قطر وتركيا.. 15 قمة خلال 39 شهرا تجسد علاقات استراتيجية

الأربعاء 15 نوفمبر 2017 07:11 ص

وصل الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، إلى الدوحة، مساء الثلاثاء، في زيارة رسمية هي الثالثة له خلال تسعة أشهر، والثانية منذ بدء الأزمة الخليجية، 5 يونيو/حزيران الماضي، ويلتقي خلالها أمير قطر الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني»، الأربعاء.

وقمة اليوم هي الثانية بين الزعيمين خلال شهرين، والرابعة في العام الجاري، والخامسة عشرة منذ تولي «أردوغان» الرئاسة، في 28 أغسطس/آب 2014، وهو عدد قياسي من القمم بين دولتين خلال مثل هذه الفترة.

وقطر هي آخر محطة في جولة آسيوية لـ«أردوغان» بين 13 و15 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، شملت أيضاً روسيا والكويت.

وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية «إبراهيم قالن»، إن «أردوغان» سيشارك في الاجتماع الثالث للجنة الاستراتيجية التركية - القطرية، ويتبادل الآراء بشأن العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية، ومنها التطورات بسوريا والعراق ومنطقة الخليج.

أهمية خاصة

وتكتسب زيارة «أردوغان»، لقطر أهمية خاصة لأسباب عديدة، منها أنها زيارته الثانية منذ اندلاع الأزمة الخليجية، ما يجعله الزعيم الوحيد الذي زار الدوحة مرتين منذ بدء الأزمة.

وقطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، في 5 يونيو/حزيران الماضي، علاقاتها مع قطر، ثم فرضت عليها إجراءات تعتبرها «مقاطعة» وتراها الدوحة «حصاراً ينتهك القوانين الدولية»، وذلك بدعوى دعم قطر للإرهاب، وهو ما تنفيه الأخيرة.

كما تشهد الزيارة عقد اجتماع الدورة الثالثة للجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين، ومن المقرر التوقيع خلالها على عشر اتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم، تشمل اتفاقية حماية الاستثمارات، والتوأمة بين ميناء حمد وموانئ تركية، إضافة إلى مجالات الإعلام والزراعة والسياحة والنقل، بحسب السفير التركي لدى الدوحة «فكرت أوزر»، في تصريح سابق لـ«الأناضول».

وفي 2 ديسمبر/كانون الأول 2015، عقدت اللجنة المشتركة أول اجتماعاتها في الدوحة، برئاسة «أردوغان» والشيخ «تميم»، وشهدت توقيع 15 اتفاقية، بينما كان الاجتماع الثاني بمدينة طرابزون شمالي تركيا، يوم 18 ديسمبر/كانون أول 2016.

كما تأتي زيارة «أردوغان» في توقيت مهم للغاية؛ نظراً للتطورات المتلاحقة بالمنطقة، سواء على صعيد الأزمة الخليجية، أو تصاعد التوتر بين السعودية وإيران، وهو ما يزيد أهمية إجراء مباحثات تركية - قطرية.

وترصد «الأناضول»، في الإطار التالي أبرز ملامح العلاقات الوثيقة بين قطر وتركيا:

15 قمة و40 اتفاقية

قمة اليوم، هي الـ15 بين «أردوغان» والشيخ «تميم»، خلال الـ39 شهراً الماضية، بمتوسط قمة كل شهرين ونصف الشهر، وهو رقم قياسي في تاريخ العلاقات بين البلدين، وربما في تاريخ العلاقات الدولية.

وتأتي هذه القمة بعد شهرين من قمة أنقرة، في 14 سبتمبر/أيلول الماضي، خلال أول زيارة خارجية لأمير قطر، بعد اندلاع الأزمة الخليجية، حيث كانت تركيا هي وجهته الأولى.

وقبل قمة أنقرة عقدت قمتان العام الجاري، إحداهما في 24 يوليو/تموز الماضي، خلال جولة لأردوغان استهدفت الدفع نحو حل الأزمة الخليجية، وقبلها عقدت قمة بالدوحة، يوم 14 فبراير/شباط الماضي.

وجاءت قمة الدوحة بعد شهرين من قمة طرابزون، التي عقد خلالها الاجتماع الثاني للجنة الاستراتيجية العليا المشتركة، برئاسة زعيمي البلدين، يوم 18 ديسمبر/كانون الأول 2016.

