حلف الناتو سعيد بتقدم تركيا إلى عفرين

السبت 27 يناير 2018 01:01 ص

بعد أقل من أسبوع من بدء تركيا غزوها لعفرين الجيب الشمالي الغربي لسوريا الذي يحد تركيا وتسيطر عليه وحدات حماية الشعب الكردية، أعرب حلف شمال الأطلسي عن موافقته على العملية.

وفى زيارة إلى إسطنبول، قالت نائب الأمين العام للناتو «روز غوتمويلر» لصحيفة تركية أن الناتو يدرك التهديد الذى يمثله الإرهاب لتركيا، في حين أن اللغة المستخدمة من قبل «غوتيمويلر» لم تكن محددة للغاية، حيث كانت تشير إلى التهديد الذي يشكله حزب العمال الكردستاني لتركيا، وهي جماعة إرهابية معترف بها دوليا. وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، قاد حزب العمال الكردستاني تمردا تسبب في مقتل ما يقرب من 40 ألف شخص.

وتعتبر تركيا عفرين تهديدا أمنيا بسبب وجود وحدات حماية الشعب، التي تعتبرها تركيا فرعا لحزب العمال الكردستاني، وتعني سيطرة الوحدات على منطقة تقع على الحدود مع تركيا أنه من المحتمل أن تشن هجمات أكثر تدميرا على الأراضي التركية، وبالنسبة لتركیا، فإن أي تنازل لمجموعة کردیة مسلحة أو غیرها ھو منحدر زلق یمکن أن یؤدي إلی مزید من المطالب الکردیة للاستقلال.

ويلقي إعلان الناتو بعض الضوء على حقيقة أن الناتو يستفيد من تدخل تركيا، وبينما قالت نائب الأمين العام لحلف شمال الأطلسى أن التهديد الذى تواجهه تركيا هو الإرهاب، فإن الخوف الحقيقى للناتو هو روسيا، وإذا كان «بشار الأسد» الحليف الروسي سيعيد السيطرة على سوريا، فإنه سيضع روسيا في موقع أقوى في الشرق الأوسط.

كما أن سوريا التي يسيطر عليها «الأسد بشكل كامل - التي لم تعد بحاجة إلى دعم عسكري روسي - ستسمح لروسيا بسحب قواتها من سوريا وحينها سيعلن الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» انتصاره، ولكن بقاء الأسد مهدد لن يسمح بهذا الانتصار وفي الوقت نفسه، فإن أوروبا مهتمة تماما بإبقاء روسيا مقيدة في الشرق الأوسط، وذلك يحد على الأقل من تركيز روسيا وقواتها العسكرية بعيدا عن حدودها الأوروبية.

وبطبيعة الحال، يود حلف شمال الأطلسي أن يحافظ على تدخل روسيا إلى الحد الأدنى، ومن المعروف أنه إذا تعرض عضو في حلف الناتو للتهديد ، فإن المادة 5، وهي محور حلف الناتو، تنص على أن الهجوم على أحد أعضاء حلف شمال الأطلسي هو هجوم على الجميع، وبالتالي يستدعي ذلك ردا عسكريا جماعيا، وقد تم الاحتجاج بالمادة 5 مرة واحدة فقط عندما تعرضت الولايات المتحدة لهجوم عام 2001 من قبل تنظيم القاعدة، وسيسأل الكثيرون عما إذا كانت هجمات حزب العمال الكردستاني على تركيا تشكل تهديدا كبيرا، وبالتالي فهل يمكن أن تقدم تركيا على خطوة استدعاء المادة 5 وإشراك بقية التحالف في عفرين؟

الجواب هو أبسط مما قد يبدو في البداية: لا يهم. لا تركيا ولا بقية أوروبا تريد من الناتو الانخراط في عملية عفرين التركية. ومع نمو قوة تركيا وتمكينها من تحقيق قدر أكبر من القوة في الشرق الأوسط، فإنها ستحاول الاستفادة من فرصة العمل بمفردها حيث إن المفتاح بالنسبة لتركيا هو استقلال العمل؛ فإنه لا يريد أن تملى عليه خياراته من قبل الآخرين، سواء كانت الولايات المتحدة أو الناتو.

