تصريحات بدراوي عن السيسي والانتخابات والاقتصاد تثير جدلا واسعا.. ماذا قال وكيف رد الناشطون؟

الخميس 10 أغسطس 2023 09:51 م

أثارت تصريحات السياسي المصري مستشار الحوار الوطني حسام بدراوي، جدلا واسعا بين أوساط المؤيدين والمعارضين في مصر، في ظل تأكيده "أهمية تداول السلطة في البلاد، وعدم الانحياز إلى الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي حال عزمه خوض غمار المنافسة، والذي دعاه إلى عدم خوض الانتخابات كي يدخل التاريخ.

بدراوي (70 سنة)، وهو طبيب وسياسي بارز، ترأس الحزب الوطني في آخر أيام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك قبل سقوط نظامه في عام 2011، وكان اختيارا لاقى قبولا حتي من المعارضين وقتها، ويشغل حالياً منصب مستشار الحوار الوطني، وله صلات واسعة مع كل التيارات السياسية.

وشدد بدراوي على أهمية تداول السلطة وحرية التعبير واحترام الآراء المختلفة، واحترام الحريات، والنظر في اللامركزية، وإعطاء المجتمع مساحة قدرته على التعبير عن رأيه السياسي، لافتا إلى أنه إذا لم يكن كذلك فكأن شيئاً لم يحدث.

ولفت إلى أهمية "مراجعة للقوانين المقيدة للحريات وقوانين أخرى مشابهة، ومراجعة الحبس الاحتياطي، وما يجري فيه من إجراءات"، مبديا انزعاجه من آلية الحبس الاحتياطي في مصر، وقال: "ليس معقولاً أننا لا نعرف عدد المعتقلين في مصر، ولا أماكنهم".

وطالب بمراجعة وتطوير أدوات ونظام العدالة، الذي يشمل حقوق المواطنين، إضافة إلى الجهاز المكلف بتطبيق العدالة ألا وهو الشرطة.

ووفق توصيف بدراوي، فإن "العقبة الرئيسة أمام مصر أننا نقول ما لا نفعل ونفعل غير ما نقول"، موضحاً: "ما يقال جيد، والحلول حقيقة جيدة، سواء كانت اقتصادية أو تعليمية... إلخ، لكن الأزمة أن تلك الحلول لا تطبق.. نحن ندور حول أنفسنا فقط".

ومضي بدراوي في حديثه: "نحتاج إلى كفاءة في إدارة الدولة كي يتم تطبيق ما يطرح من آراء جيدة، قد يكون بعضها خارجاً من نفس الحكومة أيضاً، فالأزمة كلها في التطبيق".

وخروجاً من الحوار الوطني في البلاد إلى الانتخابات الرئاسية المرتقبة أوائل العام المقبل، التي ينظر إليها كثير من قوى المعارضة بكثير من "التشكيك"، وقليل من "جدية السلطات في ضمان شفافيتها ونزاهتها"، قال بدراوي، وهو أحد الأسماء المطروحة في الأوساط السياسية والشعبية باحتمالية خوضه المنافسة الرئاسية، رغم نفيه: "كنت معترضاً على التعديل الدستوري (جرى إقراره في عام 2019) الذي يمنح الرئيس مدة ثالثة للبقاء في الحكم، لكني أحترم الدستور طالما صوت عليه المواطنون".

وأضاف: "تداول السلطة هو الضامن الوحيد لاستدامة التنمية، إذ لم يكن لدى الناس إحساس بالقدرة على تداول السلطة فإنهم يكبتون ويغضبون وينفجرون في لحظات لم يكن أحد يتصورها".

وتابع في شرح تصوره: "هل كان أحد يتصور ما جرى في يناير/كانون الثاني 2011؟، لا، لكنه حصل".

وزاد: "لا نريد لمصر بكيانها التاريخي في كل فترة زمنية أن تبدأ من أول وجديد"، مشدداً، وفق تصوره، على أن "تداول السلطة هو الضامن لذلك".

ومضي بدراوي في حديثه: "الآن، لدينا دستور يتيح فترة ثالثة للرئيس، وهذا حقه، هل الرئيس السيسي أنجز؟ بالقطع أنجز.. هل أنقذ البلاد من مأساة كانت ستطيحها في حكم الإخوان؟ بالقطع نعم.. هل أحييه على ذلك؟ أرفع له القبعة".

واستطرد: "لكن انتخابي له في الفترة الرئاسية المقبلة ليس مكافأة على الماضي، إنما من الممكن أن أنتخبه على ما يعدني به في الفترة المقبلة،وتصديقي له أخذا بما وعد والتزم  به سابقاً  ونجح في تطبيقه".

وأضاف: "كانت هذه مطالبي في زمن (الرئيس الراحل حسني) مبارك في حكمه، وهو كان الحاكم الأوحد، وطالبت به أيضاً في آخر أيام مبارك حينما دعوته إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، على ألا ينافس لا هو ولا أحد من أسرته في هذه الانتخابات".

وأشار إلى أنه كان يعتقد حينها أن مصر "أمام فرصة تاريخية تنقل البلاد نقلة حضارية سياسية من دون فوضى أو هدم، لكن هذا لم يحدث.

