عشية مؤتمر «الرياض2».. استقالات بالجملة من الهيئة العليا السورية للمفاوضات

الثلاثاء 21 نوفمبر 2017 06:11 ص

أعلن منسق الهيئة العليا للمفاوضات السورية «رياض حجاب» وعشرة من أعضاء الهيئة استقالتهم، وذلك عشية انعقاد مؤتمر «الرياض2» الذي يجمع أطيافا من المعارضة السورية، وسط أنباء تفيد بأن السعودية مارست ضغوطا للإطاحة بمعظم أعضاء الهيئة من المعروفين بتمسكهم بعدم تقديم تنازلات جوهرية حيال مصير رئيس النظام السوري «بشار الأسد»، في أي مرحلة انتقالية سياسية.

ومن بين المستقيلين الناطق الإعلامي باسم الهيئة «رياض نعسان آغا»، كما ضمت قائمة المستقيلين كلا من «سامر الحبوش» و«أبو صلاح الشامي» و«أبو أسامة الجولاني» و«عبدالعزيز الشلال» و«سهير الأتاسي» و«أبوبكر جيش» و«سالم المسلط» و«عبدالحكيم بشار».

وأعلن «حجاب»، أمس الإثنين، استقالته من منصبه، بعدما تولى منصبه كمنسق للهيئة في ديسمبر/كانون الأول 2015، ولم يذكر في بيانه، سبباً مباشراً لاستقالته، لكنه استعرض الظروف التي تولى فيها المسؤولية.

وقال «حجاب» إن «التحديات التي واجهها لتمثيل تطلعات الشعب السوري في عملية الانتقال السياسي والتحول الديمقراطي، متسلحين بمبادئ الثورة ومرجعيتها، الأمر الذي ساعدنا على الصمود أمام محاولات خفض سقف الثورة وإطالة أمد نظام بشار الأسد، وعلى التصدي لمحاولات بعض القوى الخارجية اقتسام بلادنا إلى مناطق نفوذ ضمن اتفاقات جانبية يتم إبرامها بمنأى عن الشعب السوري»، في إشارة ضمنية إلى صعوبة الاستمرار في تحقيق هذه الأهداف خلال المرحلة المقبلة.

كما ذكر «حجاب» في بيان استقالته، أنه «على الرغم من تباين المواقف وتعدد الآراء، بقيت الهيئة متماسكة نتيجة الجهد الذي بذلناه لتقريب وجهات النظر، حيث مددنا قنوات التواصل والتنسيق بين مختلف مكوناتها، وعملنا في الوقت نفسه على النأي بأنفسنا عن أية اصطفافات خارجية للمحافظة على استقلالنا وسيادة قرارنا الوطني».

وتابع: «أجد نفسي اليوم مضطرا لإعلان استقالتي من الهيئة العليا للمفاوضات متمنياً لها المزيد من الإنجاز، ولبلدي الحبيب سوريا السلم والأمان والاستقرار».

سبب الاستقالة

بينما أوضحت عضو الهيئة «سهير الأتاسي»، سبب استقالتها من الهيئة العليا للمفاوضات قائلة في تغريدة لها عبر «تويتر»: «أنضم للأحرار في الهيئة لعليا للمفاوضات بإعلان استقالتي بعد أن تم تجاوز إرادة السوريين والهيئة العليا كمؤسسة وطنية في تنظيم وهندسة مؤتمرالرياض2».

 

 

 

 

من جانبه، قال الرئيس السابق للائتلاف السوري المعارض «خالد خوجة» لـ«الجزيرة» إن «الاستقالات لم تكن مفاجئة بعد المحاولات المستمرة لخفض السقف التفاوضي للهيئة العليا للمفاوضات، خصوصا أن توجيهات قد جاءت للهيئة بالتعامل مع الوضع الدولي الذي يركز على الانتخابات والإصلاح الدستوري ويتجاوز مسألة الانتقال السياسي».

وأوضح أن «هذه المطالب جاءت من دول عربية ومن مجموعة أصدقاء سوريا، وأشار إلى إعلان المبعوث الأممي إلى سوريا ستفان دي ميستورا أن الجولة القادمة من مفاوضات جنيف ستركز على هاتين القضيتين، دون التطرق لمسألة الانتقال السياسي».

وأكد «خوجة» أن «توقيت الاستقالات مرتبط بمؤتمر الرياض المقبل بعد أن تم استبعاد الهيئة العليا منه رغم أنها هيئة منتخبة من عدة مكونات، وأضاف أن الحل في سوريا يبدأ من التفاوض على الانتقال السياسي».

وعلى وقع هذا التطور، يجتمع معارضون من أجل الخروج بتوافق ورؤية جديدة حيال مرحلة «التسويات الكبرى» التي تأتي عقب سنوات من الصراع الذي وضع البلاد برمّتها على حافة التقسيم والتشظي.

وتشير المعطيات الأولية إلى أن هوة الخلاف بين مكونات معارضة ربما لن يستطيع مؤتمر «الرياض 2» ردمها، في ظل تخندق وراء مواقف متضاربة تتماهى مع مصالح دول تقف خلف هذه المكونات التي لا تزال تؤدي دور المعطل للتوافق، بل تدفع لعودة البلاد إلى ما قبل عام 2011 الذي شهد بدء ثورة تدعو إلى تغيير لا يزال النظام يرفضه ويخلق عراقيل للحيلولة دون تحقيقه.

