«رويترز»: «أوناسيس سوريا» اشترى القمح سرا من «الدولة الإسلامية»

الأربعاء 11 أكتوبر 2017 02:10 ص

كشفت وكالة «رويترز» أن عضوا في برلمان النظام السوري أجرى تعاملات مع تنظيم «الدولة الإسلامية» بشكل سري لشراء القمح من أجل توفير الغذاء في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة نظام «بشار الأسد».

وقال مزارعون ومسؤولون إداريون في الرقة المعقل السابق للتنظيم إن هذا الترتيب ساعد حكومة النظام السوري في توفير الغذاء في المناطق التي لا تزال تحت سيطرتها بعد أن سيطر التنظيم على منطقة زراعة القمح في شمال شرق سوريا خلال الحرب الدائرة منذ ست سنوات.

ونقلت الوكالة عن مزارعين ومسؤولين إداريين في محافظة الرقة، إن تجارا يعملون لحساب رجل الأعمال السوري «حسام قاطرجي» عضو مجلس الشعب كانوا يشترون القمح من المزارعين في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، وينقلونه إلى دمشق، وسمح ذلك للتنظيم بأخذ حصة من القمح.

وأكد «محمد كساب»، مدير مكتب «قاطرجي»، أن مجموعة قاطرجي كانت تزود المناطق الخاضعة للحكومة بالقمح من شمال شرق سوريا عبر أراضي «الدولة الإسلامية»، لكنه نفى وجود أي اتصال مع التنظيم.

ولم يتضح مدى علم «الأسد» بعمليات شراء القمح.

ويمثل التعاون في تجارة القمح بين شخصية من مؤسسة الحكم في سوريا، التي تدعمها إيران، والتنظيم مفارقة جديدة.

واتصلت «رويترز» بمكتب «قاطرجي» ست مرات لكنها لم تستطع مكالمته.

وقال مدير المكتب إن مجموعة «قاطرجي» لم تجر أي اتصالات بـ«الدولة الإسلامية»، لكنه أكد أنها اشترت القمح من مزارعين في شمال شرق سوريا ونقلته عبر الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم إلى العاصمة السورية دمشق.

وسئل «كساب» مدير مكتب «قاطرجي» عن الكيفية التي استطاعت بها الشركة شراء القمح ونقله دون أي اتصال بـ«الدولة الإسلامية»، فقال: «لم يكن ذلك سهلا. كان الوضع في غاية الصعوبة».

وعندما طلبت «رويترز» التفاصيل من «كساب»، اكتفى بالقول إن الموضوع يطول شرحه، ولم يرد بعد ذلك على مكالمات أو رسائل أخرى.

وروى خمسة مزارعين في الرقة كيف كانوا يبيعون القمح لتجار «قاطرجي» خلال حكم «الدولة الإسلامية» وذلك في مقابلات جرت في مبنى المجلس المدني للرقة الذي تشكل لتولي إدارة الأمور بمجرد استعادة المدينة.

عملية منظمة

وقال «محمد الهادي»، الذي يملك أرضا زراعية بالقرب من الرقة وجاء مثل المزارعين الآخرين إلى مقر المجلس طلبا للمساعدة (العملية كانت منظمة).

وأضاف: «كنت أبيع لتجار صغار كانوا يرسلون القمح للتجار الكبار الذين كانوا يرسلونه إلى قاطرجي والنظام من خلال تاجرين أو ثلاثة».

وقال هو والمزارعون الآخرون إنهم كانوا جميعا مضطرين لدفع الزكاة بنسبة 10% لـ«الدولة الإسلامية»، وكانوا يبيعون كل إنتاجهم خلال الموسم لتجار «قاطرجي».

وقال المسؤولون المحليون إن تجار «قاطرجي» كانوا يشترون القمح من الرقة ودير الزور ويعطون «الدولة الإسلامية» 20%.

