المختلفة ويحدّد مسارها المحتمل.

يبدأ الباحث دراسته التاريخية عبر 15 عاماً من نشوء الفكرة في بدايتها خلال الفترة ما بين عامي 2000 و2003، بين الأردن وأفغانستان ، ثم تصاعدها مع بداية الغزو الأمريكي للعراق في 2003، وبلوغها ذروتها في 2006 مع إعلان الدولة الإسلامية في العراق وبداية التوترات مع الحركات المقاومة والجهادية الأخرى والتوتر حتى مع قيادات تنظيم القاعدة نفسه، ثم مواجهتها الشاقة مع الصحوات المحلية في الفترة من 2007-2009 ، ثم اعادة التأسيس الجديد مع بدايات الثورة السورية وتطورها الكبير في سوريا والعراق، ثم إعلانها تأسيس «الدولة» و«الخلافة».

النشأة والتطورات

يرى الباحث في موقف مسبق صدر به دراسته أن خطر الجهاديين هو التهديد الرئيسي للمصالح الغربية، ويرى في حالة عدم الاستقرار والاضطراب الذي نتج عنه فراغات سياسية واجتماعية مكنت الجماعات الجهادية من النمو فيها مشهد خطير ينبغي التعامل معه.

فبعد أن أعلنت «الدولة الإسلامية» إقامة الخلافة التي تمتد على طول 423 ميلاً بين العراق وسوريا في نهاية يونيو 2014، أدى التهديد المتصور الذي تمثله المجموعة إلى بدء قوات التحالف الدولي بشن ضربات جوية وهجمات بصواريخ «كروز» ضد أهداف التنظيم ، ورغم أن «الدولة الإسلامية» ترتكز حالياً في سوريا والعراق إلى أن تاريخها يعود -حسب الباحث- إلى العام 1999م، بينما تعود جذورها الجغرافية إلى الأردن وأفغانستان بعد أن تطورت من مجموعة صغيرة غير منظمة إلى ما يشبه دولة إسلامية عابرة للحدود القومية

ومنذ العام 1999م  وحتى الآن مرت الفكرة بمراحل مهمة حسنت من أدائها العلمياتي والتنظيمي ، فبعد أن كانت المحاولة الأولى لبناء الدولة في 2006 شاذة ومنفرة، كانت المحاولة الثانية بدءًا من 2013 أكثر استدامة وجاذبية ونجاحاً من القاعدة على الرغم من التدخل الدولي الذي سيشكل تحدياً جاداً وتهديداً لها .

من وجهة نظر عسكرية تضم الدولة حوالي 31 ألف مقاتل، بينهم من 20-25 ألف يمثلون نواة التنظيم وهم أعضاء متفرغون وأصحاب ولاء عقائدي وانتماء حاسم.ومن خلال قدرتها على الحفاظ على زخم الهجوم ومكاسبه المادية المنتظمة أصبحت «الدولة الإسلامية» منظمة متكاملة ومسلحة بشكل قادر على الاستمرار والتكيف خاصة مع استفادتها من الأوضاع المحلية وعدم الاستقرار والأيديولجية المتماشية مع الحرب السورية واستخدامها أدوات الحرب غير المباشرة وتكتيكات العصابات والتمرد والاعتداءات العسكرية المنظمة القادرة حتى على هزيمة جيوش وطنية نظامية وفصائل متمردة منافسة.

على المستوى الداخلي تطورت «الدولة» لتصبح منظمة بيروقراطية تركز على كسب الدخل الكافي والمنتظم لتمويل عملية الحكم وتوسعة الأراضي وضمان الاستقلال المالي؛ وهو التطور الذي يميزها عن القاعدة التي تعتمد على مانحين وممولين خارجيين أساساً ، تعتمد «الدولة الإسلامية» اقتصادياً على مصادر متعددة منها النفط والغاز والزراعة والضرائب وكذلك عمليات الخطف والفدية وبيع التحف والممتلكات المصادرة وأنواع من التجارة بعضها غير مشروع ، وبحلول سبتمبر 2014 صار دخل الدولة الإسلامية  يعادل مليوني دولار يومياً مما يجعلها أكثر التنظيمات العسكرية –سوى الجيوش النظامية- ثراءً في العالم

