وثائق بريطانية: «مبارك» كان يعاني من وسواس «بي بي سي»

الثلاثاء 16 يناير 2018 06:01 ص

كشفت وثائق سرية بريطانية أن الرئيس المصري المخلوع «محمد حسني مبارك» كان منزعجا للغاية من هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» لدرجة دفعته إلى رفض دعوة رسمية لزيارة لندن عام 1984.

وذكرت الوثائق، التي نشرتها «بي بي سي» بشكل حصري، أن البريطانيين حاولوا جاهدين «تخليص مبارك من وسواس بي بي سي الذي كانوا يعتقدون بأنه سيطر عليه خلال سنوات حكمه الأولى».

وكشف سير «مايكل وير»، سفير بريطانيا في القاهرة، آنذاك، عن مشكلة «مبارك» مع «بي بي سي» في برقية بعث بها إلى حكومته في 12 ديسمبر/كانون الأول 1984، مشيرا إلى أن «سعيد حمزة»، كبير الياوران في رئاسة الجمهورية المصرية في ذلك الوقت، سأله: «هل لا يوجد حقا أي شيء يمكننا عمله بشأن بي بي سي».

ووفقا للوثائق التي نشرتها «بي بي سي»، فإن «حمزة» أبلغ السفير بأنه كان يتحدث مع «مبارك» بشأن رحلة مرتقبة إلى واشنطن عام 1984، واقترح عليه أن يدرج لندن في جدول الرحلة كما فعل في السابق، خاصة أنه زار باريس وبون أكثر من مرة أخيرا.

كما نقل السفير عن «حمزة» قوله إن «مبارك رد على الاقتراح بأنه لن يفكر في الذهاب إلى لندن نظرا لموقف بي بي سي تجاه مصر»، حينئذ.

كانت الحكومة البريطانية برئاسة «مارغريت تاتشر» وجهت، حينها، دعوة رسمية إلى «حسني مبارك» لزيارة لندن، غير أنه رفضها.

​وذكرت الإذاعة البريطانية أنه عندما «ألح السفير على حمزة، الذي وصفه بأنه كان يعرف الكثير للغاية عن مبارك، كي يبلغه بالأدلة التي يستند إليها الرئيس في رأيه تجاه بي بي سي، لم يسمع منه أدلة مقنعة».

وأضافت الوثائق، التي هي عبارة عن برقية من السفير البريطاني إلى الحكومة، «ما طرحه حمزة هو برنامج تلفزيوني شهير بث في بي بي سي باللغة الإنجليزية عن مصر خلال زيارة مبارك الأخيرة للندن، في شهر فبراير/شباط 1983، إضافة إلى شيء ما عن التغطية الإذاعية للهيئة بشأن محاولة اغتيال رئيس وزراء ليبيا السابق عبد الحميد البكوش».

وأوضحت «بي بي سي» أن ما يتعلق بالبرنامج التلفزيوني، فقد كان المقصود هو حلقة من برنامج «نيوز نايت» الشهير تضمنت تحقيقا عن «أخطار الأصولية الإسلامية» في مصر.

وحسب برقية من السفارة البريطانية في القاهرة مؤرخة في 5 فبراير/شباط 1983، فإن «مبارك، خلال تصريحاته في مطار هيثرو وأثناء حديثه مع رؤساء تحرير الصحف المصرية على متن الطائرة في طريق العودة للقاهرة، أقدم على غير عادته على انتقاد البرنامج، ووصفه بأنه غير دقيق كليا، وأكد على استقرار مصر وتسامحها الديني، والفرص المبشرة التي توفرها البلاد للمستثمرين».

كما أوضحت «بي بي سي» أن قضية البكوش الليبية كانت مثار نقاش بين سير «مايكل» والدكتور «أسامة الباز»، المستشار السياسي لـ«مبارك» في ذلك الوقت.

