كيف أطلقت شركات التمويل المفلسة شرارة المظاهرات في إيران؟

الخميس 4 يناير 2018 06:01 ص

شهدت مدينة مشهد (شمال شرق) الإيرانية، اعتبارًا من 28 من ديسمبر/ كانون الأول 2017، انطلاق مظاهرات عفوية، بدأت بالاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية و«الفقر والبطالة» في البلاد لتكتسب بعد أيام قليلة أبعادًا سياسية.

وشكل ضحايا شركات التمويل والإقراض المفلسة، دينامية الحراك الذي بدأ في «مشهد» احتجاجًا على البطالة والفقر والمشاكل الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة، وانتشر في مختلف المدن الإيرانية على شكل احتجاجات تمسك بيدها مطالب سياسية واجتماعية ضرورية.

يعتقد بعض الخبراء أن المظاهرات الاحتجاجية التي نظمها المودعون الذين خسروا أموالهم في مؤسسات القروض والتمويل (الصيرفة الحديثة) قبل نحو عامٍ من الآن، كانت نقطة انطلاق للمظاهرات الأخيرة التي امتدت إلى مختلف مدن البلاد.

وهنا لا بد من التذكير بأن مجموعة مكونة من 200 شخص، من ضحايا مؤسسة «کاسبین» (قزوين) للقروض، نظمت مطلع عام 2017 مظاهرة احتجاجية أمام البنك المركزي الإيراني في العاصمة طهران.

ودفع عدم اتخاذ الحكومة الإيرانية خطوات تجاه حل مشكلة ضحايا مؤسسة «کاسبین» للقروض -ضحايا شركات أخرى مثل «آرمان» و«فرشتكان» و«ثامن» و«بدیده»، للانضمام إلى المتظاهرين، حيث قام بعض المتظاهرين بإضرام النيران في بعض المكاتب التابعة للمؤسسات المذكورة.

وعقب الأحداث سابقة الذكر، قدّم 130 نائبًا مساءلة برلمانية إلى مجلس الشورى الإيراني بخصوص الرئيس «حسن روحاني»، لكن الحكومة لم تتخذ أية خطوات لمعالجة مشاكل المواطنين الذين فقدوا أموالهم في مؤسسات الائتمان.

وفي تلك الأثناء، جاء في أحد الأخبار التي نشرها موقع «جماران» الإخباري المعروف بقربه من أسرة «الخميني» (مؤسس ومرشد الجمهورية الإسلامية بعد الانقلاب على الشاه محمد رضا بهلوي)، وفي سبتمبر/أيلول الماضي التالي: «رغم إعلان البنك المركزي عدم وجود أي نشاط لمؤسسات الائتمان والتمويل غير الرسمية، لكن أنشطة بعض مؤسسات الائتمان والتمويل غير المصرحة لا تزال مستمرة بشكل فعلي».

تدريجيًا، بدأت معظم مؤسسات الائتمان تتحول إلى مصارف من الناحية العملية، وبدأت بتوفير قروض للمواطنين، وإنشاء صناديق إقراض تحت اسم «قرض الحسنة».

علمًا بأن تأسيس أول صندوق إقراض في إيران يرجع للعام 1969 باسم صندوق «جاوید»، وقد لعب عالم الدين «سید محمد بهشتي» دورًا مهمًا في تأسيس الصندوق سابق الذكر و46 صندوق إقراضٍ أخرى.

وقد وصل عدد ذلك النوع من صناديق الإقراض في السنوات الأولى من الثورة (1979) إلى 200 صندوق إقراض، ومع حلول العام 1985، بلغ عدد صناديق التمويل والإقراض في عموم البلاد ألفا و985 صندوقًا.

وبعد الحرب الإيرانية العراقية (1980-1989) تحولت صناديق الإقراض إلى مؤسسات مالية تتقاسم الأرباح مع عملائها.

من جهته، قال مركز أبحاث مجلس الشورى الإيراني، بتقرير نشره في يونيو/حزيران 2016، أن عدد مؤسسات وشركات التمويل والإقراض بلغ 7 آلاف و333، بينها 6 آلاف و33 شركة ومؤسسة تزاول أنشطتها بدون إصدار «أذون رسمية».

وفي هذا الإطار، قال «میر ‌محمد صادقي» أحد أبرز الخبراء الإيرانيين في الشأن الاقتصادي: إن أبرز الانتقادات التي كانت توجه لنظام صناديق التمويل والإقراض في العهدين الشاهنشاهي والجمهوري، هو عدم ارتباطه أو حمايته من قبل البنك المركزي، إن هذا الوضع يؤثر على توازن سوق المال ويزيد من المخاوف المتعلقة بالاقتصاد.

وقد أعرب المديرون التنفيذيون في البنك المركزي عن عدم ارتياحهم جراء نشاط هذه المؤسسات المالية وذلك اعتبارًا من عام 2010، فيما أقر القانون النقدي والمصرفي الإيراني عام 1973، ضرورة مباشرة مؤسسات التمويل والائتمان أن تبدأ أنشطتها بالحصول على إذن من البنك المركزي.

أما النائب السابق لمشرف البنك المركزي الإيراني «حمید تهرانفر»، فقد اعتبر أن الشركات والمؤسسات المذكورة تتسبب بأضرار فادحة للنظام المصرفي في البلاد، فيما قال الرئيس السابق للجنة الاقتصادية في مجلس الشورى «محمد رضا بور إبراهيمي»، أن 30% من سوق العملات الإيرانية التي يبلغ حجمها 230 مليار دولار، في أيدي هذه المؤسسات.

كما أشار «إبراهيمي» إلى أن واحدة فقط من هذه الشركات أو المؤسسات تمتلك 550 فرعًا في مختلف المحافظات الإيرانية، فضلًا عن مليونين و500 ألف مودع.

أصحاب مؤسسات التمويل والإقراض

بدأت هذه المؤسسات عملها عام 1960 كصناديق تمويلية لتتحول فيما بعد إلى مؤسسات مالية تعنى بالتمويل والإقراض، يرأسها شخصيات من الطبقة المحافظة، معظمهم أعضاء في حزب الائتلاف الإسلامي المحافظ.

وسبق لوزير دفاع إیران «أمیر حاتمي»، أن قال في تصريح له: «إن أنشطة الحرس الثوري والباسيج (ميليشيات متطوعة) المالية والشراكات التي تعقدها تواجه بانتقادات شديدة».

من جهتها، نشرت وكالة «آنا» الإيرانية للأنباء، في أغسطس/آب 2018، أن شركات ومؤسسات «ثامن الحجج»، «صالحین»، «عسکریة»، «اعتماد إیرانیان»، «أنصار»، «سینا»، «أفضل»، «توس»، «فرشتكان»، «ثامن الأئمة»، «کارسازان آینده»، «قوامین»، «حافظ»، «مهر»، «کوثر»، «ریحانه كستر مشیز»، و«مولی الموحدین»، تعمل دون الحصول على تراخيص من البنك المركزي، وتتسبب بمشاكل للعملاء.

ووفقًا لمصادر رسمية، فإن مؤسسات مثل «ثامن الحجج»، «عسکریة»، «أنصار»، «سینا»، «ثامن الأئمة»، و«مولی الموحدین»، مملوكة وبشكل مباشر للحرس الثوري الإيراني.

  كلمات مفتاحية

إيران احتجاجات أزمة مؤسسات تمويل روحاني إقراضـ تمويل إفلاس سندات

إيران تدرس شطب بنود في موازنتها لاحتواء الاحتجاجات