وقمة طرابزون هي إحدى خمس قمم تركية - قطرية خلال 2016، فيما شهد العام السابق له أربع قمم، توجت بانعقاد الاجتماع الأول للجنة الاستراتيجية العليا، خلال زيارة «أردوغان» لقطر، يوم 1 ديسمبر/كانون الأول 2015 .

بينما شهد عام 2014 قمتين، إحداهما وقع البلدان خلالها على مذكرة تفاهم لتأسيس لجنة للتعاون الاستراتيجي رفيع المستوى، أثناء زيارة أمير قطر لأنقرة، يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 2014، واستبقتها قمة عقدت خلال زيارة «أردوغان» لقطر، يومي 14 و15 سبتمبر/أيلول 2014، وكانت زيارة «أردوغان» هي الأولى لدولة عربية بعد تسلمه الرئاسة.

وخلال هذه القمم، تم توقيع أكثر من 30 اتفاقية ومذكرة تفاهم وتعاون في كل المجالات، ومن المتوقع ارتفاعها إلى 40 اتفاقية في ختام زيارة «أردوغان» الحالية.

وسارت تلك القمم، بخطى ثابتة وسريعة نحو تعزيز العلاقات المشتركة، إذ جرى خلال قمم 2014 وضع أسس وقواعد لشراكة استراتيجية، بإنشاء لجنة استراتيجية عليا بين البلدين، في قمة ديسمبر/كانون الأول 2014.

وشهد عام 2017، اختباراً حقيقياً لمتانة العلاقات بين البلدين، ونجحت فيه تركيا بامتياز في دعم قطر، وإمداداها بكل احتياجاتها، إثر الإجراءات التي فرضها الرباعي العربي على الدوحة، ضمن الأزمة الخليجية.

محطات بارزة في 2017

القمم القطرية - التركية، وما صاحبها من اتفاقيات أعقبها تعاون متنامٍ في المجالات العسكرية والاقتصادية والصحية والرياضية، ظهرت ملامحه عبر محطات عديدة خلال الأعوام الماضية عامة، وفي 2017 خاصة، ومن أبرز هذه المحطات خلال العام الجاري:

17 يناير/كانون الأول

افتتاح أول مستشفى تركي (خاص) في قطر، باستثمار 82 مليون دولار أمريكي.

22 فبراير/شباط

فوز التحالف القطري التركي، المتمثل في شركتي «هندسة الجابر» القطرية و«تكفن» التركية القابضة الرائدة في قطاع البناء والتشييد، بمناقصة بناء ملعب «الثمامة» القطري، أحد ملاعب كأس العالم لكرة القدم 2022، بتكلفة بمليار و250 مليون دولار.

19- 21 أبريل/نيسان

استضافت الدوحة فعاليات معرض «إكسبو تركيا في قطر»، بمشاركة 145 شركة تركية بمختلف القطاعات، حيث عرضت منتجاتها، بهدف زيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات المتبادلة بين البلدين.

يوليو/تموز

إقامة قاعدة عسكرية تركية بقطر، ونشر قوات برية تركية بها، ضمن اتفاقية وقعها البلدان في 19 ديسمبر/كانون الأول 2014.

5- 7 أغسطس/آب

أجرى البلدان بين 5 و6 أغسطس/آب الماضي مناورات برية عسكرية باسم «الدرع الحديدي»، أعقبتها مناورات بحرية مشتركة يومي 6 و7 من الشهر نفسه، وذلك تفعيلاً لبنود الاتفاقيات الدفاعية بين البلدين.

5 نوفمبر/تشرين الثاني

افتتح وزير الدفاع التركي «نور الدين جانيكلي»، ونظيره القطري «خالد بن محمد العطية»، في الدوحة مركز أنظمة محاكاة الطائرة المروحية «AW139»، وهو أكبر مركز تركي للصناعات الدفاعية بقطر.

18 ديسمبر/كانون الأول المقبل

من المقرر، وللمرة الأولى في تاريخ قطر، افتتاح مصنع محلي للذخيرة، بالتعاون مع شركة تركية، بالتزامن مع اليوم الوطني القطري، وفق السفير التركي لدى الدوحة في تصريح سابق.

الأزمة الخليجية.. «شكراً تركيا»

الشراكة المثالية بين البلدين ظهرت جلية في دعم أنقرة للدوحة، إثر فرض السعودية والإمارات والبحرين ومصر إجراءات عقابية على قطر، بينها إغلاق المنفذ البري الوحيد، الذي كان يتم عبره استيراد نسبة كبيرة من المواد الغذائية من السعودية والإمارات.

وأسرعت تركيا في إرسال المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية إلى قطر، حيث جرى تشكيل لجان طارئة مشتركة بين وزارتي اقتصاد البلدين.