وقال السفير في برقيته إن «الباز» أبدى فجأة ودون مقدمات ملاحظة قال فيها إن «الرئيس استشاط غضبا من تعامل بي بي سي مع القصة».

ونقل السفير عن «الباز» قوله «لقد وصفوا الاغتيال بأنه إهانة مذلة لقوات الأمن المصرية، كما أنهم امتنعوا عن تصحيح أنفسهم أو الاعتذار عندما ظهرت الحقيقة».

كان «عبدالحميد البكوش»، أحد رؤساء الوزراء السابقين في عهد الملك الليبي «إدريس السنوسي»، قد تعرض لمحاولة اغتيال في القاهرة عام 1982، وأحبطت السلطات الأمنية المصرية المحاولة، وأعلنت اعتقال الضالعين فيها، ثم استعرض وزير الداخلية المصري تفاصيل المؤامرة في مؤتمر صحفي بثه التليفزيون الرسمي.

وأضاف السفير: «مبارك مقتنع بأن بي بي سي تكن مشاعر عداء حقيقي واضح تجاه مصر»، مشيرا إلى أن «الباز»: «قدم شواهد أو أدلة تزيد قليلا عما قدمه حمزة».

واقترح «الباز»، كما قال السفير: «ضرورة عقد جلسة مع رئيس الهيئة العامة للاستعلامات (تابعة للرئاسة المصرية) الدكتور ممدوح البلتاجي لمناقشة الملف»، مضيفا: «هذا قد يتبعه زيارة رفيعة المستوى ربما من جانب رئيس مجلس مديري بي بي سي للقاهرة».

وأشارت «بي بي سي» إلى أن «إيريك باومان»، رئيس الخدمة العربية في الهيئة، آنذاك، توجه في زيارة لمصر.

وبالفعل حدث اللقاء بين «باومان» و«البلتاجي»، إلا أن «سير مايكل» أكد أن المسؤول المصري «لم يتمكن من تقديم أدلة ملموسة أكثر مما قدمه الآخرون بشأن بي بي سي».

ورغم موقف الرئيس المصري السابق من المؤسسة الإعلامية الشهيرة، فإن «حمزة» أكد أن «مشاعر مبارك تجاه بي بي سي لا تؤثر بأي شكل على رؤيته للعلاقات الرسمية بين بلدينا»، مضيفا أن «مبارك تحدث دائما بحرارة بالغة عن هذه العلاقات وعن السيدة تاتشر على وجه الخصوص».

ونصح سير «مايكل» بضرورة أن «ينتهز البريطانيون أول فرصة لمحاولة التخلص من تلك الرؤية تجاه بي بي سي» التي وصفها بأنها «شيطان غريب استحوذ على رأس مبارك».

وشدد على أنه لا يجب الانتظار لحين حدوث زيارة من جانب رئيسة الوزراء أو تحرك على مستوى عال، قد يستغرق وقتا، من جانب «بي بي سي». 

وقال إن مثل هؤلاء المسؤولين يرون أن ردة فعل الرئيس تجاه إساءة البرنامج التلفزيوني لمصر مبالغ فيها.

ويضيف سير «مايكل» أن المتفق عليه هو أن «مبارك لديه ذاكرة كالفيل، خاصة فيما يتعلق بشكاوى الماضي»، في إشارة إلى أنه عادة لا ينسى بسهولة.

كانت وثائق سابقة عرضتها «بي بي سي» كشفت عن حرص بريطانيا على توثيق العلاقات مع «مبارك» أملا في مساعدتها في الفوز بصفقات سلاح مع مصر.

المصدر | الخليج الجديد + بي بي سي

  كلمات مفتاحية

مصر مبارك بي بي سي البكوش

مبارك رفض الإفراج عن مهربي مخدرات بريطانيين رغم حاجته لدعم اقتصادي

وثيقة بريطانية تصف مبارك بالفرعون وتكشف عن تعاون لمراقبة المعارضة