رئاسيات مصر 2018.. «السيسي» Vs «السيسي»

الأربعاء 10 يناير 2018 04:01 ص

10 أيام على فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة بمصر، لا يوجد على الساحة إلا الرئيس الحالي «عبدالفتاح السيسي»، بعد أن منع من خلف الستار أيا من منافسيه خوض الانتخابات.

الانتخابات التي وصفها رئيس الهيئة القضائية المشرفة عليها بأنها «الأهم على الإطلاق من بين الاستحقاقات الانتخابية التي تجرى في البلاد»، بات فيها «السيسي» لا شريك ولا منازع له فيها، ويفوز إذا حصل على 5% من أصوات المقيدة أسماؤهم في كشوف الانتخابات.

والإثنين، أعلنت مصر الجدول الزمني لانتخابات الرئاسة 2018، ليبدأ تلقي طلبات الترشح في 20 يناير/كانون الثاني الجاري، على أن تكون مواعيد تصويت المصريين بالخارج، أيام الجمعة والسبت والأحد 16 و17 و18 مارس/آذار المقبل، وداخل مصر، أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء 26 و27 و28 مارس/آذار المقبل.

ومن المقرر أن تعلن النتيجة للجولة الأولى، في 2 أبريل/نيسان المقبل.

وسيكون التصويت في جولة الإعادة بين أعلى مرشحين، خارج مصر أيام الخميس والجمعة والسبت 19 و20 و21 أبريل/نيسان المقبل، وداخل مصر الثلاثاء الأربعاء والخميس 24 و25 و26 أبريل/نيسان المقبل، على أن يتم إعلان اسم المرشح الفائز برئاسة مصر في الأول من مايو/آيار 2018.

«السيسي» وحيدا

وبنظرة على المرشحين المحتملين، لا نجد إلا «السيسي» فقط، مرشحا محتملا، بعد أن انسحب الفريق «أحمد شفيق» وإعلان مبادرة «الفريق الرئاسي» التي يتزعمها العالم «عصام حجي» مقاطعة الانتخابات.

في الوقت الذي يواجه المحامي «خالد علي» حكما قضائيا مخلا بالشرف قد يمنعه من الترشح، ويشكو «محمد أنور السادات» من تضييق وخناق عليه وعلى حملته الانتخابية، تجعله يفكر في عدم الترشح.

وتنتهي فترة رئاسة «عبدالفتاح السيسي»، الحالية في أوائل يونيو/حزيران المقبل، وعلى الرغم من عدم إعلانه حتى الآن اعتزامه خوض السباق الرئاسي، لكن يرجح على نطاق واسع أن يحاول الفوز بفترة ثانية وأخيرة.

ومرارا تفادى «السيسي»، الكشف عن نيته الترشح لولاية رئاسية ثانية من 4 سنوات، مكتفيا بربط الأمر بإرادة المصريين.

بيد أن 464 نائبا بالبرلمان المصري، بينهم رئيسه «علي عبدالعال»، وقعوا أمس، على استمارات تزكية لـ«السيسي» للترشح للانتخابات، وهي خطوة أولى وصفها المراقبون أنها تمهد لإعلان الرئيس الحالي ترشحه مجددا، باعتبار أن النواب يزكونه.

ويبلغ عدد أعضاء البرلمان 596 عضوا، ما يعني أن 78% وقعوا على استمارات تزكية، في الوقت الذي ينص قانون الانتخابات الرئاسية، على أنه يلزم لقبول الترشح أن يزكي المرشح 20 عضوا على الأقل من أعضاء البرلمان.

وفي الشارع، ومع أول أيام استقبال التوكيلات الشعبية، شهدت مكاتب الشهر العقاري بعدد من المحافظات، إقبالا من المواطنين، تم جمعهم عبر نواب البرلمان أو الأحزاب المؤيدة لـ«السيسي»، لتوقيع توكيلات من أجل ترشيحه لفترة رئاسية جديدة.

وينص قانون الانتخابات، على أنه في حال عدم الحوصل على تزكيات من نواب البرلمان، فإن يمكن للمرشح جمع توكيلات من 25 ألف مواطن على الأقل ممن لهم حق الانتخاب من 15 محافظة مختلفة على الأقل، وبحد أدنى ألف توكيل من كل محافظة.

ومنذ أسابيع، تشارك الحكومة في أنشطة حملة «عشان تبنيها»، لدعم ترشح «السيسي» حيث وقع على استماراتها شخصيات مسؤولة في مناصبهم، من بينهم محافظون، وبرلمانيون، وقيادات شرطية، وإعلاميون وفنانون مقربون من أجهزة أمنية، كما أنها تحظى بتغطية إعلامية واسعة.