وبينما لا تزال الضبابية تحيط بشخوص من ينتوون الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، سوى إعلان النائب السابق أحمد طنطاوي (معارض)، ورئيسي حزب حماة وطن والوفد (مؤيدين)، كما لم يعلن الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي موقفه الرسمي بعد، رغم توقع كثيرين أن يخوض الانتخابات المقبلة ليمدد فترة بقائه في الحكم حتى 2030، قال بدراوي إن "السيسي إذا لم يترشح لفترة رئاسية ثالثة سيدخل التاريخ".

واستدرك: "لكن ما ليس من حقه أن يستخدم أجهزة الدولة لصالح بقائه، هذا ليس من حقه".

وتابع بدراوي: "أجهزة الدولة في مصر تعمل لصالح السلطة القائمة، هذا ما يحدث اليوم، وحدث أمس زمن مبارك، وقبله أيام (الرئيس الراحل أنور) السادات، وقبله (الرئيس الراحل جمال) عبدالناصر.. وعليه أتمنى من المؤسسات المصرية أن تعمل لصالح البناء والتداول، وليس في صالح الهدم والبقاء".

ومضى بدراوي في حديثه: "كنت أرى أن المكسب الوحيد لثورة 2011 هو تحديد فترات الرئاسة بولايتين محددتي المدة، وقد خسرنا هذا المكسب  ومن الممكن أن نخسر أكثر منه  مستقبلاً".

كما دعا إلى تراجع المؤسسة العسكرية عن الاستثمار والمنافسة، وأن "تظل حامية الدولة، والدستور، والشعب، يلجأ إليها وقت الضرورة حتى لا تحدث الفوضى.. نحن وصلنا إلى مرحلة أنه ليس أمامنا بديل غير بقاء الأمر كما هو عليه.. مع الأسف".

وعاد بدراوي إلى التشديد على أهمية حياد مؤسسات الدولة، "من الآن إلى وقت الانتخابات، أحتاج إلى أن أسمع وأرى وأسأل كي أقرر أنتخب من، هل لبقاء الأمر كما هو عليه، أم لبديل".

وتابع: "طالما السلطة التنفيذية في يد أحد المرشحين إذن فنحن أمام عدم عدالة، السلطة التنفيذية سواء شرطة أو استخبارات عامة أو قوات مسلحة يجب أن تكون محايدة عند اختيار الشعب لرئيسه"، مع إقراره في الوقت ذاته، أن "الواقع السياسي يقول إن أجهزة الدولة تقف مع الرئيس فتمنحه فرصة أكبر في أنه ينجح في الانتخابات".

وتساءل بدراوي: "هل السيسي كويس؟"، قبل أن يجيب: "بالقطع نعم، وفي رأيي أنه قدم إنجازات لمصر تحترم، لكن في رأيي أيضاً أن تداول السلطة الأفضل لمصر".

ووفق بدراوي: "منذ زمن عبدالناصر إلى وقتنا هذا لم تتغير الأمور، شخص من داخل المؤسسة العسكرية يحكم حكماً مطلقاً"، مضيفا: "مصر في حاجة إلى تغيير هذا الكلام، وتحتاج إلى مشاركة مدنية، وهذا هو ما نهض بدول مثل أوروبا".

بسؤال بدراوي عن واقع الحياة الحزبية في مصر، وعما إذا كانت قادرة على المشاركة في التغيير في البلد، ذكر بدراوي أن "واقعها ضعيف جداً، لأنها مكبلة بالضغوط الأمنية التي تمارس ضدها، ولا حرية للأحزاب في مقابلة الجماهير، ولا عرض وجهة نظرهم، والمسألة كلها مقيدة مكبلة".

وبرأي بدراوي كذلك، فإن ضعف الحياة الحزبية في مصر لا تتحمله فقط السلطة القائمة، إنما "تتحمل الأحزاب جزءاً من واقعها المأزوم"، إذ إنها وفق تعبيره، "كثير منها رؤيتها فردية، يتحرك وفق رغبة في الحصول على مميزات، فيما تتحمل الدولة الجزء الآخر المتربط بغياب الحرية السياسية التي تكفي لحدوث معارضة فعالة".

وأردف "في الوقت ذاته لا يوجد بدائل للوضع الحالي. مصر في مأزق لا القطاع السياسي يقدم بدائل ممكنة، ولا يقدم معارضة غير مستأنسة.. والنظام يدفع الجميع إلى جهتين، إما المعارضة التي تهدم كل شيء، وإما الموالاة التي تؤيد كل شيء، وهذا ليس في صالح المجتمع".

وفي ما يتعلق بما يراه البعض "انسداداً سياسياً محكماً" على المشهد، والتضييق على مساحات الحريات، رغم النفي الدائم من قبل السلطات القائمة، قال بدراوي: "حينما يغلق باب الحريات يتطرف الناس، المعارضة وقتها تصبح معارضة هدم، تصطاد الأخطاء من أجل أن تظهر أن النظام الحاكم سيئ، وفي المقابل يزداد النفاق، فأي شيء تقدمه يصور وكأنه أمر عظيم.. وهنا لا يوجد توازن".

