استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

واشنطن وأكراد سوريا.. معضلة تركية

الثلاثاء 6 فبراير 2018 12:02 م

خلال الآونة الأخيرة بدأ اثنان من الحلفاء الأمريكيين في التصارع مع بعضهما البعض؛ تركيا والأكراد في سوريا.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، حاول وزير الخارجية «ريكس تيلرسون» القيام بإجراء توازن رائع حول هذه المعضلة، حيث ألمح إلى «مخاوف تركيا الأمنية المشروعة»، لكنه أيضاً أشار إلى «مجموعة من المقاتلين متعددي العرقيات، والذين يدافعون عن وطنهم» داخل سوريا.

فما هي السياسة الأمريكية الحقيقية هنا؟ وماذا يجب أن تكون؟

ومن الواضح أن الولايات المتحدة بات لديها الآن سياسة متماسكة في سوريا، وعلاوة على ذلك، فإن تركيا تشاطرها في هذه الأهداف؛ أولاً، يجب حل الصراع الأساسي بين الشعب السوري ونظام «بشار الأسد» من خلال عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة، وتؤدي إلى دولة موحدة بعد الأسد، وثانياً، يجب تقليص النفوذ الإيراني في سوريا، ويجب أن تظل الدول المجاورة لسوريا آمنة من جميع التهديدات المنبثقة عن سوريا.

أهداف محورية

بالنسبة للهدف الأول، فإنه يفي بالغرضين الأساسيين لتركيا منذ عام 2011: التخلص من الأسد، مع عدم وجود كردستان سورية مستقلة تحت الحكم المحتمل للحلفاء السابقين لعدو تركيا وهو حزب العمال الكردستاني (بي. كا. كا).

أما الهدف الثاني، وهو الحد من نفوذ إيران في سوريا وضمان عدم وجود تهديدات تنبعث منها، فهو يفي بمصلحة تركيا الدبلوماسية منذ أمد بعيد (يعود إلى الصراعات الإمبراطورية العثمانية – الفارسية) فيما يتعلق باحتواء «التوسع الفارسي»، كما ذكر الرئيس «رجب طيب أردوغان» مؤخراً وبصورة علنية.

وعلى الرغم من خطاب «أردوغان» الحاد والمناهض للغرب وتسلطه على الصعيد المحلي، تتقاسم تركيا توجهاً أساسياً مع الولايات المتحدة وأوروبا، وكما هو الحال مع مصالح الدول العربية و(إسرائيل)، فإن مصالح تركيا مهددة من قبل إيران التوسعية بدعم من روسيا، وهما العدوان التقليديان للإمبراطورية العثمانية وتركيا الحديثة.

بيد أن هذا التقارب في المصالح، لا يعني أن كل شيء على ما يرام بين واشنطن وأنقرة، فـ«أردوغان» ومعظم الشعب التركي لديهم مشاكل كبيرة مع الولايات المتحدة التي تدعم حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردستاني» السوري وجناحه العسكري، المتمثل في «وحدات حماية الشعب»، فضلاً عن القوة العسكرية المشتركة بين الأكراد العرب التي تهيمن عليه، وهي قوات «سوريا الديمقراطية».

إن تركيا عالقة في معركة متعثرة على طول حدودها الغربية مع حزب «العمال الكردستاني»، وهو جماعة مدرجة في قائمة الإرهاب، ولا يمكنها أن تتحمل وجود حزب «الاتحاد الديمقراطي»، وهو حزب تابع لـ «بي. كا. كا»، بحسب ما وصفه متحدث باسم «أردوغان».

إقناع تركيا

أما الولايات المتحدة فقد واجهت صعوبات في إقناع تركيا بأن دعم واشنطن لحزب «الاتحاد الديمقراطي» وجبهة الدفاع الذاتي يتعلق فقط بالمعاملات، على حد قول مسؤولين أمريكيين، ويستند فقط على فائدته في قتال «داعش»، بما لديه من روابط شخصية قوية بين القوات الأمريكية على الأرض والمقاتلين الأكراد، الذين كانوا فعالين للغاية في محاربة قوات «داعش»، وأدى ارتكاب سلسلة من الأخطاء الفادحة من جانب الولايات المتحدة على كافة المستويات، إلى جعل الأمور أسوأ حالًا.

