المالكي يحّمل السياسيين مسؤولية الخلاف الشيعي السني الذي قاد العراق إلى التهلكة

الاثنين 5 يناير 2015 06:01 ص

وقف السيد نوري المالكي رئيس وزراء العراق الأسبق واعظا في مجلس النواب العراقي حول فضيلة التعايش الطائفي ونبذ الفرقة بين الشيعة والسنة في العراق في كلمة ألقاها بمناسبة المولد النبوي، وقال «لا توجد مشكلة بين سنة وشيعة، وانما بيننا نحن السياسيين نفكر بسنة وشيعة ونجر الناس الى هذه المهلكة».

صدور هذا الوعظ من قبل السيد المالكي بالذات يبدو مفاجئا، علاوة على كونه جاء متأخرا، وبعد أن نهشت أنياب الطائفية الجسم العراقي ومزقته، وأغرقت البلاد في حرب أهلية مدمرة. 

وعندما نقول إن كلام السيد المالكي جاء مفاجئا، فلانه طول فترة حكمه المطلق للعراق (2004 ـ 2014) اتبع نهجا طائفيا اقصائيا، همش اهل السنة وتعاطى معهم بمنطق العداء، ووضع كل امكانيات البلاد السياسية والعسكرية في ايدي حفنة قليلة من اتباعه واعضاء حزبه (الدعوة)، وافراد من عائلته وعشيرته.

ولا نعرف او نفهم، لماذا لم يطبق السيد المالكي اقواله هذه طوال ثماني سنوات من حكمه المطلق للعراق، تعاون خلالها مع الاحتلال الامريكي من منطلق طائفي بحت، ومارس سياسات ثأرية، ليس فقط ضد ابناء الطائفة السنية، وانما ايضا ابناء طائفته الشيعية، وحربه الدموية ضد جيش المهدي الذي يتزعمه السيد مقتدى الصدر، خير شاهد في هذا الاطار.

فاذا كان السيد المالكي يدلي بإعترافه الخطير هذا من منطلق التوبة والندم على ممارساته الطائفية الاقصائية فإن هذه التوبة لن تفيد، ولن تعيد الهوية الجامعة الموحدة للعراق، ولا نعتقد انها ستعفيه من نتائج ممارساته هذه التي ادت الى اغراق البلاد في الفساد والقتل والدمار في عهده.

السيد المالكي عندما يقول «نحتاج الى عملية وقفة مراجعة، لنقول ماذا جنينا من الفكر المتطرف، او ماذا جنينا من الفرقة بين السنة والشيعة»، وبعد ذلك يضيف «أقول لكم بصراحة مؤلمة، لقد اسأنا للاسلام كثيرا، واسأنا لرسالة محمد (صلى الله عليه وسلم) كثيرا، واسأنا للقرآن كثيرا، ونحتاج الى مراجعة عملية» فإنه يدين نفسه، وكل الحلقة الضيقة التي كانت ملتفة حوله، وعاثت في الأرض فسادا، ويكفي الإشارة إلى أكثر من مائة الف عراقي من الجنود الوهميين الذين كانوا مدرجين على قوائم الرواتب دون أن يغادروا بيوتهم، أو أعمال القتل والتعذيب الوحشي التي مورست ضد «الخصوم المفترضين» في الطائفة الأخرى.

عشرات المليارات من الدولارات نهبت من ثروات العراق في عهد السيد المالكي بينما الشعب العراقي يعاني من الفقر والحرمان وأعمال القتل والتدمير والسيارات المفخخة، وغياب الخدمات الاساسية من ماء وكهرباء وامن وتعليم.

الفكر المتطرف الذي يحذر منه السيد المالكي في الجانبين الشيعي والسني لم يعرفه العراق الا في عهده، فهو الذي شجع على التطرف السني، ووفر له الحاضنة عندما تبنى التطرف الشيعي، وحكم البلاد من خلال ميليشيات شيعية متطرفة، وهمش غالبية المعتدلين الاكفاء في الطائفتين لمصلحة المتشددين الاقصائيين المتعطشين لسفك الدماء.

السيد المالكي لم يترك الحكم تطوعا، وانما مكرها، بعد ان طفح الكيل، وظهرت في العراق دولة اسلامية سنية متطرفة استولت على نصف العراق، وانهارت امام قواتها العديد من فرق الجيش العراقي في الموصل والانبار وصلاح الدين، وتركت اسلحتها هاربة بملابس مدنية، ولولا ظهور هذه الدولة وتمددها لبقي السيد المالكي في الحكم لاربع سنوات اخرى صاما اذنيه عن كل المطالبات له بالتنحي.

السيد المالكي تعامل مع قيادة النظام السابق ورموزه دون رحمة او شفقة، ونصب لهم المشانق بعد احكام ملفقة وغير قانونية، ولذلك يحب ان يواجه المصير نفسه، ولكن من خلال محاكمات عادلة مستقلة تنظر في جميع جرائم القتل والتعذيب التي حدثت في عهده، ويتحمل المسؤولية الاكبر عنها، وهي جرائم لا تقل شراسة وخطورة عن جرائم النظام السابق التي حاكم رموزه واعدم بعضهم على اساسها، وما زال البعض الآخر خلف القضبان.

الاحتماء بالحصانة السياسية من خلال منصبه الحالي كنائب للرئيس، لا يجب ان تستمر، بل يجب ان ترفع، وان يقف السيد المالكي امام العدالة ومواجهة ملف ضخم من  الاتهامات، فاذا ادين فإن عليه ان يتحمل تبعات جرائمه، وان خرج بريئا فهنيئا له، ولكن التوبه وابداء الندم ليسا كافيين.

المصدر | رأي اليوم

  كلمات مفتاحية

نوري المالكي الطائفية العراق

«المالكي» يهاجم الصحابة ويتهمهم بـ«تزوير القرآن» و«نشر الإرهاب»