تابع بدراوي: "هذا التوازن يحتاج إلى زمن وقيادة. والسؤال من بيده تعديل تلك الأمور؟ الإجابة الرئيس. فمثلما كان في يد مبارك والسادات وعبدالناصر.. مصر لديها تحديات لن تختفي، هل هذا معناه أننا نظل في أماكننا ولا نتحرك للأمام؟.. لا. من يملك كل الخيوط الآن؟ الرئيس، وأنا أحمله المسؤولية بأن ينقل البلاد إلى شكل مؤسسي يضمن تداول السلطة".

وفي شأن حنين كثيرين إلى عصر مبارك الذي أطاحته ثورة شعبية في يناير/كانون الثاني 2011، وتزايد الحديث عن احتمالات أن يخوض نجله جمال (60 سنة) الانتخابات الرئاسية المقبلة مع انتشار عديد من الصفحات التي تدعمه على مواقع التواصل الاجتماعي، قال بدراوي: "حينما تكون هناك أزمة تحدث انفعالات وحنين، وحينما تسير الأمور على ما يرام، تشتبك الناس مع ما يحدث".

وقال بدراوي: "لا أستطيع أن أتحدث بالنيابة عنه"، معرباً عن اعتقاده أن نجل الرئيس السابق "لن يرشح نفسه للانتخابات الرئاسية"، قائلاً: "هذا ليس وارداً، على ما أظن، في الوقت الحالي".

من السياسة إلى الاقتصاد، الذي يخيم بتحدياته وأزماته وما خلفه من موجات غلاء متواصلة على المواطن المصري، أوضح بدراوي، وفق رؤيته، "هناك أسباب الحكومات دائماً تدافع عن نفسها بها، وهي الأسباب العالمية، الخارجة عن إرادتها، كأزمة كورونا، والحرب الروسية - الأوكرانية، ولا شك في ذلك، لكن هذا لا يمنع أننا في مصر يوجد إنفاق قد يكون ليس من أولويات اللحظة، ما أوقعنا في النهاية في مأزق ارتفاع الدين العام وتراجع قدرة البلاد على السداد".

يتابع بدراوي: "ما من شك أن القطاع الخاص الركيزة الرئيسة للتنمية يواجه منافسة غير عادلة من أجهزة الدولة التي تتمتع بفرص أفضل منه"، مشيراً إلى أن "الإمبراطورية التي تبنت أن الدولة هي المستثمر الرئيس وقعت وانهارت، الاتحاد السوفياتي سقط، لكن الوكيل ما زال يعمل في مصر، ويدعم فكرة أن الدولة هي التي تستثمر"، على حد وصفه.

وأوضح بدراوي: "القضية الأخرى تكمن في، هل  أنفقت الدولة بشكل فعال أم خطأ؟ هل هذه أولوياتي اليوم أم لا؟ وإن كانت هذه هي الأولية وفق القائمين على الأمور فنحن نحتاج إلى من يشرح ويفسر لنا، لا نحب أن نسيء الظن، لكن الفكرة أنه في مصر يوجد قدر كبير من عدم الشفافية التي تجعل الناس يشتكون ويغضبون، مع العلم أنه يمكن أن الناس لا تشتكي ولا تغضب لو عرفت التفاصيل".

ومع إشارته إلى أن "الديون المصرية وصلت إلى مساحة لا يصح أن نتوسع عن ذلك"، وأنه "لا يلوم الدولة على الاستدانة، إنما على كيفية الإنفاق"، عاد بدراوي للحديث عن قضية أخرى متعلقة فيما بات يسميه اقتصاديون "تعدد موازنات الدولة" (موازنات فرعية وخاصة لهيئات وصناديق سيادية)، قائلاً: "وجود موازنات لمؤسسات وهيئات خارج نطاق موازنة الدولة أمر يقلقني".

وأوضح: "كل الفلوس ملك للشعب، موازنات مؤسسات الدولة يجب أن تدخل داخل موازنة الدولة الكلية، شاملة القوات المسلحة والشرطة والعدالة وكافة المشاريع الآخرى. وعكس ذلك خطر شديد وغياب للمحاسبة".

وأثارت تصريحات بدراوي، الكثير من الجدل، خاصة بين المعارضين المصريين، الذين اعتبروها الأكثر جرأة.

بينما اتهمه آخرون بالترويج لكلام شعبوي، لإثارة مشاعر المصريين، لافتين إلى أن هذه التصريحات قد تشير إلى إمكانية ترشحه للانتخابات.

فيما انتقد آخرون بدراوي، واتهموه بتغيير مواقفه، بعدما كان داعما للسيسي ويجوب المحافظات من أجل الترويج له.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حسام بدراوي السيسي انتخابات انتخابات رئاسية مبارك تداول السلطة اقتصاد

تصريحات السيسي حول الأزمة الاقتصادية والكهرباء تثير غضب المصريين.. ماذا قال؟

رئاسيات مصر.. أمر واقع آخر بالنسبة للسيسي وربما المعارضة