فاينانشيال تايمز: لا تحرموا اقتصاد العالم من التحفيز المالي

الجمعة 2 يناير 2015 03:01 ص

المحللون الذين يتناولون قضايا الاقتصاد العالمي اليوم في تحليلاتهم يثيرون الشفقة. فمقابل كل تحذير يطلقونه حول الكساد المحتمل يشع نور الضوء الأخضر إيذاناً باستمرار النمو.

لكن وسط تلاطم هذه الأمواج من المؤشرات في الاتجاهين التشاؤمي والتفاؤلي هناك قضايا تقتضى المتابعة والتركيز كونها تتسم بالاستمرارية والثبات.

ولعل أكثر هذه القضايا وضوحاً ضعف معدلات التضخم . والسبب الرئيسي وراء ذلك هو فائض العرض في أسواق النفط حيث تراجعت الأسعار بنسبة الثلث منذ الصيف . وإذا أضفت إلى ذلك ضعف أسعار السلع الاستراتيجية من القطن إلى زيت الصويا واللحوم والقمح، فلا شك في أن ذلك سيلقى ترحيباً واسعاً لدى الدول المستوردة لتلك السلع.

فالمستهلك الأمريكي على وجه الخصوص، مستفيد من رخص أسعار الوقود وهو ما يفسر الزخم الإضافي الذي يدفع الاقتصاد الأمريكي . وقد برهن تقرير الوظائف الأخير على أن هناك انتعاشاً راسخاً ومستمراً. وتعكس هذه الأجواء الايجابية تداولات الأسهم في وول ستريت الذي سجل مكاسب بلغت 10% منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي. 

لكن أي محلل من مدرسة الركود العظيم لا بد أن يرفع الرايات الحمر في وجه قوى الانكماش الواضحة للعيان . ومعدلات التضخم العصية على الارتفاع منذ زمن في كل من اليابان ومنطقة اليورو تؤكد أن معدلات الدخل باتت ضعيفة . وفي حال إغفالها وعدم معالجتها جذرياً لا بد أن تتسبب في إطالة أمد ضعف الإنفاق واستمرار عقلية الانكماش بالتحكم بآليات السوق.

وبغض النظر عن التباطؤ القاتل فإن معدلات نمو الأجور في العالم المتقدم لم تشهد تدنياً كالذي هي عليه اليوم ما يعني إفلاس السياسات النقدية أياً كانت درجة طموحها، وعجزها عن الفعل طالما أن جيوب المستهلكين خاوية أو تكاد . وبدلاً من أن يتم إنفاق أكوام النقد، يتم تكديسها في خزائن الشركات غير الراغبة في الاستثمار لتزيين ميزانها الختامي.

أما التعقيدات الأهم على المسرح العالمي فهي نمو المخاطر السياسية وتفاقمها، ليس فقط في بقع ساخنة أصلاً من العالم كمنطقة الشرق الأوسط وأوكرانيا، فالدول المتقدمة التي تعاني عجزاً مالياً تفتقر إلى الرؤية السياسية الواضحة لمواجهة تلك التعقيدات.

وربما تكون المملكة المتحدة نموذجاً صارخا. فرغم أن اقتصادها في وضع جيد إلا أن صورتها السياسية لم تكن في يوم من الأيام أشد قتامة مما هي عليه الآن . وانتخابات العام القادم قد تسفر عن نتائج مرعبة في حال الفشل في إنتاج قيادة صارمة والوقوع في مستنقع التحالفات السياسية بين الأحزاب التي تنخر الريبة والشك علاقاتها البينية.

ونظراً للقوة التي يتمتع بها حزب الاستقلال البريطاني فقد يسفر نجاحه في الانتخابات عن خروج المملكة المتحدة بصورة اعتباطية عن الاتحاد الأوروبي.

أضف إلى ذلك أن بريطانيا تعتبر أكثر استقراراً من دول أخرى في القارة الأوروبية مثل اليونان وإسبانيا وحتى فرنسا حيث تطالب المجموعات اليسارية مثل حزب "سيريزا" اليوناني و"بوديموس" الإسباني بمزيد من الاستقلال.

وتقدم السياسة النقدية مفتاح الحل لفهم فسيفساء الاقتصاد العالمي. فالبنك المركزي في كل من اليابان والولايات المتحدة وبريطانيا يتبنى سياسات نقدية مرنة تمثل حصادها في نمو اقتصادي واضح.

وبما أن هناك ضعفاً في معدلات نمو الأجور ونقصاً في الدعم المالي فلا بد من الاستمرار في تقديم برامج التحفيز المالي. 

 

المصدر | فاينانشيال تايمز | ترجمة الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

الاقتصاد العالمي التحفيز المالي النمو سوق الأسهم رخص الوقود زخم إضافي

إنعاش الاقتصاد العالمي يعتمد على القطاع الخاص

«النظام العالمي»: قراءة في أوراق «هنري كيسنجر»

«جون ماكين»: علينا شكر السعودية التي سمحت بانهيار الاقتصاد الروسي

بوتين يقول الاقتصاد سيتعافى مع تحسن الاقتصاد العالمي

صندوق النقد الدولي: الاقتصاد العالمي في خطر ولابد من اتخاذ خطوات جريئة