ننشر نص تقرير «هيومن رايتس ووتش»: الموت يحصد المعتقلين في زنازين مصر

السبت 24 يناير 2015 09:01 ص

نشرت منظمة «هيومن رايتس ووتش لحقوق الانسان»، تقرير خطير عن الموت من التعذيب والإهمال الطبي داخل السجون المصرية المكتظة قال إنه طال العشرات، إضافة إلي مصرع 95 معتقل في زنازين أقسام الشرطة أيضا

وقالت المنظمة في تقرير بعنوان: (Egypt: Rash of Deaths in Custody) إن المعتقلين يتعرضون للضرب حتي الموت في زنازين الشرطة والسجون بخلاف حالات وفاة أخرى لمعتقلين لديهم أمراض القلب، والسرطان، أو أمراض أخرى وتم رفض علاجهم، وسط تردي الخدمات الصحية داخل السجون، وفيما يلي نص التقرير الذي يتضمن أهوال عن أحوال السجون:

شهد عام 2014 وفاة عشرات من السجناء المصريين، بعد حشر العديد منهم في أماكن احتجاز في ظروف تهدد الحياة، ومع ذلك، لم تتخذ السلطات خطوات جادة لتحسين ظروف احتجازهم، أو التحقيق المستقل في ملابسات وفاتهم.

وجاءت وفاة بعض السجناء على ما يبدو بعد تعرضهم للتعذيب أو الانتهاكات الجسدية، وفقا لما توصلت إليه «هيومن رايتس ووتش»، لكن العديد  قضوا نحبهم جراء احتجازهم في زنازين قاسية مكدسة، أو بسبب عدم تلقيهم رعاية طبية ملائمة لأمراضهم الخطيرة.

وقالت «سارة ليا ويتسون» مديرة «هيومن رايتس ووتش» بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا: «السجون وأقسام الشرطة المصرية تنفجر من فرط التكدس، حيث تلقى السلطات القبض على المعارضين..وتحتجزهم في ظروف مكدسة وغير إنسانية، بما يجعل تصاعد حصيلة الوفيات النتيجة الإجمالية المتوقعة».

ووثقت المنظمة، بشكل مستقل تسع حالات وفيات في الحبس منذ منتصف 2013 استنادا على أدلة من محاميي وأقارب الضحايا، وكذلك وثائق طبية، وفي إحدى الحالات، بدا المعتقل وكأنه تعرض للضرب قبل أن يلقى نحبه بعد ذلك في زنزانة مكتظة.

وفي حالات أخرى تتعلق بسجناء مرضى بالقلب أو السرطان أو أمراض أخرى، يتم حرمانهم من الرعاية الطبية الملائمة، ويرفض إطلاق سراحهم على أسس طبية. وفي بعض الحالات يُحتجزون في ظروف شديدة التكدس تفاقم وتيرة مشكلاتهم الصحية.

واستهدفت حملة اعتقالات واسعة النطاق جماعة «الإخوان المسلمين» بالإضافة إلى آخرين من المعارضين لحكومة الرئيس «عبدالفتاح السيسي»، ودفع الفيض المتزايد لعشرات الآلاف من السجناء السلطات إلى إيداع بعضهم في مواقع احتجاز مؤقتة.

وأفاد تحقيق نشرته صحيفة الوطن في ديسمبر/كانون الأول الماضي، مرفقا إحصائيات من مصلحة الطب الشرعي التابعة لوزارة العدل،  أن 90 شخصا على الأقل ماتوا خلال احتجازهم في مرافق تابعة للشرطة في محافظتي القاهرة والجيزة فحسب في الأشهر العشرة والنصف الأولى من عام 2014.

وأوضح تقرير نشره «مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب»، يختبر الأيام المئة الأولى من حكم «السيسي»، أن 35 شخصا على الأقل ماتوا في الحجز، معظمهم في أقسام شرطة بين أوائل يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول 2014.

وكان لتكدس الشديد أو الفشل في تقديم رعاية طبية هما السببان الأساسيان في  وفاة 13 من 15 حالة وفاة حددهم المركز، بينما كانت الانتهاكات الجسدية السبب في وفاة الحالتين الأخريين.