وإذا كان حلف شمال الأطلسي سيشارك في عملية عفرين، حتى لو كان داعما لتركيا، فإنه مع ذلك سوف يقدم عددا لا يحصى من هياكل القيادة والمصالح المتضاربة. ومن شأن ذلك أن يعقد حرية تركيا في المناورة والقدرة على تحقيق أهدافها العسكرية من جانب واحد، والتي تشمل ليس فقط القضاء على تهديد الإرهاب على حدودها، بل أيضا موازنة الطموحات الإيرانية والروسية في سوريا.

وكما يستفيد الناتو من تدخل تركيا في عفرين يخشى الناتو، مثل الولايات المتحدة، من التوسع الروسي. كما يخشى التوسع الإيراني ولكن بدرجة أقل مما تفعله الولايات المتحدة (ويرجع ذلك جزئيا إلى الفرص التجارية التي يوفرها اقتصاد إيراني مفتوح).

 إذا أخذت تركيا عفرين - التي تبدو حاليا وكأنها النتيجة الأكثر ترجيحا نظرا لتوازن القوى بين تركيا والقوات المدافعة عن عفرين وهذا من شأنه أن يضع السيطرة التركية (بما في ذلك وكلاءها) على رقعة متاخمة من الأراضي المحيطة بحلب على ثلاثة جوانب، وحتى لو لم تتحرك تركيا على الفور للاستفادة من هذا الوضع التكتيكي بعد الاستيلاء على عفرين، فإن حقيقة أن هذه الأرض ستكون في حيازتها سيعني أن ذلك لا يزال يشكل خطرا على الأسد، الوكيل الإقليمي لروسيا. إن حلف شمال الأطلسي من أكثر السعداء بالسماح لتركيا للقيام بذلك من تلقاء نفسها وليس من الضروري أن يعرض جنوده للخطر في هذه العملية.

ومن الجدير بالذكر أن مصالح الناتو في تدخل تركيا تتفق بشكل وثيق مع مصالح الولايات المتحدة. بالنسبة للولايات المتحدة، على الرغم من خطابها العام الذي يحث تركيا على توخى الحذر في تدخلها، فإنه من المحتم في نهاية المطاف السماح لتركيا بموازنة الموقف القوي الذي اكتسبته إيران في سياق الحرب الأهلية السورية.

ويذكر أن المجموعة الأوروبية التابعة لحلف شمال الأطلسى (الناتو) مهتمة بشكل رئيسي بروسيا، وترى أن تركيا التى ستستولى على عفرين ستضع روسيا فى وضع صعب. وروسيا ليست لديها رغبة في مواجهة تركيا مباشرة، على الأقل ليس الآن لكن روسيا لن تمانع في وضع تتحدى فيه تركيا وإيران بعضهما البعض في سوريا، طالما أن تركيا لا تزال مقيدة ولا تبرز كمنتصر.

ومع ذلك، تعتمد عمليات تركيا في سوريا بشكل كبير على عدد من المجموعات الوسيطة في غرب البلاد - مثل الجيش السوري الحر - الذي تعتبره روسيا باستمرار من التهديدات الأمنية الأساسية لنظام الأسد، ولذلك فإن الجيش السوري الحر كان واحدا من الأهداف الرئيسية لروسيا. وإذا ما أصبحت حلب محاطة، فإن روسيا سوف تضطر إلى مواصلة دعم الأسد من خلال مهاجمة الوكلاء الأتراك، ولكنها ستكون حريصة على تجنب الهجوم على الجنود الأتراك. إن الأهم بالنسبة لروسيا، أن مثل هذا السيناريو من شأنه أن يدمر صورة انتصار كان بوتين يأمل في تسويقه، وهو بذلك يخاطر أيضا بربط روسيا بالشرق الأوسط لفترة غير محددة من الزمن.

إن انخراط روسيا المطول في الشرق الأوسط يصعب من أي انتصار واضح لحلف شمال الأطلسي، خاصة إذا لم يكن بحاجة إلى استخدام أي من قواته لتحقيق ذلك.

ومن الواضح أن هذا لن يزيل التهديد الأمني الذي تفرضه روسيا على الجناح الشرقي لأوروبا، ولكنه سيشكل ضغطا ماليا متواصلا على روسيا التي تعاني بالفعل من التحديات الاقتصادية. إن تقاعس الناتو سيصل إلى دعم ضمني للتدخل التركي في عفرين. لكنه سعيد أن يجلس ويراقب من الخارج.

  كلمات مفتاحية

تركيا روسيا سوريا عفرين غصن الزيتون

شاهد خريطة عمليات «غصن الزيتون».. «بي واي دي» محاصرة

«ماكرون» يتراجع: أنا مطمئن لعملية عفرين