تكميم أفواه

وأمام «السيسي»، لم يعلن أي شخص ترشحه للانتخابات، بل ويتراجع من سبق إعلانه نتيجة ضغط تارة أو حكم قضائي تارة أخرى، أو نتيحة لعدم وجود ضمانات نزاهة تارة ثالثة.

حتى أن صحيفة «وول ستريت جورنال»، قالت في تقرير لها، إن «الدولة ذهبت لما يطلق عليه النقاد عملية تكميم الأصوات المنافسة والقوية للرئيس، بطرق فاقت الوسائل التي استخدمها النظام الديكتاتوري لحسني مبارك الذي حكم مصر لأكثر من ثلاثة عقود، وكان يسمح فيها لجماعات المعارضة المشاركة في الانتخابات، وإن بطريقة يتحكم بها النظام».

وتابعت: «حتى لو سمحت حكومة السيسي لمرشحين كي ينافسوا الرئيس، ففرصهم بالنجاح تبقى معدومة».

واستطردت: «لكن ما تخشاه الحكومة هو انتخابات تؤدي لخلافات وتفتح المجال أمام التعبير الشعبي عن مظالمهم وطريقة إدارة الحكومة للاقتصاد والتعامل مع الهجمات الإرهابية».

«أحمد شفيق»

رئيس وزراء مصر الأسبق «أحمد شفيق»، كان أبرز المرشحين المحتملين للانتخابات، وأحد أهم المنافسين في الانتخابات المقبلة، بيد أنه أعلن تراجعه عن الترشح الأحد الماضي، حين قال في حسابه على «تويتر»: «رأيت أنني لن أكون الشخص الأمثل لقيادة أمور الدولة خلال الفترة المقبلة».

وكان «شفيق»، وهو قائد سابق للقوات الجوية، قد خسر انتخابات 2012 أمام الرئيس الأسبق «محمد مرسي» الذي انقلب عليه الجيش بقيادة «السيسي» في يوليو/تموز 2013.

وقالت مصادر لـ«الخليج الجديد»، إن قرار «شفيق»، جاء بعد ضغوط مورست عليه من قبل أجهزة سيادية، هددته بتحريك دعاوى قضائية ضده.

الأمر ذاته، كشفته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، حين نسبت لأحد محاميي «شفيق»، الذي طلب عدم ذكر اسمه، قوله إن «الحكومة المصرية أكرهته على الانسحاب بتهديده بالتحقيق في اتهامات سابقة بالفساد ضده».

ويواجه «شفيق» 3 قضايا فساد تخص أرض الطيارين، (كان رئيس جمعية الضباط الطيارين)، وحصل على البراءة في الأولى، والثانية: عدم جواز نظر، والثالثة: تم حفظها، لكن أدراج القضاء العسكري تحتفظ له بقضية في الكسب غير المشروع، في العام 2011، لم يتم حسمها بعد.

وخلال الأيام الماضية، تعرض رئيس وزراء مصر الأسبق، لحملات تشويه في صحف ووسائل إعلام حكومية، واتهامات بالخيانة بعد بث فيديو عبر قناة «الجزيرة» القطرية، يعلن من خلاله منعه من مغادرة دولة الإمارات.

وأضافت الصحيفة الأمريكية في تقريرها، أن «ما قاله المحامي أكدته تسجيلات صوتية لمحادثات هاتفية لضابط في المخابرات المصرية حصلت عليها، كشفت أن النقيب بالمخابرات المصرية أشرف الخولي، حذر مقدم برنامج تلفزيوني استضاف شفيق مؤخرا من انتقاد ضيفه لأن الحكومة لا تزال في محادثات معه».

وقال «الخولي» للمذيع، بحسب التسجيلات: «إذا قرر أن يكون معنا، فسنعتبره أحد القادة السابقين للقوات المسلحة المصرية، هل فهمت؟ وإذا لم يوافق سنلعن أسلاف أبيه».

«خالد علي»

أما المرشح الثاني، فهو المحامي والحقوقي «خالد علي»، الذي أعلن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلا أنه يواجه حكما محلا بالشرف في القضية المعروفة إعلاميا باسم «الفعل الفاضح»، التي لا تزال في ساحة المحاكم.

والأربعاء الماضي، تقرر تأجيل استئناف «علي» على الحكم الصادر بحقه إلى جلسة 7 مارس/آذار، لفحص مقطع الفيديو محل الواقعة، وهو ما يعني أنه قد لا يحق له الترشح للانتخابات، لإنتفاء أحد شروط الترشح.