زيادة بنسبة 40% في الوفيات

ولم تفصح الحكومة عن عدد الوفيات في أماكن الاحتجاز بامتداد البلاد، ولكن ما سجلته مصلحة الطب الشرعي، من حالات تتعلق بالقاهرة والجيزة فحسب يمثل تقريبا زيادة بنسبة 40 % عن الحالات التي سجلتها نفس المصلحة عام 2013، وفقا لصحيفة الوطن.

ونقلت الوطن عن «هشام عبدالحميد» المتحدث باسم المصلحة قوله إن التكدس بسبب موجة المحتجزين الجدد هو السبب الأساسي في ارتفاع حالات الوفاة.

المؤسسات الإخبارية التي تنقل بانتظام أخبار الوفيات في مواقع الاحتجاز ترجح أن العدد الحقيقي للضحايا يتجاوز بشكل ملحوظ ما هو معلن.

وتحظر المادة 55 من دستور 2014 التعذيب أو الإضرار الجسدي، وتلزم السلطات بمعاملة كافة المحتجزين بـ«طريقة تحفز كرامتهم»، واحتجازهم في مرافق «تتلاءم مع المستويات الإنسانية والصحية»، وتنص المادة على أن انتهاك تلك البنود يمثل جريمة.

كما تنص المادة 56 على أن السجناء وأماكن الاحتجاز ينبغي خضوعها للإشراف القضائي، وتحظر الممارسات التي تضر بالصحة البشرية.

غياب قضائي

وبالرغم من زيادة أعداد الوفيات في أماكن الاحتجاز، وتقارير سوء المعاملة، ونقص الرعاية الطبية، والتكدس الشديد، إلا أن النيابة العامة لم تتحرك سوى في حالة واحدة ترتبط بحالات وفاة سجناء منذ منتصف 2013.

الحالة المذكورة تتعلق بواقعة 18 أغسطس/آب 2013، حينما مات 37 معتقلا في سيارة ترحيلات  أبو زعبل، بعد إطلاق الشرطة قنبلة غاز داخلها، حيث دان القاضي أربعة ضباط، فيما أمرت محكمة الاستئناف بإعادة المحاكمة، وينتظر أن تعقد الجلسة القادمة في 22 يناير/كانون الثاني الجاري.

وقال أحد السجناء، في رسالة مهربة من سجن طرة، لـ«هيومن رايتس ووتش»،  إن فرقًا من النيابة العامة تزور السجون بانتظام لكنها لا تستمع إلى شكاوى السجناء، وأضاف: «ما فعلوه هو دخولهم الزنزانة، وإلقاء نظرة سريعة، وعد الأسّرة، ومراجعة أسماء المتواجدين بكل زنزانة».

ينبغي على السلطات التحقيق في وفيات أماكن الاحتجاز، والملاحقة القضائية للضباط والمسئولين المشتبه في ضلوعهم في إهمال وانتهاكات.

يجب على النائب العام المصري إطلاق سراح كافة المعتقلين الذين لم يحتجزوا إلا لممارستهم حق التظاهر السلمي وحرية التعبير الذي كفله الدستور.. والإفراج الفوري عن السجناء الذين يحتاجون رعاية طبية ليست متاحة في مكان الاحتجاز.

وتقول «ويتسون»: «تبدو السلطات المصرية غير مكترثة في مواجهة العديد من حالات الوفيات بين المعتقلين.. يجب إجراء تحقيق مستقل في تلك الحالات، وادعاءات الانتهاكات، وتوفير ضمانات لحماية الأشخاص داخل أماكن الاحتجاز».

حالات الوفاة داخل أماكن الاحتجاز

بالرغم من عدم نشر السلطات المصرية لإحصائيات تبين عدد السجناء، إلا أنه من المحتمل أن يكون العدد تزايد بشكل ملحوظ منذ الإطاحة العسكرية في يوليو/تموز 2013 بـ«محمد مرسي»، أول رئيس مصري منتخب بشكل حر، وبدء حملة قمعية ضد «الإخوان».

واعتقلت السلطات 41 ألف شخص على الأقل، وفقا لإحصائيات منسوبة للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أوردتها تقارير إعلامية، وتقدر جماعة «الإخوان» عدد الذين ألقي القبض عليهم من صفوفها، أو أنصارها بنحو 29000.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن مسئول بالداخلية أن السلطات ألقت القبض على 10000 شخص متهمين بالشغب، والهجوم على مراكز الشرطة، وتخريب خطوط السكة الحديد من المنتمين لجماعات إرهابية، زاعما أنهم جميعا يرتبطون بـ«الإخوان».