ومن بين هذه الأخطاء الوعد الذي قطعه نائب الرئيس «جو بايدن» علناً للأتراك بأن حزب «الاتحاد الديمقراطي» سيتراجع عبر نهر الفرات، كما وعد الرئيس «دونالد ترامب» «أردوغان» بأن يوقف فوراً شحنات الأسلحة إلى الأكراد.

هذا إلى جانب إعلان البنتاغون هذا الشهر بأنه سيدرب عناصر قوات الدفاع الذاتي كقوة حدودية على الحدود التركية، وبالتالي فإن واشنطن أمامها هوّة كبيرة جداً يجب أن تخرج نفسها منها.

أزمة «الاتحاد الديمقراطي»

وقد بدأت واشنطن القيام بذلك من خلال الإعلان عن أنها ليس لها علاقة بقوة أخرى تابعة لحزب «الاتحاد الديمقراطي» في جيب «عفرين» المنعزل، في شمال غرب سوريا على طول الحدود التركية. وقد هاجمت القوات التركية هذا الجيب، وحثت الولايات المتحدة على ضبط النفس لكنها لم توقفها.

وقد وجد «تيلرسون» صعوبة في الثناء على دور تركيا في سوريا، والالتزام بالتعاون مع أنقرة، وانتقاد ضمنياً قوات الدفاع الذاتي، وبالتالي حزب «الاتحاد الديمقراطي» لعدم السماح بما يكفي من الحكم الذاتي المحلي والديمقراطية وبسبب «تهديد» الدول المجاورة (أي تركيا).

والسؤال الأكبر هو: كيف ستتناسب المصالح الأمريكية طويلة الأجل في تركيا مع شراكة واشنطن الناجحة للغاية في أرض المعركة، والتي استمرت ثلاث سنوات مع حزب «الاتحاد الديمقراطي» ضد تنظيم «داعش»؟

سيتعين على الولايات المتحدة أن تجعل تحالفها الحيوي مع أنقرة ثلاثياً، وتبقي على وعدها الجديد بالحفاظ على شراكة حزب «الاتحاد الديمقراطي» (بما في ذلك حوالي 2000 مستشار عسكري أمريكي) خلال العامين القادمين على الأقل. وهناك طريقة، صعبة لكنها ضرورية، لتوفيق المصالح الأمريكية مع حلفائها الأتراك والأكراد السوريين.

والخطوة الأولى هي تشجيع حزب «الاتحاد الديمقراطي» على الابتعاد أكثر من ذلك عن حزب «العمال الكردستاني»، مع تذكير أنقرة بشكل خاص بأن حزب «الاتحاد الديمقراطي» قد حافظ إلى حد كبير على التزامه في عام 2012 بعدم تقديم دعم مادي لحزب العمال الكردستاني داخل تركيا. ومن المفيد أن نتذكر أنه حتى وقت قريب في عام 2015 كانت تركيا وحزب «الاتحاد الديمقراطي» يعملان معاً بشكل جيد في تسهيل العمليات العسكرية الناجحة ضد «داعش» في كوباني، التي تقع مباشرة على الحدود التركية، وأن زعيم الحزب في ذلك الوقت «صالح مسلم» كان مسؤولاً شرفياً يحظى باحترام في الحكومة التركية.

وقد وقع اتفاق التعايش الهش هذا ضحية لانهيار اتفاق وقف إطلاق النار بين تركيا وحزب «العمال الكردستاني» وانهيار محادثات السلام في وقت لاحق من هذا العام – ما جعل الدعم العسكري الأميركي لحزب «الاتحاد الديمقراطي» عاملاً مثيراً للقلق في العلاقات مع تركيا.

التواصل مع أنقرة

أما الخطوة الثانية فيجب أن تتمثل في تأسيس قنوات مباشرة لاستئناف المناقشات بين حزب «الاتحاد الديمقراطي» وتركيا، وبين الحزب وما تبقى من المعارضة السورية المعتدلة التي لا تزال تركيا تدعمها.

ومن خلال اتصالاتنا الهادئة وغير الرسمية على مدى الأشهر العديدة الماضية مع كافة الجوانب، يبدو أنهم منفتحون على مضض على هذا الخيار.

