تداعيات الانقلاب النفطي

السبت 31 يناير 2015 06:01 ص

يخضع تسعير برميل النفط لمعادلة معقدة جداً، تتداخل فيها العوامل الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية والجغرافية والمناخية والأمنية وغيرها. ولأن النفط سلعة تجارية بالدرجة الأولى، فإن العامل الأهم يبقى اقتصادياً، ويخضع لآلية السوق من عرض وطلب.

ولا صحة لاتهام دولة عربية بعينها في التسبب بذلك الانهيار الكارثي، لأن سوق النفط واسع جداً ويشمل العالم بأسره. لكن السعودية تبقى المنتج الأول، تليها روسيا ثم الولايات المتحدة، وقد ارتفع إنتاج أميركا من النفط الصخري بما يعادل الثلثين في السنوات الأربع الماضية.

ويعطي هبوط أسعار النفط المترافق مع التقدم في إنتاج الطاقة المتجددة، الفرصة لكثير من بلدان العالم لإعادة رسم سياساتها المتعلقة بإنتاج الطاقة وفي الحصول عليها. وتشير التوقعات إلى بقاء سعر برميل النفط منخفضاً في المستقبل المنظور.

وقد بدأت شركات النفط العملاقة في دراسة طلب المساعدة المالية من الحكومات، كما حدث أثناء الأزمة المالية العالمية الكبرى مع البنوك وشركات صناعة السيارات في أميركا. وقد انتقل الوضع من القلق على الكميات المعروضة من النفط، إلى كيفية معالجة الفائض منه حالياً.

ويتسبب انخفاض سعر برميل النفط في إعادة نظر الحكومات بمشاريع انتاج الطاقة البديلة، مثل تشجيع زراعة الذرة لإنتاج الوقود الحيوي، وبناء مصانع كبرى لتوليد الطاقة من أشعة الشمس، أو من قوة الرياح، كما حصل في بعض البلدان الأوروبية، هذا فضلاً عن بناء المحطات النووية لإنتاج الطاقة المخصصة لتوليد الكهرباء، علماً أن ألمانيا مثلاً، قررت إغلاق محطاتها المنشأة لهذا الغرض في العام 2022.

وتتمثل النتيجة الآنية لانخفاض سعر برميل النفط في قطع مشاريع البحث والتنقيب عن آبار جديدة له في مختلف بقاع العالم، حيث بلغت الأموال المخصصة لهذا الغرض 550 مليار دولار، وأدت تلك السياسات إلى ارتفاع كميات غازات الكربون في فضاء العالم.

وقد رفعت الهند وأندونيسيا الدعم عن المنتجات النفطية. أما البلدان الفقيرة المنتجة للنفط كنيجيريا وفنزويلا، فلم تستطع فعل ذلك فيما تستطيع الدول الغنية تخفيض الضريبة على المنتجات النفطية، وتوفير البنزين والغاز للمستهلكين، بأسعار أقل من السابق.

يعطي انخفاض سعر برميل النفط إشارة انتقال لسياسات جديدة للطاقة في مختلف بلدان العالم، خصوصاً لناحية فرض ضريبة على انبعاثات غاز الكربون. ومن تلك السياسات أيضاً تقديم حوافز للعلماء وللمستثمرين بشأن خفض كميات غاز الكربون الملوث للهواء وللبيئة، عوضاً عن تخصيص أموال هائلة لتوليد الطاقة من أشعة الشمس، أو الحصول عليها من طاقة الرياح، أو بناء محطات الطاقة النووية. إن توفر المعروض من الطاقة في مختلف الأحوال، يعتمد على إطلاق الولايات المتحدة لتصدير نفطها وغازها، ولتغيير سياسة الطاقة في البلدان الأوروبية.

 

المصدر | سمير التنير | السفير

  كلمات مفتاحية

السعودية روسيا الهند النفط الكهرباء السيارات ألمانيا تداعيات الانقلاب النفطي