وفي يوليو/تموز، قالت وزارة الداخلية لبعثة تقصي الحقائق، التي حققت في الأحداث المحيطة بعزل مرسي، إن أكثر من 7000 شخص ممن ألقي القبض عليهم خلال تلك الأحداث ما زالوا محبوسين احتياطيا.

ونقلت «الوطن» عن هشام عبد الحميد قوله إن فريقا من مصلحة الطب الشرعي أجرى مسحا في أقسام الشرطة بالقاهرة والجيزة، وكشف أن التكدس الشديد هو السبب الرئيسي لزيادة نسبة الوفاة بين المحتجزين.

«عبدالحميد» رأى أن السجون تفتقد السعة اللازمة لاحتجاز هذا الفيض من السجناء، بما أجبر السلطات على احتجازهم في أقسام شرطة مكدسة، ومرافق أخرى، حيث لا تزيد المساحة الفعلية المخصصة لكل سجين في المتوسط عن نصف متر.

وفي تصريحات أخرى، قال «عبدالحميد» أن زيادة درجة حرارة الصيف، وانتشار الأمراض في الشتاء تسببا في تنامي أعداد الوفيات بين المحتجزين، مرجعا ذلك لظروف طبية لا تصعد لدرجة الاشتباه الجنائي.

ونقلت «الوطن» عن مصدر، لم يكشف عن هويته، داخل مديرية أمن القاهرة قوله إن السلطات ثبتت أجهزة تكييف في السجون للتخفيف عن السجناء في بعض المرافق بالقاهرة والجيزة.

ورفض «عبدالحميد» طلب «هيومن رايتس ووتش» للإدلاء بمعلومات عن حالات الوفاة والانتهاكات في السجون وأماكن الاحتجاز، وكذلك لم يستجيب مكتب النائب العام «هشام بركات» لخطاب من «هيومن رايتس ووتش» في الثامن من يوليو/تموز الماضي للإدلاء بمعلومات عن مدى وجود أي تحقيقات في حالات الموت داخل أماكن الحجز خلال العام المنصرم.

وفي الأول من يوليو/تموز 2014، قال «عبدالفتاح عثمان»، المتحدث باسم وزارة الداخلية، خلال أحد برامج التوك شو إن ادعاءات حالات اغتصاب وتعذيب ترتبط بالشرطة المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي لا أساس لها من الحقيقة، واصفا السجون المصرية بأنها شبيهة بالفنادق.

لا تعويض للضحايا

ونادرا ما يذكر أي تعويض لمحتجزين تعرضوا للانتهاكات أو سوء المعاملة، وفي 14 يناير/كانون الثاني، في حكم نادر، أصدرت محكمة إدارية بالإسكندرية قرارا نادرا بإلزام وزارة الداخلية بدفع 75 ألف جنيه لسجين سابق تعويضا له بسبب بتر ذراعه إثر حقنة ملوثة.

وفي السنوات الماضية، حظيت «المنظمة العربية للإصلاح الجنائي» بأحكام مشابهة، لكن الوزارة لا تدفع التعويضات في بعض الحالات، وفقا لصحيفة «الأهرام».

الحق في الرعاية الصحية

وبالرغم من حادث أبو زعبل وبعض التقارير عن حالات الوفاة داخل أماكن الاحتجاز ترتبط بالتعذيب أو الانتهاك الجسدي، فإن عددا كبيرا من الحالات، راجعتها «هيومن رايتس ووتش»، من خلال  تقارير إعلامية، ومن منظمات غير حكومية، بالإضافة إلى أغلبية تسع حالات راجعتها «رايتس ووتش» بشكل مستقل،  أظهر أنها توفيت نتيجة لرعاية طبية غير ملائمة، بما تسبب في تفاقم الظروف الصحية في ظل التكدس.

«مبادئ الأمم المتحدة الأساسية لمعاملة السجناء»، الذي اعتمدتها الجمعية العامة عام 1990 تنص على حق السجناء في «الحصول على خدمات صحية دون تمييز بسبب وضعهم القانوني».

كما ينبغي أن يحظى السجناء بالحق العالمي في «التمتع بأعلى معايير المستويات الصحية»، كما ذكرته العديد من الاتفاقات الدولية مثل «الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب» و«الميثاق الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية»، واللذين صدقت عليه مصر.

