استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

حركة المقاطعة جنّنت (إسرائيل)!

الخميس 18 يناير 2018 10:01 ص

أصدرت السلطات الإسرائيلية لائحة بعشرين هيئة وجمعية عالمية يُمنع على أعضائها دخول إسرائيل، بحجة أنهم من المناضلين في «حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات»، (BDS) أو من مناصريها.

وهذه أُنشأت في 2004 وما زالت تتطور مذاك، حتى انتشرت في كل بلدان أوروبا وفي الولايات المتحدة الأميركية، وبالطبع في سواهما مما لا تهتم له إسرائيل كثيراً.

حركة المقاطعة بالغة الحضور في بريطانيا مثلاً، بلد "وعد بلفور" الاستعماري العريق: الآلاف من المثقفين والفنانين ينشطون في أطرها وكذلك أساتذة وطلبة الجامعات، وحتى بعض السياسيين..

وقد تفرّعت عن الحركة إجمالاً هيئات معنية بالمقاطعة الثقافية والاكاديمية والفنية، وليس فقط مقاطعة بضائع المستوطنات، أو بحملات الضغط على شركات عالمية لوقف استثماراتها ومشاريعها في اسرائيل.

وقد تراجع بعض تلك الشركات الكبرى بالفعل، مغلِّبة تجنب وجع الرأس ومقاطعة قد تشمل منتجاتها في العالم. كما تراجع فنانون عن حفلات كانوا يزمعون عقدها في تل أبيب، بعدما أمطرتهم الحركة برسائلها ومناشداتها.

وبعد مواقف علنية لعديد من زملائهم توضِّح العيب في الأمر.. آخرهم كانت لورد المغنية النيوزيلاندية الشابة، وهي نجمة معروفة عالمياً في أوساط الشبيبة.

تُجسِّد المقاطعة الثقافية والاكاديمية والفنية الإدانة الأخلاقية لإسرائيل بوصفها حالة خارجة عن «طبيعة الاشياء» وغير قابلة للاصلاح والتغير.

لن يخطر ببال أحد أن يدعو لمقاطعة ثقافية أو أكاديمية أو فنية للولايات المتحدة مثلاً مهما عظمت جرائمها بحق مواطنيها من الملوّنين أو الفقراء أو بحق شعوب أخرى في العالم.

يذهب من يناهضون تلك الجرائم ومن يمتلكون موقفاً منها الى مناسباتهم هناك ويقولون علناً إدانتهم بوسائط التعبير التي يمتلكون، وأمام جمهور أميركي يؤيدهم.

حالة إسرائيل من أساسها لا تحتمل هذا. فالمشكلة ليست في سياساتها أو في ممارساتها بل في كونها كيانا غاصبا تصفويا قائما على التزوير، وفي كون هذه الجريمة التأسيسية ما زالت فاعلة ممتدة متجددة بحق الفلسطينيين، وفي كونها تجري بمنطقة مركزية من العالم، وفي كون محيطها بأكمله قد تأثر بها..

أميركا البيضاء قامت على تصفية الشعوب الأصلية وحضاراتها من قبل مستوطنين أوروبيين وافدين. إلا أن الفارق يكمن في أن تلك الجريمة وقعت قبل خمسة قرون، في مكان قصي من العالم بل كان مجهولاً منه، وفي إطار سياسي ومفاهيمي لم يكن قد أعلن بعد شرائع حقوق الانسان ولا إدانة العنصرية والعبودية، الخ..

ليس الفلسطينيون «هنوداً حمراً» حتى حين يعلنون هم أنفسهم الشبه من فرط المعاناة! هم يقاومون ويجددون موجات مقاوماتهم كل حين، ويثيرون تضامن العالم معهم الذي اتخذ هو الآخر أشكالاً عديدة، آخرها «حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات»، (BDS) اليوم. هذا صراع وهو حي.

تضع قيادة إسرائيل ومعها الحركة الصهيونية في العالم خططاً لتصفية هذه الحركة. فهي علاوة على كونها تجسِّد التضامن العالمي مع نضال الشعب الفلسطيني ومع الحق، تقول في الوقت نفسه موقفها باستقلال عن حالة هذا النضال، وتقول انها تنبذ اسرائيل. وهذه قطيعة. وبسبب هذه المعاني جُنّت إسرائيل من «حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات».

