في احتفالات «نصر أكتوبر».. «التوغل الاقتصادي» للجيش أكثر حضورا

السبت 7 أكتوبر 2017 06:10 ص

وسط انتقادات واسعة واتهامات بتجاهل الدور العسكري، تزامنت الذكرى الـ 44 لحرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، مع تنام متزايد للدور الاقتصادي للجيش، إلى الحد الذي جعل الأنشطة الاقتصادية التي تقوم بها قطاعات الجيش المختلفة أكثر حضورا خلال احتفالات الانتصار الحربي من وظائفها العسكرية، وبات يعرف بـ«التوغل» و«التغول» الاقتصادي للمؤسسة العسكرية في مختلف المجالات.

وعلى الرغم من أن حضور الجيش بات شائعا في الفترة الأخيرة في قطاعات مثل الأغذية والبنى التحتية وصناعة الأدوية، لكن احتفالات الذكرى هذا العام، كشفت عن مزيد من توغل الجيش في الاقتصاد، وامتداد نشاط المؤسسة العسكرية المصرية لقطاعات جديدة مثل السينما، والإعلان عن الانتهاء من 84 مشروعا جديدا تشرف عليها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.

وخرج مدير إدارة الشؤون المعنوية في القوات المسلحة، اللواء «محسن عبدالنبي» ليؤكد أن احتفالات هذا العام ستشهد الافتتاحات لعدد كبير من المشروعات التنموية التي تشرف عليها القوات المسلحة، ومنها أكبر مركز للمؤتمرات والمعارض بجوار مسجد المشير حسين طنطاوي، الذي تم تجهيزه بأكبر وأحدث الإمكانيات، لاستقبال كل المعارض والمؤتمرات الدولية والمحلية.

وقال، في تصريحات للمحررين العسكريين، إن «برنامج احتفال نصر أكتوبر هذا العام الذي سيستمر طيلة الشهر الجاري سيشهد افتتاح عدد كبير من المشروعات القومية يصل عددها إلى 84 مشروعًا تشرف عليها القوات المسلحة إلى جانب المشروعات التي تنفذها إلى جانب القطاع المدني».

وأضاف: «مركز المؤتمرات سيضم معرضا دوليا على مساحة ضخمة تقام عليه معارض الأسلحة والطيران».

وتابع: «تم التعاقد بالفعل مع شركة عالمية لإقامة معرض دولي للسلاح في مايو/أيار المقبل».

وحسب «عبدالنبي» فمن المقرر أن يتم «تدشين مركز المؤتمرات الجديد خلال الأسبوع المقبل بانعقاد الندوة التثقيفية بعنوان «أكتوبر التحرير والبناء»، التي ستشهد العديد من الفعاليات الثقافية والغنائية ومنها كلمة للأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، عن دور التكامل العربي في تحقيق انتصارات أكتوبر، وجيهان السادات، قرينة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، تتحدث فيها عن لحظات فاصلة ودورها في حياة الزعيم الراحل خاصة في الأوقات التي سبقت حرب السادس من أكتوبر/ تشرين الأول، وعدد من أبطال القوات المسلحة».

وأضاف: «سيتم خلال الندوة عرض فيلمين الأول عن القاعة ومركز المؤتمرات، والثاني بعنوان «الشعب هو البطل»، إضافة إلى تقديم نماذج لأبطال القوات المسلحة وذويهم، وكذلك رموز العمل الإعلامي من المراسلين الحربيين إبان الحرب إلى جانب فقرة فنية من إنتاج الشؤون المعنوية من تلحين الملحن عمرو مصطفى وكلمات تامر حسين».

وطبقاً لعبد النبي «للمرة الأولى منذ انتصارات أكتوبر تقوم القوات المسلحة ممثلة في إدارة الشؤون المعنوية بإنتاج ثلاثة أفلام سينمائية عن بطولات الحرب والانتصار العظيم، وذلك بالمشاركة مع الشركات المتخصصة بالإنتاج السينمائي، على أن يكون دور القوات المسلحة تذليل كل العقبات وتقديم التسهيلات».

وأشار إلى أن «أبرز القصص التي تمت الموافقة عليها وسيتم تناولها سينمائيا هي فيلم عن جبل الحلال، ويتحدث عن دور قوات إنفاذ القانون في مواجهة الإرهاب، من تأليف باهر دويدار، وآخر عن البطل إبراهيم الرفاعي، من تأليف ناصر عبد الرحمن، والثالث عن ملحمة ومعركة كبريت، من تأليف وحيد حامد».

وكان رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا صورا لفندق «الماسة» التابع للجيش في العاصمة الإدارية الجديدة، واعتبروه يمثل بذخا في الإنفاق في وقت تعاني فيه مصر من أزمة اقتصادية، دفعتها للجوء للاقتراض من البنك الدولي.

