الضغوط تتصاعد على السعودية لوقف جلد «رائف بدوي»

السبت 24 يناير 2015 08:01 ص

يتزايد الجدل بشأن توقيع عقوبة الجلد على الناشط السعودي «رائف بدوي» في الوقت الذي تسعى فيه المملكة العربية السعودية – الأكثر تشددًا – للنأي بنفسها بعيدًا عن تطرف تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا.

وجدد الجلد لكاتب أدين بإهانة الإسلام النقاش حول العقاب البدني في المملكة العربية السعودية في وقت تحاول فيه المملكة أن تنأى بنفسها عن الحركات المتطرفة مثل «الدولة الإسلامية»، وسدّ الطريق على من يحاول الجمع بينهما.

وحُكم على رائف بدوي – البالغ من العمر 31 عامًا - بالسجن لمدة 5 سنوات وألف جلدة، بعد إدانته في مايو الماضي بتبني أيديولوجية ليبرالية والاستهزاء بالرموز الدينية، بالإضافة إلى  جرائم أخرى. وأمرت السلطات السعودية بجلده كل جمعة خمسين جلدة لمدة عشرين أسبوعا.

وتم تنفيذ الجولة الأولى من الجلد - والتي تمّ توثيقها في شريط فيديو نُشر على نطاق واسع - في 9 يناير، وأعقبها إدانة واسعة النطاق إقليميًا وعالميًا. وكان من المقرر أن يتم تنفيذ الجولة الثانية الجمعة الماضية لكن تم التأجيل لأسباب طبية.

ووصفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الجلد العلني بأنه «عقوبة قاسية وغير إنسانية»، مُطالبة العاهل السعودي (الراحل) الملك «عبد الله بن عبدالعزيز» إعادة النظر في «العقوبة القاسية للغاية».

كما وصفت وزارة الخارجية الأمريكية عقاب «بدوي» بأنه «غير إنساني ويتسم بالوحشية»، مُتخذة خطوة غير معتادة بدعوة الحكومة السعودية إلى إلغاء العقوبة. وكعادتها لتجنب إغضاب حليف مهم، تقتصر واشنطن في انتقادها لقضايا حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية على حث السلطات على ضمان مراعاة الأصول القانونية.

ونتيجة لهذه الغضب؛ طالب الملك «عبد الله» المحكمة العليا بمراجعة قضية «رائف بدوي».

وإلى جانب إدانته بتهمة الإساءة إلى الإسلام؛ حُكم على «بدوي» بالسجن لمدة خمس سنوات أخرى وغرامة مالية قدرها مليون ريال سعودي (266.300 دولار أمريكي) لتأسيسه منتدى الشبكة الليبرالية السعودية المحظورة حاليًا في المملكة.

ورفضت وزارة العدل إبداء أي تعليق بخصوص قضية «بدوي» وعقوبته.

ويواصل القضاة في السعودية إصدار الأحكام على مُدانين بالجلد جنبًا إلى جنب مع عقوبات جسدية قاسية أخرى مثل بتر اليد للسرقة، أو قطع الرأس بتهمة ارتكاب جرائم خطرة مثل القتل.

ويقول بعض المحامين والباحثين في المملكة إن مثل هذه الإجراءات تعيق جهود الحكومة لإظهار البلاد في صورة القوة الإقليمية التي تمثّل الإسلام بوسطيته واعتداله، فضلاً عن إعاقتها جهود إظهار أن هناك فرق في تطبيق القانون بين المملكة العربية السعودية و«الدولة الإسلامية»؛ التي قامت بقطع رؤوس أسراها ووثقت ذلك ونشرته على نطاق واسع.

«يضر الجلد بسمعة البلاد لأنه بات أمرًا قديمًا وينتمي للعصور الوسطى. إنه إذلال ومهانة لا داعي لها»؛ بحسب «عبد الله علويت» – الذي ألّف العام الماضي كتابًا عن الإصلاح والتجديد في الإسلام.