وعلاوة على ذلك، فإن الحبس الاحتياطي لا يجب استخدامه عند الضرورة القصوى، لضمان نزاهة الإجراءات القضائية، مع الوضع في الاعتبار مدى احتمال هروب المتهم.

والوضع الصحي لأي متهم، وقدرة نظام السجون على تقديم رعاية ملائمة يجب أن يكونا موضعي اعتبار للحبس الاحتياطي، وقانون السجون المصري عام 1956، ومرسوم وزارة الداخلية 79 لسنة 1961 ينصان على تقديم رعاية من أطباء السجون، وتخصيص سرير لكل سجين، بما في ذلك المحبوسين احتياطيا، لتجنب التكدس.

لكن في الحالات التسع التي أثبتتها «هيومن رايتس ووتش»، تجاهلت السلطات،على نحو روتيني وانتهكت تلك الاشتراطات، كما تجاهلت سلطات السجون حتمية إخطار أهالي السجناء في حالة وفاتهم، بالإضافة إلى التغاضي عن شرط إبلاغ النيابة بعد وفاة السجناء «فجأة»، أو نتيجة لحادث أو شبهة جنائية.

الحد الأدنى من الشروط الضحية لا يتوافر

وكشف تقرير صدر عام 2014 حول الرعاية الصحية في السجون وأماكن الاحتجاز، أعدته المبادرة المصرية لحقوق الإنسان أن هذه الظروف لا تتفق مع الحد الأدنى من الاشتراطات حق الرعاية الصحية التي يكفلها القانون الدولي، بالرغم من تباين جودة الرعاية وفقا لمواقع السجناء، ونوه التقرير إلى أن خدمات الطوارئ الطبية السريعة محدودة للغاية.

وقال سجناء سابقون حاورتهم المبادرة المصرية لحقوق الإنسان إنهم لم يتلقوا إلا نادرا اهتماما طبيا من أطباء الممارسة العامة المفتقدين للخبرة  اللازمة، والمحامين بأعباء زائدة، ولفتوا إلى اضطرارهم لعلاج أنفسهم بأنفسهم عبر أدوية يجلبها لهم أفراد عائلاتهم، أو ينصح بها زملاؤهم السجناء،  كما يتدخل مشرفو العنابر غالبا في توصيات أطباء السجون إذا كانوا متاحين.

ويمتزج التكدس مع التهوية الفقيرة في جعل الزنازين شديدة الحرارة صيفا على نحو لا يحتمل، وباردة شتاء، وفي سبتمبر/أيلول الماضي، عدلت وزارة الداخلية مرسوم 1961، لكنها لا تتسق مع المعايير المصرية والدولية، وفقا للمبادرة المصرية.

ووفقا للتعديلات، لم يعد يشترط أن يتناسب عدد الأطباء في كل سجن مع عدد السجناء، بالإضافة إلى عدم تحديد حد أقصى للسجناء في كل زنزانة.

حالات وثقتها المنظمة

1-  أحمد إبراهيم: آثار ضرب ، حيث توفي أحمد إبراهيم (23 عاما) في ساعة مبكرة من صباح 15 يونيو/حزيران 2014 في قسم شرطة بحي المطرية في القاهرة، وقال والده، محمد إبراهيم، لـ«هيومن رايتس ووتش» إنه رأى أحمد حيا للمرة الأخيرة عندما أخذ له بعض الطعام إلى قسم الشرطة مساء ذلك اليوم، مضيفا أنه كان محتجزا في زنزانة شديدة الحرارة مساحتها أربعة أمتار في أربعة مكدسة لدرجة أن السجناء اضطروا للبقاء وقوفا.

وأردف أنه تقدم بشكوى لنقيب الشرطة المسئول عن القسم مفادها أن ظروف الاحتجاز لا إنسانية لكن الضابط لكمه وطلب منه البحث عن طبيب ما دام هذا رأيه، ثم تلقى إبراهيم في نحو الواحدة صباحا مكالمة هاتفية من أحمد الذي قال «أبي، إنني أموت».

وتابع إبراهيم إنه طلب عربة إسعاف لكن عند ذهابه إلى القسم في صباح اليوم التالي، أبلغته الشرطة بوفاة أحمد أثناء نقله بالإسعاف إلى مستشفى بينه وبين القسم مسافة قصيرة.