وبعد تصريحات «تيلرسون»، رحب «نواف خليل»، المتحدث السابق لحزب «الاتحاد الديمقراطي» علناً بالإعلان عن التزام أمريكي «متوازن» تجاه جميع حلفائها في سوريا وحولها. كل هذه الأطراف تتشاطر مصلحة قوية في معارضة الأسد وإيران، وتجنب وجود صراع مسلح كبير مع بعضها البعض، إلى جانب الحفاظ على علاقاتها الثنائية الأمنية والدبلوماسية مع واشنطن.

والخطوة الثالثة هي الأصعب، ورغم ذلك فإنها ذات ضرورة ملحة. وهي تتمثل في طمأنة تركيا، بشكل أكثر وضوحاً مما فعله تيلرسون، بأن الولايات المتحدة ستعارض بشكل جاد أي انفصال أو توسع إقليمي كردي في سوريا، وأي محاولات مستقبلية من قبل حزب «الاتحاد الديمقراطي» بالتعاون مع حزب «العمال الكردستاني» داخل تركيا.

وفي المقابل، يجب أن تطمئن الولايات المتحدة بمصداقية أصدقائها من الأكراد السوريين بأن واشنطن ستعمل مع تركيا للتصدي لمنع التوغلات التركية أو العمليات العسكرية في الجيوب القائمة التي يسيطر عليها حزب «الاتحاد الديمقراطي» في شرق سوريا.

فاستمرار الوجود العسكري الأمريكي الصغير في هذه الجيوب سيجعل هذا الالتزام أكثر مصداقية، وعلى المدى الطويل، ربما يكون من الممكن تشكيل تحالف إيجابي غير رسمي بين هذه الأحزاب الإقليمية المعادية حاليا، تحالف من شأنه أن يعزز النفوذ المؤيد للولايات المتحدة والمناهض للنفوذ الإيراني ونفوذ الأسد لأبعد من الزاوية الشمالية الشرقية لسوريا.

وبدون وجود مثل هذا التعاون، بما في ذلك تعاون حزب الاتحاد الديمقراطي، فإن سيكون من الصعب الحفاظ على الوجود الأمريكي في شمال شرق سوريا، وبالتالي سياسة واشنطن برمتها الخاصة بسوريا.

وهذا لن يكون في مصلحة تركيا، لا سيما أنه سيؤدي إما إلى احتلال تركيا لكل شمال شرق سوريا في مواجهة المقاومة الشرسة، أو السماح لهذا المنطقة (والقوات العسكرية الموالية للأكراد هناك) بأن تقع تحت سيطرة نظام الأسد وإيران.

قد يبدو هذا تفكيراً مثالياً في الوقت الراهن، ولكن حري بنا أن نتذكر أن تركيا والأكراد العراقيين كانوا أعداء قبل أقل من عقد من الزمان – وقد أصبحوا الآن أصدقاء، مع تدفق النفط من كردستان العراقية يوميا عبر تركيا.

إن «الصراع الإثني القديم» بين الأتراك والأكراد ليس عائقاً لا يمكن تجاوزه أمام المصالح الاستراتيجية والاقتصادية المشتركة - لا سيما في مواجهة الأعداء المشتركين. والحل الأساسي هو أن يتخلى الأكراد عن أحلام عموم الأكراد والابتعاد عن حزب «العمال الكردستاني» وزعيمه «عبدالله أوجلان».

ومن ناحية أخرى، يجب أن يقبل الأتراك درجة من الحكم الذاتي الكردي المحلي في الدول المجاورة في مقابل جائزة أكبر هي احتواء إيران والأسد وروسيا، وكلهم يشكلون تهديداً كبيراً لتركيا أكثر من حزب «الاتحاد الديمقراطي»، مثل هذه التسوية ستخدم المصالح التركية والكردية والأمريكية.

* عن دورية «فورين بوليسي».

جيمس إف جيفري: السفير الأمريكي السابق في تركيا والعراق وألبانيا.

ديفيد بولوك: مدير مدونة منتدى فكرة (فيكرا فورام) في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.

  كلمات مفتاحية

واشنطن أكراد سوريا تركيا وحدات حماية الشعب الكردية

منتدى كردي حول تنظيم الدولة الإسلامية بمشاركة أمريكية وخليجية