الغلاء والتعويم يهددان تقاليد الزواج في مصر

الاثنين 9 أكتوبر 2017 07:10 ص

بات الغلاء، واحدا من أبرز الأسباب التي تهدد تقاليد الزواج في الشارع المصري، جراء ارتفاع المهور، وزيادة أسعار  مستلزمات الزواج من أثاث وغيره، وإصرار قرى الريف على الالتزام بنمط من العادات يجبر الأسر على شراء هدايا ذهبية «الشبكة» بمبالغ كبيرة، وتنظيم احتفالات بالعرس تتكلف الكثير من الأموال.

قرية «باجة الشيخ» في أقصى جنوب الجيزة المتاخمة للعاصمة المصرية، تعاني من تلك المشكلة، واضطر وجهاء عائلات للجلوس والنقاش بخصوص «تقاليد الزواج» التي أثقلت كلفتها كاهل أهل القرية، التي يظهر من كل تفاصيلها الفقر المدقع لسكانها، بحسب صحيفة «الحياة».

وشهدت القرية، وغيرها من قرى مجاورة، توزيع منشورات تحض على عدم المغالاة في تكاليف الزواج، في ظل موجات الغلاء المتعاقبة منذ نحو 3 سنوات في مصر، وتبنى خطباء المساجد في الريف المصري دعوات لتيسير الزواج، وتقليل قيمة المجوهرات المقدمة كهدية للعروس.

وينتشر الفقر في نحو 4700 قرية، 70% منها في حاجة إلى مشاريع للصرف الصحي و66% من دون طرق معبدة و60% تخلو من المدارس و40% لا مستشفيات فيها.

وأشارت بيانات التعداد السكاني الذي أعلن قبل أيام، إلى أن حوالى 55 مليونا من بين 95 مليونا يسكنون الريف المصري، الذي تخطت نسبة الأمية فيه ثلث السكان.

ووفق تقديرات حكومية، فإن 57% من سكان ريف الوجه القبلي فقراء، مقابل 19.7% من ريف الوجه البحري لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية الغذائية وغير الغذائية.

يقول «هاني جمال» (42 عاما)، وهو أب لأربع فتيات، إن الزواج بات «هما لا يحتمل» في ظل تقاليد الأجداد التي غيرتها ظروف المعيشة.

يكمل: «الزوج الفقير كان يشتري ما لا يقل عن 200 غرام من الذهب قبل سنوات لزوجته، لكن تلك الهدية أصبحت الآن ثروة في حد ذاتها، فقد تضاعفت أسعار الذهب في العامين الأخيرين مرة ونصفا على أقل تقدير ليباع الغرام الواحد (عيار 21 الأكثر رواجا في مصر) بنحو 720 جنيها»،(الدولار يعادل نحو 17.5 جنيه).

ويطالب الرجل الأربعيني بتغيير عادات الزواج على رغم أن ذريته كلها إناث، لكنه أيضا مضطر للاستدانة لتزويج بناته، فوفق العادات يلتزم أهل العروس بإهداء أهل العريس دابة ردا للهدية الذهبية، قائلا: «رأس الماشية الواحدة يتخطى سعرها الآن 30 ألف جنيه، وهو مبلغ لا أستطيع تدبيره».

وتشير نتائج عن الإنفاق، نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) العام الماضي، إلى أن الأسر في الحضر تنفق أكثر من مثيلاتها في الريف في كل بنود الإنفاق محل البحث، عدا السلع غير الاستهلاكية التي تضم الذهب.

وخلال الجلسة التي شارك فيها عشرات من سكان القرية الفقيرة، تبادل الأهالي الشكوى من المغالاة في مسألة تبادل الهدايا بين أهالي العروسين، فالعروس ملزمة بشراء هدية ذهب لأم العريس.

وعلى رغم أن «عش الزوجية» في الغالب مكون من غرفة واحدة ملحقة بمنزل أهل العريس، إلا أن الطرفين يغاليان في متطلبات تأثيث تلك الغرفة، فالعروس تشتري أجهزة كهربائية تستخدمها غالبا أسرة العريس، الذي يلتزم بتدبير أثاث ربما لن يستخدمه طيلة عمره.

وقال الشيخ «فتحي سيد»، وهو أحد وجهاء القرية، إن «المغالاة في تكاليف الزواج سببها التباهي بين العائلات والسكان»، مضيفا: «بعض الفلاحين يبيعون ماشيتهم من أجل شراء ثلاجة أو غسالة ربما لا يوجد مكان لها في المنزل، وفي الغالب يتم تخزينها، فقط من أجل المقارنات التي تتم بين الزيجات المختلفة».

وأوضح أن القفزات التي شهدتها الأسعار في السنوات الأخيرة أجبرت العائلات على النظر في تلك العادات، والاتفاق مبدئيا على إلغاء عادة تبادل الهدايا بين أهالي العروسين، وأن يشتري العريس مقدار طاقته من الذهب، ولا تلتزم العروس بإهداء والدته شيئا، كما تم الاتفاق على شراء الحاجات الضرورية من الأثاث والأدوات المنزلية لتسهيل الزواج. وتوقع الشيخ الستيني أن تتوارى عادات الزواج القديمة تدريجيا بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، على رغم الممانعة التي تعززها التقاليد والأعراف الموروثة.

ويتوارث الريف المصري عادات قديمة باتت من تقاليد الزواج، دون النظر إلى تغير الحال، وزيادة الأسعار، وانهيار القوة الشرائية للعملة المصرية، منها إقامة مأدبة ضخمة لأهالي القرية قبل الزواج (ليلة الحنة)، وإرسال «عشاء فاخر» لأهل العريس على مدار أسابيع، وشراء هدية من الذهب لابنتهم حال قدومها إليهم في أول زيارة بعد زواجها، فضلا عن كتابة مبالغ كبيرة في عقد الزواج (مؤخر الصداق)، وقيمة «الشبكة».

ويعاني الجنيه المصري وضعا متدهورا منذ قرار التعويم في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فضلا عن قرارات حكومية بخفض الدعم وفرض مزيد من الضرائب، وزيادة أسعار السلع الغذائية. 

  كلمات مفتاحية

مصر الزواج الغلاء المهور العنوسة التعويم