اللجنة التحضيرية

وتشكلت «لجنة تحضيرية» للمؤتمر ضمّت ممثلين اثنين عن الائتلاف الوطني السوري، هما «بدر جاموس» و«عبدالرحمن مصطفى»، وممثلا لهيئة التنسيق الوطنية هو «أحمد العسراوي»، وممثلا لمنصة القاهرة هو «قاسم الخطيب»، وآخر من منصة موسكو هو «علاء عرفات»، بينما يمثل «محمد علوش» الفصائل العسكرية، و«مرح البقاعي» تمثل «المستقلين».

وذكرت مصادر في الائتلاف الوطني السوري، لـ«العربي الجديد»، أن «اجتماعات اللجنة التحضيرية في الرياض شهدت خلافات كثيرة حول أجندة الاجتماع والبيان الختامي»، وأوضحت أن «الائتلاف قدّم تصوره الذي يؤكد على مبادئ الثورة السورية، والدعوة إلى مفاوضات فورية مع النظام من أجل التوصل إلى حل سياسي وفق القرارات الدولية التي تنص على عدم وجود بشار الأسد في أي حل مقبل».

وأشارت المصادر إلى أن «الرؤية التي قدمها الائتلاف تؤكد أن المرحلة الانتقالية هي مرحلة بناء الدولة لا وجود لبشار الأسد وأركان حكمه فيها»، موضحة أن «هيئة التنسيق ومنصة القاهرة تدفعان باتجاه عدم ذكر اسم بشار الأسد بشكل واضح، والاكتفاء بعبارة لا وجود للنظام ورموزه في الحل السياسي».

وأكدت المصادر أن «منصة موسكو لا تزال عند موقفها الداعي إلى عدم استبعاد بشار الأسد من المرحلة الانتقالية، مع حقه في الترشح لأي انتخابات مقبلة، كما تصرّ على أن يكون دستور عام 2012 الذي وضعه النظام هو المعتمد في المرحلة الانتقالية، وهو ما يرفضه الائتلاف والفصائل العسكرية، وعدد كبير من المستقلين المشاركين في الرياض 2».

وكشفت المصادر أن «منسق منصة موسكو، قدري جميل، موجود في العاصمة السعودية الرياض»، مشيرة إلى أنه «هدد بالانسحاب قبيل بدء المؤتمر بسبب الخلافات في اللجنة التحضيرية».

وبحسب المصادر، فإن «منصة موسكو ممثلة بسبعة أعضاء، وانسحابها لن يكون له أي أثر على المؤتمر ومجرياته، كما أنها لا تملك أي وزن سياسي في الشارع السوري المعارض الذي يدرك أهداف وغايات هذه المنصة ومن يقف وراءها».

وتسود حالة من الترقب الحذر في الشارع السوري المعارض قبيل انطلاق أعمال المؤتمر، خشية اتخاذ المؤتمرين مواقف تؤدي إلى تنازلات جوهرية، تماهياً مع موقف إقليمي ودولي يدفع باتجاه إبقاء «الأسد» في السلطة، وإجراء تعديلات دستورية تجرى على أساسها انتخابات يشارك فيها «الأسد».

منصة موسكو

وقبيل بدء مؤتمر «الرياض 2»، دشّن ناشطون وإعلاميون سوريون حملة على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو إلى استبعاد «منصة موسكو» من المؤتمر.

ويرى هؤلاء أن أعضاء هذه المنصة لم يكن خطابهم يتوافق يوماً مع ما خرجت له الثورة السورية في مارس/آذار 2011، ولم يتمسكوا أبداً بثوابتها.

وأكد القائمون على الحملة أنه رغم مقتل عشرات آلاف السوريين، وتهجير الملايين جراء الآلة العسكرية لنظام الأسد وحلفائه بقي أعضاء «منصة موسكو» متمسكين بمواقفهم بعدم الحديث عن رحيل «الأسد»، بل مشاركين في تشريع قتله من خلال شرعنة التدخل الروسي في سوريا بحجة أنه أنقذ الدولة السورية.

وأشار الناشطون، في بيانٍ لهم، إلى أن «روسيا التي استخدمت حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي 11 مرة من أجل بقاء الأسد في الحكم لن تنتج لنا منصة سياسية تتوافق مع متطلبات ثورة الشعب السوري التي نادت بالحرية والكرامة والتغيير».

ورأوا أن «موسكو تريد عبر مشاركة وضم منصة موسكو إلى اجتماعات الرياض التشويش على وفد المعارضة السورية، وصنع الفجوات والثغرات فيه لمحاولة إجباره على التخلي عن تمسكه بثوابت ثورة الشعب السوري ورحيل بشار الأسد»، وفق البيان.

ويشارك في مؤتمر «الرياض2» نحو 144 شخصية سورية معارضة، يمثلون تيارات سياسية عدة، إضافة إلى الفصائل العسكرية ومستقلين، ونال المستقلون الحصة الأكبر بـ70 مشاركاً، فيما يمثل الائتلاف 22 شخصية، والفصائل 21، ومنصة القاهرة عشرة، وموسكو سبعة.

ومن المتوقع أن يتمخض اجتماع «الرياض 2» عن هيئة جديدة للمفاوضات تتولى الإشراف على العملية التفاوضية مع النظام في مدينة جنيف تحت إشراف الأمم المتحدة، كما من المتوقع أن يصدر بيان يحدد استراتيجية المعارضة.

  كلمات مفتاحية

الهيئة العليا للمفاوضات السورية مؤتمر الرياض 2 الثورة السورية مفاوضات حنيف الأمم المتحدة بشار الأسد

«لافروف»: استقالات الهيئة العليا السورية للمفاوضات مفيدة للسلام