وفي المشرحة شاهد إبراهيم آثار دماء على شفتي نجله وكدمات على وجهه ورأسه، وهي الإصابات المدونة في تقرير الطبيب الشرعي، الذي وجد أيضا أن رئتي أحمد بهما تورم وآثار نزيف.

 واستطرد أنه اشتبه في تعدي الشرطة بالضرب على نجله، وقال إنه قدم شكوى للنيابة المحلية التي لم توجه اتهامات، وبحسب تحقيق صحيفة «الوطن» في ديسمبر/كانون الأول الماضي، توفي 8 محتجزين في قسم شرطة المطرية في 2014، وهو أعلى رقم وسط جميع المواقع في القاهرة والجيزة.

2-  الدكتور طارق محمد الغندور: حرمان من رعاية طبية كانت ستنقذ حياته، حيث توفي الدكتور طارق محمد الغندور، أستاذ الأمراض الجلدية بجامعة عين شمس والقيادي المحلي بجماعة «الإخوان المسلمين، في صباح 12 نوفمبر/تشرين الثاني في وحدة الرعاية المركزة بمعهد الكبد التابع لجامعة المنوفية، الذي كان قد نقل إليه قبل ساعات.

ووقعت وفاته، بسبب مرض الكبد عقب ما يقرب من عام من الاحتجاز الذي حرمته السلطات أثناءه من الوصول إلى الرعاية الطبية اللازمة، بحسب عائلة الغندور وأصدقائه.

ورغم معاناة الغندور من فيروس الالتهاب الكبدي «سي»، وتشمع الكبد وغيره من المشاكل، واحتياجه لزراعة الكبد من متبرع توصلت إليه أسرته، إلا أن السلطات واصلت احتجازه أثناء نظر الاستئناف الذي تقدم به في الحكم بسجنه، ولم تنقله إلى مستشفى يمكنه إجراء زراعة الكبد فيه.

وبحسب «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" وشهود أجرت معهم «هيومن رايتس ووتش» المقابلات، فإن مستشفيات السجون المصرية غير مجهزة للجراحة، وكثيرا ما تضغط السلطات على المستشفيات العامة لإعادة سجناء دخلوها بأقصى سرعة، مما يمنع متابعة العلاج أو النقاهة أحيانا.

وفي 4 مايو/أيار، قام طبيب السجن بإرسال تقرير طبي إلى سلطات السجن يوصي بنقل الغندور إلى المستشفى التخصصي لجامعة عين شمس لإجراء زراعة الكبد، ويحذر من تدهور صحته إذا لم يتم هذا، وقال مسؤولو السجن الإداريون إنهم سيحققون، بحسب عائلة الغندور، لكنهم كانوا في ذلك الوقت قد نقلوا الغندور إلى سجن، ومن بعده إلى سجن آخر، ففي أواخر أكتوبر نقلته السلطات إلى سجن شبين الكوم بمحافظة المنوفية بسبب قربه من المعهد القومي للكبد.

وسمحت سلطات السجن بإجراء جراحة له في المعهد استلزمتها حالة تشمع الكبد، لكنها أصرت على عودته الفورية إلى السجن بعد الجراحة بدون السماح له بالنقاهة.

وقال ابن عم الغندور، وهو طبيب أمراض جلدية، لـ«هيومن رايتس ووتش» إن بقاءه مدة أطول كان ضروريا، وأضاف «أعرف أن جميع المستشفيات بصفة عامة لا تقبل السجناء السياسيين بسهولة، فلديهم تعليمات بعدم قبولهم، وقال الطبيب وقتها إنه من الصعب عليهم قبول سجناء سياسيين لأنهم يجلبون الكثير من المشاكل لهم وللمستشفى».

وفي 10 نوفمبر/تشرين الثاني، وفي ساعة مبكرة من صباح اليوم التالي بدأ يتقيأ دما، فنقلته سلطات السجن إلى مستشفى جامعة المنوفية، حيث وضع تحت حراسة الشرطة وطوال 3 ساعات تقريبا لم يتلق علاجا يذكر بخلاف نقل الدم، وذلك بحسب أقارب له كانوا قد شاهدوه، وقال شقيق الغندور وابن عمه، اللذان وصلا إلى المستشفى من القاهرة بعد تلقي العائلة لمكالمة من أحد الأطباء، إنهما وجداه منتبها وقال لهم «لقد تقيأت دلوا من الدماء».

