مأزق المهاجرين الإثيوبيين في السعودية

الخميس 25 يناير 2018 11:01 ص

ترجع أسباب هجرة الإثيوبيين إلى المملكة العربية السعودية لأسباب بدأت مع ظهور الإسلام إضافة إلى السعي وراء فرص العمل.

وكانت السعودية على وجه الخصوص جذابة للإثيوبيين لأسباب تاريخية مختلفة: كان المسلمون العرب في وقت مبكر قد قدموا من الحجاز، ومكة المكرمة اليوم والمناطق المحيطة بها، بتوصية من النبي محمد للبحث عن ملجأ في الحبشة التي يعتبرها العديد من العلماء إثيوبيا اليوم.

وصل العرب المسلمون أولا إلى مملكة أكسوم، حيث أسامة بن أبجر، (الحاكم المسيحي الذي استقبلهم وسمح لهم بالاستقرار في نيغاش، وهي قرية في منطقة تاغراي).

ويمكن القول إن بعض الإثيوبيين لعبوا دورا في العلاقات التاريخية مع الحجاز من خلال قرارهم للذهاب إلى السعودية، وبالإضافة إلى الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي الذي ستناقشه هذه الورقة في الفقرات التالية.

هناك سبب آخر لوجود حملة ضد المهاجرين الإثيوبيين غير الحاملين للوثائق اللازمة في السعودية، وهو رد الفعل على الموقف السياسي لإثيوبيا في أزمة الخليج الحالية.

عندما قادت الإمارات والسعودية والبحرين ومصر حصارا ضد دولة قطر، كان هناك ضغط من قبل هذه الدول على الدول الأفريقية للانضمام إلى الحصار.

واستسلمت بعض البلدان الأفريقية للضغط ولكن إثيوبيا لم تخضع للضغوط. وقال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن إن الدول الأربع حشدت جميع مسؤوليها فى القارة فى بداية الحصار للضغط على الدول الأفريقية لاعتماد نفس الإجراءات التى تتخذها.

وعلاوة على ذلك، في حين تم الترحيب بالإثيوبيين في المملكة بشكل كبير عندما ازدهر اقتصاد البلاد، تغيرت الأمور على مر السنين مع بدء الاقتصاد في التباطؤ.

واستفاد السعوديون من المهاجرين من الدول الفقيرة وخاصة إثيوبيا على مدى عقود. وتوافد مئات الإثيوبيين إلى السعودية للمساهمة في اقتصادها وللحصول على حياة أفضل، ومع ذلك، فإن تشبع البلاد بالعمالة المهاجرة الأفريقية والآسيوية والاقتصاد الفاشل قد أدى إلى تغيير في المواقف تجاه المهاجرين.

وعلاوة على ذلك، فإن التغييرات في قوانين المملكة بشأن مشاركة المرأة في الاقتصاد ومنحها الإذن بالقيادة أثرت سلبا أيضا على مصير المهاجرين الذين يعملون بصفة رئيسية كسائقين وعاملات منازل في البلد.

ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، أعلنت السعودية أنها ستسمح للمرأة بالقيادة، وبذلك تنتهي سياسة طويلة الأمد كانت رمزا عالميا لقمع النساء في المملكة الأكثر تحفظا.

وبدأ ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان» العديد من التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في السعودية، وفي عام 2016، أعلنت السعودية أنها اعتمدت استراتيجية اجتماعية واقتصادية جديدة، وهي الرؤية السعودية 2030.

وتهدف هذه الاستراتيجية الطموحة إلى إصلاح الاقتصاد والمجتمع السعودي بشكل عام من خلال خصخصة معظم شركاتها العامة بما في ذلك أرامكو، أكبر شركة في المملكة العربية السعودية.

وتعهدت أيضا بالاستثمار في الهياكل الأساسية العامة والاجتماعية بما في ذلك السياحة وتنمية رأس المال البشري. وينصب التركيز على تشجيع المشاركة الاقتصادية للسعوديين، رجالا ونساء، في جميع قطاعات الاقتصاد.

استغلال المهاجرين

وكان هناك اقتصاد مزدهر غير رسمي في السعودية استفاد من خدمات العمالة غير القانونية وغير الموثقة. وتبحث حكومة «بن سلمان» في تعديلات اقتصادية من خلال القضاء على الثغرات الاقتصادية بما في ذلك استغلال المهاجرين غير الشرعيين. وفي مارس/آذار 2017، أمرت المملكة العربية السعودية جميع المهاجرين الإثيوبيين غير الموثقين بمغادرة البلد طواعية ولكن غالبية المهاجرين اختاروا البقاء وحاليا هم يواجهون الآن الترحيل القسري.

ومنذ ذلك الحين، تم طرد 70 ألف هاجر إثيوبي غير شرعي من المملكة حيث تسعى الدولة إلى تقليل اعتمادها على الملايين من العمال المهاجرين.

ووفقا لهيومن رايتس ووتش، فإن عملية الترحيل كانت مليئة بانتهاكات لحقوق الإنسان. ويقال إن العديد من المعتقلين تعرضوا للضرب والاحتجاز بهم في منشآت في ظروف غير إنسانية في جميع أنحاء السعودية.

أصبحت الحياة في المملكة صعبة بالنسبة للعديد من المهاجرين الأفارقة وتزايدت حالات سوء المعاملة والعنصرية، ففي أبريل/نيسان 2015، نشر شاب سعودي مقطعا لمهاجر أفريقي يأخذ بعض الأشياء من القمامة في جدة. وأثار هذا المقطع ردود فعل مختلفة في وسائل الإعلام الاجتماعية وأدان عدد من الناس نشر هذا المقطع. وحقيقة كان هذا المقطع يمثل حالة المهاجرين الأفارقة في السعودية.

أثار توقيت حملة القمع على المهاجرين غير الشرعيين في السعودية شكوكا لأنها تتزامن مع إجراءات ومناقشات مماثلة في (إسرائيل) والولايات المتحدة.

 وفي الآونة الأخيرة كان هناك تقاربا متزايدا في السياسة بين هذه البلدان الثلاثة. وأعطت الزيارة التي أعلن عنها لـ«محمد بن سلمان» إلى (إسرائيل)، وزيارة «جاريد كوشنر»، مستشار الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، إلى السعودية مصداقية لهذه الحجة، ولا تزال الدلائل تشير إلى أنه منذ انتخاب «ترامب»، أصبح هناك الكثير من المواقف المشتركة بين (إسرائيل) والسعودية تجاه المواقف العالمية، بما في ذلك موضوع الهجرة.

  كلمات مفتاحية

إسرائيل السعودية إثيوبيا قطر الأزمة الخليجية محمد بن سلمان

رايتس ووتش ترصد هجرة إثيوبيين عبر درب الانتهاكات الخليجي