وقال «أوس علي»، النائب في مجلس القيادة المشتركة للطبقة، وهو مجلس مماثل للمجلس المدني في الرقة لمرحلة ما بعد «الدولة الإسلامية» متحالف مع القوات التي يقودها الأكراد وتهاجم الرقة الآن، «إذا كانت شاحنة تحمل 100 جوال كانوا يحتفظون بـ20 ويعطون الباقي لسائق الشاحنة».

وأوضح «علي» أنه علم بتفاصيل بيع القمح لـ«قاطرجي» من خلال التحدث مع معتقلين لدى «الدولة الإسلامية» وآخرين كانوا يعملون في تحصيل الضرائب ورسوم الطرق للتنظيم.

وأضاف «شاحنات قاطرجي كانت معروفة والشعار عليها كان واضحا ولم تكن تتعرض لأي مضايقات»، مشيرا إلى أن رجال «قاطرجي» نشطوا خلال موسم الشراء الأخير من مايو/آيار إلى أغسطس/آب.

وقال المزارعون أيضا إنه كان من السهل التعرف على شاحنات «قاطرجي».

وبين «علي» وعدة مصادر أخرى أن سائقي الشاحنات كان مسموحا لهم بتدخين السجائر أثناء مرورهم بالحواجز الأمنية رغم أن التنظيم كان يعاقب غيرهم من المدخنين بالجلد.

ولفت المزارع «علي شنان» مستخدما اسما شائعا للتنظيم: «كنت أبيع محصول الموسم كله لتجار قاطرجي، فهم تجار معروفون، وكانت الحواجز الأمنية توقف الشاحنات ويأخذ داعش حصته ويسمح لها بالمرور».

المزارعون والمسؤولون المحليون أشاروا إلى أن القمح كان ينقل عن طريق الجسر الجديد على نهر الفرات إلى طريق يؤدي إلى خارج الرقة، ومن غير الواضح الآن ما هي الجهة التي تسيطر على الجسر مع اقتراب هزيمة المسلحين في المدينة.

وقال المحامي «عبدالله العريان» المقيم في الرقة إن بعض تجار «قاطرجي» كانوا عملاء لديه، مضيفا أن شاحنات «قاطرجي» كانت تجلب إمدادات للمناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم.

وأضاف: «كان الغذاء يأتي من مناطق تسيطر عليها الحكومة، الدواء والغذاء».

وقال عدة مزارعين إنهم شاهدوا وثائق لـ«الدولة الإسلامية» كانت مختومة بأختام في الحواجز الأمنية للسماح بمرور شاحنات القمح، وكانت تلك الوثائق صادرة عن الإدارة المعنية بفرض الضرائب.

وربما يكون التنظيم قد صدر بعضا من القمح، وقال المسؤولون المحليون والمزارعون إن المسلحين وكذلك إحدى جماعات المعارضة باعوا محتويات صوامع الغلال لتجار على الجانب الآخر من الحدود التركية.

«أوناسيس» سوريا

و«قاطرجي» اسم مألوف في الرقة وما حولها وفي مناطق أخرى، وقد شبهه مزارع بإمبراطور صناعة النقل البحري اليوناني الراحل «أريستوتل أوناسيس» فقال «قاطرجي هو أوناسيس سوريا».

وعلى صفحة «قاطرجي» على «فيسبوك» يظهر في صورة وهو يصافح «الأسد»، كما أنه كثيرا ما ينشر صورا له.

وهو عضو في البرلمان عن حلب التي شهدت معارك ضارية واستردتها الحكومة أواخر العام الماضي، ويمثل فردا من طبقة أعمال جديدة ارتفع نجمها خلال الحرب.

وقبل الأزمة السورية، وصل إنتاج البلاد إلى 4 ملايين طن من القمح سنويا، كانت دمشق تصدر منها نحو 1.5 مليون طن.

وفي العام الماضي، أدى العنف ونقص الأمطار إلى انخفاض إجمالي حجم المحصول في البلاد إلى 1.3 ملايين طن، وهو أدنى مستوى في 27 عاما، بحسب تقديرات «الأمم المتحدة».

المصدر | رويترز + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سوريا القمح الدولة الإسلامية بشار الأسد