ورفضت الشرطة نقل الغندور إلى معهد الكبد، فساعده شقيقه وابن عمه على قطع المسافة التي تستغرق نحو 10 دقائق على قدميه، ووافق أحد مديري المعهد على دخوله، وبدأ الأطباء في إجراء منظار، لكنه ظل ينزف بغزارة، وتوقف قلبه ودخل في غيبوبة، ونقله الأطباء إلى وحدة العناية المركزة، حيث توفي في الصباح التالي.

وبعد يومين دعا «حافظ أبو سعدة» عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان»، وزير الداخلية والنائب العام للتحقيق في وفاة الغندور، لكن لم يعلن أي منهما عن فتح تحقيق.

3-  محمد عبد الرحمن المهدي: أزمات قلبية متكررة، توفي محمد عبد الرحمن المهدي (51 عاما) موظف حكومي، أثناء محبسه في مستشفى السويس العام في 3 نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي بعد أن ظل محتجزا لأشهر في زنزانة مكدسة بالأشخاص وعانى من أزمات قلبية.

 وقالت ابنة المهدي لـ«هيومن رايتش ووتش» إن السلطات احتجزت أباها في سجن عتاقة بالسويس، داخل زنزانة يوجد بها قرابة 50 متهما وصغيرة للغاية للدرجة التي أجبرتهم على النوم بالتناوب، وبدأ المهدي يعاني من آلام بالصدر وتم نقله لمستشفى السويس العام ثلاث مرات، ورتبت عائلته زيارة للمهدي داخل السجن يقوم بها مفتش وزارة الصحة، وأمر المفتش بنقله فورا للمستشفى، بيد أن المستشفى رفضت استقباله، وبدا أن أغلب الأطباء رافضين لاستقبال من يظهر أنهم سجناء سياسيين لأنهم لا يريدون أن تكون لهم أية مسئولية قانونية.

وتابعت: رفض والدي فعليا في الفترة الأخيرة الذهاب للمستشفى عندما كان يشعر بالإعياء لأنه كان يعتقد أن ذلك سيكون جهدا لا طائل منه، وفي أواخر أكتوبر، قبل وفاته بأيام قليلة، أصبح الألم حادا للدرجة التي جعلت أصدقاءه من السجناء يبدؤون في الطرق على قضبان الزنزانة لطلب المساعدة، لكن الأمر استغرق 10 ساعات قبل أن ينقله مسئولو السجن إلى مستشفى السويس العام، حيث كان تشخيص الأطباء هو ارتفاع في ضغط الدم ونسبة السكر في الدم واحتمالية إصابته بأزمة قلبية.

ومضت تقول إن الأطباء وافقوا على إدخال المهدي العناية المركزة لأقل من 12 ساعة ثم تم نقله لمنشأة تفتقد المعدات الطبية الأساسية مثل قناع الأكسجين، وأخبرت الممرضات وآخرون الابنة أن الأطباء أعادوا المهدي إلى عنبر الحبس، حيث توفي لاحقا بساعات قليلة.

4-  أبو بكر أحمد حنفي: استمرار حبسه رغم معاناته من مرض عضال ، وأبو بكر أحمد حنفي، محاسب وقيادي بجماعة «الإخوان» في محافظة قنا، مات في سجن أسيوط في 13 من نوفمبر العام الماضي بعد أكثر من 10 أشهر داخل السجن، وقالت زوجته لـ«هيومن رايتس ووتش» أنه أثناء وجوده في سجن قنا، بدأ يعاني من آلام في المعدة، والتقيؤ، وبعد بضعة أسابيع، أرسله أحد أطباء السجن لمستشفى قنا الجامعي لإجراء فحوصات، حيث قال طبيب هناك إن الأعراض التي ظهرت عليه كانت نفسية ، آمرا بإعادته للسجن

 وأضافت زوجته أن سلطات السجن أمرت بنقله لمستشفى الزنزانة، بعد استمراره في التقيؤ، وتم إطعامه من خلال الوريد حيث لم يكن باستطاعته تناول الطعام، ثم أعادوه إلى المستشفى الجامعي، حيث خلص تشخيص الأطباء لإصابته بسرطان الكبد والبنكرياس وقدروا أنه سيظل حيا لمدة أشهر فقط، وفقا لما صرح به شقيقه، والذي كان سجينا في نفس المكان.