بالتالي لابد من تقييم «الدولة الإسلامية» ومواجهتها -حسب الباحث- على كونها تمثل تهديد أكبر من أي منظمة إرهابية بسيطة لأنها تحمل مشروع صريح لإنشاء دولة مكتفية ذاتياً محافظة على وجودها قادرة على الحكم والإدارة وتوفير الاحتياجات والموارد وسط بيئة غير مستقرة وصراع دموي يعصف بالمنطقة ، ولأنها تجمع بين القانون الصارم والممارسات القمعية وتقدر في الوقت ذاته على توفير الخدمات الأساسية والمساعدات للناس تحصل الدولة على نوع من القبول الضمني المحلي في بعض الأحيان.

ورغم أن لها أهدافها وطموحاتها في سوريا والعراق إلا أنها  أصبحت تشجع علناً أعضائها ومناصريها على تنفيذ عمليات في الغرب ، ولا ينبغي -حسب الباحث- التقليل من أهمية توسيع الدولة لعملياتها في بلدان أخرى بما فيها لبنان والأردن وتركيا والسعودية ، ويبدوا استمرار تقديم الولاء والبيعة من قبل فصائل جهادية في أنحاء مختلفة من العالم دليلاً على التفوذ المتزايد الذي صارت تمارسه الدولة داخل المجتمع الجهادي العالمي، حيث نجحت «الدولة» في بناء قوة عسكرية وجذب أعداد مضاعفة من العناصر من كل أنحاء العالم وكسب موارد مالية غير مسبوقة ، ويرى الباحث أن مفتاح الحل لتقويض استدامة الدولة على المدى الطويل هو حل الإخفاقات الاجتماعية و السياسية في مناطق عملياتها في سوريا والعراق.

نقاط القوة وحلول التعامل

يرى الباحث أن أهم نقاط قوة التنظيم تكمن فيما يلي:

1-القدرة على اكتساب إيرادات كبيرة باستمرار من أجل تمويل الحكم بفاعلية وتوفير الخدمات الإدارية والاجتماعية في المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم .

2-التنقل السريع والقدرة على إعادة نشر  العناصر والموارد باستمرار إلى جبهات حديثة النشاط.

3- قيادة عليا ذات قدرة هائلة ومسيطر عليها بإحكام وقيادة عسكرية وبنية تحكّم على المستويين المحلي والإقليمي، والجميع مسؤول عن إدارة الحملات العسكرية المحترفة والحفاظ على الزخم.

4- الاستخدام الفعال لوسائل التواصل الاجتماعي لنشر أيديولوجية الدولة الإسلامية وأنشطتها وأهدافها وإضفاء الشرعية عليها والتجنيد والحصول على الدعم الدولي.

5- قيادة عليا ذات قدرة هائلة ومسيطر عليها بإحكام وقيادة عسكرية وبنية تحكّم على المستويين المحلي والإقليمي، والجميع مسؤول عن إدارة الحملات العسكرية المحترفة والحفاظ على الزخم.

وفي سياق الحل يعود الباحث فينحاز لاستراتيجية التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة فيؤكد على الأهداف الخمسة لهذا التحالف، وأولها مواجهة القوة المالية والتمويلية وتوفير الخدمات الاجتماعية للمدنيين ونظام حكم مستقر، والثاني : تعطيل قدرة الدولة الإسلامية على التحرك العسكري واعادة نشر عناصرها، والثالث هو جمع واستخدام المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بقيادة الدولة الإسلامية العليا وقادتها العسكريين وبنية التحكم الخاصة بها، والرابع : إضعاف ونزع شرعية الدولة واستخدامها لوسائل التواصل الاجتماعي وتوظيفها في تجنيد العناصر ونشر الأفكار وجمع المعلومات، والأخير هو: تحقيق الاستقرار في البيئة السورية والعراقية التي تخوض صراعات دموية طاحنة.

 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية التحالف الدولي العراق القاعدة

«الخليج الجديد» يناقش ورقة مركز «بروكنجز» حول مستقبل تنظيم «الدولة الإسلامية» (1-3)

معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي: حرب التحالف الدولي ضد «الدولة الاسلامية» عبثيّة

عن دواعش السنة.. ودواعش الشيعة

خليل العناني يكتب: أمريكا و «داعش» بين الأخلاقي والسياسي