وقال السفير التركي لدى الدوحة، في تصريح سابق للأناضول، إن «ما قامت بها تركيا كان له دور كبير في تخطي الصدمة الأولى من النقص الغذائي المفاجئ».

وبلغ حجم الصادرات التركية إلى قطر، بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول 2016، نحو 114 مليون دولار، وارتفع إلى 216 مليون دولار في الفترة نفسها من العام الحالي، وفق اتحاد المصدرين بمنطقة بحر إيجه التركية.

ولتعزيز التبادل التجاري بين البلدين، تم الاتفاق بين المسؤولين في كل من قطر وتركيا وإيران، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على تدشين الخط البري قطر - تركيا، مروراً بإيران، بحسب السفير القطري لدى أنقرة «سالم بن مبارك آل شافي».

وسيتيح الاتفاق نقل البضائع بالشاحنات برّاً من تركيا إلى إيران، ثم تنقل من الموانئ الإيرانية عبر سفن «الرورو» إلى ميناء «حمد» في قطر.

ولعبت تركيا دوراً بارزاً في محاولة الدفع نحو حل الأزمة الخليجية عبر الحوار، حيث قام الرئيس التركي بجولة خليجية يومي 23 و24 يوليو/تموز الماضي، شملت السعودية والكويت وقطر.

و«أردوغان» هو أول رئيس دولة يقوم بجولة خليجية لدعم وساطة الكويت، والسعي لحل الأزمة الخليجية.

وعن دور أنقرة في الوساطة، قال السفير القطري لدى أنقرة: «نثمّن الدور التركي عالياً، ونقدّر الجهود الحثيثة التي بذلها المسؤولون الأتراك، وعلى رأسهم الرئيس أردوغان لحل الأزمة الخليجية منذ لحظة اندلاعها، كما نشكرهم كذلك على دعمهم القوي لدور الكويت الرئيسي في الوساطة».

تعاون اقتصادي متنامي

اقتصادياً، بلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا وقطر 700 مليون دولار، في 2016، صعوداً من 15 مليوناً مطلع الألفية الحالية، مع توقعات بزيادة التبادل العام الجاري، في ظل التعاون المتنامي بين البلدين.

وبلغت الاستثمارات القطرية في تركيا، بين 2011 و2016، نحو 1.29 مليار دولار، وسط رغبة متزايدة لدى المستثمرين القطريين للاستثمار في تركيا، بفضل طبيعية العلاقات السياسية المتميزة بين البلدين.

وحالياً يوجد في قطر حوالي 186 شركة قطرية تركية مشتركة، وحوالي 19 شركة تركية بملكية كاملة، وفقا لأرقام غرفة تجارة قطر.

وتتركز أنشطة تلك الشركات في قطاعات البنية التحتية والمقاولات والإنشاءات والاستشارات الهندسية والتجارة، ويزيد حجم المشروعات التي تنفذها شركات تركية في قطر عن 11.6 مليار دولار.

وتضاعف عدد القطريين الذين يزورون تركيا من 600 فقط قبل أعوام إلى 36 ألف قطري سنوياً.

ويستمر عدد الزائرين القطريين في الارتفاع، خاصة بعد دخول اتفاقية الإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحملة جوازات السفر العادية لمواطني الدولتين، حيز التنفيذ مايو/آيار 2016.

تناغم سياسي متزايد

سياسياً، يوجد تناغم سياسي كبير بين البلدين واتفاق في وجهات النظر تجاه الكثير من قضايا المنطقة، مثل الأزمات في سوريا وليبيا واليمن والوضع بالعراق.

وتمثل العلاقات بين تركيا وقطر نموذجاً يحتذى به تسعى تركيا إلى تكراره مع بقية دول الخليج.

وفي ظل هذا التعاون الاقتصادي المتنامي والتناغم السياسي المتزايد يعول الكثيرون إقليمياً ودولياً على القمم التي تعقد بين الزعيمين التركي والقطري في بلورة حلول ورؤى للقضايا والأزمات التي يشهدها الشرق الأوسط، ولا سيما في وقت تعصف فيه بالمنطقة توترات كبيرة.

  كلمات مفتاحية

العلاقات القطرية التركية اتفقيات الأزمة الخليجية أردوغان اقتصاد تميم علاقات ثنائية

قطر تطلق برنامجا سياحيا باللغة التركية لجذب السياح

«كيو سور» لتصنيع الزي العسكري.. تعاون تركي قطري جديد