والأخير فرض شروطا تتعلق بتخفيض الإنفاق الحكومي ما انعكس على تبني النظام المصري سياسات تعويم الجنيه، وأخرى تهدف لرفع الدعم عن المحروقات وفرض مزيد من الضرائب مثل «القيمة المضافة» التي طالت معظم السلع.

كل ذلك جعل المصريين يعانون من ارتفاع في الأسعار غير مسبوق، وشهد الاقتصاد المصري معدلات تضخم وصلت لـ 35% وهو معدل غير مسبوق.

عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية، انتقد الافتتاح الضخم لفندق الماسة، ودعوة مشاهير العرب لحضور وإحياء الحفل، وذلك تزامنا مع الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر، معتبرا أنه مشهد ابتزازي في ظل الزيادات الكبيرة في الأسعار ومعاناة المواطنين.

وغرد عبر حسابه في «تويتر» قائلا: «دماء جنود مصر فى مواجهة الصهاينة نحتفل بذكراها بافتتاح مصانع ومراكز بحث علمي وليس بمنتجعات بنيت في ظل صراخ الناس من الغلاء وانهيار كثير من الخدمات».

 

 

يأتي ذلك الافتتاح تزامناً مع الاحتفاء بـ«ذكرى الـ44 لانتصارات أكتوبر المجيدة»، حيث شهدت العاصمة الإدارية الجديدة، مساء الجمعة حفلا غنائيا بمناسبة افتتاح فندق «الماسة كابيتال» الذي يعد أحد أكبر وأفخم الفنادق على مستوى العالم. وأحيا الحفل نخبة من المطربين المصريين والعرب، على رأسهم الفنان تامر حسني، ونانسي عجرم، وحسين الجسمي.

توسع اقتصادي

ومنذ وصول عبدالفتاح السيسي إلى رأس السلطة في مصر، توسعت نشاطات الجيش الاقتصادية، خاصة في قطاعات البنى التحتية، حيث لجأ السيسي إلى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، أحد فروع الجيش وكلفها بالإشراف على التفريعة الجديدة لقناة السويس، وإنشاء مئات الوحدات السكنية لمحدودي الدخل، كما كلفها بتنفيذ البنية الأساسية للعاصمة المصرية الجديدة، التي أعلن الرئيس المصري إنشاءها في شرق القاهرة.

كما كانت أزمة حليب الأطفال التي شهدتها مصر العام الماضي، مؤشرا جديدا على توسع نشاطات الجيش الاقتصادية، حيث استورده الجيش بالتنسيق مع وزارة الصحة وطرحه في الأسواق بسعر أرخص بكثير.

وقال المتحدث باسم الجيش وقتها، إن القوات المسلحة قررت استيراد حليب الأطفال «بعد أن لاحظت قيام الشركات المختصة باستيراده باحتكاره لرفع سعره، ما تسبب في زيادة معاناة المواطن البسيط».

وبدأ الجيش المصري دخول قطاعات الاقتصاد المدني في عام 1979 عندما أصدر الرئيس المصري الأسبق أنور السادات قرارا بإنشاء جهاز «مشاريع الخدمة الوطنية» الذي سمح للقوات المسلحة بإنشاء مشاريع هادفة للربح، وتوسع الجيش في دوره في ظل عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، إلا أن دوره ظل منحصرا في قطاع التشييد والبناء.

ومع قدوم السيسي توسع دور الجيش بشكل كبير، بعد اعتماد الأخير على الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة في تنفيذ المشروعات التي يتبناها تحت زعم فشل مؤسسات الدولة المدنية أو ما أطلق عليه السيسي «شبه الدولة».

وأثار اتساع دور القوات المسلحة الاقتصادي انتقادات كثيرة أخيرا، ما دفع الرئيس المصري إلى الدفاع عن دور الجيش ونزاهته، قائلا «الجيش لا يأخذ جنيها واحدا يضعه في جيبه».

ويصعب تقدير حجم النشاط الاقتصادي للجيش في القطاعات المدنية، إذ أن القانون يحظر نشر أي أرقام تتعلق بتفاصيل موازنته، وهي القضية الخلافية الأولى التي اندلعت بين ائتلافات ثورة 25 يناير، والمجلس العسكري الذي تولى شؤون البلاد بعد الإطاحة بمبارك، حيث طالب شباب الثورة وقتها بعرض ميزانية الجيش على مجلس الشعب، ما رفضه الجيش.

وفي وقت سابق، قال «السيسي»، إن الأنشطة الاقتصادية للقوات المسلحة المصرية تعادل ما بين 1 إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وإن الجيش لا يتطلع لمنافسة القطاع الخاص.

ويتعارض حديث «السيسي» مع تقديرات لمراقبون وخبراء تقول إن الجيش يسيطر على ما يتراوح بين 50 و60% من الاقتصاد.

 

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

ذكرى نصر أكتوبر احتفالات أكتوبر 6 أكتوبر نصر أكتوبر توغل الجيش في الاقتصاد دور الجيش الاقتصادي

خاص.. الجيش المصري يستعيد 10 مليارات دولار من البنك المركزي