خبيرة: الاقتصاد المصري وقع في الفخ و«المركزي» في ورطة

السبت 11 نوفمبر 2017 04:11 ص

أكدت خبيرة اقتصادية، تورط البنك المركزي المصري في مديونية كبيرة، يتطلب سدادها أربعة أضعاف إيرادات قناة السويس، خلال العام المالي الجاري 2017-2018.

وقالت الباحثة بـ«المبادرة المصرية للحقوق الشخصية»(حقوقية مستقلة)، «سلمى حسين»، إن البنك المركزي ينخرط في دائرة من الاقتراض غير المتناهي، معظمها من الدول العربية (السعودية والإمارات والكويت)، سواء في شكل ودائع (لا نعرف معدل الفائدة عليها)، أو في شكل قروض لشراء منتجات بترولية.

وأضافت «سلمى»، في مقالها المنشور بصحيفة «الشروق»(خاصة)، تحت عنوان «سلفني ثلاثة دولار»، أن «ثلاثة دول عربية تتحكم في أكثر من ربع الدين الخارجي، وهو الربع الأكثر حساسية، وفق تعبيرهاح لأنه يمس سلعا أساسية لحياة المصريين، وبشروط فيها من السياسة أكثر من الاقتصاد، وليس فيها من التنمية شيء».

وتابعت رئيسة قسم الاقتصاد سابقا بصحيفة «اﻷهرام إبدو»(حكومية)، قائلة: «والنتيجة أنه خلال العام 2017-2018، ينبغي على مصر أن تدبر 18.7 مليار دولار، لتسدد ديونها. وهو مبلغ نحتاج لأربعة أضعاف إيرادات قناة السويس كي نستطيع توفيره. لكن الأخطر، أنه سيخرج من هذه البلد ما يعادل 334 مليار جنيه بالعملة الصعبة (ثلاثة أضعاف ميزانية التعليم الحالية)».

وحول مؤشرات تلك الورطة، أشارت «حسين» إلى إعلان محافظ البنك المركزي «طارق عامر» عن مفاوضات لمد أجل سداد بعض القروض المستحقة للعام القادم، من الإمارات، فضلا عن احتمال توقف صفقة شراء 12  طائرة رافال جديدة لارتفاع مخاطر مصر في السداد، ومؤخرا، أدرجت مؤسسة «ستاندرد آند بورز»، مصر، ضمن قائمة «أضعف خمسة».

وهذه القائمة تضم أكثر الدول التي سوف تتأثر عملتها بسبب السياسة النقدية الأمريكية الحالية. نظرا لأن قروض مصر الخارجية معظمها بالدولار، ونظرا لأن الدولار سوف يشهد عالميا زيادة في قيمته، وارتفاع سعر الفائدة عليه، لذا هناك مخاوف بأن ينخفض سعر الجنيه، ثانيا أمام الدولار، وتعتبر تلك إشارة تحذير للسوق العالمي أن سداد الديون الخارجية المصرية سيصبح أعلى تكلفة كما سترتفع الفائدة على القروض الخارجية المصرية.

وحذرت الباحثة الحاصلة على الماجستير في السياسات العامة من الجامعة الأمريكية، من أن الموازنة العامة كانت قد قامت على افتراض سعر الدولار 16 جنيها، وسعر برميل النفط 55 دولارا، لكن الأرجح أن تزيد الفاتورة على أنغام أبواق الحروب السعودية ضد «حزب الله» اللبناني.

وارتفع سعر برميل خام برنت إلى نحو 64 دولارا، مع تصاعد التوتر بين السعودية وإيران، على خلفية قصف الحوثيين في اليمن، العاصمة الرياض، بصاروخ باليستي، الأسبوع قبل الماضي.

وتابعت: «بعد عام من التعويم، عملة مصر في وضع أضعف، والحكومة غير قادرة على زيادة مواردها الدولارية، ومضطرة إلى مزيد من الاقتراض كي تسدد فواتير قروض الأعوام الأربعة الماضية»، مؤكدة أن الاقتصاد المصري في وضع أكثر هشاشة عنه في عام مضى.

و«خلف الكواليس، يعلم كاتب السيناريو الورطة، في الحقيقة، لم يستقر سعر الصرف بسبب إتاحة الدولارات من مصادر مستقرة مثل قناة السويس والسياحة والصادرات والاستثمارات والتحويلات، بل بسبب فرط الاقتراض بالدولار من الخارج، وهو ما يسمى فخ المديونية، وهو أن تضطر الدولة إلى الاقتراض، لا لتلبي احتياجات التنمية، بل لكي تسدد قروضها السابقة، ويسمى فخا، لأنه مغرٍ جدا، فطالما ظل المقرضون راضين عنك سياسيا أو واثقين في قدرتك على السداد لهم، سيقرضونك المزيد»، وفق «حسين».

ووصفت «سلمى»، تلك السياسة التي بدأها البنك المركزي منذ انتخاب الرئيس «عبدالفتاح السيسي»، بسياسة «سلفني ثلاثة دولار»، والتي ترتب عليها قفزة في الدين الخارجي مرة واحدة بـ25%، خلال العام الماضي، قبل التعويم. ثم قفز خلال العام الحالي بمعدل أكبر، هو 41%. أي تقريبا تضاعف الدين الخارجي بعد التعويم، أو بسبب التعويم.

ويبلغ حجم الدين الخارجي لمصر 79 مليار دولار، يضاف إليه  18 مليار دين خارجي متخفٍ في صورة دين محلي،  حيث أقبل الأجانب على شراء أوراق الدين المحلي قصيرة الأجل، مع إعفائهم من الضرائب التي تفرضها الدول الرأسمالية والناشئة على خروج الأموال الساخنة.

و«الأموال الساخنة» تعبير يطلق على الأموال التي تدخل البلاد لتحقق عائدا، ضمن الأعلى في العالم، بعد أن رفع البنك المركزي سعر الفائدة إلى أكثر من 18% بالتزامن مع التعويم، عن طريق شراء أسهم أو أوراق دين حكومي، وتخرج سريعا باحثة عن مصدر جديد للربح السريع، بدون تحقيق تنمية أو خلق وظائف.

وارتفع الدين الخارجي لمصر إلى 79 مليار دولار في نهاية يونيو/حزيران 2017، مقابل 55.8 مليارات دولار في يونيو/حزيران 2016؛ أي بزيادة تبلغ نحو 23 مليار دولار تم اقتراضها خلال عام واحد، وفق بيانات رسمية.

ويبلغ إجمالي الدين العام المحلى المصري 3.079 تريليون جنيه في نهاية مارس/آذار الماضي، منه 86.2% مستحق على الحكومة، و5.9% على الهيئات العامة الاقتصادية، و7.9% على «بنك الاستثمار القومي».

ومنذ الانقلاب العسكري في يونيو/حزيران 2013، توسعت الحكومة المصرية في الاقتراض الداخلي والخارجي بنسب كبيرة خلال السنوات الأخيرة في ظل انكماش دخلها من السياحة وتحويلات المغتربين وقناة السويس والصادرات والاستثمارات.

المصدر | الخليج الجديد + صحف

  كلمات مفتاحية

مصر البنك المركزي طارق عامر صندوق النقد تعويم الجنيه سلمى حسين