وعلى الرغم من تأكيد «علي» أن موقفه لم يتأثر بتأجيل القضية، إلا أنه عقب إعلان جدول الانتخابات، كشفت مديرة حملته الانتخابية «هالة فودة»، إن الحملة ستدرس مخرجات هذا الإعلان، وعليه ستقرر إعلان مرشحها خوضه الانتخابات الرئاسية من عدمه.

وبحسب «فودة»، فإن «الحملة طالبت بضمانات لخوض الانتخابات، ولكنها حتى الآن لم تتحقق»، مشيرة إلى أن «الحملة طالبت بإلغاء حالة الطوارئ، وإلغاء حجب المواقع، ولكن الأمور لا تسير في الاتجاه السليم لخوض معركة انتخابية صحيحة».

وتوقع «علي»، ألا توفر السلطة حاليا الجو العام الذي يسمح بإجراء انتخابات، إلا أنه قال: «لكن علينا أن نحاول توفيره بالمقاومة».

ومنذ إعلانه عن ترشيح نفسه لم يتلق «علي» أي دعوة من القنوات التليفزيونية لمناقشة برامجه الانتخابية، ولم تقابله أي صحيفة أو قناة محلية، وخصصت صحيفة «الجمهورية» صفحة كاملة انتقدته فيها ووصفته بـ«القزم»، وقالت إنه تلقى دعما سريا من «الاتحاد الأوروبي».

وكان «علي» في مقدمة المعارضين لقرار «السيسي» المتعلق بنقل ملكية جزيرتي «تيران وصنافير» إلى السعودية، وقاد معركة قانونية لكي يثبت عدم صحة قرار الحكومة، والتأكيد على مصرية الجزيرتين.

لكن انتصار «علي» القانوني في معركة الجزيرتين سحقه قرار البرلمان بالمضي في نقل ملكيتهما للسعودية، وفوق كل هذا اتهم من محام موال للحكومة «علي» بأنه استخدم شعارات بذيئة عندما احتفل بانتصاره القانوني.

ويقول مراقبون إن قاعدة الدعم لـ«علي» تتكون من الشباب المصري الذين يمتنعون عن التصويت منذ وصول «السيسي» إلى السلطة، ولو سمح له بالترشح فإنه سيحاول دفع هذا القطاع للتصويت.

«الفريق الرئاسي»

أما مبادرة «الفريق الرئاسي» التي يتزعمها المستشار السابق بالرئاسة المصرية «عصام حجي»، فحسمت موقفها بالمقاطعة، لعدم استجابة الجهات القائمة على هذه الانتخابات لمطالب القوى المدنية.

وفي بيان للمبادرة نشرته عبر صفحتها على «فيسبوك»، الثلاثاء، قالت إنه «بعد الاطلاع على لائحة الانتخابات المعلن عنها بالأمس، والشروط التعجيزية الواردة بها، وعدم استجابة الجهات القائمة على هذه الانتخابات بتقديم أي رد على المطالب المتكررة منذ أكثر من عام للقوى المدنية السلمية بضمان حد أدنى لنزاهة العملية الانتخابية كما وردت في إعلان المبادرة في مايو/أيار 2017، قررنا بإجماع كافة الأعضاء مقاطعة الانتخابات».

وكانت المبادرة حددت في مايو/أيار الماضي، 12 ضمانة لخوض الانتخابات الرئاسية.

وأضاف البيان أن «مبادرة الفريق الرئاسي تؤمن بأن الانتخابات في شكلها الحالي لم تعد الفرصة المرتقبة للتغير السلمي والحضاري، وتحمل القائمين على حملات التغييب للرأي العام ومن يقف وراءهم بالدفع برغبة المصريين في التغيير إلى موعد وطريق مجهولين».

يشار إلى أن «مبادرة  الفريق رئاسي»، بدأت نشاطها السياسي في أغسطس/آب 2016، وتعمل على 5 محاور أساسية، هي: التعليم والاقتصاد والصحة والمساواة والمرأة، ويدير عالم الفضاء والصواريخ بوكالة «ناسا» الأمريكية «عصام حجي»، ملف التعليم في المبادرة.

وتتعرض المبادرة منذ ظهورها، لحملات هجوم شديدة من قبل وسائل إعلام مصرية موالية لـ«السيسي»، كونها تدعو لإيجاد بديل رئاسي مدني لانتخابات 2018.

«أنور السادات»

أما آخر المرشحين المحتملين، فهو نجل شقيق الرئيس المصري الراحل، «محمد أنور السادات»، الذي يشكو منذ إعلانه نيته الترشح للانتخابات من تضييق عليه وعلى أفراد حملته الانتخابية، للدرجة التي جعلته يعلن انه يعيد التفكير في أمر ترشحه، خاصة بعد حملات التشويه التي طالت مرشحين محتملين كالفريق «شفيق».