وفي 7 سبتمبر/أيلول من العام نفسه، وافقت سلطات السجن على نقل حنفي إلى مستشفى أسيوط الجامعة لإجراء أشعة رنين مغناطيسي، لكن نقله استغرق 10 أيام، وأكدت أشعة الرنين المغناطيسي الفحوصات السابقة غير أن الأطباء طالبوا بإجراء فحص نسيج جسدي.

 وبدلا من أن يتم الإفراج عن حنفي، أمر القاضي بنقله لمستشفى لكن وبسبب قيام مسئولي السجن بخلط نتائج فحوصه بنتائج سجين آخر، تم إرجاع حنفي حتى يخضع لجلسة ثانية، وأخّر ذلك صدور نتائج فحص نسيج الجسد حتى الأسبوع الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني.

وفي 12 نوفمبر/تشرين الثاني، أمر الأطباء بخروج حنفي ووصفوا له علاجا وأمروا بنقله لمستشفى قنا الجامعي، لكن ضابطا بالسجن أصر على اصطحابه أولا إلى سجن أسيوط، وفي 13 من نوفمبر/تشرين الثاني، أخبر حراس السجن زوجة حنفي بأنها لن تتمكن من زيارته وفي اليوم التالي، سمحوا لابن أخيه بالدخول حيث اكتشف الأخير أن حنفي قد مات، وقال شقيقه السجين إن الحراس وجوده ميتا في زنزانته ونقلوا جثمانه لسيارة إسعاف، وفي شهادة وفاته، كتبوا أنه مات في مستشفى.

5-  عبد الرحمن الرزاحي: لم يسمح له بالرعاية الطبية داخل السجن ، وهو موظف بمدرسة وقيادي بـ«الإخوان المسلمين» من محافظة أسيوط، توفي في  13 أكتوبر/تشرين الأول عام 2013 في سجن طرة في القاهرة.

وقالت زوجته «إن خيرت الشاطر، القيادي البارز بـ«الإخوان» والذي كان محتجزا مع زوجها، طالب سلطات السجن بالسماح للطبيب برؤية الرزاحي غير أن حارس الزنزانة رفض، وأضافت أن حراس السجن كانوا يقومون في بعض الأوقات بإلقاء الأدوية التي كان يأخذها شقيق الرزاحي إليه، ومع تدهور حالته الصحية طالب طبيب عيون كان موجودا معه في الزنزانة، السلطات بنقله لمستشفى، بيد أن السلطات رفضت وسمحت فقط لطبيب العيون بطلب تحاليل دم للرزاحي، غير أنه لم تظهر شيئا غير طبيعي.

وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول عام 2013، أمر قاضي التحقيقات بالإفراج عن الرزاحي دون كفالة لدواع صحية، ووصلت سيارة إسعاف لنقله إلى منزله في أسيوط، لكن ممثل الادعاء استأنف على أمر الإفراج وأمر القاضي بحبس الرزاحي لمدة 45 يوما إضافية قيد التحقيقات.

وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول، وصل شقيق الرزاحي إلى السجن لزيارته ووجد المنشأة في حالة فوضى، وأخبره الحراس أن سجينا قد مات وأمروا بنقله، وقال شقيقه إن عمال المشرحة أخبروه أن ضباط الأمن الوطني طالبوهم بعدم إثبات وجود الجثة داخل ثلاجة المشرحة، وعندما سُمِح في النهاية لشقيق الرزاحي بأخذ جثته، وسأله مسئولو المشرحة عن سبب الوفاة الذي يريد كتابته، أجاب أن ذلك غير مهم، ثم كتبوا «هبوط حاد في الدورة الدموية».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

هيومن رايتس ووتش محمد مرسي الإخوان المسلمين عبدالفتاح السيسي اعتقال التعذيب انتهاكات حقوق الإنسان

«هيومن رايتس ووتش»: تقرير تقصي حقائق في مصر «غير واقعي» ومتناقض

مصر: تعديلات قانون الإجراءات الجنائية تعصف بحقوق المتهمين

المفوضية الإفريقية لحقوق الإنسان تحاكم الإعدامات بمصر

«هيومن رايتس ووتش» تطالب مصر بكشف أماكن عشرات المختفين قسريا

مصر: وفاة 3 مساجين بسبب «موجة الحر» في ظل تكدس أماكن الاحتجاز