ونصّ القرآن والسنة النبوية على ثلاث جرائم يُعاقَب مرتكبها بالجلد؛ الزنا واتهام شخص زورًا وبهتانًا بارتكاب جريمة الزنا وشرب الكحول. وحتى في هذه الحالات ليس المقصود من الجلد هو التسبب في أذى جسدي. وقال «عبد العزيز الجاسم» - قاض سابق يدير الآن شركة محاماة في العاصمة الرياض - إن المقصود من القانون الإسلامي (الشريعة) ليس الأذى بقدر ما هو عقاب رمزي يزجر المجتمع عن الاقتراب من أي سلوك غير أخلاقي.

وتابع: «ومن المفترض في الشريعة الإسلامية أن تكون عقوبة الجلد خفيفة جدًا ولا تتسبب بأي ألم. ولهذا السبب يجب أن تكون عصا الجلد بمواصفات مُعينة لا تترك أثرًا على جلد مستحق العقوبة أو بدنه. وهذا يدل على أن العقوبة رمزية. لكن ما يحدث الآن هو استخدام الجلد كأداة للتعذيب».

وبسبب ردود الفعل السلبية تجاه عقوبة الجلد بدأت السلطات تدرس فرض عقوبات بديلة للمستقبل؛ منها على سبيل المثال لا الحصر خدمة المجتمع والسفر وحظر القيادة بحسب ما أفاد به محامون ونقلته تقارير إعلامية محلية.

ولم يتم تدوين وتنسيق النظام القانوني الأساسي في المملكة العربية السعودية، كما أنه لا يعتمد على سابقة قضائية، لذلك فإن من حق أي قاض أن يفسّر النصوص الدينية بما يتراءى له للوصول إلى الأحكام النهائية. وقد أدى ذلك إلى وجود تناقض صارخ في العقوبات المتعددة تجاه جريمة واحدة.

وفي محاولة لجعل المحاكم السعودية تتماشى بشكل وثيق مع مطالب الدولة القومية الحديثة أصدر الملك الراحل «عبد الله» عدة قرارات في عام 2007م تضمنت الدعوة لاصلاحات قانونية وقضائية، كما أنه خصص مبلغ مليوني دولار لهذا الغرض، ولكن لم تظهر سوى تغييرات طفيفة.

وفي نوفمبر؛ أمر الملك بتشكيل لجنة لتجميع وتدوين أحكام الشريعة الإسلامية في المملكة العربية السعودية، وأعطاها مدة 180 يومًا لإنهاء المهمة.

ويقول محامون سعوديون إن النظام القانوني ربما لا يضع حدًا لعقوبة الجلد، لكنهم في الوقت ذاته يعتقدون أنه سوف يكون هناك بعض التعديلات التي تطرأ لتحد من تطبيق تلك العقوبة.

«يتردد العديد من القضاة الآن في استخدام العقوبات البديلة» بحسب المحامي «بدر الجعفري» الذي أضاف أن «تدوين القانون سيكون له أثر كبير».

وقد زادت عملية استخدام التكنولوجيا من قبل المحاكم السعودية في السنوات الأخيرة؛ حيث يتمّ رفع الدعاوى القضائية الآن على شبكة الإنترنت ويتم إعلام المتهمين برسالة نصية. ولكن التعليم والتدريب والجودة كلها أمور لا تزال بعيدة عن القضاة إلى حدٍ كبير.

«وتكمن نقطة الضعف المزمنة والخطيرة في تنمية الموارد البشرية، وهيكلة وتنظيم السلطة القضائية نفسها، وزيادة عدد القضاة» بحسب «الجاسم» الذي رأى أنه «من السهل تطوير التعامل مع الآلات والأجهزة، ولكن يبقى التعامل الأصعب هو ذاك الذي مع البشر».

المصدر | وول ستريت جورنال – أحمد العمران

  كلمات مفتاحية

رائف بدوي

«إنصاف حيدر» لـ«الغارديان»: تم الضغط علي وعلى أهلي لتطليقي من «رائف بدوي»

«ذا ديلي بيست»: لماذا يجب أن نكون «كلنا رائف بدوي»؟

إدانات دولية جديدة بعد تنفيذ عقوبة الجلد علنا بحق «رائف بدوي»