«السادات» الذي يترأس حزب «الإصلاح والتنمية»، انتقد أيضا الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية، واعتبره «ضيق جدا، وغير كاف».

ومضى بقوله: «في الفترة الماضية لم يكن مسموحا لأحد ينوي الترشح بأن يتواصل مع الإعلام أو ممارسة أي فعاليات انتخابية».

وسبق لـ«السادات» أن شكا من «تعثر عقد مؤتمر صحفي بأحد فنادق القاهرة، لرفض أجهزة الأمن»، ما أثار تخوفه من صعوبات قد يواجهها.

وأشار إلى أن الأجواء العامة غير مشجعة، وعلى الجميع أن يحسبها جيدا لأن «المنافسة غير سهلة».

وفي وقت سابق، طالب «السادات» بتوافر ضمانات، منها سيطرة وحياد الهيئة الوطنية للانتخابات، وكذلك حياد وسائل الإعلام وأجهزة الدولة، وقدرة الحملة الانتخابية للمرشح على توصيل رسالتها دون معوقات.

ويرى «السادات» أن الانتخابات الرئاسية المصرية القادمة «محسومة»، نظرا لضيق الوقت المتاح لكل من ينوي الترشح لرئاسة مصر، لإكمال الإجراءات المطلوبة لخوض الانتخابات.

وأضاف قائلا: «بذلنا جهدا كبيرا لإعداد برنامج انتخابي وفلسفة حملة كاملة، ولم يكن متاحا عرضها على أي من الوسائل الإعلامية»، فضلا عن تلقيه وحملته تهديدات أمنية.

وأوضح «السادات»، أنه سيعلن موقفه النهائي من الترشح للانتخابات الرئاسية يوم 14 يناير/كانون الثاني الجاري، بيد أن مقربون منه قالوا إنه «لن يترشح».

رئيس بـ5%

وأمام ذلك، فقد يكون «السيسي» مرشحا وحيدا في الانتخابات، وعليه سيتجرى الانتخابات بشكل طبيعي، ويفوز «السيسي» إذا حصل على 5% من أصوات الناخبين المقيدين بالجدوال الانتخابية كحد أدنى.

وتنص المادة (36) من قانون الانتخابات، على: «يتم الاقتراع لانتخاب رئيس الجمهورية حتى لو تقدم للترشح مرشح وحيد أو لم يبق سواه بسبب تنازل باقى المرشحين، وفى هذه الحالة يعلن فوزه إن حصل على 5% من إجمالى عدد الناخبين المقيدة أسماؤهم بقاعدة بيانات الناخبين، فإن لم يحصل المرشح على هذه النسبة تعلن لجنة الانتخابات الرئاسية فتح باب الترشح لانتخابات أخرى خلال خمسة عشر يوما على الأكثر من تاريخ إعلان النتيجة ويجرى الانتخاب فى هذه الحالة وفقا لأحكام هذا القانون».

وبناء على هذا الشرط، فيشترط على «السيسي»، الحصول على تأييد 3 ملايين ناخب مصري، من أصل 60 مليون صوت هو إجمالي عدد الناخبين المقيدة أسماؤهم في الكشوف الانتخابية.

وتعاني مصر في عهد «السيسي»، وضعا اقتصاديا مترديا وارتفاعا كبيرا في الأسعار، وندرة في بعض السلع الاستراتيجية، كما تهاوى الجنيه المصري أمام الدولار، فضلا عن أزمة في قطاع السياحة، وتراجعا في تحويلات المصريين بالخارج، وتنامي مؤشرات الفساد وقضايا الرشوة.

ولم تفلح الحكومات المصرية المتعاقبة، منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز عام 2013، في تحسين مستوى معيشة المصريين وحل الأزمات المجتمعية المتراكمة وأبرزها البطالة والفقر، رغم الخطط والإجراءات المتعددة التي أعلن عنها النظام المصري في هذا الإطار.

كما تعاني البلاد في ظل حكم «السيسي»، احتقانا سياسيا، وتزايدا في عمليات الاعتقالات والقتل على يد الشرطة خارج إطار القانون، وإجراءات قمعية ضد معارضي السلطة، وفرض قيود على حرية الرأي والتعبير.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي شفيق خالد علي عصام حجي أنور السادات انتخابات الرئاسة

تصريحات بدراوي عن السيسي والانتخابات والاقتصاد تثير جدلا واسعا.. ماذا قال وكيف رد الناشطون؟