استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الحروب الأميركية والفساد المالي

الجمعة 9 يناير 2015 05:01 ص

عندما رحت أتفكر في الأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط، تذكرت أسطورة من التراث القصصي الأميركي القديم هي قصة «الثعلب الشرير» و«الأرنب الماكر». وهذان المخلوقان اللذان تفتقت عنهما مخيلة الروائي والقاص «جويل شاندلر هاريس» ليس من المحتمل العثور على أخبارهما في الأوراق المطبوعة هذه الأيام لأنهما يعودان زمنياً إلى العصر الذي كانت فيه العبودية تمثل جزءاً لا يتجزأ من الواقع الأميركي.

وفي حقيقة الأمر، يمكننا أن نعثر على شذرات من هذه القصة في الأساطير الأفريقية القديمة على رغم أنها بقيت حيّة خلال القرن الحادي والعشرين تحت أسماء مستعارة في أفلام هوليوود الكرتونية.

ومن أبطال هذه الأسطورة «طفل القطران»، ويتألف من كتلة من القطران الأسود شكّلها الذئب بحيث يكون لها شكل طفل يلبس جلد أرنب ويمكنه أن يجذب انتباه المارّة. وإذا لمسه أحد منهم، فسيجد نفسه عالقاً في قطرانه لا يمكنه الانفلات منه بسبب طبيعته الدبقة حتى يتحول في النهاية إلى فريسة للذئب الذي يتضور جوعاً. وفي نهاية الأسطورة يرتكب الذئب خطأ ويقع في غابة كثيفة من الأشواك.

وتذكرنا هذه الأسطورة بقصة الأميركيين في الشرق الأوسط الذي تحول إلى ما يشبه «بقعة القطران». وقد حذرت صحيفة «نيويورك تايمز» في أحد أعدادها للأسبوع الجاري من غابة أشواك مماثلة تتجسد في ظاهرة الفساد المالي التي استشرت بين مسؤولين أميركيين وموظفين في الأمم المتحدة وشخصيات بارزة من الحكومة الأفغانية الجديدة. 

وقد تواترت مؤخراً أنباء تشير إلى أن سياسياً أفغانياً كبيراً طالب «برنامج الأمم المتحدة للتنمية» بتسليم حكومته مساعدة ببضعة ملايين من الدولارات سبق إقرارها من أجل دفع الرواتب والمنح الحكومية للوكالات الأمنية الأفغانية. وكان المفتش العام للصندوق الأميركي لإعادة البناء قد اشتكى مؤخراً من شكوك تحوم حول فضائح رشى واحتيال في وزارة الداخلية الأفغانية.

وفي العراق، كان انهيار الجيش العراقي العام الماضي أثناء محاولته تنفيذ هجوم شامل على مقاتلي «داعش» قد تم تفسيره على أنه يعود لفضائح فساد داخل فصائله التي أشرف على تدريبها عسكريون أميركيون. وكانت قيادات تلك الفصائل تهيئ للضباط فرصاً مفتوحة لسرقة رواتب الجنود الذين يترأسونهم.

وامتدت أذرع آفة الفساد حتى إلى مستويات الرتب العليا حيث أخذ كبار الضباط يتربّحون من خلال الخصم من الرواتب المستحقة للضباط الأدنى منهم رتبة. وغالباً ما كانت تواكب عمليات التموين بالأجهزة والمعدات التي يحتاجها الجيش العراقي فضائح السرقة والفساد المالي. وهذه الظاهرة منتشرة أيضاً في أفغانستان ودول أخرى.

وكانت الدول التي شهدت وقائع الحرب على الإرهاب التي انطلقت في عام 2001، وكلفت الولايات المتحدة مبالغ طائلة، بيئة مناسبة للفساد المالي استغلها «المتعاقدون الأميركيون» و«المافيات» التابعة لهم.

وفي واشنطن، لوحظت ظاهرة الميل إلى التغافل عن قضايا الفساد العسكرية في الدول الأخرى لأن برنامج الحروب الخارجية كان من المفترض أن ينتهي العمل به في عامي 2014 و2015. وقد كشفت الانتخابات النصفية التي أجريت الخريف الماضي أن الكثير من الأميركيين باتوا مقتنعين بأن قادتهم العسكريين ونوابهم في الكونجرس، قد قذفوا بالأمة الأميركية بأجمعها في أتون حرب لا نهاية لها في الشرق الأوسط. وأيضاً في أتون فساد دائم لا نهاية له.

ولقد أشرت عدة مرات في مقالاتي إلى أن التورط الأميركي في هذه الحروب يجب أن ينتهي من أجل مصلحة الأطراف كلها بما فيها حلف «الناتو» الذي وجد نفسه عالقاً في تلك الحروب بطلب من واشنطن، وكان يضحي فيها بالرجال والعتاد والأموال.

وقلت في مقال نشرته في عدد شهري يناير وفبراير 2015 من دورية «ذي أميريكان كونسيرفاتيف»، إن الأزمة التي يعيشها العديد من المجتمعات الإسلامية تعود في تاريخها إلى الفترة التي أعقبت انهيار الإمبراطورية العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى. وتحول هذه المجتمعات إلى دول مستعمرة أو بلدان واقعة تحت وصاية «عصبة الأمم» التي تحولت فيما بعد إلى الأمم المتحدة.

وكان رأيي واضحاً بأن الأجانب لا يمكنهم أن يحققوا للمسلمين السلام والاستقرار ووحدة الأوطان، بل عليهم أن يتعلموا مما فعله الأوروبيون عندما تمكنوا من تجاوز الصراع الذي كان قائماً بين البروتستانت والكاثوليك وانتهى بتوقيع معاهدة ويستفاليا عام 1648 التي خلقت نظاماً جديداً للتعايش الديني.

 

المصدر | خدمة «تريبيون ميديا سيرفس» - ترجمة الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية

الحروب الأميركية الفساد المالي العراق أفغانستان المسلمون الأجانب وحدة الأوطان السلام معاهدة ويستفاليا

فشل القيود في خفض «أسواق المال الوهمية»

الفساد بين تنامي «رأس المال الاجتماعي» و«سوق الظل» للخدمات