أزمة «سد النهضة» تتصاعد بمصر.. وجهات سيادية تبحث البدائل

الخميس 23 نوفمبر 2017 12:11 م

خرجت أزمة «سد النهضة» الإثيوبي، من يد وزارة الري المصرية، إلى جهة أخرى، لم يتم الإعلان عنها، في إشارة إلى تصاعد الأزمة التي تهدد حصة القاهرة في مياه النيل، دون وضوح سبيل للحل.

جاء ذلك، بعد إعلان مصر الأسبوع الماضي، تجميد المفاوضات الفنية مع السودان وإثيوبيا عقب اجتماع ثلاثي في القاهرة، إثر رفض المسؤولين المصريين تعديلات البلدين على دراسات المكتب الاستشاري حول السد وملئه وتشغيله.

تحويل الملف

وبحسب المتحدث الرسمى باسم وزارة الري المصرية «حسام الإمام»، فإن وزارته «لم تعد طرفًا في أزمة سد النهضة حاليا، وأنها باتت مسؤولية جهات أخرى، عقب فشل المفاوضات مع الجانب الإثيوبي»، بحسب ما نقلته عنه صحيفة «البوابة».

وأضاف: «انتقل الملف إلى جهات أخرى بالدولة (لم يسمه) تدخلت من أجل وضع حلول ناجزة للأزمة».

مصادر، رفضت الكشف عن هويتها، قالت إن «دور وزارة الري انتهى عقب رفع التقرير الخاص بالملف ونتائج الاجتماع الأخير، إلى رئاسة الوزراء المصرية»، مضيفا: «من المقرر أن تتولى جهة سيادية إدارة الملف في الفترة المقبلة».

الجهة الأخرى، التي لم يتم الإعلان عنها بعد، لن تكون وزارة الخارجية، التي كانت طوال الأشهر الماضية طرفا في المفاوضات، التي فشلت في النهاية، ما يثير التكهنات حول تحويل الملف إلى جهاز المخابرات أو الجيش أو مؤسسة الرئاسة.

ولا يتصور وجود حل مصري «خشن» على الإطلاق مع الأزمة، كون أن الظروف الدولية والإقليمية والمصرية لا تسمح بذلك، وهو ما يشير إلى أن الجيش قد يكون بعيدا إلى حد ما عن الأزمة، وأن الملف برمته في المخابرات والرئاسة.

وعلى مدار الأيام الماضية، عقدت الجهات المعنية الجديدة، بملف مياه النيل، في وزارة الخارجية والجهات السيادية الأخرى، عدة اجتماعات رسمية، لبحث الموقف، وإيجاد حلول سياسية.

لكن مصر تعي تماما، بحسب مراقبين، أن العودة للمفاوضات بنفس الطريقة أيضا لن يؤدي إلى نتيجة.

كما أن مصر، بحسب مصدر، أدركت أنه لا يصح الجلوس في مفاوضات سياسية أو غيرها دون وجود قيود تتعلق بتخزين المياه، «فهذا الكلام معناه أنها مفاوضات للمفاوضات، وأنهم جالسون لالتقاط الصور».

ومن المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإثيوبي «هايلي مريام ديسالين»، الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» في ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وأظهرت زيارة وزير المياه المصري «محمد عبدالعاطي»، لموقع السد، على بعد 20 كيلومتر من الحدود السودانية، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اقتراب أديس أبابا من إنهاء الإنشاءات الخرسانية في جسم السد الرئيسي والمساعد، وتركيب عدد من «توربينات» الكهرباء، وتأهيل بحيرة التخزين الملحقة بالسد.

تصعيد مصري

«الإمام»، قال إن «مصر جاهزة للتصعيد في ملف سد النهضة إلى التحكيم الدولي، بعد تجميد المفاوضات»، مضيفا: «أوراقنا جاهزة للتحكيم الدولي في أزمة سد النهضة، مثل ما حدث في طابا، اليوم لدينا الأوراق كافة التي تؤكد تضررنا من سد النهضة».

بيد أن مصر، بحسب مصدر مسؤول تحدث إلى صحيفة «الشرق الأوسط»، «ما زالت دولة قوية ومؤثرة، وبالتأكيد لدى القيادة السياسية سيناريوهات بديلة حبيسة الأدراج تجيب عن سؤال ماذا لو؟، وبالتأكيد سوف تستخدم فيها أوراق مثل الأمم المتحدة، وضغوط الأصدقاء والممولين للسد، وهي دائرة واسعة لمصر».