وقد مضت سنوات على وضعها خططاً علنية ورسمية، سياسية وأمنية ومالية، لمحاربتها. وهي فعَّلت صلاتها القوية بالسلطات القائمة في بلدان مختلفة (من أوروبا خصوصاً) لدفعها الى إدانة هذه الحركة على أساس الخلط المتعمّد بين مناهضة الصهيونية والعداء لليهودية، أو ما يعرف بـ"اللاسامية".

تعرف السلطات الاسرائيلية أن في «حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات» منذ تأسيسها أفراداً كثراً من اليهود المتحررين من الصهيونية. الجديد (نسبياً) أن هيئات بكاملها مكونة في الأصل من يهود مناضلين ضد سياساتها قد انتقلت خطوة كبيرة الى الامام بالانخراط في «حركة المقاطعة»!

كانت فيما مضى تسمي هؤلاء الافراد من اليهود "كارهين لأنفسهم" و"معقدين" الخ.. أي تطبق عليهم وصمات تنتمي إلى عالم المرض النفسي. ولكن ما تسمية هذا التطور الذي أدى الى انحياز (أو حتى نشوء) حركات يهودية تنادي بالمقاطعة مثل «صوت اليهودي للسلام»، (Jewish Voice for Peace (JVP، وهي منظمة أميركية.

جُنّ جنون تل أبيب وخرج علينا جلعاد إردان، وزير الأمن العام، ببدعة لوائح المنع. وقد أثارت السخرية في بعض الصحف الاسرائيلية ك«هآرتس» التي سأل كتابها عن كيف ستتعرف سلطات المطارات على أعضاء «حركة المقاطعة» BDS، ولا سيما من اليهود..

وعمّا إذا كانت إسرائيل بهذه الخطوة تعزز خطر انتشار مقاطعة اليهود لها الخ.. بل وصل الجنون والتخبط حد إدراج اسم جمعية أميركية من طائفة الـ«كويكر» (مذهب مسيحي تأسس في القرن السابع عشر) كانت قد نالت علم 1947 جائزة نوبل للسلام لمساهمتها في انقاذ يهود من المحرقة النازية!

اكتفت إسرائيل بمنع عشرين هيئة اليوم (كانت قد سبقتها اعلانات منع لهيئات بشكل افرادي، منها "مجلس الكنائس العالمي"!)، ولكنها تعرف أن عدد هذه الهيئات، يهودية وغير يهودية، هو بالمئات!

نحن اليوم أمام مرحلة متقدمة من إدانة اسرائيل (الأخلاقية والمعنوية والقيمية والضميرية، علاوة على السياسية..)، حتى وصل الامر الى رفع شعار «حركة المقاطعة» BDS في قلب تظاهرات تل أبيب ضد الفساد المستشري في البلاد.

بل وصل الامر الى ارتعاد فرائص «الدولة القوية» من الفتاة عهد التميمي، الصبية الشجاعة والواعية التي لم تتجاوز السادسة عشر من عمرها (وهي فوق ذلك شقراء وجميلة! ما يزيد من حنق الاسرائيليين بحسب عميرة هاس الصحافية الاسرائيلية الشهيرة المناهضة للصهيونية).

هنا يتحقق النصر أو تقع الهزيمة. وأما الباقي فمسألة وقت وغلبة بالقوة. وهذه الإدانة القاطعة لا يبددها التفاخر ببيع برامج الري أو تحلية الماء للهند والصين ولا البرامج الالكترونية المتطورة لسائر العالم ومعها الطائرات بلا طيار والأسلاك الشائكة حادة القطع وبرامج ألغوريثمات أمنية "متطورة"، ولا كل التغلغل في إفريقيا أو أمريكا اللاتينية أو حتى في دول عربية... إنها مسألة وقت!

* د. نهلة الشهال كاتبة وناشطة لبنانية، محرر موقع «السفير العربي».

  كلمات مفتاحية

فلسطين المقاومة حركة مقاطعة إسرائيل BDS الاحتلال الإسرائيلي مناهضة الصهيونية

(إسرائيل) تعاقب مسؤولا فرنسيا أيد حقوق الفلسطينيين