وهدد بالقول: «ما حدث في التعامل الخليجي مع قطر ليس ببعيد عن إثيوبيا».

وسبق أن ألمح «السيسي»، في أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، أثناء إثارته أزمة سد النهضة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى أن «مصر ستتخذ الإطار القانوني عبر إطلاق مبادرة حوض النيل عام 1999، في حال فشل التوصل للاتفاق الثلاثي بين مصر والسودان وأثيوبيا لمعالجة قضية سد النهضة من منظور تعاوني».

وتنص اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية عام 1997، التي تم توقيعها من قبل الدول في مدينة هلسنكي عاصمة فنلندا، أنه «لا بد من التمسك بالاتفاقيات الدولية الخاصة بنهر النيل ،التي تدعم الحقوق التاريخية والمكتسبة لجميع الدول في مياهه».

يشار إلى أن إثيوبيا شكت كثيرا من أن مصر تضغط على الدول المانحة والمقرضين الدوليين للانسحاب من المشروع، بيد أن إثيوبيا أعلنت قبل أيام أن لديها القدرة على بناء السد دون منح خارجية.

وفي تصريحات سابقة له، كشف المتحدث باسم الخارجية المصرية، المستشار «أحمد أبو زيد» أن «مصر لديها خطة تحرك واضحة للتعامل مع هذا الملف، حيث تم تكليف السفارات المصرية في الخارج لشرح مسار المفاوضات والمرونة التي تعاملت بها مصر خلال الفترة الأخيرة، والتأكيد على الالتزام باتفاق إعلان المبادئ وهذه خطوة أولى لإشراك المجتمع الدولي في هذا الأمر».

وفي مارس/آذار 2015، وقعت مصر والسودان وإثيوبيا، إعلان مبادئ في الخرطوم، اشتمل على إعطاء أولوية لمصر والسودان، بوصفهما دولتي المصب، في الكهرباء المولدة من السد وهي طريقة لحل الخلافات والتعويض عن الأضرار، كما وتعهد الموقعون أيضا بحماية مصالح دولتي المصب عند ملء خزان السد.

السودان على الخط

الأزمة المصرية، لن تقف عند إثيويبا فقط، بل شهدت الأيام الماضية، تصعيدا مصريا سودانيا، وصفه مراقبون بأنه انحياز سوداني للموقف الإثيوبي، ضد مصر.

وقال وزير الخارجية السوداني «إبراهيم غندور»، الثلاثاء، إن «مصر استخدمت لسنوات طويلة جزءا من حصة السودان من مياه النيل، وإن مصر منزعجة لأنها ستخسر تلك المياه عند اكتمال بناء سد النهضة لكونه سيمكن السودان من حصته بالكامل».

تصريحات «غندور»، دفعت مصر للرد عليه، عبر وزير خارجيتها «سامح شكري»، الذي قال إن «ما استخدمته مصر من مياه حصة السودان في السابق، كان فائضا عن قدرته الاستيعابية، وبموافقته وليس سلفة أو منحة»

ويأتي القدر الأكبر من مياه النيل (ما نسبته 80% من إجمالي الموارد المائية) لمصر من النيل الأزرق.

ويقول خبراء مصريون، وهو تقدير تتبناه الحكومة، إن هذا السد يهدد حصة القاهرة التاريخية من المياه، والتي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب بما يصل لأكثر من 10%، كما سيؤدي أيضا لخفض كمية الكهرباء المولدة من السد العالي جنوب مصر، وفي حالة انهياره (سد النهضة)، سيحدث خلل للسد العالي، ويؤدي لغرق بعض المدن المصرية في الجنوب والوسط.

ويقول الجانب الإثيوبي إن السد سيمثل نفعا له، خاصة في مجال توليد الطاقة الكهربائية، ولن يمثل ضررا على دولتي مصب النيل، السودان ومصر.

ووفقا لتصريحات وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق الدكتور «حسام مغازي»، فإن مصر «تعاني من عجز مائي يقدر بحوالي 19 مليار متر مكعب، وتعتمد على سد هذا العجز من خلال توفير موارد بديلة منها البحث عن آبار للمياه الجوفية وهي غير كثيفة، وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، إضافة لمياه الأمطار الضعيفة جدا».

  كلمات مفتاحية

سد النهضة جهات سيادية إثيوبيا الري مياه نهر النيل السودان

إثيوبيا تنفي تلقيها تمويلا من قطر لبناء «سد النهضة»

صحيفة روسية: حرب قادمة بين مصر وإثيوبيا